تابعنا على

جلـ ... منار

لبنان يحتضر *

نشرت

في

مصطفى أحمد حمام

جاءني الشاب المتحمس دائماً والباحث عن المثالية ، بعد ترتيب الموعد.

مجرد أن جلس وبدأ نهر الأسئلة فى موضوعات شتى.

قلت له ، مهلاْ ياولدي ، اختر موضوعا ونتحدث عنه بإستفاضة.

رد باسماً ،اذن عليك ان تستضيفني ثلاثة أيام على الأقل وتستضيف معي زوجتي وولديّ. قلت ، أهلا وسهلا بالجميع ، فأنا أعيش وحيداً ويسعدني وجودكم. اختار الشاب المتحمس ان نتكلم عن لبنان وبادرني بسؤال هجومي ، لماذا كل هذا الإهتمام والتحيز منك للبنان؟وزاد على السؤال بسؤال ، هل لذلك علاقة بعشقك لفيروز وماجدة الرومي ونصري شمس الدين؟

اخذت نفساً عميقاً ، وقلت اذا كان هؤلاء الثلاثة فقط هم السبب، فلا ضير في ذلك ،لكن الموضوع أعمق من ذلك بكثير. لبنان هى الوجه المشرق لهذا العالم المظلم الذي نحن جزء منه ، سمّه العالم العربي أو الشرق الأوسط ، ليس هناك فرق كبير. لبنان هى بلد الثقافة والفن والجمال. لبنان بلد شامخ شموج أشجار الأرز ، وهذا الشموخ انتقل إلى كل اللبنانيين. لبنان بلد الكلمة الحرة. لبنان بلد دور النشر التي اغرقت الوطن العربي بكل انواع و أحجام الكتب بلا تحيز ولا تفرقة. لبنان بلد الطوائف المتعددة منذ نشأتها ،

يعني يوجد بها المرض العضال الذى يقسم أى بلد وهو الطائفية لدرجة حدوث حرب أهلية،،، ولم ولن تقسم لبنان. عندما بني سليمان هيكله ، أتى بخشب الأرز من لبنان ، أليس ذلك دليل على أن لبنان بلد الجميع وللجميع. ربما أكون نسيت أن أضع كلمة “كانت” أمام كل وصف ذكرته !

استمع الشاب جيداً وأنتفض سائلاً ، ما هو الوضع الآن؟

قلت ، سأذكر موقفا واحدا فقط حدث بالأمس ، جعلني في غاية الحزن والألم على لبنان بعد أن وصل إلى مرحلة الإنهيار والانتحار. السفيرة الفرنسية فى لبنان بعد أن هاجمت حكومة تصريف الأعمال ، اتفقت مع السفيرة الأمريكية على الذهاب سوياً إلى الرياض لمقابلة الملك وولي العهد فى محاولة لإنقاذ لبنان.

موقف مؤسف ومؤلم لكل لبناني وكل محب لهذا البلد. موقف يعني أن لبنان بلا زعماء يتحدثون عنها و تتحدث بالنيابة عن شعبها السفيرتان الفرنسية والأمريكية. شعب لبنان يعاني فى كل شئ ، والفساد والجشع والطمع لا يتوقف.

إذا تابعت قنوات التليفزيون اللبناني ، أو على الأقل التي أشاهدها وهي 6 قنوات ، سوف تفهم أن لبنان بلا مشاكل وربما تتأكد أنك تشاهد قنوات بلد أغنى من سويسرا ، وهذا مخالف للحقيقة. فى نفس الوقت تعرض بعض هذه القنوات اللقاءات التي تتحدث عن مشاكل لبنان على طريقة : طق حنك كما يقولون هم أنفسهم. لا دواء ، لا كهرباء ، لا مواد غذائية ، لا بنزين ولا السولار ،

فكيف يستطيع أن يستمر هذا الشعب؟

الزعماء يتعاركون على المناصب وعلى الأموال وتهريبها وفقد الجميع مصداقيتهم أمام الشعب اللبناني وأمام العالم أجمع. مر عام على تدمير مرفأ لبنان ولم يقدم أحد إلى المحاكمة بسبب مقاومة الفاسدين من أصحاب القوى والنفوذ.

المساعدات لن تحل المشكلة اللبنانية ، لأن المساعدات تذهب لجيوب الزعماء الفاسدين، ولن يأتي أحد من الخارج ليحكم ، والشعب اللبناني ليس لديه مانع فى أن تعيد فرنسا إحتلالها من جديد في سبيل التخلص من الفاسدين والموالين لهذه الدولة أو تلك ، وعندهم ألف حق. فقد أصبح الآن كله ضد كله، والشعب هو الخاسر الوحيد.

