…حبيبها أنا أيضا هذه الأرض حمّالة الإثم لأبنائها ! ..
حمّالة الحطب لنيران تأكل القلب الذي سكنت منه الحنايا..
حمّالة الوجع …
تأكل أعمارهم و تقصف خطاهم !
أرض أبو القاسم الشعب و الحياة و القدر تفعل ذلك !
أرض الجويني الياسمينة و اللي تعدى وفات و مكتوب يا مكتوب …
تفعل ذلك !
أرض آمال الحمروني و نخلات وادي الباي التي ٱستظلت بها تونس و البسيسة التي استقات منها البحث الموسيقي للعيش بكرامة…
تفعل ذلك أرض المسعدي السد و أولاد أحمد و بن عياد وبقية المجذوبين من نواصيهم إلى عتبة الحلم والجنون و الخبل تفعل ذلك !
يؤلمني هذا الوطن المرتجف…
فقط لأنني كنت يوما أحبه !
صرت أخافه ! أحببت البناءات القديمة و الممرات القديمة و الأصوات القديمة الضاربة في المجد و الخلود…
أحببت وجوه الصباحات الباكرة الذاهبة إلى كل زوايا الروح و ثنايا القلب للعمل و الفعل و مواجهة قطار الحياة!
أدمنت وجوها صارت ذكرى…
و ملامح صارت هباء منثورا…
و أصواتا أصبحت قصة للأمس !
هذا البلد…
صرت أخافه …
لقد أصبح غربة مؤبدة …
أصبح هذا البلد غربة حقيقية ..
و يزداد غربة و قسوة يوما بعد يوم…
كيف يصبح الوطن غريبا و حملا ثقيلا ؟!
نعم…
معادلة صعبة بيني و بينه !
ما بيننا جنون عاقل و موج هادئ و نار باردة …
لغة الروح لا تخطىء…
و ذاكرة الروح لا تنسى …
الوطن إذا ما ملك ملأ …
وإذا آوى داوى ….
و إذا أحب أحيا …
هذا الوطن لم يعد يفعل ذلك !!