في المعهد الصادقي كان أستاذ المسرح سيدي حمّادي المزّي يشرف على ورشة الفنّ المسرحي، وكنتُ أحد المشاركين فيها إلى جانب بعض من أصبح لاحقا من نجوم التمثيل أو الإخراج مثل المرحوم شوقي الماجري والمخرج عادل القضاعي والممثل فتحي الهدّاوي وفيصل الصمعي وغيرهم…
وأتذكّر إلى الآن مسرحية شاركتُ فيها عنوانها “هل يلوحُ الفجر” وهي مقتبسة عن نص لسعد الله ونّوس… تذكّرتُ عنوان هذه المسرحية ونحن في “طُمبِك” الحجر الصحي الشامل، الذي وقع إقراره قبل أيام قليلة من إنتهاء شهر رمضان الكريم. وكما انتهت كلّ أشهر الصيام التي سبقته، سينتهي رمضان هذا العام ويهلّ علينا هلال العيد، جعله الله مباركا وسعيدا على كل التونسيين والتونسيات رغم الأوجاع والصعوبات ورغم الحجر الصحّي الشامل.
فبلادنا تعيش منذ سنة 2011 صعوبات ومشاكل إقتصادية وسياسية واجتماعية معقّدة تزدادُ حدّة من سنة إلى أخرى، وكلّما بدا لنا أنّ نهاية النفق قد قرُبت فوجئنا بدخول نفق جديد لايعرف نقطة نهايته إلاّ الله… وبعد كلّ إنتخابات أو تحوير حكومي نُمنّي أنفسنا بأنّ من أتى سيكونُ أفضل ممّن سبقه وسيكون طالع خير على بلادنا ولكن “إللّي تحسابو موسى يطلعلك فَرعُون”.. فجميعنا وبلا إستثناء اصبنا بخيبة أمل من أقرب السياسيين الينا او من الذين كنا نظنهم مقربين فكريّا منّا ووثقنا فيهم واعطيناهم صكّا على بياض، فإذا بهم يتنكّرون للمبادئ ويتعاملون معنا بنفاق وغدر… ولا يُستثنى من ذلك يمينٌ ولا يسارٌ…
ورغم تغيُّر الصور فإنّ النتيجة واحدة أو متقاربة. فقد خاب ظنّ حمّادي الجبالي في النهضة وهو الرجل الثاني فيها مما دعاه للإستقالة، وخاب ظنّ محسن مرزوق في الباجي وكان أقرب المقرّبين له، وخاب ظنّ عبد الرؤوف العيادي وجماعته في المنصف المرزوقي، وخاب ظنّ محمد الحامدي ومجموعته في الحزب الجمهوري، وخاب ظنّ صالح شُعيب وجماعته في التكتّل من أجل الحريات، وخاب ظنّ محمد البراهمي في حركة الشعب، وخاب ظنّ حامد القروي في الحزب الدستوري الحر، وخاب ظنّ الجُنيدي عبد الجوّاد ومجموعته في سمير الطيّب… غيرهم كثير. وبطبيعة الحال فإنّ هذا الوضع السياسي المتقلّب قد أثّر على حياة التونسيين ونغّص عيشهم وسدّ الآفاق أمامهم.
ولكن… ومع كلّ هذه القتامة فإنّي على قناعة تامّة بأنّ الخير قادم، فلن يدوم الحالُ على ماهو عليه فلابدّ أن تنقشع الغيوم وتشرق الشمسُ من جديد، فبلادنا ولاّدة وسيأتي المستقبل بمن ينقذون الوطن ويرمون بسياسيّي الساعة الخامسة والعشرين في مزبلة التاريخ… وحتى وإن أتى عيد الفطر هذه السنة ونحن لسنا في أفضل حال فإنّ الأعياد القادمة ستُعيد حقوق المظلوم وفرحة المكلوم وجلاء أحزان المهموم.