وهْجُ نار

لن نكون نعـــاجا … مهما قسَتْ علينا عصا الراعي !

نشرت

في

Moutons de Panurge

قد يغضب البعض من كلامي…وقد يهددني البعض الآخر…وقد ينعتني بعضُهم بأبشع النعوت…وقد يخيّب كلامي ظنّ البعض…لكن ما أقوله هو حقيقة غفل جميعنا عن قولها والاعتراف بها…ماذا فعلنا لهذا الوطن حتى نحافظ عليه؟؟ لا شيء يذكر…ولا حتى محاولة تُذكر…

<strong>محمد الأطرش<strong>

أغلب من جلسوا على كراسي الحكم بعد خيبة 14 جانفي لم يهتمّوا للوطن، فقط بحثوا عن تذوّق قطعة الكعك التي جاد بها عليهم الأغبياء…لن أتحدّث عن اليسار ففي تونس لا يسار لنا فاليسار دُفن مع اصحابه…ولن اتحدّث عّمن وعدوا بالبدائل ففشلوا…سأتحدّث عن التجمعيين و”الدساترة” وهم أكثر من جرّب حكم هذه البلاد وأدرك المعنى الحقيقي لمفهوم الدولة…ماذا فعلوا للحفاظ على ما أنجزوه ما صنعوه لهذه البلاد ؟؟ لا شيء غير البكاء والصراخ…ألم يفرّطوا في البلاد…ألم يخفوا وجوههم عن العباد يوم سُجن بعضهم ظلما وعدوانا…ألم يمكثوا في ديارهم يداعبون زوجاتهم…و”يفاخذون” عشيقاتهم…أغلبهم أخفى وجهه خوفا من المحاسبة على ذنب لم يرتكبوه، وتركوا قلّة منهم لا ذنب لها غير أنها كانت تجلس يوم كذبة 14 جانفي على كرسي الحكم والسلطة…أين كانوا حينها من أشبعونا اليوم ضجيجا واقضّوا مضاجعنا صراخا…؟ واليوم ماذا يفعل هؤلاء…ماذا يصنعون…لا شيء سوى جلب العار لجيل البناء والتحديث…

ثم ماذا فعلوا يوم مسكوا بالسلطة مع الباجي رحمه الله؟ لا شيء…تلاعبوا بكل شيء…نسوا تاريخهم…وانخرطوا في حروب بين بعضهم البعض…نسوا وعودهم…تركوا رفاقهم خارج دائرة السلطة خوفا من أن يزاحموهم على بعض الكراسي…غفلوا عن خدمة رفاقهم القادرين على إيجاد البدائل…واكتفوا بالبحث عن كيف يملؤون جيوبهم وجيوب البعض منهم… أهكذا قرؤوا وتعلموا عن الكبار…ما هذا الذي فعلوه ويفعلون…والأغرب أنهم خرجوا اليوم يصفقون للخطأ…للخروج عن النصّ…

بناة البلاد لم يكونوا كما هؤلاء الذين تحدثنا ونتحدّث عنهم اليوم…ولم يسقطوا حيث سقط هؤلاء اليوم…هل تتصورون أننا والبعض منهم ومنكم سنسعد بما يفعلون…وهل سيقلبون الأوضاع بما يأتون…أعلم أن هواة الصراخ الثوري أخطؤوا في حقّهم كثيرا…وأدرك جيدا أنهم ظلموا كثيرا…وهُمّشوا طويلا…وأبعدوا عن مواقع كانوا من بُناتها…لكن هل نواجه الظلم ونكران الجميل بالارتماء في حضن الفوضى و”الشعبوية” والهراء والتخاريف والسياسات العرجاء التي لن تنفع البلاد ولا العباد…

هل نسقط في دائرة الفعل الذي كنّا نرفضه ونأباه ويرفضه كبارنا رفضا لا رجوع عنه…سيقول البعض منهم نحن نقاوم من أجل البقاء والعودة إلى الحكم…سأقول وهل تكون المقاومة بما تأتونه من ارتماء في أحضان من لا يعترف بكم تاريخا ولا بناء…هل يجب أن تكونوا مرّة أخرى حطبا لمعركة لن تكسبوا منها شيئا ولن تكون نتائجها في صالحكم وفي صالح البلاد…

أدرك وأنا على يقين أن الكثير منهم ظلموا ونكّل بهم ممن حكموا بعد 2011…لكن هل من المنطق والعقل أن يسقطوا اليوم في الفخّ الذي نصبوه لهم…أليسوا هم من يعرف مفهوم الدولة قبل الآخرين…أليسوا هم من جرّب الحكم وظروف الحكم وعانى تبعاته وأتعابه ومطبّاته وأطرد منه وعوقب ظلما دون جرم سوى أنه كان يحكم البلاد ويسيّر مؤسسات دولتها…أيسمح لهم تاريخهم بأن يسقطوا حيث سقطوا…هل هم على بيّنة مما يأتونه اليوم…ألم يدركوا أن من يحكمون البلاد اليوم يبحثون عن شريك منقذ…يبحثون عن منفذ يخرجهم من الورطة والمأزق الذي وقعوا فيه…هم سيسعدون بكل من يساندهم ويدعمهم ويتحمّل معهم تبعات الفشل والسقوط القادم…لماذا تفتحون لهم بابًا للنجاة وهم لا يعترفون بتاريخكم ولا بما أنجزتموه…؟؟ السياسة يا جماعة خُدعة…وأنتم خُدعتم مرتين…يوم صدقتم مباشرة بعد يوم الخيبة وأقصد 14 جانفي أنكم أذنبتم وأجرمتم وأنكم جميعا “مطلوبون” للعدالة…فقبلتم وقبل بعضكم “رحمه الله” التضحية بالبعض الآخر حتى لا تطالهم المحاسبة وتزور ديارهم…

