شعريار

لوعة الغريب البغدادي … ليلة دخول المغول

نشرت

في

الطاهر الهمامي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1

ما الذي جدًّ في آخر الليل … ؟
هذي المتاريسُ … هذي الخنادقُ
هذي البنادقُ، هذي البيارقُ
أين ‘طِوَالُ النّجادِ’ سِرَاعُ الجيادِ
وقبضاتهم في السّماء
وأرواحهُم فوق رَاحَاتِهم ؟

2

ما الذي جدَّ … ؟
هذي المَرَابِطُ … أين المُرابطُ ؟
هذي الأعِنّةُ ، هذي القَنَا
أين منصورُها ؟
أين هارونُهَا ؟
أين مأمونُها ؟
أين ‘مُعتصمَاه’ ؟

3

ما الذي جدّ في آخر الليل …
يا ‘ أمَّ قَصر’
ويا بَصرتاه
ما الذي جدّ في غَبَشِ الفَجر
لم نَرَ إلاَّ عُلُوجًا
على ظهر دبابتين إلى قلب بغدادَ، لا حَسنُُُ ُ رَدَّهُم لا حُسَين
ولا انهارَ جسر
ولا اشتعل الماءُ في الرافدين
ولا ارتجّت الأرض
أو قِيل : كَيفَ وأين ؟

4

ما الذي جدَّ … ؟
كانت أصابعُ فوق الزّناد
وكانت قِلاَع
وأفئدةُ ُ شدَّ أنبَاضَهَا الالتياع
وكانت سَكاكينُ تُشحَذُ في كُلّ بيت
وبالنّابِ والظّفر
بغداد كانت تُعِدُّ
لِرَدع السِّباع

5

ما الذي جدّ … حَجَّاجَها ؟
هل أراك نسيتَ عليّ
وَيد ‘ الأباتشي’ ؟
عليّ الذي
لم يَصِد يومَهَا أرنباً أو حَجَل
صادَ طيّارةً للغزاةِ بجم الجَبَل
ما الذي جدّ يا أيّها البابليّ
جَرعةً إن هذا الكَمَد
ينجلي
جرعةً إنّ هذا الكَبَد
يصطلي

6

ما الذي جدّ … حَجَّاجَها ؟
إن تَكُن خُدعةُ ُ، كيف مرّ الخداع ؟
وهل في حمى الرافدين ضِباع ؟
أو يكن خائنُ ُ
كيف أمكن للأفعُوان ؟
أو تكن غَدرَةُ ُ
كيف أمكن للغدر ؟
كيف اعتلى وانطلى ؟
كيف باض
وأمكنه الطيران ؟
وهل في الورى
من يخونُ الثّرى ؟
وهل في العَرَب
من يبيع التراب
ولو بالذهب ؟
وهل في العراق العريق
من يهون عليه الفُرَات
ولو بالعقيق ؟

7

رأينَا … ولم نَرَ كالأمركان
وكنّا نُفتش فيهم عسى نلتقي رَجُلا لا ‘حِصان’
رأينَا … ولم نَرَ
كالإنكليز
وكنّا نُفتش فيهم عسى نلتقي بشرا لا معيز
تَرَاقَصُ للحرب،ترفع أذنابها
للأزيز
وتَنزُو على منظر الدّم
والوالغين

8

عَلاَمَ أَتَونَا
وألقوا بترسانةِ الموتِ حيثُ عَلَونَا
وحيث غَلوْنَا
عَلاَمَ أَتَوا … يا شذى نفطنا
يا لَعِين

9

علام أتوا
من دعاهُم لكي يخلعوا، يَعزِلُوا
من رجاهم : ألا قنبِلُوا قَتّلُوا
لِيَكُن رَبُُّنا قاتلا
ما الذي أقلق القاتلين ؟
أو يكن دمنا سائلاً
دمُنا لا يُبَاع
ومتى كانَ عِزّ يُعَادُ على نفقة الغاصبين ؟
ومتى كان حُرّ يعود على ظهر دبّابة المعتدين ؟
ومتى كان عبد يُحرَّر بالرّدم
يا عالمين ؟

10

مِن ثقوب العروبة جاؤوا
وبعضُ الأعاريب أهداهم الوردَ
والقائمات
و’حُمرَ الحُلَى والمطايا’
أجَل ! مِن جُيوبِ العروبة مالُوا …
وفي ظلّ يعرُب قَالُوا
أجَل ! مِن ثغور العروبة … مَن للثغور !
أيا سيف دولتنا
من ثقُوب العروبة جاؤوا
وأولاد عنترَ هُمِ من أوَاهم
وهُم من وقاهم
وأقطعهم أرض عبسٍ …
سقف بيت أبي جعفر من قَصَب
ركن بيت الخليفة قشّ

11

عَدَونا على عدوة النهر
‘ بين الرصافة والجسر’
كانت ‘عيون المها’ هاهنا
وهي في الجبهة الآن
تسقِي المغول
وقفنا على بيت حكمتنا وعلى بيت حكمتنا عَدَتِ العاديات
رمته إلى النار والنهر
مدّت جسوراً بأسفاره لعُبور الخُيول
وقفنا على العامرية
تلوْنا على مسمع الدهر : تبّت يدَا ‘المدينة’
ما ا أطيب العيش
عيش الفلاة
وبين وحوش البرية
أيا بيت حكمتنا !
ووقفنا على النار تأكل’ذكرى حبيب’
و’معجز أَحمَد’
وتلهو بساعة هارون، تعدو على
وتَر الموصلي
ونادت نوادب ‘دار السلام’
بكى صاحبي … حين لم يلقَ صوتاً
وأيقن أن يداً وحدَها لا تُصَفّي
وأنّ فماً مُلجَماً لا يجيب
بكينا على وطنٍ عربي
كان أمّي
ولكن
أبيّ

12

قُل لتُبّعها الباطشين
تدور عليكم
رويداً … رويداً
ألاَ قل لتُبّعها الطائشين
تمادَوا … تمادوا
فأمّ السّباع
تدور على ذيلها
وعلى العالمين

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version