منبـ ... نار
كلمات سريعة في حبّ الحياة
نشرت
قبل سنتينفي
من قبل
التحرير La Rédactionمؤكّد أنّ ما قيل وما كُتب في عشق الحياة ومدحها لا محدود …شديد التنوّع…يفيض جمال بعضه وترتقي أجزاء نادرة وثمينة منه إلى مراتب الكونيّة…
ولكن ما أن يحاول كلّ منّا منفردا أو في مجموعة (عائلة، أصدقاء، أزواج…) أن يُترجم روح بعض هذه المدائح النابضة إلى أفعال …إلى معيش يومي ينزل من علياء الصورة والاستعارة إلى محدوديّة اليوميّ، ما أن يحاول أن يفتح صباحه أو ليله أو أية ساعة من يومه على “نداء الوجود” العاتي حتّى ينحسر بعض المدى أو – في أسوإ الحالات- كلّه …تضيق الرؤيا ويخبو في أغلب الأحيان الأمل …وتتراجع درجات التنوع وتضيق قائمة الاختيارات فتسقط محاولات كثيرة في بعض تكرار اليومي …وتخوننا أحيانا القدرة على المقاومة لتتمدّد الرتابة -هناك عميقا فينا- لتقتات من القلب و الروح …
أيعني ذلك أنّ لا مهرب حقيقي من هجعة العادة… فما أن نستسلم لعدوى هذه الحالة الجماعيّة حتّى نبرع في “إنشائيّة التّذمّر والشكوى”… فتنتشر سُحب من الإحباط لتضمّ الملايين في زمن يسير – لسبب أو لآخر- لاجئين إليها من “ظلم الحياة وقسوة الظروف”….وتعلو قائمة الأعذار المانعة للفرح السّالبة “لكرم المزاج”.
ثمّ هل نحن في حاجة إلى “نداء الحياة” أم هو أحوج منّا إلينا ليكون… ليُنجَز؟ لا أشكّ لحظة أنّ الحياة هي أحوج إلينا في هذه السنوات الأخيرة الصعبة والخطيرة المليئة بحدّ يفيض كثيرا عن حاجتها إلى التناقض والسرعة.
لا شك في حاجتها إلى التذكير بحبّنا لها وعشقنا لحرائقها الصغيرة والكبيرة، هي الأنثى المركّبة الجليلة المشتهاة أمّا وحبيبة…. احتراما ورغبة، حاجة إلى الأمن والمغامرة…هي الحياة لا يشبهها في ذلك غيرها.
كيف السبيل إلى التصدي – هذه الأيام – إلى سلاسل مكرّرة من التذمّر وإلى سيول جماعية جارفة من التشاؤم…ما الحلّ وأحلام التغيير الجماعي تنحسر بل تنعدم، ما الحل والأغلبية السّاحقة منقادة بفعل الكراهية والسياسة وتوحّش الاستهلاك ؟
لنا أمام كل هذه الكوارث أن نغضب ونحزن ونرفض ولكن دون إلغاء للجمال …دون إعلاء من شأن الكآبة والإحباط.
فلا يزال هناك – كل يوم- شروق وغروب، لا يزال على هذه الأرض بحر وجبل وصحراء … لا تزال أرضنا مليئة بالنخيل والزيتون والكرم والفلّين والصّنوبر وزهر الليمون.
مازال في الإمكان أن نغيب ساعات في الواحة أو الغابة أو في المدى الصامت، فتحفّز الطبيعة حواسّ كاد يعميها الاكتظاظ ويصمّها اللغط والضجيج.
ثم مازال في الإمكان أن نقرأ كتابا عميقا بالمجان (نعمة الأنترنيت) حتى وإن كان جيلنا يُفضّل رائحة الورق…و لا يزال في الإمكان أن ندوّن فكرة أو نلاحق بالكتابة صورة أو ملمحا أو حكاية تطول أو تقصر بقدر رغبتنا في الحلم.
لا يزال في الإمكان النظر إلى المدى …
وقد يكون من أهم المُمكنات الباقية لقاء الأصدقاء -على نُدرتهم – حول قهوة أو كأس أو لقمة تهضمها ضحكة صافية أو نكتة طريفة ذكيّة أو محادثة نابضة بهمّ صادق.
مازال في الإمكان أن نؤدّي عملا أكثر قليلا أو كثيرا مما تتطلبه القوانين المتكلسة والمناشير البالية فنسعد بالتماعة الرضا والسّعادة في عين مواطن متفاجئ بـ”ابن حلال ” قدّم له خدمة وعبّر له عن شيء مفقود أكثر من كل المواد الأساسية في هذا البلد: الاحترام، ما أجمل أن تجعل مواطنا “يصطدم” صباحا بشيء غير قليل من الاحترام لذاته، لذاته وحسب.
ليتنا نحاول كل يوم أن نكون أكثر كرما وعطاءً.
تصفح أيضا
منبـ ... نار
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
… ، أو الكنز المنهوب
نشرت
قبل أسبوعينفي
23 نوفمبر 2024من قبل
التحرير La Rédactionعلي بن عمر*
متأكد أنّه ياسر ناس و كنت مثلهم ما يعرفوش إنّ طبرقة هي ثاني مدينة عالمية معروفة بالمرجان، وأنّ تونس من أكبر مصدري المرجان الخام في العالم، وأنّ المرجان الأحمر المستخرج في عرض المنطقة الممتدة من بنزرت حتى منطقة القالة وعنابة بالجزائر هو أجود مرجان والأكثر الشهرة في العالم.
