قبل 2011 كنا كصحافيين رياضيين نتحاشى الخوض في بعض القضايا لتداخل الرياضة في السياسة و تجنبا لإغضاب شخص أو جهة.. كان الصحافي الرياضي يقوم بصنصرة ذاتية قبل أن يلجأ عرفه لحذف كلمة أو تغيير عبارة بأخرى.. أما المعلق و المصور و المخرج للمباريات فكانوا أكثر تعرضا للضغط لأنهم مضطرون لاختيار كلماتهم و صورهم في لمح البصر..
و قد طالت العقوبات و التجميد الكثيرين فأصبح المعلقون يستعملون جملا جاهزة أو يكتفون بالوصف الشبيه بالوصف الإذاعي: الكرة عند فلان و يمررها لفلتان.. أما المخرج فكان يهرب بالكاميرا لتصوير السماء الزرقاء و العصافير المزقزقة.. و كفى الله المسلمين شر القتال.. بعد الثورة تصورنا أن عديد الخطوط الحمراء حذفت و أن مساحة الموضوعية و الحرية قد تضاعفت لكن يبدو أن بعضهم مازال يحن للماضي.. بعضنا يرى الخطأ فادحا و يسكت.. بعضنا متأكد من ضربة جزاء هدية أو من هدف مسبوق بتسلل: و يتهرب من الإصداع برأيه.. و في أحسن الحالات يكتفي بالقول: الحكم أقرب منا للقطة.. الحكم سيد الميدان.. خوفا من إغضاب مسؤولي أو أحباء هذا الفريق أو ذاك..
حتى موفيولا الأحد الرياضي مازالت لم تتحرر ابتداء من الفني الذي سيفسر و يعلل وصولا للقطات التي يختارها مرورا بما يجب أن يقال و ما لا يقال في الحصة.. و قد رأينا الموسم الماضي ما خلفته اللقطة الشهيرة في مباراة النادي البنزرتي و شبيبة القيروان من ردود فعل متباينة نتيجة انحياز البرنامج لرؤية واحدة ترضي الحكم و الجامعة.. و النتيجة أن انسحب الأستاذ فتحي المولدي من الأحد الرياضي لأنه استمات في الدفاع عن فكرة لم ترق لفريق البرنامج.. حتى القنوات الخاصة تصر على تأثيث منابرها الحوارية بأربعة لاعبين قدامى من الفرق الفرق المسماة بالكبيرة حتى لا تغضب أيا منها.. لتتحول حواراتهم إلى تحاليل أحباء فيراج أكثر منها تحاليل فنية..
كل ما سبق أنتج صحافة رياضية أشبه ما تكون بملحقين صحافيين للجمعيات: انتماء أعمى و تعصب في الدفاع عن مصالح النادي حقا و باطلا.. و رواد منصة الصحافة بمختلف ملاعبنا يلاحظون تلونها بألوان الفرق إلى درجة غيبت الموضوعية و الحياد.. و لعل الصورة التي تداولتها الصفحات الفايسبوكية لكاميرامان التلفزة الوطنية التي تعتبر مرفقا عموميا وهو يرتدي أزياء فريقه المحبوب أثناء عمله، خير دليل على أن صحافتنا الرياضية تحتاج لثورة تعيدها للسكة الصحيحة..