جور نار
عمّ الكوني… ضحية الانتقال الديمقراطي…
نشرت
قبل 10 ساعاتفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashمحمد الأطرش:
ككل صباح ألتقي مجموعة من الأصدقاء ممن أحيلوا على التقاعد، وكالعادة يرتقي حوارنا اليومي إلى ما فوق السرّة ثم ينزل دون سابق انذار عند البعض منّا إلى ما تحتها ككل الشعوب العربية وكبارها، فالعرب أو لنقل أغلب الشعوب العربية حين تخرج عن النصّ وكذا حين تغضب ينزلق حديثها ولسانها إلى ما بين السرّة والركبة وما جاورهما من خلف ومن أمام ومناطق الظلّ والذلّ…
هكذا نحن العرب فلكل مقام مقال، وفي كل مجال نزال …فإن كان الحديث عن الأمة العربية المزعومة، ووعود قادتها الحاكمين بأمرهم في دول المواجهة، بتحرير القدس وما جاورها حسب التوقيت المحلّي لرام الله وحيفا وما جاورهما وصولا إلى دمشق وبغداد، فإننا ننزل إلى اسفل ونغرق في وحل ومستنقع قادة دول الجوار والمواجهة من العرب، وما تركوه وزرعوه فينا من هزيمة وغبن وعار وإحباط وتاريخ نخجل منه… وإن كان الحديث كرويا فإن البعض منّا يغضب ويترك الجلسة ويهرب بجلده كيف لا وهو إلى يومنا هذا يفاخر بمن ذهبوا إلى الأرجنتين ويهدد بالويل والثبور كل من يقول عنهم وفيهم وعمّا فعلوه سوءا…
ففي جلستنا التي تنظّمها قوانين ومواثيق أمضيناها معا في لقاء التأسيس لا يمكن الخروج عن النصّ ولا الإخلال بديمقراطية الجلسة… وقد نضطرّ في عديد الأحيان إلى الاستنجاد بأحد فصول أو أوامر نظامنا الداخلي الخاص بجلستنا ورفقتنا ومن ينضمّ إليها، فلا غرابة إن رفع أحدنا صوته وعصاه إن وجدت طبعا لإيقافنا عن التطرق لأمر يراه هو مقدّسا وممنوعا من المسّ… فبعضنا لا يقبل أبدا الخروج عن النصّ حتى وإن كان الأمر غير سياسي ولا يمسّ من هيبة الحكومة وأهل الحكومة ومن يعملون بالحكومة ومن يصاهرون الحكومة ومن يجالسون من يعملون بالحكومة ومن يجاورون الحكومة وسكان الحكومة ومن هم مع الحكومة ومن يصفقون للحكومة…
ميثاقنا منذ بدأنا لقاءاتنا يلزمنا بأن لا نتطرق لأي “أمر” يمسّ من كل ما يهمّ السياسة الداخلية لبلادنا ومن يصنعونها ومن يسكنون مكاتبها ويجلسون على كراسيها… لذلك قررنا منذ يومنا الأول الالتجاء في بعض حالات الطوارئ إلى ما جاء بالفصل الخاص المانع للخروج عن النصّ من نظامنا الداخلي بجلستنا ومجموعتنا، لإسكات البعض منّا ممن ينساقون وراء غضبهم وانفعالاتهم… وقد يصل الخلاف بيننا وترتفع اصواتنا ككل المجموعات التي تجد ملاذا صباحيا لتمضية بعض الوقت والهروب من هرج ومرج المنزل وأوامر “المدام” (ما تنساش تهبّط صاك الزبلة يا حاج)… وبعض الأوامر الأخرى التي تفقدنا هيبتنا وتمس من تاريخنا العريق ووجاهتنا التي كسبناها وعملنا على نحتها أكثر من ثلاثة عقود قبل الإحالة على التقاعد…
