وهْجُ نار
ما لا يجرؤ أحد على قوله: سيّدي الرئيس … أوصيك بالابتعاد عن “أهل البيعة والولاء ولعق الحذاء”
نشرت
قبل 3 سنواتفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashسيدي الرئيس، نعم نحن في حالة تيه… نحن في حالة تيه عظيم وأعظم، فلا ترْمِ بفشلك وفشل حكومتك على “الكورونا” فكورونا مسّت كل العالم، وما يحدث في أوكرانيا وتأثيراته ستمسّ أيضا كل العالم…نحن في حالة تيه وضياع رغم أنك قلت وأعدت إننا لسنا كذلك… ونعم لدينا عديد الوجوه وأكثر من وجهين رغم أنك تصرّ على أننا بوجه واحد … وجه يؤلمنا وآخر يذبحنا من الوريد إلى الوريد وآخر يقتلنا وآخر يمهلنا قبل أن يدمّرنا…أي نعم سيدي الرئيس، قلت وأعدت عديد المرّات إنك ديمقراطي وضامن للحريات وأولها حرية الرأي والإعلام، فهلاّ قبلت بما أقول في مقالي هذا، هلا أثبتّ أنك فعلا تقبل من يقول لك أخطأت… وخرجت عن النص…ولم تأت شيئا في صالح هذا الشعب...
هلاّ قبلت سيّدي برأي يخالفك القول…هلاّ قرأت واستمعت لقول مواطن صالح يدفع ضرائبه كاملة دون نقصان…مواطن صالح، خدم البلاد كما لم يخدمها أحد وبعض من حكموا البلاد يعرفون ذلك… مواطن خدم البلاد ولم يطلب ثناء ولا جزاء ولا شكورا…مواطن خدم ويخدم بلاده بشهادة كل من يعرفه وعرفه، وشهادة من نكروا جميله أيضا…مواطن لا يملك شهادة ملكية لأي عقار أو مؤسسة أو سيارة او حتى حمار وبردعة… مواطن لا أثر للفساد في حياته وفي ما يملكه…فلا أحد من أبنائه يعمل بمؤسسات الدولة بوساطة منه أو من احد الوزراء من أصدقائه رغم أنه كان قادرا على ذلك وأكثر…ولا شيء يملكه بلغة الممتلكات غير ثيابه التي يلبسها، ولا يملك شهادة ملكية مسجلة في دفتر خانة لسرواله او قميصه، أو حذائه الذي يئن من أوجاع ما يقطعه كل يوم مشيا على الاقدام…هلاّ امتنعت عن الكلام وأنت تقرأ ما وجب أن تقرأه منذ يوم جلوسك على كرسي قرطاج…
هلاّ قرأت ما أخفوه عنك من هم حولك من كلام كان عليك أن تسمعه منذ يوم حكمك الأول، لتعلم حقيقة ما يجري في البلاد وما يجب فعله للبلاد والعباد…هلاّ قرأت نصّا يخالف الدروس التي تُلقيها يوميا على ساكنة القصبة دون أن تخرج عن صمتها لتخالفك الرأي والقول، وتقول لك إن البلاد… وأنت… والشعب… وحكومتك… وكل مؤسسات الدولة في حالة تيه وضياع، وأننا جميعا فقدنا البوصلة…فإن قرأت قولي هذا دون أن تمسك سماعة هاتفك وتأمر بوضعي وراء القضبان، أو تأمر بمن يصفقون لك بــ”هرسلتي” وتشويهي ومضايقتي وذبحي معنويا من الوريد إلى الوريد، كما يأتونه مع كل خصومك ومع من تريد قطع الطريق أمامهم لتجد نفسك وحيدا في السباق القادم نحو الكرسي التي تجلس عليه الآن…إن لم تأمرهم بتخويني ونعتي بالعمالة وأنا المتعوّد على ذلك وأكثر (عزوزة ما يهمها قرص)… وإن لم تأمر لسانك في خطبك اليومية بأن يخوّنني أيضا فإني سأشهد للتاريخ ولأولادي ولأحفادي إن سمحت لي قدرتك وسطوتك في البقاء حيّا لأقول لهم وأعترف، بأن رئيسنا ديمقراطي كأرسطو يقبل بالاختلاف وبالرأي المخالف…وديمقراطي كأبراهام لينكولن لا يقطع الطريق أمام خصومه…وديمقراطي كإدموند بيرك لا يريد الانتقام من الماضي… وديمقراطي كنيلسون مانديلا لا يريد كما يشاع إبادة المشهد السياسي وينتقم لنفسه، ليبقى لوحده الآمر الناهي وملك ملوك افريقية…
سيدي جماعتك يريدونك صنما بما يفعلونه لك ومعك وما يروّجونه عنك… فهل حقّا تريد أن تكون صنما يعبده الشعب ويسجد له؟ فهل ينفع الصنم الأحياء وهو المصنوع من صلصال ومن طين قد يحطّمه رذاذ مطر خفيف بعد كل هذا الجفاف الذي نعيشه منذ توليك أمرنا وأمر البلاد؟ أتدري أنهم خدعوك واصرّوا وتعنّتوا وأوهموك بأن مخزونك من الدعم الشعبي هم كل من وضعوا اسمك في صندوق الاقتراع…ألم يقولوا أن استشارتك ستحطّم كل الأرقام القياسية في الولوج إليها …أتدري أن من ولجوا منصّة استشارتك الوثنية…عفوا الوطنية، هم رصيدك الانتخابي الحقيقي في قادم المحطّات وقد يصبح عددهم أقلّ بكثير من عدد من ولجوا … فلو كان الملايين الذين انتخبوك هم من يريدونك للبقاء في الحكم، وهم من يقبلون بكل ما ستفعله بالبلاد والعباد، لأسرعوا ولروّضوا كل الظروف المناخية والفنية والمادية والاجتماعية والسياسية، ولتطاولوا على كل الموانع حتى يلجوا منصتك الانتخابية عفوا الاستشارية ليفرضوك ملكا على البلاد والعباد، ألم أقل إنهم يخدعونك ويكذبون …
سيّدي جماعتك يريدونك إلها … فهل تقبل بأن تصبح إلها دون أن تكون غفورا رحيما… ألا تعلم سيّدي ان الله غفور رحيم فكيف لا تكون أنت مثله وانت عبد من عباده؟
سيّدي جميعنا يعلم أنك تعيش حالة حادّة من التشنّج والتوتّر منذ أن عرفت حقيقة حجم الولوج الحقيقي لاستشارتك… ألم يوهموك بأن موانع فنّية وأن مؤامرات تحاك حول استشارتك ونسوا الاعتراف بأنك لم تأت شيئا صالحا للبلاد وللعباد يجعلهم يهرولون نحو منصتك ويلجونها دون تردّد ليقولون لك بعد تلاوة ما جادت به ” أنت مولانا وتاج راسنا وسلطان البلاد والعباد”…لكنهم لم ولن يفعلوا…أعرفت الآن أنهم يخدعونك لغاية في نفوسهم؟ فهل أعلموك حقيقة غاياتهم ونواياهم؟
