علاقاتي طيبة مع القراء لكنها لا تتعمق أكثر من اللازم، وهذا عائد لطبيعتي الخجـول المتحفـظة نوعًا. غير أن المرء من حين لآخر يتلقى صـفعة على كبريائه تجعله يتمنى لو كان أكثر حذرًا.
منذ عام أرسلت لي تلك الصديقة المراهقة رقم هاتفها. قالت إن عيد ميلادها غدًا وهي تريد أن أقول لها هاتفيًا كل عام وأنت بخير. تأثرت من هذا الطلب جدًا، وفي الموعد المحدد اتصلت بها. ردت علي سيدة متشككة لتسألني بخشـونة:
من أنت؟ (واضح أنها الأم) لماذا تسأل عن ابنتي؟
ـ”أنا فلان”
.فلان من؟
لم تسمع حرفًا عني من قبل. صوتها يزداد خشـونة. أقول:
ـ”أنا فلان الكاتب”
كاتب ماذا؟ أي أنك تكتب؟
الشـك يتزايد. أنا أعاكـس ابنتها أو أعبـث بها. في الحالين أنا وغـد. بدأ العرق يتصبب مني وأنا أشرح لها القصة منذ البداية. عندما تشرح هذه الأمور تبدو سخــيفًا جدًا. عندما انتهت المكالمة اللـعينة أغلقت الهاتف وأقسمت ألا أكون ودودًا بعد اليوم.
اتصلت بي الفتاة مرارًا بعد ذلك فلم أرد.
فتاة أخرى أكثر نضجًا وتعمل في منصب مهم، اتصلت بي ذات مرة وقالت إنها حصلت على رقم هاتفي بصعوبة. قالت إنها تحب كتاباتي جدًا، ونشأت بيننا صداقة عبر الهاتف. أعتقد أنها كانت المتصلة في كل مرة. طبعًا أنت تثق بي وتعرف أن الأمر لم يزد على صداقة متحفظة جدًا. ولو لم يكن كذلك لما حكيت لك هذه القصة. هل تجد مبررًا يجعلها تتصل بي ذات مرة وهي تبـكي لتقول:
ـ”خطيبي متضايق جدًا، وهو يطلب منك مسح رقم هاتفي وعدم الاتصال بي ثانية!. سلام. كليك!
“ظللت رافعًا حاجبي نصف ساعة، وأنا أتحسس موضع الصفعة الرمزية على خدي. كل ما فعلته من ذنب هو أنني كنت ودودًا. لا أكثر ولا أقل.
بعد أعوام قابلتني، وقالت إنها تريد أن أتعامل معهم في مجال عملها الجديد!.
نظرت لها في صمت، ثم قلت لها إنني صنفت إهانتها ضمن أسوأ عشر إهانات تلقيتها في حياتي. من فضلك أرجو أن تمسحي رقم هاتفي ولا تتصلي أبدًا.