ما الذي يقع في البلاد وما الذي يفعله قيس سعيد بالعباد…؟ فمولانا يحكم بمفرده…يلغي القوانين…يلغي الأوامر…يلغي كل ما سبقه …يلغي حتى التاريخ…وقد يلغي المستقبل بعد أن فتك بالحاضر…
يروّض فصول الدستور كما يريد… للغاية التي يريد…بدءا بفصول الدستور الذي أجلسه على كرسي العرش وحيدا حاكما بأمره…سلطان زمانه…أمير أتباعه ومريديه وأنصاره ومن بايعوه… وصولا إلى قانون الانتخاب والهيئة الأميرية للانتخابات نسبة لمولانا أمير البلاد والعباد، وقد يفعل ذلك مع كل قوانين البلاد…هيئات ألغيت وحلّت…يصدر المراسيم كما يريد ومتى يريد وكيف يريد…فهل استشار الشعب؟ لا…هل استشار جزءا أغلبيا من الشعب؟ لا…يشكّل لجانا بمفرده…يكتب دستورا على مقاسه في غرف مظلمة لا نعلم من يكتبه ولا من يؤثث فصوله…وغدا يعرضه علينا لنقول نعم كما يريد لا كما نحن نريد…
يعيّن ولاة بمفرده من أتباعه ومن بايعوه في غزوة انتخابات 2019…يعيّن مدراء بمفرده من اتباعه ومن ساندوه في غزوة جويلية 2021…والشعب مغيّب …بعد أن ألغى وحلّ المجلس الذي انتخبه الشعب ليمثله بأكثر من الأصوات التي أوصلته إلى كرسي قرطاج…حلّ المجلس الأعلى للقضاء…ونصّب مجلسا اختاره هو دون العودة إلى أي مجلس يمثّل الشعب، وجلس قاضيا على البلاد والعباد… يحكم بما يريد على من يريد… كيف ومتى يريد بقبضة من حديد…اتهم كل خصومه بالعمالة والخيانة والفساد ولم تثبت على أي واحد منهم تهمة من تهمه…هدّد بإقصاء كل خصومه بعد أن اتهمهم بالعمالة والاستقواء بالأجنبي وقد يتقدّم للانتخابات القادمة وحيدا دون أي منافس…وذلك ما يريد…
يريد فرض نتائج استشارة عرجاء عدد من ولجوها لا يفوق عدد من يلجون يوميا منصة من منصات الفايسبوك أو المنصات التلفزية مدفوعة الولوج…فرض موعدا للاستفتاء دون حتى استشارة الشعب … فرض موعدا للانتخابات التشريعية ونسي أن الحكمة والعدل والعقل والمنطق هي في أن تنظّم الانتخابات الرئاسية في نفس موعد التشريعية…فمن قال إن الشعب سعيد بسعيد…أتباعه…كم عددهم؟ أنصاره؟ كم عددهم؟ فعل ما يريد كما يريد بالطريقة التي يريد ولا أحد قال له من أنت لتفعل كل ذلك بالبلاد والعباد؟ لم ننتخبك لتلغي الدستور… ولا حتى لتعدله دون العودة إلى ما جاء فيه…لم ننتخبك لتهدم كل ما بني قبلك…لم ننتخبك لتفرض ما تريد وكيف تريد…لم ننتخبك لتقصي خصومك من منافستك خوفا على موقعك…لم ننتخبك لتحكم على الناس بما تريد وكيف تريد…لم ننتخبك لتحكم بالمراسيم كما تريد…لم ننتخبك لتفرض نظامك السياسي على البلاد والعباد كما تريد وكيف تريد…لم ننتخبك لتكمّم أفواه الإعلام ورجاله…
هل حققت شيئا مما وعدت؟ لا…هل نجحت في أمر واحد منذ وصولك قرطاج؟ لا… وعدت فلم نر أثرا لوعد واحد مما وعدت…وعدت بإصلاح حالنا ففسد حالنا أكثر…وعدت بتغيير أوضاعنا فتغيّرت نحو الاسوأ…وعدت بالعدل والمساواة فكثر الظلم والتمييز والتفرقة…وعدت بأن يجتمع الجميع حول طاولة الوطن لإنقاذ الوطن…فتشتت شمل الجميع وبقيت وحدك تفعل ما تريد وتحكم كما تريد بما تريد لا كما الشعب يريد…وعدت بالحرية فأصبح الشعب يعيش تضييقات لا مثيل لها…وعدت…ووعدت…ووعدت، فلم نر شيئا من كل ما وعدت…استحوذت على كل صلاحيات الحكم والتحكّم بالبلاد ورقاب العباد…ولم تنجح في أن تقول كن…فيكون…لان الله وحده من يقول للشيء كن فيكون…فديون البلاد تفاقمت…والتضخم فاق كل حدود المعقول…والاسعار عانقت السماء…والبطالة طالت نصف شباب البلاد…والفقير أصبح أكثر فقرا…والمريض مات لأنه لم يجد الدواء …والجوع استوطن نصف البلاد…والفوضى فتكت بالبلاد…وشباب البلاد مات غرقا هربا من حكمك ومن وعد لم تنجزه…فماذا فعلت بالبلاد والعباد يا سلطان البلاد…تحكم كأمير المؤمنين…كالسلطان…وترفض أن تكون لك معارضة …وترفض أن يقال لك أخطأت…وترفض أن نناقشك في ما تريد وما لا تريد …ولا تستمع إلى ما الشعب يريد…وترفض كل ما نحن نريد…فنحن في عهدك لا نساوي اكثر من العبيد…في زمن الوليد بن يزيد…
حين نسأل أتباع مولانا ومن بايعوه كيف تبايعون مولاكم بعد موقعة الثاني والعشرين من سبتمبر الحزين فهو لا يريد ما الشعب يريد…يجيبونك بتعال “أطرد النهضة وأخرجها ومن معها من الحكم”…ألهذا السبب بايعتم مولاكم…ألهذا السبب فرطتم في حريتكم …ألهذا السبب بعتم أصواتكم …يا لخيبتكم…وما تفعلون…أعارضتم النهضة وهي تحكم؟ أعارض مولاكم النهضة وهي تحكم؟ اين كنتم يوم كانت النهضة تحكم بمفردها وتفعل ما تريد كما تريد؟ وسيقول لي بعضكم أين أنت كنت يوم كانت النهضة تحكم؟ وسأقول لكم ولمولاكم “وينك وقت البرد كلاني”…وأكتفي بقولي عارضت النهضة كما لم يعارضها أحد…صباحا مساء ويوم الأحد…كما جاء على لسان أولاد أحمد…