جلـ ... منار

رفقا بالأطفال !

نشرت

في

Peut être une image de 4 personnes, enfant et personnes debout

لم يعد مازن يذكر من طفولته في سوريا إلا ذلك الحدث،

فبعده بعدة شهور فر من الشيطان الذي رسخ عنده تلك الذكرى الأليمة، لينقله قدره إلى حضن الله!

نعم كانت السيدة باتريشا سكارف ذلك الله.

<strong>وفاء سلطان<strong>

في صفه الثالث وبعد أن سبقته ووالده بسنتين إلى أمريكا،كان يقف بين الطلاب وظهره للمعلمة، وإذا بخبطة من يدها الشيطانية تصفعه على رقبته، وصوتها يجعر كوحش كاسر: ياحمار، ما بتسمع!!

يقول: ماما لا أذكر ما الذي حدث بعدها، فلقد فقدت وعي لوقت لا أذكره.

ولد مازن و هو يعاني من نقص سمع في كلا اذنيه … ومن لا يسمع تعتبره تلك الثقافة الصحراوية القاحلة متخلفا عقليا، ويستحق الضرب والاستخفاف.

لكن في ثقافة السيدة سكارف التي كانت أول معلمة تحتضنه في أمريكا، كان طفلا حاد الذكاء مفرطا في أدبه وهدوئه وبدأت عملية إعادة التأهيل على الصعيد السمعي واللغوي والتربوي والإنساني، ليتخرج مازن لاحقا من أشهر جامعات كاليفورنيا التي تدريس العلوم، وخاصة علوم الرياضات والهندسة.وليبدع في علم الحساب والأرقام، لأن الطبيعة عوضت له عن سمعه بذكاء حاد وذاكرة ثاقبة.وهو اليوم رجل أعمال يتسلق سلم النجاح بسرعة البرق!!! يعيش هو وزوجته وطفلاه آدم ووليام حياة يتمناها أي انسان.

كل من يعرفه يحبه ويحترمه وينبهر بانسانيته!…..

نسيت أن أضيف أنه مازال محتفظا بذكرى أخرى من سوريا، طالما حدثني عنها في طفولته، ألا وهي سيارات المرسيدس التي كان يقودها كلاب السلطة، ويرعبون بها البشر.

كانوا يطلقون عليها سيارات الشبح، ومنها صاروا معروفين بالشبيحة!

جاءني البارحة مساء وبعد العمل، وأساريره تغرد: ماما اشتريت اليوم سيارة شبح هدية لي في عيد ميلادي!

عانقته وبكيت…نعم هذا الطفل الذي حاول وطنه أن يجعل منه “حمارا” لا يسمع، جعلت منه أمريكا انسانا مرهف السمع، منحته أذنين وكرامة ومليون فرصة….ومنحها عقله وأدبه وجهودا جبارة وتقديرا واحتراما لها ولقوانينها ودستورها….

دائما أتساءل كيف تعيش اليوم تلك السيدة التي طاوعها قلبها وضميرها أن تضرب طفلا بهذه الوحشية، وهي تعلم أن والديه بعيدان؟!!!

أليس بسببها وأمثالها سقط البلد كله في الجحيم؟!!!…

قرأت مرة في أحد كتب تراثهم:

ضرب عمر بن الخطاب مرة طفله على رأسه بالدرة (والدرة عصا مدببة الرأس)، فسألته زوجته حفصة: لماذا فعلت ذلك؟

رد: وجدته معتزا بنفسه فكسرتها فيه!

من يومها وكلهم مكسرون ومحطمون…..

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version