و هكّا نفهم علاش طبرقة عرفت بعاصمة المرجان وتعيش على وقع المرجان وكلّ شيء فيها مرجان… من ساحة المرجان لنزل المرجان ومقهى المرجان وبار المرجان وبائعي حلي المرجان وحرفيي المرجان والمرجان الرياضي بطبرقة.
التّوانسه عرفوا المرجان منذ القدم و كان موجود في الحلي الخواتم و القلائد والخرص والخمسه والحوته وقرن غزال زادوه الاسماك والورد والسبحه والمشموم … صائغو جزيرة جربة و مدينة المكنين و بعض المدن الأخرى يمزجوا الفضة مع المرجان .
لكن اشكون أول مركز لمعالجة و تجارة المرجان في العالم ؟؟؟
هي مدينة ” توري دل غريكو ” وهي قريبة من مدينة نابولي الإيطالية .
هي المركز الرئيسي لتجارة المرجان في العالم إنتاجها يصدّر إلى الهند والصين وباكستان والولايات المتحدة وكلّ الدول الاوروبية .
*المعضلة و السؤال !!!
إيطاليا منعت إستخراج المرجان من عديد المناطق بها منذ 50 سنة وبالتّالي منين يجي المرجان لمدينة توري دل غريكو ؟؟؟
من غير ما تكسّر راسك ! هو مرجان تونس و الجزائر … المرجان الأحمر الملكي
المرجان الأحمر التونسي ( و الجزائري ) عالي الجودة يستعمل في المجوهرات النفيسة والحلي وأدوات الزينة و في مستحضرات التجميل و منذ بضع سنوات في الأغراض الطبية , عديد المخابر العالمية الكبرى أصبحت تهتم بإستعمال المرجان الذي يحتوي على جزيئات مضادة للإلتهابات و الفيروسات و البكتريات والأورام وتستعمل كذلك في علاج مرض ألزهايمر و أمراض القلب و تجديد العظام … هو إذن مادة نادرة و مطلوبة جدّا … منظمة التغذية و الزراعة FAO تقول انّ نصف الشعاب المرجانية في العالم أستنزفت !
* شويّة تاريخ لكي نفهم نهب المرجان الأحمر
التّواجد الأجنبي بشكله الإستعماري الناهب للخيرات بدا منذ أواسط القرن 15 حيث منح السلطان الحفصي سنة 1446 ترخيص للتّاجر الكتالوني Raphael Vives لاحتكار تجارة المرجان من طبرقة و ذلك حتى سنة 1451 … عام 1543 السلطان الحفصي سلّم في منطقة طبرقة للإسبان مقابل إطلاق سراح القرصان التركي درغوث , شارلكان سلّم طبرقة لعائلتي غريمالدي و لوميليني من جنوة و أعطاهم احتكار جمع المرجان في مياهها وقامت العائلتين بالتّوسع في ما يشبه المستوطنة كان عدد سكانها ما بين 1500 و 2000 ساكن… وعلاوة على إستخراج المرجان و تصديره لإيطاليا قامت بتصدير رخام شمتو و الحبوب و زيت الزيتون و الخفّاف والغلال في سنة 1741 إسترجعها الباي و في سنة 1781 سلّمها الباي لشركة فرنسية Compagnie Royale d’Afrique و التي واصلت نهب المرجان و تصديره نحو مرسيليا و إيطاليا
ما هو سعر المرجان؟… كيلو المرجان الأحمر يقدر حسب الجودة من 4.5 إلى 6 ألاف دولار أي ما بين 15 و 20 أف دينار للكيلو !!!
و تونس قدّاش تنتج و قدّاش تصدّر و قدّاش مداخيلها من المرجان ؟؟؟
لهنا الأمور لا تخضع للمنطق و لا للحساب !!! … تبعني
تدخل لموقع المعهد الوطني للإحصاء تلقى الإنتاج في السنوات الاخيرة لا يتعدى 8 طن و وصل في بعض السنوات الى 2 طن والمداخيل كانت في حدود 17 مليون دينار !!!
و لما تجي تفهم تدوخ !!! مصادر موثوقة، الإدارة العامة للصيد البحري والديوانة و تقارير إعلامية، تتحدّث عن تهريب 180 طن سنويا من تونس ولما تتابع عمليات الحجز و بإمكانكم التثبّت من ذلك على غوغل، ما ثمّاش اسبوع يمرّ بدون حجز كميات من المرجان في طبرقة و المناطق القريبة منها وفي بنزرت وعلى الطريق السيّارة تونس بوسالم وفي الموانئ والمطارات وفيها كميات بمئات الكلغ، والغريب أنّ هذه المصادر تقدّر ب 1 % حجم الحجوزات من الكميات المهرّبة … إذن هي تجارة فيها ألاف المليارات و الدولة يوصللها منها يادوبك 17 م د، هاذي ما تجيش ثمن شحنة واحدة !!!