أعود لأقول، وقد يصل الخلاف بيننا وترتفع اصواتنا ككل المجموعات التي تبحث عن ملاذ صباحي لتمضية بعض الوقت حول طاولة في احد مقاهي المدينة، حتى في بعض المواضيع الثقافية والفنية رغم أنها لا تمسّ من سياسة الدولة وهيبتها ولا حتى ممن يعملون بها وفيها…
صباح اليوم اختلفنا حول ما وصلنا إليه قديما من سقوط بكلمات بعض الأغاني فاضطرّ كبيرنا “عمّ الكوني” (نسيت ان أقول إن عمّ الكوني هذا انتخبناه بالإجماع في جلستنا التأسيسية ليكون حاكمنا لفترة انتقالية… طبعا ليس مدى الحياة ولا حتى لدورتين متتاليتين) إلى التدخل برفع الفيتو في وجه أحد من تمسكوا بأن أغنية “على سرير النوم دلعني” التي غنتها حبيبة مسيكة (هااااك العام) رحمها الله أغنية ناجحة ومثيرة وترفع القدرة على الانتاج والحماسة وتزيد من نسبة الرجولة والفحولة، وقد اعتبر عمّ الكوني هذه الأغنية، أغنية بذيئة وساقطة وبورنوغرافية ومخلّة بالآداب وموجبة للمنع…
وجاء أحد الحاضرين بعنوان لأغنية غنتها نجاة عطية وجاء فيها “شماتة فيك نعشق غيرك ونخليك”… وهنا أيضا عارضه عمّ الكوني بقوله أن هذه الأغنية وجب أيضا منعها لأنها تؤسس للحقد والفتنة والشماتة وتحفّز على الطلاق والبحث عن شريك آخر وعلاقات محرّمة، والحديث عنها يمكن أن يكون أيضا عرضة للتتبعات حسب الأمر الخاص والمنظّم بقعدتنا… فهذه الأغنية حسب عمّ الكوني قد تهدّد السلم الاجتماعي بين أعضاء “القعدة” وتعبث بما تبقى لنا من أخلاق ورثناها عن أجدادنا وجاء بها ديننا… هكذا صرخ في وجوهنا عمّ الكوني مهدّدا مولولا…واشياء أخرى لا يسمح المجال ولا المكان لذكرها…
خلاصة القول منعنا اليوم عمّ الكوني من الحديث في العديد من المواضيع ورفع في وجوهنا فيتو الأمر الذي بأيادينا أمضيناه والذي تبنيناه في مسودّة نظام قعدتنا الداخلي… وبعد أن أسكتنا بما ينصّ عليه نظام قعدتنا الداخلي، وقف وكأنه يريد المغادرة… سأله احدنا: اين أنت ذاهب؟ “ما زال بكري”… فردّ عمّ الكوني بأنه ذاهب لجلب نتائج بعض التحاليل الطبيّة التي قام بها بالأمس… سألناه وما يؤلمك ومم تشتكي عمّ الكوني، قال: أفكاركم السوداء وما تقولونه، وواقعنا العربي… والكروي … والثقافي… والاقتصادي، والصناعي والتجاري، وهزيمة مايوركا ضدّ الريال… وذلك الغبي مبابي…وذلك المعتوه فينيسيوس جونيور… والعلكة التي في فم انشيلوتي وهزيمة أنس جابر وعدم مصافحة ابن الشرع لوزيرة بريطانيا واشتياقي لأغنية “بنت الاكابر” لأصالة نصري (ربي يخليهالي) وذكرياتي مع صليحة وأغنية “بخنوق بنت المحاميد عيشة” (هنا أتممنا جميعا بقية ما جاء في الاغنية وصرخنا بصوت كورالي مجروح وحزين: ريشة بريشة، عامين ما يكملوش النقيشة… فأضاف عمّ الكوني: أأأأه ه ه ه ه… ) وذكرياتي في برج العرب أنا والحاجة مغلية (يعطيها كيّة…هكذا قال عمّ الكوني)… كلها أرهقتني وتسببت لي في عديد الأمراض الحمد لله أنها ليست بالخطيرة…
