أخذناها قاعدة وهي لا تصلح إلا في المجتمعات المتخلّفة المتذيّلة لقائمات الأمم و الأقوام. “لا نبيّ في قومه” هي خبزنا الذي نقتات منه و نرفع به عاليا سور المناعة في وجه المعرفة و التقدّم … فالغرب الذي نحاول أن نحاكيه و نتّبع خطاه في كلّ تقليعة يستنبطها للترويج بيننا و بين أشباهنا هو غرب ذو وجهين وجه مائع للتصدير و وجه نقيّ وهّاج للاستهلاك الداخلي…
هذا الغرب يا سادة يفتخر بفلتاته و نوابغه و يكرمهم و في الوقت نفسه يدعم الفاشل حتى ينجح و يشجّعه في كل خطوات مسيرته. أما نحن فنحبط الناجح و نزرع طريقه أشواكا و مطبّات و لا نستسلم أبدا إلا عندما نتأكّد من فشله و نشاهده يرمي المنديل و يعترف بأعلى صوته أنّه فاشل مثلنا … عندها نطمئنّ و نرتاح و نرفع شعارنا المحبط للعزائم “العبرة بالمشاركة” كتبت هذا بعد المعاملة المتخلّفة التي رافقت ظهور دكتور رياضيات وأستاذ جامعي تونسي في قناة تونسية (يحاوره) تونسيون في الوثائق الرسمية في انتظار التأكّد من انتمائهم.
لا يهمّني اختراعه و هو حسب قوله مكمّل غذائي يساعد على الشفاء من فيروس كورونا. و لا يهمّني إن كان صادقا أو دعيّا … ما يهمّني هو أنه قامة علميّة في ميدانه تمت دعوته ليقدّم توضيحات حول اختراع ما. الرجل أستاذ جامعيّ يدرّس طلبتنا في جامعاتنا و مدارسنا العليا فماذا فعلوا به؟ أوقفوه في الوسط قرب “العملاق” نوفل الورتاني و أحاطوا به في شكل نصف دائري بحيث أينما ولّى وجهه وجد وجها من وجوه الاتهام يرمقه بنظرة محتقرة مستهزئة. نعم يا سادة مسخوه و عنّفوه بألسنة جارحة ذابحة… لو كانوا من أهل الاختصاص لقلنا انتصر العلم على الشعوذة أما أن يكون العالم في قفص الاتّهام و أصابع المشعوذين تشير إليه بالاتهام فالأمر لا يستقيم و لا يحقّ لمن حاور العيفة أبا كرة بلّوريّة يبحث عن غيب مزهر و من كرّم المغربي أبا برّاد و ماء ساخن… لا يحقّ له أن يحاور عالما.
هل آن الأوان ليلتزم كل شخص حدوده فالصحافة معرفة و اختصاص و تخصّص و خاصّة نزاهة قد ينجح فيها عصاميّ في ميدان ما و لكن لا يمكن أن يصبح monsieur sait tout بلغة العكري التي تقدّسون … فحتّى الفحّام بطل المثل الشعبي الشهير “سوّد وجهك ولّي فحّام” هو اختصاص يتطلّب معرفة دقيقة بالأشجار و بأنواع الخشب و بمدّة احتراقه و يفهم في البناء ليبني “مردومة” لائقة تنتج فحما محترما يحافظ على سمعة الفحّام… فماذا يملك هؤلاء ليحتلّوا الشاشات و يغتصبوا البيوت عنوة فلطفي العماري مسرحي لا أثر له و لا بصمة في الساحة المسرحيّة أصبح يفهم في كلّ شيء و يناقش كلّ المختصّين و الثاني لا أعرف من أين أتى و هو السيد حلواس فقد داس على الأصول بمداس و خسرنا معهما و مع أمثالهما كل قيمة و أساس.
كلمة أخيرة إلى الأستاذ الجامعي الدكتور المخترع واصل بحثك و لا تترك الفرصة لهؤلاء لإثنائك عن مرادك فتصرّفهم دليل على أن ما قمت به يحمل بوادر أمل و بذور نجاح.