و تعرفوش قدّاش من مركب عنده ترخيص في صيد المرجان ؟؟ هي 6 فقط والقانون التونسي يمنع على كلّ مركب جمع أكثر من 2 كغ في اليوم طيلة موسم المرجان من شهر جوان لشهر اكتوبر، ويتمّ ذلك عن طريق الغوص فقط. إذن منين تجي الكميات المصرّح بها و الكميّات المهربة عبر تونس ؟؟؟
هذه الكميات تأتي من مراكب صيد غير مرخص لها تعمل في جمع المرجان بطرق غير قانونية و منها طريقة الجرف بالمحراث التي تتسبب في اتلاف النباتات البحرية و الشعاب المرجانية و تحدث اختلالا في البيئة البحرية و سلسلة الغذاء و التكاثر بها… للعلم المرجان ينمو بـ 1 أو 2 ملم في السنة أي أن تجديد الدورة الزمنية للمرجان تدوم بين 20 و 30 سنة ! و للعلم الجزائر منعت جمع المرجان في مياهها طيلة 20 سنة من 2001 إلى 2021 وللعلم كذلك كان المرجان يجمع من عمق 50 و 60 مترا لكن اليوم يستخرج من أعماق تصل إلى 150 م، مما يعني اللجوء إلى غطّاسين محترفين و قوارير هليوكس غالية الثمن ولباس غطّاس خاص وشباك جمع المرجان و قوارب سريعة بمحركات قويّة… و هذا ما ينجّم يكون كان شغل ناس قويّة و ما ينجّم ينتج عنه كان جمع كميات كبيرة لتعويض المصاريف…و هذا يحيل إلى مزيد إستنزاف الشعاب المرجانية وإلى عصابات التهريب…
وبالفعل عديد القضايا تمّ البتّ فيها في تونس ضد عصابات فيها توانسة و طلاين و إسبان وعدد آخر مازال جاري النظر فيها و البعض يتحدّث عن منح تراخيص وهمية لتجارة المرجان لبعض المسؤولين و تورّط بعض الكبارات منهم شقيق رئيس حكومة سابق… و تعرفوش اشنيّه العقوبات لمجرمي إستنزاف ثروة المرجان ؟؟؟ الموضوع ينظمه القانون عدد 89 لسنة 2005 المتعلّق بتنظيم أنشطة الغوص و العقوبات هي السجن من 16 يوما إلى سنة واحدة وخطيّة مالية من 100 إلى 500 دينار أو العقوبتان معا .
* و النتيجة !!!
ثروة طبيعية تستنزف لصالح الطلاين و مداخيل للدولة عبارة عن فتات و كذلك تراجع قطاع الصناعات التقليدية في مادة المرجان… عدد الحرفيين و الشركات نزل إلى الربع في ظرف 10 سنوات و عددهم في تقلّص مستمرّ و السبب أنّهم غير قادرين على إقتناء المرجان بأسعار عالية جدّا… هو قطاع يحتضر في حين لو يتمّ القضاء على التّهريب فإنّه يكون قادرا على توفير قيمة مضافة عالية و تصدير كميات كبيرة وتوفير مواطن شغل في الورشات و محلات الترويج …
إستنزاف في تونس و طفرة مزدهرة في إيطاليا وتناقض صارخ بين عائدات الدولة الهزيلة واندثار قطاع الحرف المرتبطة بالمرجان في تونس، وتربّح و تمعّش عصابات المهربين ومساعديهم … وقتاش تاقف الدّولة ضد العصابات ؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*متفقد سابق بوزارة الصحة العمومية
منبـ ... نار
التسويق في المكتبات العمومية
نشرت
قبل شهر واحدفي
21 أكتوبر 2024من قبل
التحرير La Rédactionنورالدين مزهود*
لا أحد ينكر أن المطالعة هي من السلوكات الأساسية التي تساهم في تطوير أفكار الأفراد، وتصحيح كيفية تفاعلهم مع الحياة والواقع المحيط بهم، إذ تساعد في الحفاظ على طاقات المجتمع وتطوير مهاراته.
وإذا تحدثنا عن المطالعة فإننا نقصد بالضرورة الكتاب الذي هو الركيزة الأساسية للمطالعة، وهو عصارة ما أنتجه المفكرون والباحثون لأجل تنوير القراء بمفاهيم جديدة تفيدهم في حياتهم العامة، إلى هنا نستنتج أن هناك باثا (الكاتب) ومتقبلا (القارئ)، وحتى يتمكن المتقبل من الوصول والاستفادة مما أنتجه الفكر البشري من معلومات، لابد من وجود وسيط يتمثل في المكتبة وما تحتويه من رصيد بشري يُسخّر لخدمة القارئ ومساعدته على الوصول إلى المعلومة التي يبحث عنها في أحسن الظروف وفي أسرع وقت ممكن،
ونستخلص من ذلك علاقة ثلاثية الأبعاد مترابطة في ما بينها: (كتاب – وسيط – قارئ). هذه المهمة الموكولة للمكتبة تتطلب أدوات و وسائل عمل وتقنيات لمعالجة المعلومات الواردة على المكتبة من حين لآخر. وتتمثل هذه التقنيات في المعالجة الفنية للكتاب والتي تسمى “السلسلة الوثائقية” منذ دخول الكتاب للمكتبة إلى أن يقع بثه للقراء، ولا يقتصر عمل أخصائي المعلومات على المعالجة الفنية وتنظيم الكتب على الرفوف، بل أن يتجاوز ذلك إلى عمليات إضافية كفيلة بالتعريف بما تحتويه المكتبة من رصيد معرفي هام والخدمات التي يمكن تقديمها للمستفيد، لأنه ليس المهم تخزين وتنظيم الكتاب داخل الرفوف بل الأهم كيفية الاستفادة من محتواه وجعله ينتقل بين أيادي وعقول القراء،
ومن بين هذه العمليات نجد التسويق لخدمات المكتبة حتى تتمكن من أداء دورها كما يجب داخل محيطها من خلال جعل المكتبة كسوق ديناميكي يهدف إلى الربح بمفهومه الواسع من خلال استقطاب أكثر عدد من القراء والمستفيدين والمزيد من الأوعية الفكرية، ومن خلال هذه الورقة سنحاول تقديم لمحة عن أهمية التسويق في المكتبات العمومية.