سألناه معا وبصوت واحد…أمراض، ما هي هذه الأمراض التي تعانيها عمّ الكوني…؟؟ لا…أجاب…لا…لا… قائمة بسيطة مقارنة بالبعض الآخر… قليل من الانسداد في شرايين القلب، وضغط الدم المرتفع نسبيا، والسكري، والقولون العصبي، وتكلس الأطراف، وكسل الطحال، والفشل الكلوي، وتشمّع الكبد، ونقص في البصر (وأحيانا البصيرة) ونقص في السمع والشمّ أيضا… وقد منعني الأطباء من السكر والملح واللحوم الحمراء ولحم الدجاج والاسماك بأنواعها ولحم الكلاب، وكذلك بعض الغلال والفلفل والمعدنوس وشرب الشاي والمشروبات الغازية والحلويات، كما منعوني من أكل الخضروات، من بطاطا إلى بصل إلى فقوس ومنعوني من الجزر واللفت والسلق والبسباس وحتى الخبيزة (يا دين الزكش) والموجع منعوني من مباشرة واجباتي الزوجية مع عمتكم “مغلية”…وكذلك منعني طبيبي النفسي من الحلم…علي أن اراقب نفسي ولا يجب ان احلم…
ذهنا نظرنا إليه جميعنا وقلنا بصوت واحد وفي نفس الوقت…عمّ الكوني ممنوع من الأكل والشرب والحلم…وممنوع من مباشرة وظائفه الزوجية…من اين جاءتك هذه البليّة يا زوج مغلية؟؟ أنت في خلاصة الامر ضحية الانتقال الديمقراطي عمّ الكوني…
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
بكلّ صدق وشفافية، السنتان من 1998 الى سنة 2000 وجدت فيهما كلّ المؤازرة من رئيسي المباشر المرحوم عبالقادر عقير… وبالتشاور معه ومع المدير الفرعي للبرامج حاولنا ان نعمل من اجل تطوير المنتوج الاذاعي بعيدا عن العاطفة… وهنا اعني بعيدا عن (هذا متاعي وهذا موش متاعي)… وكل من عاشرني في مسيرتي الاذاعية يعرف انه لا قلب لي في تقييم ايّ عمل…
من ذلك مثلا انني وفي اجتماع لوضع ملامح شبكة جديدة عبرت عن موقفي من احد البرامج الذي وحسب رؤيتي لم يعد مجديا، لانه كان بالاساس ترفيهي بحت ويعتمد فقط على خفة روح منشطيه الاثنين… وباتفاق مع الادارة وباستغراب البعض تقرّر عدم برمجته في الشبكة الجديدة… قلت باستغراب البعض لانّ هؤلاء ظنوا اني ساكون مدافعا شرسا عن تجديد العهدة له، خاصة انّ منشطيه هما من تلاميذي الذين كونته… وحتى المنشطان عندما علما بموقفي لم يكتفيا بالدهشة بل ظنّا انّي حاربتهما وحاربت نجاحهما… ولم يفهما انّي انطلق في تقييمي لايّ برنامج من خلال ما اومن به من جدواه او عدم جدواه… وذهب الامر باحدهما انه اصبح يكنّ لي عداوة استمرت لسنوات .. سامحه الله وغفر له…
من الاشياء التي تحتفظ بها ذاكرتي في تلك الفترة انتاج برنامج (الراي والراي الاخر)… نعم ارتاينا فيه ان يرسل الينا المستمع مراسلة او عبر الهاتف مباشرة مواقفه النقدية للبرامج مثمنين فيه نقده لا انتقاده من جهة، ومحثّين المنتجين على الاستماع واصلاح بعض الهنات… كنت انا المشرف علي هذا البرنامج ويشهد الله اني كنت نزيها وصادقا وشفافا مع المستمعين والمنتجين… وطبعا راى بعض المنشطين انّ النقد الموجّه اليهم من المستمعين هو تصفية حسابات… ومرة اخرى سامحهم الله على مثل هذه التهم ..خاصة اني كنت اضع رسائل المستمعين ونقدهم على ذمة اي منتج او منشط ليتثبت في الامر…
