عندما تقرأ السيرة الذاتيّة للسيدة عاقصة البحري وزيرة الفلاحة و الموارد المائية و الصيد البحري (لماذا التأكيد على الصيد البحري دون الصيد البرّي؟؟) تنبهر بإمكانيات هذه المرأة الخبيرة الدولية في مجال المياه فهي متحصّلة على الدكتوراه في الهندسة من المعهد الوطني للفنون التطبيقية في تولوز و متخّصصة في علوم و تقنيات الإنتاج النباتي و جودة المنتج و متحصّلة على ديبلوم في الهندسة من المدرسة الوطنية للزراعة بتولوز، كما درست في المعهد الوطني للفنون التطبيقية في تولوز.
كما تعتبر عاقصة البحري خبيرة دوليةً رائدة في مجال المياه و لديها أكثر من 40 عامًا خبرة في هذا المجال، كما عملت في البنك الإفريقي للتنمية و في المعهد الدولي لإدارة المياه بغانا، و أيضا كانت لها تجارب في العديد من البلدان الإفريقية على غرار كينيا و النرويج و السويد و فرنسا…
تقرأُ هذه الخبرات و التجارب فتقول في نفسك (شاخت عندنا) فقد عثر هشام المشيشي و من قبله إلياس الفخفاخ على الدرّة النادرة التي ستنهض بالفلاحة ببلادنا و تجد الحلول للمشاكل المتفاقمة لهذا القطاع الحيوي.
غير أنّ بدايات عمل هذه الوزيرة مُخيّبة للآمال.. فقد كان أوّل قرار لها طرد الملحقة الصحفية بوزارة الفلاحة و يبدو حسب ماتواتر من أخبار أنّ سبب الطرد يعود إلى أنّ الصحفية ترتدي الخمار، و رغم تكذيب الوزارة فإنّ تفسير الملحقة الصحفية يبدو أكثر إقناعا و صدقيّة من ردّ الوزارة… إضافة لما رواه عدد من إطارات الفلاحة عن عجرفة الوزيرة و تعاليها.
و منذ يوم أرسل لي صديق مقتطفات من مداخلة وزيرة الفلاحة بمجلس نواب الشعب… و يا لهول ما رأيتُ و ما سمعتُ… إمرأةٌ “تهجّي” ما كُتب في ورقات مداخلتها رغم أنها مكتوبة بعربية سهلة و غير معقدة.. و تتمتم عبارات غير مفهومة و لا متناسقة و كأنها تكتشفها للمرة الأولى… إضافة إلى تعثّرها في نُطق الكلمات و أخطائها الكثيرة و غير المقبولة.
قد تكون السيدة عاقصة البحري قامةً مديدةً في مسائل و تكنولوجيا المياه و لكن هذا لايشفع للفخفاخ و لا للمشيشي تعيينها في مناصب قياديّة في الدولة.. فقد كان بالإمكان الاستعانة بخبرتها و إدماجها في ديوان وزير الفلاحة أو ديوان رئيس الحكومة كخبيرة في مجال المياه لكن أن يُدفعَ بها للواجهة فهذا يُعرِّضها “للإحتراق” بوهج السلطة فتُصاب هي بالإحباط و تخسر البلاد كفاءة علمية لابأس بها.
يبقى أنّ التبرير الوحيد الذي يفسّر تعيينها في حكومتي زمن الكورونا هو مارشح من أخبار و ماتداوله المحلّلون للشأن الوطني من دعمِ الرئيس قيس سعيّد لها و فرضها – كعادته – على إلياس و هشام مثلما فرضهما (هما أيضا) على الأحزاب و السياسيين و التوانسة أجمعين.
* ملاحظة على هامش موضوع الإفتتاحية: يوجد لغط حول إسم الوزيرة، فهناك من ينطقه “عاقصة” و هناك من ينطقه “أقصى”… بالنسبة “لعاقصة” فالكلمة مُشتقّة من عقص يعقص ، عقصا ، فهو عاقص ، و المفعول معقوص• عقصت المرأة شعرها : ضفرته و لوته أو فتلته ، فجعلت منه ضفيرة مستديرة على الرأس أو في مؤخرته. و بالنسبة “لأقصى” فقد يكون تبرّكًا بالمسجد الأقصى و إحالة من الوالد على قضية فلسطين و القدس المغتصبة خصوصا أن المعنية بالأمر مولودة سنة 1954 أي في السنوات الأولى للإحتلال… فهلاّ تكرمت علينا الوزيرة بتوضيح؟