وهْجُ نار

سيدي الرئيس،لمَ كل هذا الصراخ؟ … وهذا خطابنا بمثل خطابك إلينا

نشرت

في

ما الذي يقع في البلاد؟ ما هذا الذي حدث؟ هل انتخبنا رئيسا ليهيننا…ليذلنا…ليمُنَّ علينا…ليخوّن بعضنا…ليهددنا مع كل خطاب…من أنت يا ساكن القصر حتى تفعل كل ذلك؟ ومن سمح لك بكل ذلك؟؟ نحن ممن انتخبوك لتكون الرئيس الجامع لا الرئيس الذي يزرع الفتنة أينما حلّ ومتى تحدّث؟ أهذه برامجك؟ أهذه وعودك؟ أجئت حاقدا طالبا الثأر من خصومك أم جئت لتطغى في الأرض وتفعل ما تريد لخصومك؟

محمد الأطرش

خوّنت الجميع فهل عندك دليل واحد على قولك؟ اتهمت الجميع فهل عندك إثبات واحد على اتهامك؟ لا شيء عندك ولا حتى أسماء من تتهمهم بالخيانة…والفساد؟ أتعلم ما يعنيه غضبك وتشنجك وخروجك عن النص، وعن العقل، والمنطق في خطابك، يعني أنك إنسان فاشل هزمه الكرسي وحجم الكرسي…هزمته السلطة….وهزمه المقام…إنسان يشعر أنه غير قادر على مواجهة تحدياته بلغة غير لغة التهديد والوعيد وشيطنة الخصوم…ألهذا الحدّ تشعر بالعجز اليوم، بعد أن خرجت علينا بوعود كان أغلبنا على يقين أنك غير قادر على تحقيقها…أكنت تتصوّر أن رئاسة دولة هي بالبساطة التي خدعوك بها…أو أوهموك بها…أتعلم أنك لن تخرج مما أنت فيه بكل هذا التشنّج الغريب والمخيف…أتدري أنك تعيش أعراضا مخيفة…أعراضا لا تظهر إلا على “الطغاة” الذين يريدون فرض سلطتهم على شعوبهم بالحديد والنار…الذين يُغَطّون عجزهم بالخراب والدمار…أتدري هذا أم أوهموك بأنك ملاك…جئت لتزرع الأرض خيرا…ومتى كان الخير تهديدا…ومتى كان تخوينا….ومتى كان انتقاما….؟؟

أين كنت قبل 25 جويلية يوم تصورك البعض نبيّا؟ ألم تكن بيننا؟ ماذا فعلت؟ هل اقترحت قانونا واحدا يساعد هذه الأمة على الخروج مما هي فيه؟ هل اقترحت أمرا واحدا يعيد الأمل لشباب هذه الأمة؟ هل قمت بعمل واحد يعيد الفرح والابتسامة لهذا الشعب؟ لا شيء فعلت…ولا شيء ستفعل…تخرج علينا متشنجا كعادتك وكما تعودناك مهزوما لتتهم هذا بالخيانة… والآخر بالانقلاب…والبعض الآخر بمحاولة اغتيالك؟ تعاملت مع الشعب بتعال وغرور…وأوهمت الشعب بأنك رجل من عالم آخر…من كوكب آخر…هل أنت ملاك بعثك الربّ لتنقذ البلاد والعباد أم لتنكّل بهم…وتصرخ في وجوههم؟ أشاهدت تسجيلا لخطابك أمس؟ هل استمعت لما يقوله عنك من استمعوا إلى خطابك أمس؟ لا لم تستمع…ولن تستمع لأنك لا تقبل بسماع ما لا تريد …ولأنك لا تقبل حتى بمناقشة ما تفعل وما تأتيه وما تقوله وما ستقوله…

تخرج علينا كل يوم بخطاب …”لا تراجع للوراء” فهل طالبك بعضنا بالتراجع عن الجانب المحمود في انقلابك وأصر على أن ما أتيته هو انقلاب في بعضه محمود وفي بعضه لا يليق بهذا الشعب…لكنك نسيت أنك أيضا لم تتقدّم خطوة إلى الأمام…وبقيت تراوح مكانك…فأغرقت البلاد…وأحبطت العباد…فعن أية حركة تصحيحية تتحدث؟ فهل الإصلاح يكون باتهام الجميع وبشيطنة الجميع …الإصلاح يكون بالعمل…بمدّ يدك للجميع…بمصالحة شاملة تجمع بها حولك من حولك، وكل خصومك وكل من معك وكل من هم ضدّك، من أجل هدف واحد …انقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن يغرق منذ عشر سنوات…الإصلاح يكون بالاستماع إلى الجميع…من يحبونك…ومن يكرهونك…وحتى من لا تريدهم أنت…ومن لا تطيق رؤيتهم…هكذا يكون الإصلاح…فأنت لست ملاكا…ولن تكون…ولست الفاروق ولن تكون…ولست حتى المهاتما ولن تكون…كما أننا نعلم أنك لست بكل السوء الذي يروّجون…