1- مفهوم التسويق:
يعد التسويق في المكتبات العمومية أداة فعالة، للتعامل مع المستفيدين وتقديم خدمات تتلاءم مع مختلف احتياجاتهم ورغباتهم، ووسيلة تسعى إلى تحقيق رضاهم التام، ففي مجال التجارة فقد عرفه كل من غاري أرمسترونغ وفيليب كوتلر في كتابهما (أساسيات التسويق) بأنه “تلك الوظيفة التي تسعي لتحديد أهداف المستهلكين المستقبلية وإيجاد الطرق المثلى لإشباع تلك الحاجات والرغبات بطريقة تنافسية ومربحة. وتعمل الإدارة التسويقية الناجحة علي بذل الجهود المناسبة لتحقيق تبادل منتجاتها مع الأسواق المرتقبة”.
معنى هذا أن تقوم بخلق منتج أو خدمات جديدة وبعد ذلك تحاول إقناع المستفيدين بالفائدة التي ستعود عليهم عند الاستخدام. أما في مجال علم المكتبات و وفقاً للجمعية الأمريكية للمكتبات، يعتبر التسويق “مجموعة من الأنشطة الهادفة إلى تعزيز التبادل والبناء السريع والاستجابة لهذه الخدمات…” إذ لم يعد التسويق يقتصر على المنشآت ذات الربح المالي بل امتد إلى المنشآت التي تسعى إلى الربح الفكري والعلمي من خلال إعداد إستراتيجية تسويقية لخدماتها بناء على نوعية وحاجات مستفيديها.
2- تاريخ تسويق خدمات المكتبات:
لكل مجال تاريخ، والتسويق ليس وليد الصدفة بل نتاج لدراسات وبحوث علمية، وفي هذا الإطار ، نقلت لنا “غريتا رنبورغ” في إحدى دراساتها أن فكرة تسويق الخدمات ظهرت عندما أكد “صامويل سويت غرين” في كلمة له أمام مؤتمر الجمعية الأمريكية للمكتبات الذي عُقد سنة 1876، على تحسين العلاقات بين أمناء المكتبات. كما تحدث أيضا “لوتي ستيرنز” في مؤتمر الجمعية الأمريكية للمكتبات الذي عقد سنة 1896، عن أهمية الدعاية والإعلان لمجموعات المكتبة وخدماتها, ومنذ ذاك التاريخ, أصبح لمثل هذه الكلمات (الدعاية والإعلان) مكان بين المفردات المستخدمة من قبل العاملين والمتخصصين في المكتبات,
وهذا يؤكد كم أن التسويق، كتصور وكنشاط، ليس بالشيء الجديد، وقد بدأ مفهوم تسويق خدمات المكتبات في الظهور والسيطرة أكثر من ذي قبل, وذلك نتيجة للاستخدام المكثف لتكنولوجيا الاتصالات المتقدمة, الأمر الذي أدى بدوره إلى احتدام المنافسة بين المكتبات لكسب هذه السوق الجديدة عن طريق التسويق لخدماتها، خاصة في ظل تعاظم وتنامي أنشطتها المختلفة. هذا التطور الذي شهده مفهوم التسويق يعود إلى قناعة الباحثين بالقيمة الهامة لهذا المجال في جميع الميادين،
وما يشهده اليوم قطاع المكتبات في أغلب دول العالم من تطور هو نتيجة للخدمات التي تقدمها لمستفيديها لأجل استقطابهم وإقناعهم بالقيمة العلمية لخدماتها، وبطبيعة الحال تختلف طبيعة التسويق من مكتبي لآخر تبعا لقدرة المكتبي على تقييم ذاته والسعي الدائم لتطوير إمكانياته المهنية، مما يعود بالنفع على المكتبة من خلال تلبية حاجات مستفيديها وجلب أكثر عدد من الرواد.