هنالك ايضا برنامج اخر حرصت على انتاجه وتقديمه وعلى امتداد اربع حلقات بمناسبة ذكرى عيد ميلاد اذاعة صفاقس سنة 1999 … وكان يحمل كعنوان (مكتبة الاذاعة)… برنامج توثيقي بحت لمسيرة اذاعة صفاقس منذ 1961 حتى سنة 1999 … وخصصت لكل حلقة عشرية من عمر اذاعة صفاقس… البرنامج تطلّب منّي البحث بكلّ دقة في تلك المسيرة من حيث الانتاج والمنتجين وكل من كان له مساهمة فعالة في مسيرة اذاعة صفاقس…. نعم بحثت في كلّ ماهو مسموع ومكتوب، وكذلك اتصلت بالعديد ممن عاصروا الاذاعة منذ انطلاقتها واستمعت اليهم محاولا البحث عن المصادر الموثوق بها… وهي عمليّة عسيرة جدا لسببين: اولهما انّ العديد منهم يقلّك (منّي تقرع) فينسبون لانفسهم اشياء غير صحيحة… والسبب الثاني انني عندما اسال عن زميل مّا قيل عنه انه انجز كذا او ساهم بكذا، لا اجد اجابة المتعاون معي… بل يكتفي بالقول ما نتذكّرش ..وانا واع جدا بانّه يعرف ويتذكّر ..لذلك اعتمدت في برنامج مكتبة الاذاعة على اما المسموع والمكتوب وإما على شهادة بعض النزهاء والصادقين وهم قلّة ..
سنة 2000 شهدت احداثا كثيرة سواء كانت شخصية او مهنية… في شهر ماي 2002 فّجعت عائلتي بموت شقيقي الاصغر والاخ الوحيد لديّ… الحبيب رحمه الله … قبل ثلاثة اشهر من موته شعر بسعال رهيب نقلناه على اثره الى مستشفى الحبيب بورقيبة… عاينه طبيب وهو من مستمعيّ… اجرى له صورا على صدره ..عندما ذهبت لاستطلع النتائج اخبرني صديقي الطبيب بانّ الصور اثبتت انه بخير وأضاف: تجربتي في هذا القسم (الامراض الصدرية) تجعلني اشكّ في صحة المعلومات التي ظهرت في الصور نظرا إلى تهرّم آلة التصوير وربما عدم مصداقيتها في ما تفرزه من صور… واقترح عليّ ان يتكفل بحمله الى مستشفى في سوسة لتجديد اخذ الصور هنالك… ويوم عودتهما من سوسة خاطبني صديقي الطبيب طالبا مني الحضور بمكتبه بالمستشفى ففعلت لتوّي…
بعد تبادل التحية فاجأني الطبيب بالقول: “خويا عبدالكريم كبّر قلبك راهو خوك الحبيب عندو سرطان رئوي وفي اخر مراحله (ميتاستاز)، الاعمار بيد الله ولكن طبيا لن يعيش اكثر من ثلاثة اشهر اخرى)… كانت الصدمة الاولى، خاصة اني لم اعلم ايّ طرف في العائلة بالخبر .. وفعلا بعد ثلاثة اشهر يوما بيوم في 29 ماي 2000 انتقل اخي لرحمة لله … وصدمة موته كان لها تاثير عليّ بشكل كبير ..لا اعني بذلك الموت في حد ذاتها فانا اعرف وبكل وعي انّ الموت هي الحقيقة الوحيدة التي لا جدال ولا خلاف فيها اوّلا… ثم انا كنت اكثر طرف مهيّإ نفسانيا للحدث لاني اعلم ما لا يعلمه الاخرون… الا انّ وجودي في العائلة حتّم عليّ ان اكتم مشاعري وان اقف مع الجميع، والدته والده اخوته زوجته، موقف المواسي الدائم والذي علاوة على وجعه عليه ان يتحمّل اوجاع الاخرين .. ولعلّ موت اخي رحمه الله هو من الدوافع الرئيسية التي جعلتني سنة 2003 اعيد النظر في علاقتي مع الله ومع الدين … وهذا ستجدونه في ورقة قادمة…