سيّدي، الكتابة اليك بهذه الطريقة، في أي وقت آخر، كان يمكن ان تكون موضعا لسوء الفهم. ولكن بما أني قدّمت نفسي وما أملكه وما أريده، ولأني وضعت واجب التحفّظ جانبا بإرادتي وباختياري، فما من أحد يستطيع اتهامي بالسعي للحصول على “خطّة وظيفية” ولا على “خطّة معتمد” في أحد الأرياف المخدوعة… أو واليا على احدى الولايات المنهوبة…أو حتى مستشارا في أحد دواوين وزراء حكومتك “العرجاء”…فأنا هكذا مذ ولدت لا ابحث عن الجاه والسلطة والنفوذ …بل أبحث عن رضاء الناس…كل الناس…
سيّدي أتعلم انهم اوقعوك في شراكهم، وعوّدوك بخطاب التمجيد والهتاف، وبتلميع صورتك حتى أصبحت مدمنا على الثناء والمدائح…ولا غرابة أن يغرقوك في قادم الايام بالثناء وتنهال عليك المدائح وقصائد الشعر والاهازيج والاغاني، ولا غرابة أن تشكل طلعتك لوحدها مناسبة للبهجة والاحتفال عند أتباعك الذين لم يكونوا يحلمون يوما بالحصول على ما حصلوا عليه منك ومعك…شخصيا كنت ومنذ خطابك الأول معارضا لك ولطريقتك في الحكم، رغم أنى كنت من ناخبيك الذين خُدعوا بخطابك المتسامح والذي انقلب إلى خطاب حاقد…هم أوقعوك في ألاعيبهم إلى درجة أنهم أصبحوا يسجلون كل أخطائهم باسمك …
سيّدي أتعلم انهم يتباهون بخطابك اليومي “الفايسبوكي” فهم يستمعون إليك عبر هواتفهم قبل أن يشاهدوك في نشرة اخبار الثامنة التي أعلن لك أصحابها البيعة والولاء…أتدري أنك بما تقوله في ديباجة جلساتك سواء كانت في مجلس الوزراء أو مع ساكنة القصبة التي أكاد أجزم انها تعبت من السعي بين الصفاء والمروة عفوا بين القصبة وقرطاج، أو حتى عبر الدرس اليومي الذي تلزم وزراء حكومتك بالاستماع إليه، والانتباه لما جاء فيه دون أن يحركوا رمشا أو طرفا…أقول أتدري أنك توقع نفسك في معارك لا موجب لها؟ وأنك تستعدي أغلبية من في هذه البلاد فقط بما تقول دون موجب، ولا سبب يجبرك على ما تقول…أتدري أنك تضع نفسك موضع المعتدي والحال أنك وُجدت هناك لتعدل بين الناس ولا تظلم أحدا… فهل باتهام البعض من الشعب ستنال رضى البقية؟ وهل بتبريرات لا موجب لها سيرضى عنك من يعارضونك؟ وهل بتعلات واهية ستقنع الشعب بالصبر والاطمئنان على مستقبل أبنائه؟
بعد سنتين كاملتين من الحكم نصفها وأنت تعرقل عمل الحكومات التي سبقت حكومتك (رغم أني كنت أيضا معارضا شرسا لجميعها) وأكثر من ربعها وأنت الآمر الناهي سلطان البلاد وحاكم العباد ماذا قدّمت لهذا الشعب وهذه البلاد؟ لا شيء سيدي الرئيس… لا شيء ومن يهمس في أذنك أنك قدّمت الكثير يكذب عليك ويخدعك ولا يريد بك ولا بالبلاد خيرا… أتعتبر إبعاد النهضة عن الحكم إنجازا؟ لا … أتعتبر إبعاد القروي ومن معه إنجازا؟ لا… وألف لا… كنت أتمنى أن تكون الموحّد الذي يدور حوله الجميع…كنت أنتظر أن تعلن عن مصالحة سياسية واجتماعية واقتصادية شاملة لا تقصي أحدا حتى نبدأ مرحلة بناء جديدة دون أحقاد…كنت أنتظر أن تكتفي بما قررته يوم عيد الجمهورية… أقول كنت أنتظر وكنت أتمنى لكن خاب ظنّي…ستقول سيدي، ألم تكن أنت أيضا معارضا للنهضة؟ سأقول نعم وكنت من أشرس من عارضوها وإن عادت على نفس الشاكلة سأعارضها بأكثر شراسة…لكن أتدري لماذا عارضتها بتلك الشراسة؟ عارضتها لأنها بدأت مرحلة حكمها كما بدأت أنت، بدأتها بلغة التهديد والوعيد والتعالي وكأنهم من الملائكة وبقية الشعب من الشياطين فسجنت وسحلت وجوّعت وفقّرت واتهمت باطلا وظلما … هي جاءت للانتقام والثأر…وأنت سلكت نفس الطريق يوم تأكدت أنك ستفشل في إصلاح حال البلاد والعباد…
اليوم انت ترمي بكل تبريرات فشلك على من سبقوك في الحكم… أتتصور أن الشعب لا يعلم بأن النهضة ومن معها ولا استثني أحدا، افسدوا في البلاد ولم يحاولوا إصلاح شأن واحد من شؤونها… هكذا وقعوا هم في الخطأ القاتل وهكذا اتبعت أنت اليوم طريقهم وأعلنت عن أم معاركك “الانتقام والثأر من كل خصومك وقطع الطريق أمامهم حتى لا يعودوا للحكم ” ليس بغية إصلاح البلاد وحال العباد، بل لتنجح في البقاء جالسا على كرسي قرطاج طمعا في أن تفعل شيئا تسجّل به اسمك في تاريخ البلاد … فجميعكم واقصد من جلسوا على كرسي بورقيبة كانت ولا تزال عقدتهم “الزعيم” فهل بما تأتيه اليوم ستسجل اسمك زعيما في تاريخ البلاد كبورقيبة العظيم، أو حتى كبن علي الوطني؟؟؟ لا أظنّ وأكاد أجزم، لكن يبقى أملي كبير في أن تغيّر منهجك وتبدأ مرحلة بناء جديدة لا أحقاد فيها…تجمع فيها كل من يريدون خيرا بالبلاد…
سيّدي الرئيس… أكاد أجزم أنهم يريدون القضاء عليك سياسيا ومحو اسمك من تاريخ البلاد بما يأتونه معك وما يخدعونك به… فحين يصمتون ويغلقون أفواههم ويشجعونك على الخطأ فإنهم يوقعون بك ويحوّلون وجهتك إلى حيث هم يريدون… هم يريدونك فاشلا ليبرروا كل ما ينوون فعله ويضعون على كاهلك كل مصائب البلاد … أتدري يا صاحب الجلالة، عفوا سيدي الرئيس أن لا بيت في هذه البلاد خال من الوجع والألم والمأساة… فالبطالة مأساة… والخصاصة مأساة… والحرمان مأساة… والمرض مأساة… وعدم توفر الدواء مأساة…والظلم مأساة…والعنوسة مأساة…والجهل مأساة… فهل حاولت أن تنزع عن الشعب كل هذه المآسي؟