3- أساليب التسويق في المكتبات العمومية:
تتنوع الوسائل التي يستخدمها المكتبيون في تسويق خدمات المعلومات ومصادرها حسب عناصر متعددة منها نوع المكتبة وأهدافها وطبيعة مجتمع المستفيدين منها والإمكانات المتوفرة لها، إضافة إلى قدرة المكتبي على مواكبة تطور العصر وإيمانه بقيمة الميدان الذي يشتغل فيه و وعيه بأهمية التسويق ودوره الأساسي في رفع مستوى الخدمات المكتبية وجلب رواد جدد،
وحتى تكون عملية التسويق ناجعة لابد أن تعتمد على نقاط القوة القائمة لدى أخصائيي المكتبات والمعلومات، وعلى معرفتهم بالمستخدمين ،والمخزون الموجود لديهم وقدرات العاملين ونوعية الخدمات واحتياجات المستفيدين، هذه الاستراتيجيا هي البوصلة التي يعتمدها المكتبي في نحت أساليب التسويق،
وعند إعداد خطة للتسويق على المكتبي طرح عدة أسئلة يقع الإجابة عنها خلال ممارسة عمله وتتمثل في: من هم المستفيدون؟ ما الخدمات التي يتم تقديمها؟ أين ستكون نقاط تقديم الخدمات؟ ما التقنيات التي سيتم استخدامها؟ ما مبادئ وطموحات وأولويات المكتبة؟ ما نقاط القوة المتاحة للمكتبة؟ كيف نريد للمكتبة أن يراها المستفيدون من حيث استجابتها لاحتياجاتهم؟ من هم عناصر إدارة المكتبة القادرون على تحقيق النتائج المرجوة من عملية التسويق؟
هذه الأسئلة وغيرها التي يمكن أن تظهر خلال إعداد الخطة لابد من اعتمادها والتقيد بها عند الانطلاق في عملية التسويق والتي تعتمد بدورها على مجموعة من الوسائل تتمثل في:
3ـ1- إعداد المطويات والوثائق المختلفة للتعريف بالمكتبة، وموقعها، وإمكاناتها، وفروعها، وخدماتها، وطرق استخدامها
3ـ2- دعوة المستفيدين وأفراد المجتمع لزيادة المكتبة والتعرف على مختلف خدماتها وأقسامها وأنشطتها وإصدار النشريات والمجلات المختلفة للتعريف بالمكتبة والمعلومات ومصادرها وخدماتها
3ـ3- إعداد موقع ويب أو صفحة للمكتبة ضمن مواقع شبكة الانترنت
3ـ4- الإعلان عن قواعد البيانات (إن وُجدت) والتي تضم مختلف أوعية المعلومات
3ـ5ـ- تفعيل الإحاطة الجارية والبث الانتقائي بوسائل مختلفة منها الإعلان عن المقتنيات الجديدة
3ـ6- استغلال المناسبات والأحداث المختلفة للتسويق للمكتبة ومصادرها وخدماتها بين أفراد مجتمع المكتبة
3ـ7- تنظيم حصص ترويجية للعروض والمحاضرات والندوات والأنشطة الثقافية التي تعتزم المكتبة تقديمها مستقبلا
3ـ8- التواصل المستمر مع كل من له علاقة بالمكتبة
3ـ9- استخدام الوسائل التوضيحية وتكنولوجيا المعلومات، والاستعانة بنماذج من المستفيدين ليكونوا خير سفراء للمكتبة عندما يُطلب منهم المشاركة في التسويق
3ـ10- الاستئناس بأفكار وأساليب المكتبيين الآخرين وغيرهم لتبادل التجارب.
4- خصائص المكتبي القائم بعملية التسويق:
حتى يقوم المكتبي بعملية تسويق ناجحة وفعالة تعود بالنفع على مهام المكتبة وتحقق أهدافها التي تأسست من أجلها وتطوير خدماتها لفائدة مستفيديها وفرض وجودها كمؤسسة عمومية ذات قيمة هامة داخل المجتمع، عليه أن يتصف بعدة صفات تمكنه من أداء المُهمة كما يجب وفق ما خطط له لتطوير عمله، وتتمثل هذه الصفات في:
4ـ1- أن يكون مقتنعا بقيمة العمل الذي يقوم به داخل المجتمع.
4ـ2- أن يكون مُلمّا بفن التواصل في مفهومه الشامل حتى يكون جاهزا لكل الفئات العمرية والمستويات العلمية المختلفة، لأن مهارات الاتصال والتواصل والإعلام هي التي تعتبر من أكثر العناصر المعروفة والمؤثرة في إنجاح أو إفشال عملية التسويق
4ـ3- أن يكون عارفا بحاجيات المستفيدين والبيئة والمحيط الذي تأسست به المكتبة ومدركا للمتغيرات والمؤثرات فيها والتي كان قد دوّنها في الإستراتيجية التي أعدها مسبقا رفقة شركائه. لأن المكتبة تنشأ لخدمتهم وتلبية حاجياتهم المعلوماتية.
4ـ4- ان يكون ملما بالموارد والقدرات المتوفرة بالمكتبة وما هي الخدمات التي سيُسوّق لها
4ـ5ـ- أن يكون قادرا على تحديد المستفيد بدقة، لأن المكتبة تقدم خدمات لجميع شرائح المجتمع بمختلف مستوياته المعرفية، وعليه لابد أن تكون له المهارة في تصنيف المستفيدين حسب حاجياتهم وبذلك يكون التسويق موجّها وليس اعتباطيا.
4ـ6- أن يكون قادرا على التفرد والمنافسة مع الآخرين، فهي من شروط البقاء والاستمرار في مجال المكتبات ومراكز المعلومات، والخدمات والأنشطة غير المتفردة أو المتميزة لن تستمر
4ـ7- أن يكون قادرا على بناء وتنمية العلاقات مع كل من له علاقة بخدمات المكتبة لا سيما من المجتمع المدني بصفة عامة ومستفيدي المكتبة بصفة خاصة، لأن العلاقات الشخصية وبناء السمعة المميزة والثقة لدى الآخرين هي من أهم الأعمدة التي تساهم في تطوير خدمات المكتبة.
4ـ8- أن يكون قادرا على استعمال الوسائل التكنولوجيا المتطورة في مجال التسويق.
