جور نار

عذرا … التاريخ يعيد نفسه

نشرت

في

تعلّمنا فيما علّمونا انّ التاريخ لا يُعيد نفسه كردّ من هيغل وماركس ومفكرين آخرين على معتنقي فكرة التاريخ يعيد نفسه ومن اشهرهم افلاطون وابن خلدون ..وليس المقام او المقصد هنا تحليل هذه الفكرة او الخوض فيها لانّ لكلّ شقّ مؤيداته واتباعه ..ولكن دعوني وبشكل ضمني اعبّر عن موقفي المتواضع من هذا الامر وخاصّة في باب الاستعمار …

<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

اسأل وبشكل انكاري وعلى امتداد التاريخ ..اليس الاستعمار شكلا من اشكال المعنى الحقيقي لـ “التاريخ يعيد نفسه” ؟؟؟ قد تختلف التفاصيل والآليات والادّعاءات و التبريرات ولكن هو في الصميم يخضع لكلمة واحدة: استعمار .. والاخطر والافدح ان يهرول بعض النخب النكبة الى معاضدته والتهليل له ودائما بدعوى الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الانسان والدساتير …

ساقصّ عليكم تاريخ حرب من ابشع الحروب التي وقعت في تاريخ البشرية ..هي بشعة لا فقط بتعداد ضحاياها بل لاسبابها خاصّة …هذه الحرب تُعرف بحرب الافيون ..واطرافها الصين من جهة وانكلترا وامريكا والغرب من جهة ثانية ..الخّصها في بعض الجمل لاقول ..انكلترا كقوة عظمى في القرن 17 ثم امريكا وقوى اخرى غربية في القرن 18 كانت مستاءة جدا لاقبال شعوبهم على المنتجات الصينية وخاصة الشاي الصيني بينما كانت واردات الصين من تلك الدول ضئيلة جدا ..وكان على انكلترا ان تجد الحلّ لتعديل الميزان التجاري بين الصادرات والواردات ..ولم تجد منفذا سوى عبر تشجيع بعض الشركات الهندية لترويج سوق المخدرات في الصين ..

وفعلا نجحت وبامتياز في ذلك الفخّ الذي نصبته للصين حيث وصل عدد مستهلكي الصين الى اكثر من 120 مليون مستهلك ..وتحرّ ك الامبراطور انذاك لسنّ قوانين تمنع تعاطي المخدرات، وامام هذا القرار الفادح لاقتصادها اعلنت انكلترا في القرن السابع عشر الحرب الاولى على الصين واخضعتها بعد انتصارها العسكري الساحق للقبول بالامر الواقع ..ونفس السيناريو اُعيد في القرن الثامن عشر مع الولايات المتحدة …

طبعا الحربان لم يكن سببهما المعلن انذاك تجارة المخدّرات اذ كيف لرعاة الديموقراطية وحقوق الانسان ان يعلنوا مثل هذه الاسباب لتبرير حربهم اماما شعوبهم ..وهذا ما فعلوه لاحقا في كل حروبهم ذرائع بوجود اسلحة الدمار الشامل في العراق وبديكاتورية بشار والقذافي وحسني مبارك وزين العابدين بن علي دون انكار انّ في ما ادّعوه جزءا من الحقيقة ولكن لم تكن ومعهم جميعا الحقيقة الحقيقية بل كانت لهم مخططات اكثر خبثا تجاهنا ..الذريعة في حربي الافيون مع الصين كانت وانتبهوا جيّدا لخبثها ..التجارة الحرة حق ّ لكلّ شعوب العالم …والذي اصبح الان ..الديموقراطية هي الحلّ الوحيد لخلاص العالم ولخلاصنا من معاركنا ومن تخلفنا ومن ازماتنا ..

قبل العودة الى واقعنا الحالي من رعاة الديموقراطية المزيّفين لابد ّ من الاشارة الى انّ الصين لم تتخلّص من جبروت هذه القوى الاستعمارية الا في عهد الكبير ماوتسي تونغ ..وكم نحن في حاجة الى كبير مثله !

في تقديري المتواضع ونحن نقرأ عن قلق وغضب بعض الدول مما يحدث في تونس، ارى انّ هذه الدول الاستعمارية على امتداد تاريخها لم تنزع يوما جلبابها الاستعماري ..كلّ ما في الامر انها نشطت في ايجاد لوجيسيالات جديدة . ومن ضمنها “الديموقراطية وحقوق الانسان” … هذه القيم الانسانية العظيمة على العين والراس شريطة انّ من “يبهبر ” بها لا يكون من حاملي نرجس في اليد اليمنى وخنجر مسموم في اليد اليسرى ..

اختم بكلمات مقصودة لانصار ديموقراطية وحقوق الانسان في الغرب .. الهذه الدرجة تعتقدون انّ الغرب “حنيّن وقلبو علينا”؟ الهذه الدرجة لا تعرفون شيئا عن تاريخهم الامس واليوم ؟ عن حروبهم الان بالوكالة ؟ يقيني انكم لستم اغبياء لهذه الدرجة بل انتم من فيلقهم اي انكم لا تقلّون اجراما وخبثا وشيطنة عنهم … من اجل إمّا اجنداتكم او اجنداتهم .. اذن انتم بيادقهم واعوانهم انتم اعداء البلد في الداخل ..

لن اذهب الى العنتريات التي ما قتلت ذبابة .. عنتريات الطبلة والربابة لاقول فلتذهب امريكا وليذهب الاتحاد الاوروبي الى الجحيم ..فتلك رومانسية ذهبت مع عنترة بن شداد ..ولكن حتى يعيد التاريخ نفسه، علينا ان نستفيد من كمّ هائل من الشعوب وقادتها الذين وقفوا سدّا منيعا ضدّ هذا الاستعمار المقنّع …ونجحوا في ذلك … علينا بثورة ثقافية تعيد لنا الامل وبكثير من الجهد والعمل للتخلّص تدريجيا من هذا الكابوس الاستعماري … علينا بثورة يقودها قائد من طراز عال حنكة ونورا و ووطنية … ..

قلت حنكة …وهو شرط حتمي لايّ قائد ..وها نحن في انتظار هذا الطائر النادر المحنّك …

17 فيفري 2022

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version