سيّدي الرئيس هل فكّرت يوما في إعادة الاستماع إلى كل خطبك ودروسك أمام أعضاء حكومتك؟ لا أظنّ أنك ستفعل…أتدري لماذا لأنك لم تقل يوما خيرا في هذا الشعب… اتهمت بعضه بالفساد… ووضعت بعضه في الإقامة الجبرية بتهم لم يقع اثباتها إلى يومنا هذا… واتهمت البعض بالتآمر عليك ولم تعط يوما دليلا واحدا… واتهمت بعضنا بالعمالة ونحن الذي أفنينا أجمل سنوات عمرنا في خدمة هذه الأرض… ونعتّ بعضنا بالخيانة وأنت تدرك أن أمثالنا لا يمكن أن يخونوا الوطن…أنا يا سيّدي الرئيس على تمام الإدراك أنك رجل خيّر… وانك لا تريد سوءا بالبلاد ولا بالعباد…لذلك أنصحك بالاستماع فقط إلى ما يقوله لك ضميرك …حاول أن تكون زعيم المصالحة الشاملة وإن رفضها البعض… فالمصالحة لن تُرْضِي من يقتات على الفرقة والانقسام…حاول التوفيق بين الاضداد وكن الحكيم الذي يجتمع حوله الشعب ولا تكن “المستبدّ” الذي ينفضّ من حوله الناس…
أتدري سيدي، أن الشعب سئم العراك والانقسام والاحقاد… أتدري ان هذا الشعب لم يهنأ باله منذ أكثر من احدى عشرة سنة؟ أستزيد انت من أوجاعه؟ بما تأتيه وتفعله ويحملك إليه قول من هم حولك؟ لن ينفع الشعب صراخك في خطبك ولا تأويلك الخاطئ للأحداث، ولا غضبك على خصومك ولا شتمك لهم، ولا اتهامك لهم ولا ضربك طاولتك بقبضة يدك… سيسعد بعض أتباعك حين يستمعون إليك، لكنهم سيعودون إلى منازلهم يجرّون أذيال الخيبة والوجع وستسألهم زوجاتهم عما فعلوه من أجل العائلة ومن أجل أبنائهم وسيجيبون “ألم تستمعي لخطاب الرئيس، إنه فعل بخصومه ما لم يفعله مالك وما لم يقله عن الخمرة” وسيفاخرون بقولك فهم سكارى وما هم بسكارى…لن نأكل خبزا بصراخك وبخطابك المتشنّج… ولن نقضي على الفساد باتهامات واهية وبكشف أسماء بعضهم دون أدلة… ولن نصلح حال التعليم بخطاب في مجلس وزاري …ولن نُشفي مرضانا بشتمك لخصومك… ولن نجلب قمحا للبلاد برفضك لما دأبت عليه البلاد من سياسة خارجية… ولن نقضي على الاحتكار بالتهديد والوعيد… ولن تنجح الاستشارة بضرب الخصوم والشعب واتهام الجميع بما ليس فيهم…ولن نُصلح أوضاعنا الصحيّة بشعارات جوفاء واتهام من حكموا قبلنا… اليوم أنت سيدي، تحكم فماذا فعلت؟؟ لا تقل لي إنهم منعوك من الإصلاح، كيف يمنعونك وأنت الحاكم بأمره؟
أتظنّ سيدي ان وجع الرأس سيذهب بمجرّد سجن البحيري أو غيره من خصومك… أتظن سيدي ان امرأة فقيرة من شعبك المخدوع سيتُشفى من سرطان الثدي دون دواء بمجرّد أن ترمي بالغنوشي أو عبّو في سجن انفرادي؟ أتظنّ أن صندوق النقد الدولي سيكون رحيما بنا أكثر من بعضنا بالبعض؟ لا وألف لا؟ أتظنّ ان دول الخليج ستُهديك مليارات من الدولارات لسواد عينيك او عيون وزير خارجيتك، فقط لأنك أخرجت النهضة وائتلاف الكرامة من الحكم؟ لا سيّدي هم فقط يريدونك من اتباعهم تفعل ما يريدونه متى يريدونه؟
ما لم يكن شعبك معك من شماله إلى جنوبه بكل فئاته ومكوناته السياسية، لن تنجح في إصلاح ثقب في عجلة جرار، وأرجوك سيدي لا تقل لي إن الشعب معك كما أوهموك… فالشعب ليس معك ولن يكون معك ما لم تكن أنت مع الشعب وأنت اليوم لست معه…وإن خدعوك بغير ذلك…
أتدرى سيّدي، وانا على بيّنة من أنك لا تدري ان البلاد اليوم على صفيح ساخن، فما كنّا نستغربه عند بعض أجوارنا أصبحنا نعيشه… فلا أحد منّا اليوم يجد رغيفا بالسهولة التي تتصورها، ولا أحد منّا ينجح في الفوز بلتر واحد من زيتكم وأقصد طبعا ما يسمونه “زيت الحاكم”، ألست انت الحاكم بأمره فاين ذهب زيتك سيّدي؟؟ ما نعيشه اليوم مخجل ومسيء للبلد، فقبل سنوات وقبل حكمك سيّدي كان قطاعنا الموازي وقنوات التهريب تصدّر من المواد الغذائية ما يكفي هذا الشعب لسنة كاملة. ألم نتحمّل تبعات مليون لاجئ ليبي إضافة إلى التهريب اليومي لموادنا الغذائية المدعّمة ولم نشعر بأوجاع في الرأس، اين ذهب كل ذلك الإنتاج؟ هل أغلقت كل مصانعنا؟ هل جفّت منابعنا؟؟
أتدري يا من تسكن قرطاج وتجلس على كرسي العظيم بورقيبة رغم زلاته، أن في تونس اليوم الكل يكيد للكل…والكل يتربّص بالكل…أتدري أنك لا تملك ولن تجد حلاّ لكل هذا دون أن تكون لك الجرأة في إعلان مصالحة شاملة، وأعي ما أقول شاملة باستثناء من أجرموا جرما حقيقيا لا ريب فيه… فالصلح الجزائي الذي أعلنته لن يفيد البلاد في شيء ما لم يكن مصحوبا بمصالحة سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة لا تستثني بيتا واحدا … ففي البيوت اوجاع ومآس والم وبكاء تنفطر لسماعه القلوب ولا أحد منّا يعلم بما يعانيه أغلب هذا الشعب…