5- تقييم عملية التسويق:
ان تقييم كل عمل بصفة عامة ضروري حتى تبرز لنا الايجابيات والسلبيات وبالتالي نُثمّن ما هو ايجابي ونُصلح ما هو سلبي، وفي هذا الإطار استوجب على المكتبي تقييم الخطوات التي قام بها خلال عملية التسويق والنتائج التي تحققت، هذا التقييم سيمكنه من معرفة مدى تحقيق الأهداف التي تم التنصيص عليها ضمن الخطة التسويقية والتغلب على الصعوبات والعقبات التي قابلت تنفيذها، لذلك نلاحظ أن الصلة وثيقة بين التقييم وخطة التسويق، ويعتمد المكتبي في تقييمه لما وصل إليه على عدة وسائل نذكر منها:
* وضع صندوق مقترحات للمستفيدين حتى يعبروا عن آرائهم التي ستقع دراستها وتحليلها لاحقا.
* اعتماد استبيانات تتضمن مجموعة من الأسئلة تطرح على المستفيدين
* مدى تطور أو نقصان عدد المشتركين بالمكتبة لان عدد المشتركين يعد مؤشرا قويا على نجاح المكتبة
* مدى إقبال المستفيدين على الأنشطة التي تنظمها المكتبة من حين لآخر
* ملاحظة سلوك المستفيدين داخل المكتبة وتحليله
* لقاءات مباشرة مع المستفيدين سواء داخل المكتبة أو خارجها ومحاولة معرفة رأيهم في الخدمات المُقدمة
هذه الأساليب وغيرها، من شأنها أن تساعد على معرفة النجاح أو الفشل واكتشاف نقاط القوة والضعف في تطبيق الخطة التسويقية من أجل تطوير فاعلية أداء المكتبة.
الخلاصة:
أردنا من خلال هذه الورقة تسليط الضوء على عملية التسويق في المكتبات العمومية نظرا إلى أهميتها القصوى في تطوير أداء المكتبي والمكتبة في نفس الوقت، لأن التسويق يهدف إلى مزيد من نجاعة الخدمات المُقدمة للمستفيد باعتباره رأسمال وجود المكتبة واستمرارها، فالتسويق إذن هو أحد المفاهيم الأساسية المعاصرة التي تفرض علينا استثمارها من أجل تقديم خدمات أفضل للمستفيد، خاصة أننا في عصر تكنولوجيات توفر وسائل متطورة يمكن أن نعول عليها في مجال التسويق، وعليه فإننا مدعوون لمزيد رفع الوعي بمفهوم التسويق في المكتبات العمومية وأهميته الإيجابية من خلال تشجيع الدراسات والبحوث المهتمة بالتسويق ولم لا تنظيم دورات تكوينية في هذا المجال للارتقاء بعمل المكتبات حتى يتسنى لها القيام بدورها على الوجه الأكمل في ظل عالم تكنولوجي متسارع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاهية مدير المطالعة العمومية ـ المندوبية الجهوية للثقافة بسليانة
منبـ ... نار
مفارقات تونسية… إلى متى يُؤجّل قرار إلغاء امتحان “الباك سبور”؟
نشرت
قبل 8 أشهرفي
22 أبريل 2024من قبل
التحرير La Rédactionتعيش تونس هذه الأيام، وخلال كامل الفترة من 15 إلى 27 أفريل 2024، على وقع ما يُسمّى بالباك سبور، ونغتنم فرصة الاهتمام العام بهذا الموضوع ومواكبته من قبل العائلات التونسية ووسائل الإعلام المختلفة، لنقدم ملاحظاتنا ومقترحنا حوله، لعلنا نساهم بذلك، في فتح النقاش العام حول الإشكاليات المطروحة، يحدونا الأمل في التعجيل باتخاذ القرار الرسمي الملائم، الذي طال انتظاره وهو إلغاء “اختبار آخر السنة في التربية البدنية والاقتصار على نتائج التقييم المستمر أثناء السنة الدراسية”.
ويتضمن هذا المقال تذكيرا بنماذج من الآراء والمعطيات الموضوعية المتداولة في الدراسات التربوية والتقارير الرسمية، والتي من المفروض أو تُقنع الرأي العام والمسؤولين بضرورة التعجيل بالقرار المقترح وبغيره من القرارات، ولكن، وفي سياق “انحلال الروابط الصلبة”، كإحدى السمات المميزة لحياتنا المعاصرة في “زمن السيولة”، كما يعرفه عالم الاجتماع الشهير زيغموند باومن، يتواصل التأجيل لهذا الأمر، كما يتواصل الـتأجيل لقرارات أخرى، لا تقل أهمية، قد تناولنا بعضها في دراسات علمية وتقارير رسمية أو مقالات رأي حول “مفارقات تونسية” أخرى.[1]
أولا: نبدأ بالتذكير بما حصل سنة 2010 ،( في زمن “الصلابة” الرسمية التونسية)، فقد صدر قرار إلغاء اختبار التربية البدنيّة لآخر السّنة وجاء ذلك بناء على تقرير من وزارة التربية والجهات الأمنيّة، حيث اتّخذ مجلس الوزراء يوم 20 أوت 2010 قرار إلغاء اختبار آخر السّنة في التربية البدنيّة: “حفاظا على سلامة التلاميذ والتوقّي من السلوك غير الحضاريّ، داخل المؤسّسات التربويّة وخارجها. وقد برّرت الوزارة هذا القرار-كما جاء على لسان وزير التربية آنذاك- بثلاثة أسباب، هي:
- ارتفاع تكلفة الامتحان (3 ملايين دينار): ويحسن تخصيصُ هذه الأموال لتهيئة الملاعب واقتناء التجهيزات الرياضيّة.