في حياتي المهنية بدات اشتمّ اشياء في علاقتي برئيسي… احسست انه لم يعد هو .. للامانة لم ادرك اسباب ذلك وقتها وكنت اعيد الأمر لاسباب شخصية قد تهمّ صحته وهو الذي ابتلاه الله بمرض السكري ..وقد تكون لاسباب عائلية… اي انني كنت احاول ان اجد له اعذارا وتبريرات… لكن بدأت هذه التبريرات تتلاشى شيئا فشيئا وبدات اكتشف خيوط اللعبة والتي لم تنته الا سنة 2004 بعد ان اقيل من منصبه وعوضه السيد رمضان العليمي آتيا من اذاعة تطاوين ..
تلك الحقبة في مسيرة اذاعة صفاقس وفي مسيرتي كرئيس مصلحة البرمجة شاهدت تقلبات عديدة ومتشعبة بيني وبين المرحوم عبالقادر عقير مدير اذاعة صفاقس… ونظرا إلى كثافة تلك الاحداث ورغم اني ساقتصر على الاهم فيها احتراما لروحه ولعائلته، فاني سارجئ الحديث فيها الى الورقة 102 ان شاء الله …
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
اتسمت أواخر السنة الماضية 2024 بتوسيع عدد من بؤر الصراع وسقوط ضحايا مدنيين واطفال فلسطينيين على يد النازية الصهيونية المدعومة أمريكيّا وغربيّا، كما تم تسجيل اعتداءات غاشمة ضد لبنان تحت ذريعة ضرب حزب الله.
وإن نجحت الآلة الصهيوأمريكية في إضعاف قوة المقاومة بغزة او بلبنان، فانها لم تحصل على اي انتصار استراتيجي طبقا لمخططها المتمثل في تهجير فلسطينيي غزة إلى صحراء سيناء وفلسطينيي الضفة إلى الاردن. هذا بالإضافة إلى فشلها الذريع في “انقاذ” الأسرى الصهاينة أحد أهداف اكتساحها العسكري لغزة و رفح… أما ما دفعته اسرائيل من خسائر فيصل إلى حوالي 10 آلاف جندي ومئات المدنيين وانعدام للأمن في جل المدن (حيفا، تل ابيب…) بالإضافة إلى القطاع الشمالي وفرار سكان المستعمرات… كما خضع الكيان إلى ضربات موجعة سددتها له المقاومة بلبنان والعراق وغزة واليمن لحد الاسبوع الاخير من السنة المنقضية.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فقد تم بسوريا اسقاط نظام الاسد، وتعيد بعض التحاليل سهولة اكتساح المدن السورية الهامة وخاصة العاصمة دمشق، إلى أن سبب ذلك اتفاق بين عديد الاطراف لا سيما بين الروس والامريكان يتم بمقتضاه إزاحة بشار وخروج روسيا من قاعدتي حميميم وطرطوس بسوريا، مقابل تخلي الولايات المتحدة والغرب عن دعم اوكرانيا، وتمكين روسيا من الجزء الشرقي لأوكرانيا والأراضي التي خططت موسكو لاستلامها او احتلالها. ويبدو جليا ان الروس قد يحولون وجهة قواعدهم بسوريا إلى ليبيا او ربما تقليص وجودها بسوريا ..