عليك بمصالحة تعيد عقارب ساعة البلاد إلى الصفر لننطلق من جديد في بناء تحديثي على قاعدة صلبة خال من البناء الفوضوي الذي سلكت طريقه، وحوّلوا وجهتك إليه منذ جلوسك على كرسي بورقيبة العظيم… لقد أورثوك تركة تشبه إلى حدّ كبير حافلة معطوبة المحرّك والطريق امامك وعرة…ومطباتها بعدد شعرات الرأس ولا اقصد طبعا رأس “جعفر القاسمي” او “تيلي سافالاس” ذلك الذي نعرفه باسم “كوجاك”، لكنك مطالب بتجاوزها عبر طريق جبلية تصعد بك عاليا دون مكابح…ولا أظنّك ستكون قادرا بمن هم حولك اليوم، ومن ينصحونك اليوم على تجاوز كل هذه المصاعب والمتاعب…والخطأ الكبير الذي أوقعوك فيه من هم حولك هو انك صرحت عديد المرّات، انك على بيّنة بالمطبات التي ستعترض طريقك، ورغم ذلك تعنّتّ وقررت ان تجتازها بمفردك دون نصيحة خالية من المكائد والمؤامرات والدسائس…فاليوم لن يلام التاريخ ولا من حكموا قبلك إن واصلت على هذا النهج بل سيتهمونك انت بإعطاب الحافلة لأنك كشفت عن اوجاعها في اغلب خطبك ولم تحرّك ساكنا لإصلاحها بل اكتفيت بالتشخيص الذي حوّل وجهتك إليه بعضهم لغاية في نفس يعقوب واسحاق وبنيامين والبقيّة…فالمشكلة ستصبح في من يقود الحافلة وأنت وحدك من يقودها اليوم…أعرفت الآن لماذا لم يزر منصتك الاستشارية أكثر ممن انتخبوا ائتلاف الكرامة؟
أتدري سيّدي، أنك ودون ان تدري ربما، أوقعت نفسك في ورطة استعداء الجميع حتى من كان معك ليلة الخامس والعشرين من جويلية الماضي، واستفاق على انقلابك على شركائك في الحكم…أتدري سيّدي أنك في الدقائق الأخيرة من مباراة فاصلة لا وقت إضافي فيها ولا لجوء إلى ضربات جزاء فكل وقت إضافي او لجوء إلى ضربات جزاء سيؤكّد انقلابك على من كنت تحكم معهم وتعرقل مساراتهم… فالحكم سيصفّر نهاية اللقاء وأنت لم تحقّق وعدا واحدا من وعودك لناخبيك! فبرنامجك الانتخابي لم يكن يشمل كل النقاط التي تفاخر بها أنت وبعض من انضموا إليك يؤلّهونك ويحملونك على الاعناق لأنك فقط نجحت في إشعال النار في منزل خصومهم … هم يريدون مشهدا سياسيا دون خصمهم الظاهر(النهضة) وخصمهم الخفي الذي تحاربه عن بعد (الدستوري الحر) فجميعهم لن ينجحوا في التخلّص منهما عبر الصندوق…
أتدري أنك خدمت خصومك وخصومهم خدمة سيشكرونك عليها إن عاجلا أو آجلا…أتدري سيّدي ان من قربتهم إليك هم اليوم بصدد إفراغ مؤسسات الدولة ممن نجوا من تسونامي 2011 وغربال الترويكا، ولن يبقى بمؤسسات الدولة إلا من كان لاعقا لحذاء من جرفتهم مياه تسونامي 14 جانفي وما بعد ذلك التاريخ…أو من أعلن لك البيعة والولاء …
تقول مدونات التاريخ في كامل العصور إن من يثق في من لا تجربة له سيلقى مصيرا افظع من مصير من سبقوه… فهؤلاء سيفشلون، وفشلهم سيحسب عليك…وسيخطئون، وسيحسب الخطأ عليك… وسيسرقون، وستحسب السرقات عليك…وسينتهكون الأعراض، وكل ذلك سيسجل باسمك فأنت من وثق فيهم ومن بوأهم مكانة لم يكونوا ليحلموا بها رغم ضحالة تجاربهم وتكوينهم وكفاءتهم…
سيّدي الرئيس لا توسّع الهوّة بينك وبين الشعب، ولا تستمع إلى من يسعد بضربك لخصومه وتخليصك له منهم، ولا تجعل كل قراراتك تثير حفيظة شعبك … فالشعب لن يبقى طويلا في حالة سكر…فبعضهم يعتبر قولك وخطبك المتشنّجة عبقرية، فقط لأنها تخدمه خدمة لم يقدر عليها بالوسائل المشروعة والشرعية…وعليك ان تعلم أن من غادروا البلاد هربا مما هي فيه لم يغادروها خلال حكم من سبقوك بل غادروها وأنت على سدّة الحكم… فهم في قرارة أنفسهم يبحثون عن وطن أقلّ وحشية من وطنهم الذي شعروا بالغربة وهم بين احضانه… فاحتضِنْ جميع أفراد شعبك قبل هروبهم بحثا عن حضن آخر يقبلون به وطنا ويقبل بهم شعبا…
سيّدي الرئيس، لا تستمع كثيرا إلى من لا يأبهون إن حوّلوك غدا إلى فرعون أو النمرود… فهم لن يتحمّلوا معك أو عنك تبعات أخطائك… ولن يحاسبهم التاريخ معك… ولن يذكرهم بسوء كما سيذكرك، لو اخترت الطريق الذي يريدونه لك… وبك…سيّدي لا أظنّ أنه بالاستبداد سنبني وطنا خاليا من الأحقاد نتركه وطنا للأحفاد…وأوصيك سيّدي أن تبتعد عن “أهل البيعة والولاء ولعق الحذاء” فهؤلاء هم كالعسل المسموم حلو المذاق مرّ الختام…عليك بــ”أهل التجربة” فهم “الترياق” مرّ المذاق بخطابهم الذي قد لا يعجبك سماعه…وعليك يا مولاي أن تعلم أن غضب أهل التجربة حين يكتبون عما يؤلمهم من حال الوطن ليس كغضب اهل البيعة والولاء ولعق الحذاء فهم يغضبون من أجل مصالحهم…وأهل التجربة يغضبون من أجل الوطن…ولا شيء غير الوطن…
تصفح أيضا
وهْجُ نار
خليفة ولد عمّي والانتخابات المحليّة … وحمار سعد زغلول (2)
نشرت
قبل 11 شهرفي
26 ديسمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashكانت الساعة تشير إلى الرابعة فجرا حين تمّ قصف باب منزلي طرقا من مجهول …فالطرق كان أشبه بالقصف الذي نسمع صوته في نشرات أخبار القنوات العربية الإخبارية التي تنقل إلينا مباشرة مشاهد الخراب والموت والدمار في جنوب فلسطين…الحمد لله أني لم أكن نائما في تلك الساعة فأنا تعودت على ترك الفراش باكرا جدّا لإعداد فطور صباح قططي والقطط الصديقة والشقيقة واللاجئة من الأنهج المجاورة الباحثة عن بقايا أكل لإطفاء جوعها…
خرجت مسرعا إلى الباب الخارجي لأرى من الطارق، فكان خليفة صاحب الحمار… لم يفاجئني حضوره في تلك الساعة فنحن في ليلة فرز أصوات الانتخابات المحليّة والأكيد أن “خلفون” لم ينم إلى حدّ الساعة وجاءني مباشرة من مركز فرز الأصوات ليبشرني…