- سبب بيداغوجيّ يتمثل في كون الأعداد المتحصّل عليها في اختبار آخر السّنة هي دون معدّلات المراقبة المستمرّة،
- سبب وقائيّ وأمنيّ، بعد تفاقم ظاهرة السّلوك المخلّ داخل المؤسّسات التربويّة وخارجها، بمناسبة تنظيم اختبار آخر السّنة في التربية البدنيّة.
ولئن استبشر عدد كبير من الأولياء ومديري المؤسّسات التربويّة بهذا القرار، فقد لاقى نقدا ورفضا من قبل نقابات التعليم ومدرّسي التربية البدنيّة الذين رأوا في القرار تهميشا لمادة التربية البدنيّة.
لاحقا، وفي سياق ما يمكن تسميته بالنتائج المنحرفة” أو “غير المأمولة” لثورة 17 ديسمبر 2010/14 جانفي 2011، صدر سنة 2012، “قرار عودة اختبار التربية البدنيّة لآخر السّنة” دون معالجة الإشكاليات التي أدّت إلى إلغاء هذا الاختبار.
للتذكير أيضا، فقد تم خلال دورتي 2020 و2021، إلغاء الباك السبور واحتساب المعدل السنوي للتربية البدنية كعدد نهائي في امتحان الباكالوريا في كافة المعاهد العمومية والخاصة، وذلك بسبب الحجر الصحي وأزمة الكوفيد19.
ثانيا: حول انعكاسات امتحان “الباك سبور” على التنظيم البيداغوجي والحياة المدرسية [2]
- توقف دروس التربية البدنيّة منذ منتصف شهر أفريل ، بسبب تجنيد جميع مدرّسي المادّة في لجان الامتحان .
- تعدد التجاوزات ومظاهر الإخلال أثناء سير الامتحان والسّعي إلى التحيّل على التراتيب، فترى عددا من المترشّحين الذين ضمنوا معدّلات سنويّة في التربية البدنيّة مرتفعة يقومون بتقديم وثائق تعفيهم من اختبار آخر السنة، وصنفا آخر اختار الإعفاء من دروس التربية البدنية طيلة السّنة الدّراسيّة ولكنّه يريد المشاركة في اختبار آخر السّنة لجني بعض النقاط التي قد تكون ثمينة عند احتساب العدد النّهائي.
ثالثا: حول العادات والطقوس التي انتشرت قبل إجراء الاختبار وبعده:
ويتمثل ذلك في إقامة نوع من الحفلات والاستعراضات أمام المعاهد وفي الشّوارع، تعطل حركة المرور وتتحوّل في عديد المرات إلى مآس وحوادث مرور خطرة. وفي ما يلي فقرات واردة في وسائل إعلام مختلفة وبمواقع الكترونية تناولت هذا الموضوع ، وهي تؤكد وجود شبه إجماع على خطورة الظاهرة في المجتمع التونسي:
- ” احتفالات بها بكثير من الصخب وتتوجّس منه إدارات المؤسّسات والسّلط الجهويّة والمحليّة لما يرافق احتفالات التلاميذ به من تجاوزات خطرة…”
- ” أسوأ هذه العادات هي (الكُورتيج) :“استعراض السيارات”حيث يخرج التلاميذ في استعراض بالسيارات يجوبون وسط المدينة و شوارعها إضافة إلى الألعاب النارية و الشماريخ، عادتان تأتيان في المرتبة الثانية للائحة العادات السيئة حيث يعمد عديد التلاميذ إلى الاحتفال بالـ”فلام”و الألعاب النارية …”
- “دخلة الباك سبور …وفاة تلميذ باكالوريا بعد سقوطه من نافذة السيارة خلال احتفاله مع أصدقائه…”
- “الآن وقد تمّ تسجيل وفاة التلميذ ( والتلميذة)… على إثر حادثي مرور خلال احتفاليات (الدخلة) الملعونة في الباك سبور…متى يتمّ التدخّل ومنع هذه الظاهرة الخطيرة.”
رابعا: انتشار الدروس الخصوصية في “الباك سبور” وتحوّلها إلى “عنوان فساد”
لاحظنا في السنوات الأخيرة، استفحال ظاهرة الدروس الخصوصية في “الباك سبور”، وذلك رغم غلاء أسعارها، فقد صرّح وزير التربية بتاريخ 16 أفريل 2019 ، أنّ”5 أيام دروسا خصوصية في (الباك سبور) بـ700 دينار” [3]. كما صرّح الوزير نفسه، بتاريخ 21 ماي 2019، أن : “باكالوريا الرياضة في شكلها الحالي هي عنوان الفساد وهي لا تحمل أي معنى …. من موقعي كوزير للتربية …. لا أسمح لنفسي بمباركة أشياء أعرف جيدا أنها غير مقبولة وغير معقولة . فهل يعقل مثلا أن يتحصل 99 بالمائة من التلاميذ في الباكالوريا رياضة على أعداد فوق 18 من عشرين، هناك تضخيم غير مقبول للأعداد التي تسند للتلاميذ على خلفية الدروس الخصوصية في الرياضة، ولو كانت هذه الأعداد تسند لها ميداليات ذهبية لكانت تونس بطلة العالم في الرياضة…”[4]
يبدو جليا من خلال هذين التصريحين، أن الوزير قد كان يؤسس لحملة إعلامية، تمهيدا لاتخاذ قرار إلغاء “الباك سبور”، ولكن بعد أقل من سنة، تغيرت الحكومة وتغير وزير التربية، وتأجل اتخاذ القرار المذكور . ويبدو أن السبب الأساسي وراء التأجيل المستمر لاتخاذ هذا القرار وعديد القرارات التي يحتاجها قطاع التربية في تونس منذ أكثر من عقد من الزمن، هو عدم الاستقرار الحكومي وتعاقب أكثر من 10 وزراء على قطاع التربية منذ 2011.