ألهذا الحدّ وصل بك الحقد على كل من هم حولك؟ مع من ستعمل إن كنت تتهم الجميع بالفساد؟ مع من ستعمل إن كنت تتأهب لقصف الجميع بصواريخك العالقة في منصاتها؟ هل جئت لتحارب شعبك؟ هل جئت لتقسم شعبك؟ هل جئت لتنتقم من شعبك؟ خطابك بالأمس واليوم وغدا هو خطاب “مهزوم” فشل في إيجاد وسيلة يخرج بها بلاده مما هي فيه…خطاب “فاشل” أدرك أنه غير قادر على انقاذ البلاد …خطاب شخص أوهموه بأن النجاح يمرّ عبر التخلّص من نصف هذا الشعب ومن الثأر لهذا من هذا والانتقام من هذا لهذا…خطاب رئيس لم يفقه شيئا مما وجده على مكتبه يوم جلس على كرسي الرئاسة…خطاب رئيس يعلم علم اليقين حدود صلاحياته فأعلن الحرب من أجل توسيعها والاستحواذ على ما لا يسمح له الدستور بالاستيلاء عليه…خطاب رئيس قرأ خطأ ما يريده شعبه فدغدغ مشاعره بالانتقام من هذا ومن ابعاد هذا ومن التخلّص من هذا…خطاب رئيس ليس له شيئا يقدّمه لشعبه…فأعلن الحرب على بعض شعبه ليُرْضي بعض شعبه الآخر…

أتعلم يا رئيس البلاد حتى اشعار آخر أن هذا الشعب يوم انتخبك بذلك الحجم …أقول يوم انتخبك بذلك الحجم، كان يرى فيك ذلك القائد الأمين الذي جاء ليزرع الوطن ورودا…لا اشواكا…جاء ليوحّد الأمة حول هدف واحد…لا يقسّمها…جاء ليكمل البناء الذي بناه بورقيبة وبن علي رحمهما الله رغم ما قاما به من أخطاء…فأينك من كل ذلك؟

أسألك: أتظنّ أن حركة الحاضر والتاريخ والمستقبل وقفت عندك…أتظنّ أن حياة هذا الشعب أصبحت طوع أمرك…أتظنّ أن كل من انتخبوك أصبحوا رهن إشارتك…أتظنّ أن البلاد كل البلاد تمحورت حولك…أتعلم أن هذا الشعب استفاق يوم تصورت أنت أنك جئته منقذا…نعم استفاق يوم عرف أنك لم تفعل ذلك من أجله، بل من أجلك ومن أجل أن تجمع كل السلط بيدك…لتفعل ما تريد متى تريد…كيف تريد…أتدري أن هذا الشعب كان يظنّ أنه معك يسير نحو مستقبل أجمل…مستقبل أفضل…فإذا بهم يكتشفون أنك وضعت بينهم وبين المستقبل أسلاكا شائكة…وسجونا…وإقامات جبرية…ومنعا من السفر…وتهديدا ووعيدا…وويلا وثبورا …وعظائم أمور…فيا ساكن القصر من أنت حتى تصرخ في وجوهنا…وتتهمنا بالخيانة والفساد؟ ستقول ومن أنتم…سنقول نحن الشعب الذي انتخبك…نعم، نحن الشعب الذي أوهمته أنك ستصلح حاله…فلم تفعل…ولن تفعل…هذا خطابنا بمثل خطابك إلينا…ألم تقل أمس إن السيادة للشعب…وأنا من هذا الشعب…فلا تجعلنا عُرضة للفرز كما ذكرت فالشعب ليس كوما من التمر أو البلح…ولا تُسئ ظنّك بالشعب وأنا منه إن أردت خدمته…فسوء الظن … يفسد للود قضايا…والوطن قضيّتناالأمّ…قضيتنا الأهمّ…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version