سرديار

لهب الفضة

نشرت

في

أرثر كونان دويل

“يبدو أنني مجبر على الذهاب هناك يا واطسن… قال لي هولمز هذا الكلام ذات صباح حين كنا نتناول الفطور

ـ تذهب هناك! إلى أين؟

ـ إلى منطقة “دارتمور”… و تحديدا إلى ضيعة “كينغز بايلند”

لم يفاجئني ذلك… بل مبعث الاستغراب كان فقط لأن صديقي لم يهتم إلى حد الآن بهذه القضية الفريدة التي كانت حديث المجالس في أنكلترا كلها…. و طوال كامل اليوم، بقي هولمز يمشي و يجيء في غرفة الجلوس مقطب الحاجبين مطأطأ الرأس لا يكف عن تدخين غليونه بينما كانت أذنه صمّاء عن أي سؤال أو ملاحظة بدرت مني … جاءتنا جرائد الصباح ثم المساء، و كان الرجل يكتفي بقراءة مسرعة ثم يرمي بها في ركن من الغرفة … و لكن صمته الطويل لم يمنعني من التكهن بموضوع تأملاته … مشكلة واحدة كانت قادرة في ذلك الوقت أن تتحدى قدرته الخارقة على التحليل، و هي: كيف اختفى المرشح الأول لجائزة “ويسكس” و قُتل مدرّبه في ظروف شديدة الغموض؟… لهذا، و عندما أعلمني باعتزامه الذهاب إلى مكان الواقعة، كان الخبر منتظرا و مرجوّا في آن واحد.

“إذا لم يضايقك ذلك، أكون سعيدا لو رافقتك

ـ أبدا يا عزيزي واطسن … بالعكس، فهذه القضية تحتوي على تفاصيل قد تجعلها على غاية الإثارة… و علينا بالإسراع للحاق بالقطار في محطة “بادينغتون” و سنطلع أكثر على الملف أثناء الرحلة … و كم أكون ممنونا لو حملت معك منظارك المقرّب”

و هكذا و بعد ساعة فقط من هذه المحادثة القصيرة، وجدت نفسي في أحد مقاعد الدرجة الأولى في القطار القاصد “أكسيتر”، في حين كان شيرلوك هولمز و تحت قبعته التي تغطي كامل رأسه حتى الأذنين، منغمسا في كومة الجرائد التي اقتناها من المحطة … و بعد مسافة طويلة و وقت أطول، انتهى صاحبي من قراءة آخر نسخة و نحاها جانبا ثم التفت إليّ و منحني سيجارا.

“نحن سائرون بشكل جيد ! قال ذلك و هو ينقل عينيه بين نافذة العربة و ساعته … قطارنا يجري بسرعة 82 كم في الساعة

ـ عجبا، لم أشاهد علامات كيلومترية على جانبي السكة

ـ و لا أنا … و لكن أعمدة الهاتف على طول الطريق كانت موضوعة بمسافة ستين مترا بين العمود و العمود، و الحساب سهل … و الآن أفترض أنك اهتممت بقضية مقتل جون سترايكر، و باختفاء الجواد “لهب الفضة”؟

ـ لقد قرأت ما قالوه عنهما في “التلغراف” و “كرونيكل”.

ـ إنها من فئة المشكلات التي يتوجب على فن المنطق أن يفحص تفاصيلها بدقة … ليست المأساة من النوع العادي، فهي تمس أطرافا كثيرين مما يفتح الباب على احتمالات لا تحصى … و تكمن الصعوبة في فصل الوقائع الأساسية عن بعض المظاهر البراقة التي ركّز عليها المحللون و الصحفيون … و في صورة إمساكنا بالخيط الرئيسي للموضوع، ستكون مهمتنا في تحديد الاستنتاجات الصحيحة، و كشف المحاور التي يدور حولها هذا اللغز … و قد وصلتني مساء الثلاثاء برقيتان: الأولى من الكولونيل “روس” صاحب الجواد المفقود، و الثانية من المفتش “غريغوري” الذي يتابع القضية … و كلاهما يدعوني للمساعدة في هذا التحقيق …

ـ يتبع ـ

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version