هكذا غنّت العظيمة فيروز في “تحت القناطر”.. جبرًا للخواطر .. ووقاية لها من الإنكسار. وقد جاء في إحدى الحكايات أنّ رجلا ركب الطائرة عائداً إلى بلده وكانت تجلس بجانبه امرأة مسنة تدل هيئتها ولباسها بأنها ريفية، وبعد برهة بدأت مضيّفة الطائرة بتقديم وجبات الطعام ومع كل وجبة قطعة حلوى بيضاء ..
فتحت المرأة المسنّة قطعة ( الحلوى ) و بدأت تأكلها بقطعة خبز ظناً منها أنها قطعة جبنة بسبب لونها الأبيض .. وعندما اكتشفت أنها ( حلوى ) شعرت بإحراج شديد ونظرت إلى الرجل الذي بجانبها، فتظاهر بأنه لم يرَ ما حصل .. وبعد ثوانٍ فتح قطعة ( الحلوى ) وقام بما قامت به المرأة المسنة تماماً وهي تنظر له ضاحكة، فقال لها: سيدتي لماذا لم تخبريني أنها حلوى ظننتها جبنة، فقالت المرأة: وأنا كذلك كنت أظنها جبنة مثلك !!
بالتأكيد كان يعرف أنها ليست جبنة ، ويعرف أنها رحلة وتنتهي، ويعرف أنها مجرد امرأة مسنة وبسيطة ولن يراها ثانية.. ولكنّه جبر بخاطرها، ولم يكسر كبرياءها… تلك هي الأخلاق التي ينبغي أن نحافظ عليها ونربّي أبناءنا عليها.. فالحفاظ على مشاعر وقلوب الناس لايقلّ أجرا عن أيّة عبادة…
فاجبروا خواطر الناس وراعوا مشاعرهم وانتقوا كلماتكم.. فالكلمة الطيّبة تزيد المحبّة وتنسج خيوط الألفة بينكم وبين المحيطين بكم… سنرحل يوما ويبقى أثرنا فقط بين أهلنا، اجبروا الخواطر، وراعوا المشاعر، وانتقوا كلماتكم، وتلطفوا بأفعالكم، وتذكروا العشرة، ولا تؤلموا أحداً، وقولوا للناس قولا حسناً، وعيشوا أنقياء أصفياء، ولا تبتعدوا عن أحبتكم ، وأسعدوهم ولا تُحزنوهم، وقبِّلوا جِراحهم فأنتم دواؤهم و أركضوا معهم نحو الحياة الرحبة،
وحاولوا نسيان هموم البلاد وخيبات الزمن، ومعارك السياسيين الفاشلين.. (ملاحظة: أجبروا خواطر الناس جميعا إلاّ أشباه المسؤولين من السياسيين والنوّاب اِلعنوهم على بِكرة أبيهم ولكم الأجر).