تونس وطننا الذي يضمّنا بين أحضانه، هو البيت الكبير الذي تستريح فيه النفس، و تأوي إليه الروح، و هو الأرض الرحبة التي نحيا فيها و نموت و ندفن فيها، فإن سافرنا نشتاق إلى تونس، وإن عدنا من السفر قبّلنا تراب تونس شوقاً و شغفاً،
تونس ليست مجرد كلمة تُقال بشكلٍ عابرٍ، إنما هي مفهومٌ واسعٌ باتساع الحياة، فهو البيوت و الشوارع و المدارس و الجامعات، هو المساجد و الحانات و الأشجار و الورود، و الأهل و الأصدقاء، هي الشوارع و الانهج و الأزقّة، هي أولاد عيّار و الفراشيش و ماجر و المثاليث و الهمامّة و جلاص و الجرابة والعكّارة، و هي أيضا بني خداش و دوز و “العين السّخونة” التي أشعلت فتيل الجهويات .. و كنّا نظن أنها أفِلَت … أن يُحبّ التونسي تونس، فذلك يعني حُبّ الانتماء إليها، و الحفاظ على ممتلكاتها و مقدّراتها، و الدفاع عنها في السلم و الحرب،
تونس منحتنا الأمن و الاستقرار لسنوات طويلة، و لذا فمن حقّها علينا أن نخدمها و نحرسها، و نرفع من شأنها بين الأمم بالعمل و العلم، فعزّة الوطن تقع على عاتق أبنائه المخلصين أينما كانوا، في مجالات التعليم و الصحة و الفلاحة و الصناعة و السياسة و الأمن و العدل و غيرها، فلا يمكن فصل هذه المجالات عن مفهوم الوطن، لأنها مترابطةٌ ببعضها البعض، و تُعبّر عن تكامل مكوّنات الوطن، و هي التي تصنع منه قلعةً حصينةً لا يستطيع الأعداء اختراقها …
فالخباز حين يتقن عمله فلا يبيع بضاعة فاسدة أو غير صحية هو في الحقيقة يحافظ على صحة أبناء تونس، و المدرّس الذي يعمل بجد و تفان فيعلّـم التلاميذ حسن الخلق قبل تعليمهم أبجدية الحروف هو في الحقيقة ينمّي جيلا كاملا تونسيا، و الطبيب الذي يخلص في عمله فلا يتلاعب بصحة الناس من أجل أغراض مادية هو في الحقيقة يعمل لفائدة تونس، و العسكري أو الأمني الذي يقف تحت حرارة الشمس يحمي أبناء وطنه من غدر الإرهاب و يفديهم بروحه إن لزم الأمر هو أيضا محب لتونس، و التلميذ والطالب الذي يسهر و يدرس بجد وانتباه حتى يكون عنصرا صالحا هو مُحبّ لتونس.
فالكبار و الصغار و كل فرد في تونس مطالب بحماية هذا البلد فلا يلقي بالفضلات في الشارع و لا يقلع الأشجار و لا يسرق المغازات ليلا تحت شعار المطالبة بالتنمية، و لا يعطّل إنتاج الفوسفات، و لايسكّر “فانَة” البترول في الكامور، و لا “يُكمبن” في البرلمان لتحصيل فائدة له أو لحزبه أو كُتلته.. فحب الوطن فعل يومي … و ليس شعارا. إن كل من يعيش على تراب تونس الكريم و كل من شم هواءه و استظل بسمائه و تربى في جنباته عليه واجب خدمته و الدفاع عنه.
إذا سعى كلّ تونسي لخدمة تونس، و مُساعدة المحتاجين، و لملمة جراح المظلومين، و رسمِ بسمة على شِفاه المقهورين، و وقف في صفّ العدل واحترام القانون ستكون تونس أجمل وأفضل رغم الكورونا والفقر وجراد الأرض. 2021، نرجو أن تكون سنة جديدة و سعيدة لكلّ أصدقائنا من قُرّاء “جُلّنار” و مُتابعي مغامرتنا الإعلامية الفتيّة.