جور نار

ماذا وراء الحملة المغربية على تونس؟

هل ان استقبال مسؤول البوليزاريو فقط كان السبب … ام هو توجس المغرب من افتكاك تونس لمكانتها الاقتصادية بافريقيا؟؟

نشرت

في

اليابان تمنح تونس 100 مليون دولار للمساعدة في تخفيف آثار جائحة كورونا |  نيوز بلوس

بعدما عاشته بلادنا من انتفاضة 2011 المتبوعة بصعود تيار سياسي ترعرع الإرهاب و الانفلات في عهده، سعت المغرب الى استغلال ذلك الظرف أبشع استغلال بتحويل وجهة الاقتصاد التونسي سواء كان ذلك في شكل أسواق أو سيّاح أو مستثمرين مقيمين بتونس أو ينوون العمل بها.

<strong>محمد الزمزاري<strong>

و قد حدث ذلك في وقت كان الشعب التونسي ينتظر دعم أشقائه (أو من كان يظنهم كذلك) المغاربيين و العرب … و من فرط تسامحه الذي لا يعادله تسامح، أبدى شعبنا و خاصة حكوماته المتعاقبة، تفهّما لما فعله المغاربة و هناك من حكّامنا حتى من سهّل للمملكة عملياتها سواء بشكل مباشر أو بمزيد تعفين وضعنا الأمني و السياسي، حتى لا تبقى في تونس أية أرضية صالحة للاستثمار أو للتصدير أو للسياحة … لم يحصل احتجاج رسمي، و لا استدعاء سفراء، و لا إنذار بقطع علاقات … رغم أن الصنيع المغربي المتكرر وقتها، لا يمكن أن يوصف إلا بكونه حربا اقتصادية و قطعا ممنهجا للأرزاق …

و لكن ما لم تفعله تونس وهي على حق، تفعله المملكة المغربية و هي على باطل … فتحت ذريعة حضور ممثل عن جبهة البوليزاريو (التي لا يعترف بها المغرب و لكن تعترف بها منظمة الاتحاد الإفريقي) في القمة الإفريقية اليابانية المنعقدة بتونس … بهذه التعلّة، سارع النظام المغربي إلى إلغاء مشاركته في القمّة، ثم استدعى سفيره لدى بلادنا، مع بيان مستفزّ اللهجة و مغالطات سيئة الإخراج …

مع التذكير بأنه سبق لجبهة البوليزاريو أن حضرت في قمة تيكاد 6 بكينيا، و قمة تيكاد 7 باليابان، و مع ذلك لم تتحلف المغرب عن الحضور جنبا إلى جنب مع خصومها الصحراويين، و لم تسحب سفيريها من نيروبي و لا من طوكيو !

و من المؤسف أن المغاربة و بعض التونسيين الموالين لهم عن غباء أو وطنية مهزوزة، يروّجون لحكاية “اصطفاف” تونسي محتمل وراء جارتنا الجزائر في نزاعها الأزلي مع المغاربة في موضوع الصحراء أو غيره … وبقدر سخافة هذه الكذبة، فإنها تنطوي على جهل تام سواء بحقيقة علاقتنا مع الأجوار الجزائريين أو موقفنا الدائم من نزاع الصحراء الذي لا يهمّ و لو تونسيا واحدا على اثني عشر مليونا …

صحيح علاقتنا بالجزائر أفضل بكثير من علاقتنا مع المغرب، ولكن هذا يعود بالأساس إلى عدوانية الطرف المغربي تجاهنا مقابل الاحترام الشديد و المتبادل الذي يسود علاقتنا بالجزائر … كما أن هؤلاء (أي الجزائريين) أثبتوا في أكثر من مناسبة روح تضامن و تكامل مع الشعب التونسي، تماما كما فعلت تونس معهم في عديد المحطات التاريخية القريبة منها و البعيدة، و التي لم تجد منهم (أو من أغلبهم على الأقل) نكرانا و عقوقا في حق شقيقتهم الكبرى تاريخيا … فهل بعد هذا ما زال هناك من يخرّف بأن تونس تتلقى تعليماتها من الجزائر أو تصطفّ وراءها وهي بإرثها الحضاري الذي يجعلها ترفض تدخل دول عظمى في شؤونها فما بالك بأجوار و أشقاء و أصدقاء يعرفون جيدا حساسية التونسي من كل ما يمس بسيادة بلاده؟

إذن لا الجزائر، و لا الصحراء الغربية، ولا حضور البوليزاريو يقف وراء حملة النظام المغربي على تونس … هذا كله زبد يذهب جُفاء … بل الأقرب إلى الواقع، أن نظام المملكة استشعر خطر عودة تونس إلى مجالها القاري و الدولي، و انتهاء “شهر عسل” الإرهاب الذي لطالما امتصّوا خلاله عرق بلادنا بعد تضخيم تلك الأحداث و الترويج لها في الخارج لتشويه سمعة تونس … و أحسّ بنهاية استفادته من “ريع” أزماتنا و بأن تونس سترجع أسواقها و سيّاحها و مستثمريها …

على كل … تونس لم تبق مكتوفة اليدين أمام هذا التصرف الأرعن، واستدعت بدورها سفيرنا بالرباط، في إطار معاملة بالمثل قد تصل إلى قطع تام للعلاقات و ما المشكلة؟ فقد تكون لنا فرصة وقتها لمزيد فتح الأعين، ومواجهة هذا النزيف الخطر الذي ينخر اقتصادنا منذ إحدى عشرة سنة

تعليق واحد

صن نار

Exit mobile version