ارتمى عليّ خليفة صاحب الحمار واحتضنني أقصد عصرني يمنة ويسرة حتى كاد يكتم أنفاسي فصرخت بأعلى صوتي وقلت: “سيبني قتلتني يا منجوه…” …فردّ: “ربحت يا ولد عمّي ربحت…جبت أكثر من خمسين بالمائة مالاصوات…صرفڨتهم وهردتهم جبتهم يدورو وخليت الكوني والشعلاء يلعبوا في الزربوط والبتشي…وينها الحاجة باش نعلمها …؟؟” أجبت على عجل: “لا لا الحاجة؟؟؟ لا تحضنها لا تمدلها ايدك يا جلف… تحب تكسرلها ضلوعها…قوللها من بعيد راني ربحت وسكر جلغتك…”…
نظرت إليه وسألته أين الحمار يا صاحب الحمار؟؟ فقال كالعادة خلف شجرة “الكلاتوس” يتنفس الصعداء بعد حملة انتخابية أرهقته وكسرت ظهره من كثرة ما جاب بي كل أرجاء الدشرة …قلت لحظة أذهب إلى الحمار أهنئه بهذا الفوز الساحق وأعود…نظر إلي وقال “اشنوة تهني الحمار …تي شكون ربح انا والا هو…؟؟؟ مخيبك ولد عمّي” قلت: “هو من كان سببا في فوزك اليوم لو لم يكن هو إلى جانبك وسندك الأكبر وداعمك الوحيد المصاحب في كل أيام الحملة لما فزت بهذه النتيجة الساحقة؟؟”…
جاءت الحاجة مسرعة وهي تقول: “اش ثمّة شنهي هالحس يا ولد عمي…وشكون ها البغل اللي يدق في الباب هكاكه يعطيه مدفع ان شاء الله…” سمعها السيد النائب وأقصد خليفة فقال: “أنا يا حاجة …سامحيني جيت طاير مالفرحة حبيت نعلمكم انتو الاولانين لأنكم انتم الاولانين اللي ما شككتوش في قدرتي على الفوز بالأغلبية المطلقة…توه أنا بغل يا حاجة حرام عليك…؟؟ وعلاه يا حاجة تدعي علي بمدفع…؟؟” نظرت إليه المرأة ضاحكة وقالت: “سامحني خلفون نائبنا التحفون …نسخايله واحد آخر…ايا امالا نضربلها زغراطة بالقوي خلي الدشرة الكل يفيقوا يا خلفون..” قاطعتها وقلت: ” لا..لا…تزغرط توّه فاش قام الناس راقدة وانت تزغرط…اش يقولوا علينا الناس؟؟؟”
اختنقت الزغروطة في حلق الحاجة ونظرت إلى النائب صاحب الحمار وقالت: ” تي وينه البهيم يا خلفون…خليني نهنيه مسكين اش عانى منك وهزّك على ظهره…؟؟” نظر إليها غاضبا وقال: ” اشبيكم انتو الكل عالبهيم …تهنوه يخي قولولي أنا والا هو النائب؟؟”…نظرت إليه ضاحكا وقلت:” اشنوة خلفون تغير مالبهيم…يخي موش هو السند متاعك وأكبر داعم لحملتك…يخي ما هزكش على ظهره ايامات وليالي…شبيك اليوم باش تنكر فضل البهيم عليك…موش حرام عليك راهو بكمة…؟؟” فرك خليفة ذقنه بيده اليسرى وقال: “صحيح هو اللي عانى معايا وهزني على ظهره…وما ننكرش فضل البهيم واش خصّ لوكان عندنا برشة بهايم كيفو…لكن موش لدرجة تنسوني جملة…راني جيتكم نحب نتفاهم معاكم كيفاش باش نعمل زردة واحتفال وحفل استقبال على شرف هذا الفوز العظيم يا أولاد عمّي..”.
اقتربت من الحاجة وطلبت منها إعداد فطور صباح “قمقوم” للنائب صاحب الحمار فالرجل متعب من سهرة فرز الأصوات ثم توجهت لخليفة وقلت: “تعال رتّح فخّار ربي…ونقعدوا نبرمجوا الحفل وشكون تستدعاله؟؟” جلس خليفة إلى جانبي مرهقا شارد الذهن وكأنه في مكان آخر ليس بيننا …وكأنه يحمل أوزار كل الدنيا…قلت له: “شبيك تخمّم لاباس أمورك فسفس هاك وليت نائب…وتوه عاد باش تاخذلنا كرهبة تطنطن وتولي اجتماعات وسفرات للعاصمة ولقاءات مع المسهولين الكبار…” ضحك وقال: “لا…كرهبة لا…بهيمي هو نصف ديني …هو اللي هزني وقت اللي ركايبي فرغوا …بهيمي عشيري ما نبدلاش بخردة حديد لوكان يعطوني مال الدنيا…” ضحكت وتمتمت خوفا من أن يسمعني النائب صاحب الحمار “وعلاه انت اش تسوى من غير البهيم…يا بهيم..” نظر إلي خليفة وقال ” اش اتمتم…بربي؟؟” قلت: ” لا لا لا شيء …”.
جاءت الحاجة بفطور الصباح فنظرت إليها قائلا: “ما تنسيش فطور البهيم يا حاجة؟؟” أجابتني: “اشنوة حتى هو قهوة وحليب زادة…؟؟” قلت: لا لا لكن شوية ڨرط هوكه شريت على ما يواتي بالة ڨرط محطوطة وراء الڨاراج مساهمة مني ودعم استراتيجي ولوجستي لخلفون…وصُبيلَه شوية ماء راهو عطشان مسكين اش عانى من بلاء”…أنهى خليفة فطور صباحه النيابي فبالأمس كان خليفة مولى البهيم واليوم أصبح النائب صاحب الحمار…ونظر إلي وقال: “اعطيني فكرة على البرنامج ولد عمّي تعرفني جهلوت ما فاهم حتى كعبة ولوكان موش البهيم هزّ معايا ثقل الحملة كاملة راني توّه نجر في أذيال الخيبة…”.
فكرت قليلا وقلت: “اسمعني جيدّا…أولا يلزمك تكتب كلمة ترحيبية بالحضور باهي…وتنادي العمدة يحضر وكان لزم المعتمد…باهي…(كان خليفة يهزّ راسه كلما سمع كلمة باهي …فيعيدها محركا رأسه خلفا وأماما…ويضيف: حاضر..)…ثانيا يلزمنا نعرفوا قداه من واحد صوتوا في الدشرة الكل…باهي…ونعرفوا نسبتهم من عدد الناخبين …ويلزمنا نعرفوا اشكون صوتولك انت والبهيم بالذات…باهي”…هنا قاطعني خليفة في حالة غضب وقال: “اشنوة صوتولي انا والبهيم.. بصراحة كثرتولها ولد عمّي…أنا المترشح راهو…والبهيم مساند رسمي وداعم…وعضدي الأيمن…اكهو…” نظرت إليه وقلـت: “يا خليفة بربي قلّي موش الناس الكل في الشارع وعندهم مدّة يقولوا شوفوا النائب خليفة والبهيم متاعه يخي انتو قاسمين…انت وليت معروف ببهيمك…نهار اللي يشوفوك وحدك باش يسالوك عالبهيم وينه…ونهار اللي يشوفوا البهيم وحده ما نتصورش باش يسألوه عليك…خاطر هو ولى اشهر منّك بصراحة…باهي…وخليني نكمل البرنامج حسب وجهة نظري باهي..”