من ناحيتها تعود بعض الدول الخليجية إلى انجاز مشروع قديم متمثل في مد أنابيب الغاز نحو أوروبا عبر سوريا ثم تركيا التي تحلم بمرابيح هامة ثمنا لعبور هذا الشريان الحيوي نحو أوروبا، علما بأن هذا المشروع كان دوما مرفوضا من الرئيس السوري حافظ الاسد ونجله بشار… وكان على الامريكان والغرب والأتراك وبعض دول الخليج تنصيب سلطة في دمشق على مقاس المخطط بدعم من تركيا وحشد للفصائل الإرهابية خاصة (جبهة النصرة و جيش الشام و صفد و ما يسمى “المقاومة السورية”) وهي المدعومة والمسلحة من الأتراك وأطراف اقليمية عربية… ويمكن الإشارة منذ الان إلى أن الرابطة الجامعة للفصائل والعملاء لن تصمد مثلما تم التخطيط لها.
الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا عرفت خلال الأسابيع الأخيرة متغيرات هامة جدا على مستوى المجابهات الميدانية، فروسيا ضاعفت هجوماتها ولم. تستثن هذه المرة العاصمة الاوكرانية “كييف” فيما هرع الاوكرانيون نحو سوريا و عرض مساعدتهم الغذائية لها ومحاولة دفع الزمرة الحاكمة إلى طرد الروس… ويشار إلى أن اوكرانيا قد ساندت الفصائل الإرهابية و ما يسمى بالمقاومة السورية منذ اكثر من سنة …أما العامل الأهم فقد تمثل في غلق قنوات الغاز المصدر إلى أوروبا والذي يمر عبر الأراضي الاوكرانية…
ورغم ان اوكرانيا اختارت هذه المبادرة العدوانية تجاه الاقتصاد الروسي وايضا تجاه بعض البلدان الغربية خاصة ألمانيا و فرنسا، فانها تاتي بالتزامن مع نهاية العقد المبرم مع الروس والذي ينتهي في 31 ديسمبر 2024، الا ان الاوكرانيين يسعون لاستعمال قطع الغاز ورفض تجديد العقد رغم حاجة الغرب الضرورية للغاز خلال هذه الاشهر الباردة، ويأمل الغرب للإسراع بسد هذه الثغرة الطاقية بسرعة في نجدة بعض بلدان الخليج عبر سوريا، مما يدفع إلى الظن بان الغرب منخرط في دعم موقف اوكرانيا لتقويته عند احتمال مفاوضات محتملة مع الروس…
وبما ان عملية قطع الغاز المار عبر اوكرانيا ستكلف الجميع خسائر فادحة، فإن الأحداث التي تتوالى بسرعة خلال هذه المرحلة تنذر بمزيد من المتغيرات السلبية الخطيرة سواء على مستوى الشقيقة سوريا او على مستوى الصراع بين الروس والغرب.