تعالوا لنقارن ما فعلتموه وأنتم تحكمون…وما فعلوه وهم يحكمون…أنتم بنيتم رغم بعض الأخطاء التي ارتكبتم…وهم خرّبوا ما بنيتم…وفقّروا وشرّدوا وشتّتوا… ولم ينجحوا في البناء مثلما بنيتم…سيقولون انهم بنوا ديمقراطية وحرية رأي وتعبير…وسأقول ماذا تنفع الديمقراطية والبطون خاوية، والأحقاد تنهش الوطن، والفتنة على الأبواب، فالديمقراطية لا تُبنى على الأحقاد…فهل ما نعيشه اليوم ديمقراطية…وهل انتخاباتكم التي تصفقون لها وقبلتم بأن تكونوا حطبا لها ديمقراطية…؟؟

هُم اليوم يضحكون …يتهامسون…ويقولون ضحكنا عليهم حين خدعناهم بضرب خصمهم اللدود “النهضة”…وأوقعنا بهم حين خدعناهم بالاستشارة فجاؤوها سكارى…واستغفلناهم حين أوهمناهم بالاستفتاء فأعلنوا لنا البيعة الولاء….وخدعناهم بالقانون الانتخابي…واليوم نخدعهم بالانتخابات وسيأتونها جماعات وزرافات…أنتم اليوم الحطب الذي ستحرقون به تاريخكم ومستقبلكم السياسي وستهدمون به كل البناء … وأنتم من سيهدي الشرعية المفقودة لمن يبحثون عنها منذ انقلابهم، أولئك الذين لم يعترفوا بكم وبتاريخكم وبما أنجزتم…أنتم لم تكونوا كما أنتم اليوم فلماذا اليوم فعلتم…لماذا سقطتم…

هُم فرّقوا بينكم…شتتوكم…هُم سيحكمون بالبعض منكم ثم سيرمونكم كما رموا من وجدوهم قبلكم…وسينقلب البعض منكم عليكم وعلى البعض منكم…لأنكم لم تفقهوا قانون لعبة اليوم…السياسة خُدعة…فإن لم تنجح في خداع خصومك ومعارضيك…خدعوك…أتعلمون سادتي ولا عداوة لي مع أحد منكم…ولا منهم…ولا أحقد على احد منكم…ولا على أحد منهم، أن من أوقعوكم في الخطأ وفي فخّ الخطأ يريدون فقط المحافظة على كراسيهم دون محاسبة، والحفاظ على ما استولوا واستحوذوا عليه من بقايا وطن جريح، ينزف منذ أكثر من عقد مرّ عليه، هم انقلبوا على شركائهم وغدا سينقلبون عليكم ليؤسسوا دولة دونكم لا يحكمها غيرهم وغير من أعلن لهم البيعة والولاء…ليس حبا في الوطن…ولا في شعب هذا الوطن بل عشقا للكراسي التي يجلسون عليها…

نعم هذا ما نعيشه ويعيشه الشعب اليوم…ومهما كان ما نعيشه مؤلما ومخزيا لكنه الحقيقة…أنتم أخفقتم في لمّ شتاتكم فلا لوم على الآخرين…أنتم من هرول لمساندة من لا يفقهون مفهوم الدولة بالأمس…واليوم…وقد تعيدونها غدا…فلا يجب أن تلطموا وجوهكم غدا وتندبوا حظّكم العاثر يوم تدركون حقيقة ما أتيتم…أنتم من أعطى وسيعطي الفرصة للناخب ليذبحكم ويذبح الوطن معكم من الوريد إلى الوريد…فوضعنا السياسي اليوم لا يبشّر بخير…علينا أن نعترف أنكم أنتم والبعض منكم من أوصل البلاد اليوم إلى ما هي عليه…أنتم من أعطى رقابكم ورقابنا للبعض ليذبحكم ويذبحنا…فبعضكم انقاد كالأغنام لزريبة الدعايات المغرضة على بعضكم البعض، والتهم الباطلة التي يروّج لها من لا يفقهون ما تعنيه عبارة “مفهوم الدولة”…

أنتم أو لنقل بعضكم من صفق سنة 2011 لقطاع الطرق ليهجموا على من يفقه فعلا مفهوم الدولة، وأغمضتم اعينكم أمام من لا يفقه الدولة ومفهومها…حقدهم كان بالأمس خرابا لما بناه رجال الوطن…وحقدكم اليوم سيكون غدا حافزا لتوجّه العديد من الناخبين إلى صناديق الاقتراع للتصويت دون إدراك لخطورة ومغبّة التصويت الأعمى الذي قد يصل بمن لا يفقهون مفهوم الدولة، إلى التشريع لدولة الغد التي قد لا نعرف لها لونا غير الحقد والتفرقة والفتنة…ولا طعما غير الهراء والتخاريف والوعود الجوفاء…وحقدكم اليوم سيقودكم ويقود البعض الآخر غدا إلى مسلخ سياسي “يُمأمئون” فيه كالنعاج…فكونوا كما تكونون…فنحن اخترنا ألا نكون نعاجا…ولن نكون نعاجا مهما قست علينا عصا الراعي…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version