_ _في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من الركود الاقتصادي و من تداعيات الوباء على جميع الأصعدة الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية و ترتفع فيه حناجر الشباب مطالبة بالتشغيل و التنمية و تحقيق العدالة و الكرامة… و في الوقت الذي اضطرت فيه المصانع و الشركات و أرباب الحرف و المؤسسات الصغرى إلى الإغلاق و فقد الكثيرون مورد رزقهم،
في الوقت الذي لا يجد فيه المريض سريرا في المستشفى و لا لقاحا و لا دواء و لا يجد فيه الفقير ما يسد رمقه… و في الوقت الذي تكاد فيه البلاد تعلن إفلاسها و في الوقت الذي و الذي …… تبلغنا أصداء الخصومة من كواليس اجتماع مجلس الأمن القومي و نجد أنّ الصراع يحتدم في أعلى هرم السلطة بين الثلاثي الحاكم يحاول كلّ طرف فيه أن يسيطر على مفاصل الحكم و الدولة و أن يفرض رؤيته _ إن كانت له رؤية _ على الجميع.. و أن يعيّن من يوالونه و يحابونه و أن يوسّع من دائرة المساندين حوله..
المعركةُ السياسية فاقت كل الحدود و صارت خطرة على أمن و استقرار البلاد و بلغت مرحلة من العبثية بمزيد توتير الأجواء و ضرب مؤسسات الدولة في أعين الناس و تشكيك الكل في الكل. و ترذيلُ المشهد بهذه الكيفية لا يزيد الأمور إلا تعقيدا فبدل أن تكون مؤسسات الحكم في مثل هذه الأوضاع عنصر تأليف و توحيد و بدل أن يكون رئيس الجمهورية عنصر تجميع و توفيق صارت مصدر فرقة و شقاق و بدأت تخرج من كل الأطراف دعوات تهدد السلم الأهلية و أمن التونسيين و تفتح الأبواب أمام التصارع و التقاتل و الفوضى …
فليكن في علمكم أن صراعكم لا يعنينا و تقاتلكم لا يغنينا و عنترياتكم و معارككم القانونية و الإجرائية و تأويلاتكم الدستورية لا تهمنا … جعلتم من الدولة حلبة صراع كل واحد منكم يريد فيها أن يسجل نقاطا ضد منافسه في انتظار الضربة القاضية.. و لا أحد فيكم نظر إلى مطالب الشعب الحقيقية و لا فكّر في معاناته…. كنا ننتظر مشاريع قوانين لتحسين القدرة الشرائية أو لتطوير المنظومة الصحية أو لمجابهة الوضعية الوبائية فخرجتم علينا بجلسة تحوير وزاري ملغومة …
و لكن انتظاراتنا غير مخططاتكم، فلا يهمنا بعد ذلك إن مرّ تحويركم أم لم يمرّ… و لا يشغلنا أداء القسم و دستوريته من عدمها… الشعب ملّ خصوماتكم و تلاسنكم و كره مناوراتكم و مراوغاتكم و ضاق صدره من نفاقم و تلوّنكم و سئم تشدّقكم بالشرعية و المشروعية … صراعكم سيأتي على تونس… و سيأتي عليكم معها…