عبد الكريم قطاطة:
عندما عُينت رسميا سنة 1998 رئيسا لمصلحة البرمجة باذاعة صفاقس، كنت مدركا جدا انّ ذلك التعيين يعني بالنسبة لي اعادة هيكلة المصلحة اداريا ومحاولة لتنظيم العمل فيها شكلا ومحتوى…
المصلحة وحسب المخطط الوظيفي الجديد كانت كالاتي: انا كرئيس مصلحة… زميلي عبدالجليل بن عبد الله كمساعد رئيس مصلحة… زميلي المرحوم جمال الدين خليف كرئيس قسم للبرامج المسجلة والتمثيلية… وزميلي المرحوم فتحي عطية الله كمسؤول عن اعداد الدليل اليومي للبث وعن الومضات الاشهارية… وطبعا كلهم تحت اشرافي… وكان لابدّ من تغييرات جذرية حسب رؤيتي وتجربتي في الميدان… كنت مثلا مستغربا جدا من وجود خليّة للاستماع للبرامج المسجلة… ودورها متمثل في المتابعة الدقيقة وحذف ما وجب حذفه والتعليق على محتواها من حيث الشكل والمضمون.. حتى تستفيد الادارة من تلك الملاحظات في شبكتها البرامجية المقبلة فتدعم من يستحق الدعم وتتخلى عمن اثبت انه غير جدير بالوجود الاذاعي … وهذا معمول به في كلّ الاذاعات…
اذن لماذ قلت (كنت مستغربا جدا) ؟ لانه بالنسبة لي من غير المنطقي ان نتابع البرامج المسجلة والتي لا تصل حجما الى اكثر من 10 في الـ100 من البث اليومي في حين لا تخضع البرامج المباشرة لايّة متابعة… بالنسبة لي كان ذلك خور لا يقبله المنطق… لذلك ودائما بالتشاور مع السيد عبدالقادر عقير، احدثت نواة لمتابعة البرامج المباشرة، هدفها الاساسي مدّ الادارة بملاحظاتها بعد متابعتها ولنفس الغرض… معرفة تلك البرامج شكلا ومحتوى حتى يقع التقييم العلمي لجودتها… وكانت هذه النواة مكلفة يوميا وعلى شكل 3 فترات منذ انطلاق البث حتى اختتامه، بحيث يتكفل المتابع بفترة واحدة بشكل متداول مع زميليه الاخرين… حتى لا يبقى مراقب الفترة الصباحية هو نفسه…
والهدف من هذا كان تنوّع الملاحظات والانطباعات من جهة، واخذ الاحتياطات المهنية والتي قد يكون من نتائجها السيئة تكوين عائلة دائمة لفترة ما، مما يخلّ بالنقد الصادق النزيه لمتابعي الانتاج… هذه المبادرة في بدايتها لاقت نوعا من التذمّر الخفيّ… اي نعم بعض المنتجين والمنشطين اعتبروا العملية عملية مراقبة وصنصرة لحريتهم … بينما كنت حريصا على تطبيق المقولة الفرنسية CONFIANCE C’EST BIEN, CONTROLE C’EST MIEUX… اي نعم للثقة لكن المراقبة افضل .. وهنا اعني بالمراقبة التي يستفيد منها كل الاطراف فالملاحظات التي يكتبها متابع البث اقوم بقراءتها بكل انتباه… ومن خلالها اتوجه اولا بالنصح لذلك المنشط لتفادي الاخطاء، ثم أعتمدها مع الادارة عند تقييم ايّ شبكة والاعداد للشبكة التي تليها… مهمة متابعي الانتاج اسندتها لزملاء اثق في صدقهم وكفاءتهم وفي نفس الوقت هم بعيدون عن الانتاج، حتى لا يكونوا خصما وحكما…
العنصر الثاني الذي اهتممت به في مصلحة البرمجة وعالجته بكلّ صعوبة في البداية لاني وجدت فيه عدم اقتناع كلّي به من بعض المنتجين لكنّ هؤلاء وبكل امانة انصاعوا للامر … لانّي لا اقبل الخضوع للجمهور عاوز كدة… العنصر الثاني يخصّ دليل البرنامج الذي يجب ان يعدّه المنشط بكثير من التفاصيل التي تهم برنامجه… وهنا انزلت الادارة وبطلب منّي مذكرة تمنع الفني من تنفيذ اي برنامج لا يقدم فيه صاحبه دليل برنامجه ممضى مني كرئيس مصلحة البرمجة… العملية هي عملية تنظيمية تخص المنشط حتى يدخل للاستوديو وهو واع بكل تفاصيل ما يجب تقديمه… ومن جهة اخرى يقع تقديم هذا الدليل للمصلحة حتى تتمكن من مراقبة المحتوى، مواضيع وضيوفا واغاني لتفادي تكرارها في برامج اخرى…
للامانة… ساقصّ عليكم حادثة وقعت مع احد المنتجين الذي كان يدخل للاستوديو بدليل برنامج فيه اسم البرنامج واسم المنشط… وفقط… نعم حتى الاغاني يترك اختيارها للفنّي…(لا .. ويخرج فرحان بروحو بعد انتهاء البرنامج)… هذا الواقع بالنسبة لي هو استسهال واستهتار بالعمل وسرقة للكاشيه الذي يتقاضاه… واحد من هؤلاء دخل الى مكتبي بعد التزامه بقرار دليل البرنامج المفصّل ومكرها كان لا بطلا… بعد شهرين من التزامه الاجباري باعداد دليل البرنامج دقّ باب مكتبي واستاذن… اذنت له… جلس على كرسيه وعيناه مثبتتان في الارض… بقي صامتا ولم ينبس بربع كلمة… بادرته بالسؤال: (اشبيك خويا العزيز عندك مشكلة ؟)… اجابني نعم عندي مشكلة وما نجمتش نحكي عليها ولكن يلزم نحكيلك عليها ..