خامسا: “دخلة الباك سبور”
لا يفوتنا، في خاتمة هذا المقال، أن نُذكّر بنقطة إيجابية في “الباك سبور”، قد تدفع البعض إلى الدفاع عن استمرار هذا النوع من الامتحانات ونعني بذلك ما يمكن تسميته بـ”قصص النجاح في دخلة الباك سبور” والتي أكد من خلالها التلاميذ في عديد الحالات، قدراتهم الإبداعية وتميزهم في التعبير عن حاجياتهم الأساسية وقيمهم الإنسانية أو احتجاجاتهم ومطالبتهم بحقوقهم. ومن المواضيع التي لاقت استحسان التونسيين وراجت في الاعلام: “تكريم الأساتذة والأولياء“، “التحسيس ضد كورونا”، وآخرها الحضور البارز للقضية الفلسطينية في “باك سبور” 2024.
لضمان المحافظة على هذه النقطة الإيجابية، يمكن التفكير في تطوير فكرة “دخلة الباك سبور”، دون إجراء اختبار التربية البدنيّة لآخر السّنة، وذلكعبر اعتماد صيغة مشاريع عروض فنية ورياضية وثقافية، تُطبّق فيها بيداغوجيا المشروع، حيثيمكن الاستفادة من دروس فشل تجارب سابقة للوزارة في هذا المجال. نعني بذلك تجربة “التعلمات الاختيارية” (2003- 2006) أو “”مادة إنجاز مشروع” (2006-2015) [5]. واستنادا للوثيقة الرسمية للتجديدين المذكورين، يمكن أن تتكون مجموعات من التلاميذ، تنطلق في تصور مشروع “دخلة الباك” وإعداده وتنفيذه، بداية من السنة الدراسية للسنة الرابعة ثانوي، أو انطلاقا من السنة الثالثة ثانوي . يؤطر المشاريع مجموعة من المربين من اختصاصات مختلفة كالتربية البدنية والموسيقى والمسرح وغيرها، وبالتعاون والدعم من أطراف أخرى من العائلات والمحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمؤسسة التربوية كدُور الشباب أو الثقافة أو مؤسسات أخرى ( طبعا في سياق مشروع المؤسسة التربوية وتطبيق القانون المنظم له منذ 2004، وهو الأمر المنظم للحياة المدرسية، أو ربما القانون الذي ننتظر أن يعوّضه) يمكن كذلك أن تُرصد جوائز جهوية ووطنية لأحسن العروض التي يتم تقديمها في الاحتفالات المدرسية لآخر السنة إلخ إلخ…
هوامش:
[1] مثال ذلك دفاعنا عن قرار إلغاء الاعداديات والمعاهد النموذجية ، في مقالين منشورين بجلنار وهي “مفارقات تونسية ( 2)(28 أفريل 2022) و”مفارقات تونسية” (3) بتاريخ 22 جوان 2022
[2] معطيات هذا العنصر والعنصر السابق مستخلصة، أساسا، من دراسة حول “الباك سبور” منشورة بموقع “المدونة البيداغوجية” بتاريخ 26 أفريل2015.
[3] https://www.guideparents.tn/article
[4] https://ar.espacemanager.com
[5] تناولنا هذا الموضوع في كتابنا ” المدرسون والتجديد” ويمكن الاطلاع على تقديم الكتاب من الصديق منصف الخميري بالمدونة البيداغوجية بتاريخ 6 مارس 2022 وكذلك على الفصل الأول من الكتاب بنفس المدونة في 4 تواريخ متتالية بداية من 29 جانفي 2023
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 19 ساعة
ورقات يتيم… الورقة 92
- اقتصادياقبل يومين
النكهة التونسية في الصالون الدولي للشكلاطة والمرطبات
- اجتماعياقبل يومين
غدا الاثنين… انطلاق امتحانات الثلاثي الأوّل
- ثقافياقبل يومين
اختتام أيام قرطاج المسرحية
- ثقافياقبل يومين
قريبا… “أيام سينما الجبل” بعين دراهم، والسينما التونسية إلى أين؟
- صن نارقبل يومين
الذكاء الاصطناعي و إدارة المشاريع بتونس
- صن نارقبل يومين
مستبقا صراعه مع الصين… “بايدن” يمهّد لخلفه “ترامب”، الطريق نحو إفريقيا
- صن نارقبل يومين
“الأونروا”: أكثر من 415 ألف نازح بغزة يحتمون في مدارسنا
تعليق واحد