نظر إليّ خليفة وقال: “باهي ولد عمّي كمّل …كملّ…” وهنا تدخلت الحاجة لتقول: ” يا خلفون خلّي ولد عمّك يكمّل راهو طيارة في تنظيم الاستقبالات وحفلات التوسيم والانْتِخَيْبَات…” ضحكت وقلت للحاجة “انتخابات…انتخابات يا حاجة موش انتِخَيْبَاتْ…باهي” حركت رأسها كالنائب وقالت: أوكي…وضحكت… نظرت مرّة أخرى إلى النائب صاحب الحمار وقلت “نسألك وتجاوبني أوكي خلفون..” قال نعم …
قلت: كم عدد الناخبين المسجلين الكلّ في الدشرة حسب ما أعلموكم هناك في مركز الفرز؟
خليفة: 112 ناخب…البقية ثمة اللي ماتوا وثمة اللي حرقوا العام اللي فات وثمة اللي ما حبوش يسجلوا…
أضفت: كم صوّتوا ؟؟
خليفة: 10 صوّتوا…والبقية ثمّة اللي ما فيبالهمش…وثمة اللي ممتنعين…وثمّة اللي نسوا…
قلت: كم صوّتوا لك وللبقيّة…
خليفة: 8 صوّتوا لي …علي ولد حفصية…واحمد ولد مغلية…وحمّه ولد العمياء…ومرت عمر ولد الحفيانة…وسعد ولد شوشانة…وأنا صوتت لروحي …وأنت والحاجة…
قلت: كيفاش عرفت اللي هما صوتولك انت؟؟
خليفة: ماني اتفقت معاكم اللي يصوتلي يدخل صبعه للأخر في المحبرة…
قلت: يا مهف… وضحكت وضحكنا معا…
قلـت: هذوما نسموهم “المنعوتون بالصبع”…هوكه صوابعهم فيها الحبار لتوّه باهي…وشكون صوت للكوني وللشعلاء؟؟
خليفة: كل واحد صوّت لروحه…
قلت: اذن موش مشكل حتى هما يجوا في الحفل باهي…باش الناس الكل تتوافق وتتصالح بالمناسبة باهي خلفون…
خليفة: باهي ولد عمّي…والكلمة شكون باش يكتبها؟؟
قلت: انت النائب وانت المعني الأول بكتابة نصّ الكلمة برّه ارتاح شوية وبعد قوم حضر أمور الحفل…واشري اش لازمو الكل…حلو ومشروبات…واعمل عشاء خاص بــ”المنعوتين بالصبع”…أذبح فيه كان تحب علوش والا حتى جدي باهي…
خليفة: بااااااهي ولد عمي اما انت مهف في البرمجة…
قلت: استناني أولا انت اش ناوي حفل استقبل على شرف الكل والا كان على شرف “المنعوتين بالصبع”؟؟
خليفة: لا لا الكل أنا مع المصالحة الشاملة…أما “المنعوتون بالصبع” نقَعْدُوهُمْ في بقعة باهية ومع بعضهم…خاطر ناوي نعطيهم قفيفة فيها حثيويلة صغيرة مللي كتبه ربي…شوية فارينة وسكر وقهوة وروز وزيت زيتونة وزيت الحكومة…ودبيبزة كونوليا جابهملي ولد خوي من سوق ليبيا …باهي…انت فاهمني …تي من كل زوجين اثنين…باهي…
قلت: أيا امالا برّه روّح وبعد طل عليّ نقروا كلمة الترحيب ونصلحهالك وتحفظها من راسك خير مالورقة باهي خلفون…وبالله ما تنساش ترتّح شوية البهيم راهو تاعب مسكين…وحتى هو راهو فرحان بالنتيجة خاصة وهو أكثر واحد تعب عليها…هنا نظر لي خليفة معاتبا بعيونه…وقال اَيَّه بَهْنَاكُمْ…
خرج خليفة مسرعا نحو الحمار وغادر المنزل إلى مقرّ سكناه لإعداد مراسم الحفل وكتابة كلمة الترحيب…فنادتني الحاجة وقالت: “برّه شوف تلقاش هدية باش نهزوها معانا لخلفون راهو نائب محلي محطوط على كريمة…(قاطعتها وقلت: شنوّه…) ثم واصلت الحاجة لتقول…لا لا نفدلك…وبالنسبة للبهيم تو نهزوله شوية من بالة الڨرط اللي جبتها كمساهمة في الحملة الانتخابية لخلفون التحفون…
خرجت مسرعا بعد ان ارتديت معطفا فالطقس بارد بعض الشيء…وقصدت السوق، وأنا في طريقي اعترضني الحاج أحمد ابن خالتي فاحتضنني قائلا: “مبروك على خلفون…وربي يخليله البهيم ..” ضحكت وقلت: “يبارك فيك يا حاج…أما البهيم امشي هنيه وحدك…” ورويت له كيف أن حمار خلفون كان الأكثر حماسا والأكثر دعما لخليفة فلولاه لما نجح خليفة في تجاوز خصومه…
واصلت طريقي وتركت الحاج أحمد صحبة رفقة طيبة من أهالي الدشرة …وكنت كلما اقتربت من مجموعة في مقهى أو في الشارع يتحدثون …أقول كلما اقتربت من مجموعة أسمعهم يتحدثون عن “بهيم النائب” وفطنته ورؤيته السياسية ونجاحه في لمّ شمل سكان الدشرة…اقتربت من بعضهم وسألتهم ما الأمر يا جماعة فقال أحدهم: “هاتفنا منذ قليل السيد النائب خليفة ودعانا إلى حفل استقبال الليلة ولم يستثن أحدا من أهالي وسكان الدشرة حتى أولئك الذين لم ينتخبوه ولم يذهبوا لمكتب الاقتراع…وسنذهب جميعنا صراحة إلى منزل السيّد النائب وكلنا شوق لرؤيته ورؤية الحمار الذي أوصله إلى نيابتنا في المجلس المحلّي…وعلينا جميعا أن نفاخر بما أتاه هذا الحمار وصبره خلال شهر كامل من الحملة الانتخابية، كيف لا ونحن عشنا معه كامل مدّة الحملة ورأيناه يجوب الدشرة طولا وعرضا دون أن يشتكي مما يحمله على ظهره ودون ان يطالب بأجر أو بامتيازات كبيرة…هذا ما يمكن اعتباره صراحة نضالا…فحمار النائب ناضل من أجل إيصال صاحبه إلى المجلس المحلّي وقد يناضل من أجل إيصاله إلى مراتب اكبر وأعلى …فنعم الحمار هذا…إنه البهيم الوطني الذي وجب أن نفاخر به”
