جور نار

غزّة … المدينة التي ترفض أن تموت !

نشرت

في

غزة هاشم..مهد العزة ومنبع الرجولة

أكاد أجزم أن غزّة هي أعظم مدن العالم وأقواها…هذه المدينة تُدمّر كل عشر سنوات مرّة ثم تعود إلى الحياة وكأن شيئا لم يكن…

<strong>محمد الأطرش<strong>

ينفد مخزونها من الوقود…تخرب شبكة الكهرباء…تغلق أبواب مخابزها…تخرب صيدلياتها…ينفد الدواء من مخازنها…تُخرّبُ شبكة المياه…يموت اطفالها…يموت كبارها…تترمّل نساءها…وتعود كما كانت وأجمل…ثم تدمّر وتعود… ويهجّر أهلها ثم يعودون لبنائها من جديد…فأية مدينة هذه التي يمكن أن تولد من تحت أنقاضها بهذا الشكل وبهذه السرعة؟ وأية مدينة تدرك أن الخراب قادم إليها وتصرّ على البناء …على الحياة من جديد…وتتمسك…وتبقى…شوكة في حلق المغول والتتار وصُنّاع الدمار؟

منذ الربيع العربي المزعوم عاشت أغلب الدول العربية هزّات وثورات… وموجة واسعة من الحراك الاجتماعي جاءت على الأخضر واليابس…فحلّ الخراب بأغلب الدول العربية غير البترولية فلم تنجح اية دولة من هذه الدول في الوقوف من جديد على قدميها… وأصبحت جميعها عاجزة عن النهوض من جديد…وأصاب أغلبها العرج والشلل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، خاصة أن بعضها حاول ان يجرّب “الديمقراطية” فخاب ظنّه فعاد لسياسات “الأخ الأكبر” التي جاءت في رواية جورج أورويل “1984”…فأغلب البلدان التي اصابتها لعنة الربيع العربي المزعوم سكنها “الأخ الأكبر” من جديد ومسك السياط بيد من حديد…لكن غزّة رغم الحصار…والاستعمار و”الأخ الأكبر” الجالس في القدس …والأخ الأكبر الجالس في تل أبيب، هذا الذي يمنعها حتى من الغذاء والدواء في أغلب الأحيان…تحتضر وتموت، وترفض أن تدفن…وتعود إلى الحياة…ويحلّ بها خراب تتار العصر كل عشر سنوات أو أقل، ثم تولد من تحت أنقاضها وتمسك السلاح وتحارب من جديد…

في أغلب الإحصائيات الصادرة عن المنظمات العالمية للهجرة لا يقع ذكر غزّة إلا في مرّات نادرة…فسكانها لا يغادرون أرضهم ولا يتركون مساكنهم حتى وإن خربت، ولا مدينتهم حتى وإن أصبحت حطاما وأنقاضا، وإن غادروها فهم حتما سيعودون…كما أنهم لا يهاجرون كما يفعل سكان أغلب الدول التي مسّها خراب الربيع العربي المزعوم…يموتون هناك وفي أرضها يُدفنون…ولا يقبلون بالهجرة والهروب والتخلّي عن أرضهم…فهم الذين يعيدون بناء ما خربه التتار والوندال…وهم من يعودون إلى تنغيص حياة من اغتصبوا أرضهم وخربوا مدينتهم…وهتكوا عرضهم… فلماذا يا ترى يهاجر شباب وكهول ونساء وأطفال أغلب الدول التي ذاقت “حلاوة” الربيع العربي المزعوم كما وعدوهم بها إلى الدول التي استعمرتهم سابقا…فهل أصبح مذاق الربيع العربي وتبعاته مًرّا لا يطاق؟ أم أن ما يعيشونه أبشع من الاستعمار الذي عاشه أجدادهم ومن سبقوهم؟

خلاصة القول…أي شعب هذا في غزّة الذي يختار الموت على ترك بيته ووطنه…وما الذي يجري حتى يصبح بلد المستعمر وجهة للحياة لسكان الدول التي اكتوت بنار الربيع العربي وتبعاتها وما جاء بعدها؟ رحم الله جورج أورويل…فما كتبه تعيش بعض الدول اليوم أدقّ تفاصيله…

نم هانئا جورج…فالأخ الأكبر يرعانا جميعا…كيف لا وحاملات طائراته ترابط قبالة سواحل العرب في شرق المتوسط… وبقية الإخوة الكبار يجلسون على كراسيهم…يداعبون أجساد شعوبهم بالسياط…فتضحك شعوبهم…من كثرة البكاء…والألم…

تحياتي جورج…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version