نهضت من مقعدي كرئيس مصلحة وجلست على الكرسيّ الذي قبالته… وقلت له: هات ما عندك انا راهو خوك قبل كلّ شيء… نظر اليّ وعيناه تنبئان بدموع قد تنزل وقال: (جيتك باش نطلب منك السماح)… نظرت اليه باستغراب وقلت: (انا مسامحك رغم اني ما نتذكرش بالكل انك عملتلي حاجة خايبة)… قال لي: (تتذكّر وقت هبطت هاكي المذكرة الخاصة بدليل البرنامج؟) ..قلتلو: طبعا… قللي: (تعرف؟ المدة الاولى نغزر للشيطان وما نغزرلكش… وبعد وقت طبقت الفكرة عرفت قداش عندك حق وقداش وليت نخدم مرتاح وفرحان .. وجيت باش نعتذرلك)… قمت من الكرسي وعانقته وقلت له: (اعتبر ما صار شيء وانت امس واليوم وغدوة خويا)…
ولكن تجربتي سواء كرئيس مصلحة البرمجة او كرئيس مصلحة الانتاج التلفزي اثبتت انه وفي ايّة مهنة… الاخوة الاصفياء عملة غير متداولة بكثرة…
ـ يتبع ـ
مصدر طبي بريطاني… الإبادة في غزة أكبر من أرقام وزارة الصحة
بعد الغارة الغربية الإسرائيلية على اليمن… تخوّفات من رد فعل الحوثيين
تعيين دواعش في الجيش السوري: الغربيون يحذّرون دمشق… من “تشويه صورة” النظام الجديد!
عمّ الكوني… ضحية الانتقال الديمقراطي…
في انتظار صدوره بين دفتي كتاب… مبحث جامعي عن فروسية فرنانة كتراث لامادّي
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل 3 ساعات
مصدر طبي بريطاني… الإبادة في غزة أكبر من أرقام وزارة الصحة
- صن نارقبل 3 ساعات
بعد الغارة الغربية الإسرائيلية على اليمن… تخوّفات من رد فعل الحوثيين
- صن نارقبل 3 ساعات
تعيين دواعش في الجيش السوري: الغربيون يحذّرون دمشق… من “تشويه صورة” النظام الجديد!
- ثقافياقبل يومين
في انتظار صدوره بين دفتي كتاب… مبحث جامعي عن فروسية فرنانة كتراث لامادّي
- ثقافياقبل يومين
مصر… اكتشاف آلاف القطع الأثرية في مدينة الأقصر
- بنات أفكارقبل يومين
“المسافة صفر” للشاعر وليد السبيعي… رحلة هوليوودية مع مآسي فلسطين
- ثقافياقبل يومين
الأسبوع القادم… أيام قرطاج الموسيقية
- ثقافياقبل يومين
من انتاجات 2024: مسرحية”من…الى…” تصوير لمعاناة فتاة عبر فن الميم