نظرت إليه وقلت: أنا الآن هنا لأشتري هدية صغيرة للحمار أو للبهيم كما نسميه…وهدية أخرى لصاحب الحمار نائبنا العزيز خلفون التحفون…واخترت أن تكون الهدية ربطة عنق ما رأيكم؟؟” نظر إلي جميع من بساحة السوق وقالوا “نحن أيضا سنفعل مثلك يا ابن عم صاحب الحمار…” قلت متمتما…”حتى أنا وصلني اللقب واصبح يتذيّل اسمي…يا لبخت هذا البهيم وصاحبه..” فكّرت في ما يمكن أن أهديه آخر لخليفة فقلت لا شيء يحتاجه اليوم غير ربطة عنق جميلة من مغازة عمّ الجيلاني قشّابية…وكان الأمر كذلك ثم مررت بأحد باعة العلف واشتريت “بالة” ڨرط لبهيمنا المناضل والمساند الرسمي لنائبنا المحلّي…على أن أسدّد ثمنها على قسطين…
عدت إلى المنزل بعد أكثر من ساعتين بالسوق فوجدت النائب في انتظاري وهو يمسك ورقة بيضاء وليست بالبيضاء وكأنه ذلك الورق الذي عند الجزار الخاص بلفّ اللحم…اقتربت منه وقلت: “هل كتبت شيئا للترحيب؟” قال: “لا، صراحة لم أجد الكلمات…” قلت: “هات الورقة سأكتب الكلمة، فقط عليك حفظها…” وكتبت…
إخوتي الحضور…أهالي دشرتنا الكرام…
أتوجّه إليكم أنتم يا من انتخبتموني وأقصدكم أنتم “المنعوتين بالصبع” …أقول أتوجه إليكم وأنتم بقية من جاؤوا ليشرفونني في هذا الحفل الكريم وهم لم يكونوا هناك في مكاتب الاقتراع، بالشكر والثناء على دعمكم ومساندتكم طيلة أيام الحملة الانتخابية…كما لا يفوتني أن أنوّه بدعمكم ومحبتكم لي ولحماري العزيز وسندي الأكبر في هذه المعركة…فلولا مساندتكم لما أمكن لي ولحماري العزيز والمناضل مواصلة مشوار الحملة…فهو الذي كان يسجل في ذاكرته كل المنازل التي زرناها وكان يرفض الذهاب إلى منازل زرناها سابقا…فحماري هو ذاكرتي وذاكرة سكان الدشرة الكرام وهو سندي وملهمي في هذه الرحلة السياسية الشاقة…وهو الذي وجب أن أفاخر بما أتاه وما فعله من أجل أن أكون انا هنا …وبهذه المناسبة أجدّد تمسكي بالشرعية الدولية في ما يخصّ ما يقع الآن في جنوب فلسطين المحتلة…وأندّد بالإبادة التي يتعرّض إليها الشعب الفلسطيني…وأندّد أيضا بالقتل الممنهج للصحفيين…كما لا يفوتني أن أندّد بما تتعرّض له الحيوانات الأليفة وخاصة الحمير من قتل وتهجير في العديد من الأماكن في العالم العربي وبعض الدول الأخرى…أخاطبكم نائبا عنكم في مجلسنا المحلّي الموقّر…
عاشت دشرتنا…عاش سكان دشرتنا
وعاش حماري سندي وأخي في الكفاح…
والسلام عليكم
نظر إلي خليفة وقال: ” لماذا أتيت على ذكر الحمار في الكلمة الترحيبية؟” قلت: “أنا كنت في السوق وسمعتهم يتحدثون بإطناب عن الحمار ونضاله معك لإيصالك حيث انت يا خليفة فذكر الحمار في الكلمة الترحيبية أصبح ضروريا حتى لا تُنعت بناكر الجميل…أليس كذلك؟؟” ضحك صاحب الحمار وقال: “لست ناكرا للجميل…سألقي الكلمة على الحضور بعد حفظها عن ظهر قلب…”
تناولنا طعام الغداء ثم قلت للنائب لنذهب إلى منزلك فمراسم الحفل تبدأ بعد ساعتين، وصلنا إلى منزل النائب المحترم، ربط خليفة حماره بشجرة وراء المنزل بمكان يبعد عنه قرابة العشرين مترا ثم دخلنا المنزل لنعدّ العدة وليحفظ خليفة كلمته الترحيبية ليلقيها على ضيوفه في حفل الاستقبال…
خرجنا أمام المنزل حين حانت ساعة استقبال الضيوف…بدأ “المنعوتون بالصبع” يتوافدون على منزل خليفة…وصلوا جميعهم وأدخلهم السيّد النائب إلى بهو المنزل الذي فرش بأجمل الزرابي يتجاذب معهم أطراف الحديث…ونوّه جميعهم بالحمار ونضالاته وحرصه الشديد على إنجاح صاحبه وإيصاله إلى حيث ترشح، ووصل الأمر بأحدهم إلى اقتراح تمثال تخليدا لموقعة الحمار أمام مغازة عمّ الجيلاني قشّابية لتكون في واجهة الساحة مدخل الدشرة ولتكون شاهدا على العصر وعلى “التوافق” والتعايش اللذين تعيشهما دشرتنا…فجأة سمعنا تصفيقا حارا لا أحد منّا يعلم مصدره…قلت للحاجة “بره شوف منين هالحس ووين التصفيق هذا…”
أسرعت الحاجة وراء منزل خليفة لتجد حشدا من أكثر من مائة شخص من نساء ورجال الدشرة حول حمار النائب يصفقون ويتغنون بنضالاته…عادت الحاجة إلينا وهي في حالة من الذهول وقالت “يريدونكم هناك حول الحمار …يريدون الاحتفال هناك…” التفتّ إلى خليفة وقلت…تعال إلى حيث الحمار ألم أقل لك إن الحمار هو الذي أدار رقاب كل سكان الدشرة…ذهبنا إلى حيث ينتظرنا أغلب سكان الدشرة…هناك وجدنا أغلب السكان بهواتفهم النقالة يخلّدون الذكرى في صورة “سلفي” مع الحمار المناضل…ولا أحد منهم فكّر في أخذ صورة مع النائب المحتفى به…نظرت إلى يمين الحمار فرأيت يا لهول ما رأيت، رأيت سورا مبنيا ببالات الڨرط التي أتى بها سكان الدشرة لحمار النائب…وقلت في خاطري: يا بختك يا حمار…
اقتربنا من الحشد الكبير من ضيوف الحمار…عفوا ضيوف النائب… رفع خليفة يده طالبا بعض الهدوء وقال هل تسمحون لي بإلقاء كلمة ترحيبية بهذا الحضور الكريم…وبدأ خلفون في إلقاء كلمته وكان كلما ذكر الحمار صفّق كل من هم هناك وزغردت كل النسوة الحاضرات …ووصل الأمر ببعضهم بالهتاف بالحياة للحمار وصاحب الحمار…وطالب أحدهم الآخر بأن يرفع الحمار على الاعناق…حينها وفي تلك اللحظة وكأني بالحمار يفهم ما يقال حوله نهق نهقتين بأعلى صوته فتفاعل الجمهور معه بالتصفيق والهتاف والتفت إليه مصفقا داعيا له بطول العمر …وأسرع بعض الشباب من الموجودين بين الحضور إلى الحمار ورفعوه على الأعناق وسط تصفيق حار من جميع من جاؤوا لهذا الحفل…