شاطرني الشاب الحزن على بلد الأرز ورمز الرقي والتمدين والتحضر ، وياخسارة وألف خسارة. أتمنى ألا نعلن وفاة لبنان ، كما تساءل نزار قباني يوماً قائلاً : متى يعلنون وفاة العرب؟

الأمل كل الأمل فى شعب لبنان الخلاق أن يزيح هؤلاء الفاسدين من الحكام والمنتفعين. تحياتي ومحبتي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*معظم ما جاء في هذا المقال، ينطبق أيضا على بلد عزيز جدا … اسمه تونس ! (تحرير “جلّنار”)

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

جلـ ... منار

من عياش إلى السنوار… “دوري” الإرهاب الصهيوني

نشرت

في

صبحي حديدي:

اللجوء إلى منهجيات المقارنة يقتضي، بادئ ذي بدء ربما، اعتماد درجة الحدّ الأدنى من التكافؤ أو التناظر تارة، والتفاوت والتنافر تارة أخرى، بين مقارَن وآخر؛ الأمر الذي تتضاعف اشتراطاته، ومشاقّه استطراداً،

صبحي حديدي

إذا كانت المقارنات تخصّ البشر عموماً، وفي ميادين مثل الأخلاق والنفس والسياسة والعقيدة خاصة. فليس من اليسير، في يقين هذه السطور، وضع قياديي “حماس”، ممّن استهدفتهم آلة الإرهاب الإسرائيلية في مواقع شتى وسياقات زمنية وسياسية مختلفة، على محكّ تقييمٍ مقارَن واحد أو متماثل؛ حتى إذا كان تسويغ هذا الخيار ينطلق من مبدأ المساواة، ضمن معايير سياسية أو عسكرية أو إيديولوجية، إيجابية أو سلبية، متَّفق عليها أو محلّ اختلاف. وحتى، أيضاً وربما قبلئذ، إذا ارتكزت المقارنات على مسلّمة ابتدائية وناظمة تضعهم، أجمعين، في خانة مقاومي كيان استعماري عنصري استيطاني فاشي المكوّنات وأبارتيديّ المسارات.

ثمة، بذلك، مقادير متقاطعة عليا من التكافؤ في مصائر الاستهداف الإسرائيلي لأمثال يحيى عياش (المهندس) والشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وصالح العاروري وجميلة الشنطي وإسماعيل هنية ويحيى السنوار؛ وثمة أيضاً، وفي المقابل الموضوعي أو الضروري، مقادير متقاطعة دنيا من التباينات الناجمة أصلاً عن الوظائف والدلالات والمصائر. طرائق النَيْل من المهندس أو السنوار، ليست مثل اغتيال الشيخ ياسين (قعيد الشيخوخة) أو هنية (النائم في فراشه)، والفارق لا يخفى بصدد الآخرين.

غير منتفاة بالتالي، بل هي ضرورة سياسية ومبدئية، مسألة التشديد على قاسم مشترك أوّل هو إرهاب الدولة الإسرائيلي بوصفه شكل تنفيذ هذه الاغتيالات، وإرهاب الدولة الصهيوني بوصفه المضمون العقائدي الذي يحرّك الدوافع من قلب “فلسفة” عتيقة ترى في الفلسطينيّ تهديداً وجودياً في ذاته وبذاته. وأياً كانت تفاعلات الشكل مع المضمون فإنّ توحّش إرهاب الدولة يلجأ، دون إبطاء، إلى إخراج الجغرافيا من المعادلة: “المهندس” ابن سلفيت في الضفة الغربية، متساوٍ مع السنوار سليل مجدل عسقلان المحتلة سنة 1948، وكلا الفلسطينييَن في خانة واحدة مع محمد الزواري… التونسي!

وليس عجباً أنّ الليكودي أرييل شارون كان مهندس اغتيال الشيخ ياسين؛ و”حكيم” حزب العمل، شمعون بيريس، كان الآمر باغتيال عياش؛ والليكودي الثاني نتنياهو كان على رأس حكومة الاحتلال يوم استشهاد السنوار. وليس من باب العجائب أنّ الثلاثة كانوا مجرمي حرب بامتياز، كلٌّ على طريقته وأفانين إجرامه، وأنّ تكوين دولة الاحتلال ظلّ ينحطّ من هاوية عنصرية إلى أخرى فاشية.

والحال أنّ منهجيات المقارنة الكلاسيكية ذاتها قد تعيد إنتاج مواضعاتها المألوفة، بين ماضي 1996 وحاضر 2024، على أصعدة حاسمة تخصّ ما هو عميق ومحوري في معمار “حماس” السياسي والعسكري والعقائدي. ذلك لأنّ أغراض الاحتلال من وراء اغتيال “المهندس” انقلبت ضدّها حين أفقدت قيادات “حماس” بعض ذرائع الاعتدال، وانتظار استكمال الانتخابات بوصفها الاستحقاق السياسي الفلسطيني الأبرز في ذلك الطور، وأفسحت المجال أمام انعتاق الحرج الآخر الذي كان يكبّل فصائل عز الدين القسام ويشلّ عملياتها.
وليس استشهاد السنوار ببعيدٍ، اليوم، عن منطق تطوّر مماثل تُضاف إليه اعتبارات عديدة فرضتها سيرورات “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة؛ إذْ قد يقبل امرؤ أنّ غياب السنوار عن المشهد الميداني في قلب المعركة المفتوحة يمكن أن يوجع المقاومة، وقد يساجل امرؤ آخر بأنّ الغياب ذاته قد يكون عتبة الوثوب إلى مراحل انتقال ليست أقلّ استكمالاً لتلك التي دأب عليها القائد الغائب.

“دَوْري” إرهاب الدولة الصهيوني تتعاقب فصوله، إذن، ولكن ليس من دون تبدّلات تقلب السحر على الساحر الإسرائيلي؛ كأنْ يفوّت السنوار على الكيان فرصة “اقتناص” على شاكلة شيخ في كرسيّ متحرّك، أو قيادي نائم في فراش.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

صن نار