التفتّ يمنة أبحث عن خليفة وجدته حزينا باكيا يتمتم كلاما لم افهمه…مسكته من يده وقلت: “ما بك يا ابن العمّ…شبيك تبكي؟؟” قال: “من جاؤوا لتكريم الحمار أكثر ممن ذهبوا لانتخابي…وفي الأخير رفعوا الحمار على الاعناق وأنا أخطب فيهم…أتريدني ان اصرخ معهم “يعيش الحمار… يعيش الحمار…فمن النائب ومن الحمار هو أم أنا؟؟”…
غادرت منزل النائب أنا والحاجة بعد انتهاء الحفل وبعد أن ودعت ابن عمّي وضيوفه الكرام …في الصباح قصدت السوق باحثا عن بعض احتياجات المنزل ثم قصدت سوق الدواب للسؤال عن ثمن خروف فوجدته…من؟…أي نعم وجدته…ابن عمّي متنكرا في لباس فلاّح عارضا حماره المناضل للبيع…ومعه كمية الڨرط التي غنمها من سكان الدشرة في غزوة الانتخابات المحلية… فصرخت في ابن عمّي قائلا:” تهون عليك العشرة؟؟؟…”…
وهْجُ نار
أتأتون اليوم ما كنتم تنهون بالأمس عنه؟؟
نشرت
قبل 12 شهرفي
21 ديسمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashغريب أمر هذه البلاد وبعض شعب هذه البلاد وخاصة بعض من جعلوا من هذا الفضاء وسيلة لتصفية حساباتهم والانتقام ممن لا يتفقون معهم…
فمجرّد ألاّ تكتب مادحا لما يسمونها “ثورة” بمناسبة حلول ذكراها يقذفك بعضهم بأقبح الكلام…دون أن يبدأ حديثه بالسلام…أسأل ألستم أنتم من يشتكي اليوم من اسقاطات ما تعتبرونها ثورة وتبعات كل من جلسوا على كراسي الحكم بعدها…ألستم أنتم اليوم من تنعتون سنواتها بسنوات الخراب؟؟ إذن…ما ذنبي إن لم يكتب قلمي حرفا واحد يمجّد فيه ما يسمونها “ثورة” فكيف تريدون منّي أن اشكر الخراب ومن أتى بالخراب ومن صنع الخراب؟؟ ألم تكتبوا في أوراقكم أن “ثورة” تونس كما تقولون هي من صُنع الغرب وعرّابها تعرفونه وأهدافها تعلمونها…فلم تريدون منّي أن أحتفل بذكرى حلول سنوات الخراب وما أتاه العرّاب؟؟ ألم ترفعوا أصواتكم كثيرا وطويلا منادين بالديمقراطية؟؟ أليست الديمقراطية هي أن يسمح لي بأن أصفق لمن أريد وأمدح من أريد وأن أرفض ما اريد وأختلف مع من أريد وأختار من أريد ليحكمني؟؟ فهل عدتم يا جماعة الديمقراطية عمّا كنتم تصرخون وتطالبون به وتدعون إليه؟؟ وهل أصبحت الديمقراطية عيبا ومن الكبائر وستعاقبون عليها يوم الحشر؟؟
يا عجبي على نسبة الغباء المرتفعة في رؤوس بعض أغبياء الوطن من الذين يركضون أحيانا على “حافرين” ويصفّقون دون وعي منهم…في تونس بعد حادثة “صاحب البرويطة” إن التحيت سيقولون عنك “نهضاوي”…إن استمعت لمدح الرسول سيقولون إخواني…إن سكرت يقولون عنك ماركسي ملحد…إن شكرت القديم يقولون عنك “زلم” ويهجرونك…إن شتمت القديم سيقول البعض عنك خائن وعميل ومتلون كالحرباء…إن كتبت يوما عن مآثر الماضي سيقولون عنك مستبد وتعشق الجلاد وسياط الجلاّد…إن كتبت سوءا عن منظومات ما بعد من يسمونها “ثورة” سينعتونك بالعمالة لفرنسا وبعض الدول الشقيقة والصديقة…وإن انتقدت رئيس البلاد أو حكومة رئيس البلاد سيصرخون في وجهك ويقولون أنت ضدّ الحكومة وأنت من دعاة إسقاط الحكومة ووجب جلدك إن لزم الأمر، فانتقاد الحكومة ومن يرأس الحكومة ومن يعمل بالحكومة من الذنوب التي لن يغفرها لك الاتباع …
ألم يفعلوا هم ذلك سابقا ولا أحد رفع صوته ليقول لهم ما أنتم “فاعلون”؟؟ اليوم إن التقيت أحد خصومهم وأقصد من يرون أنهم أرفع منك درجة وأقرب منك إلى الصواب وأنهم على حقّ وأنت على باطل…و”باطل يا حمّة باطل”…سيقولون عنك لست منا فأغرب عنّا…إن شكرت أحد من يكرهون سيقولون عنك “مرتزق وبائع لذمته” وربما يتهمونك بالخيانة والتآمر…إن انتقدت أحد من يشيطنون سيقولون عنك كل موبقات الدنيا ولن تسلم من القصص الخيالية…إن انتقدت الاتحاد سيقولون عنك ما لم يقله مالك في الخمر…وإن شكرت الاتحاد سيقولون عنك ما لم يقله مالك في الخمر أيضا…فلن تسلم إن شكرت مما عاناه مالك…ولن تسلم إن انتقدت مما تكبده مالك…هم يتعاملون معك بسياسة “ڨاتلك … ڨاتلك”…وفي تونس أيضا إن شاهدوك كئيبا سيقولون “من عمايله”…وإن شاهدوك ضاحكا سيقولون “يضحك وحده هبل”….وإن شاهدوك تعرج سيقولون “محلاها فيه”…وإن شاهدوك سعيدا سيقولون “الأكيد تحيّل على احدهم”….في تونس لن تسلم من ألسنتهم أبدا حتى وأنت تحت التراب…
في تونس اليوم إن تأففت من عدم توفر السكر سيقولون عنك معارض ووجب ردعك…وإن تألمت لغياب الحليب سيقولون عنك تبحث عن خرابها…وإن قلت أين الزيت يا أصحاب الزيت فسينعتونك بالخائن الذي لا يحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد…لذلك لم أعد أستغرب كل الضجيج الذي يقوم به بعض من لم يعوا إلى يومنا هذا ما تعنيه حقّا كلمة “ديمقراطية”…ولن أستغرب حجم الاستهبال والاستحمار والاستغباء الذي يعتري المشهد ….فالاستغباء والاستحمار في أيامنا هذه طغى على كل مفاصل…وتفاصيل الحياة، فظلال بعض من يؤثثون المشهد الاتصالي والتواصلي اليوم أولئك الذين خرجوا علينا رافعين لواء الديمقراطية وهم اليوم يرفضونها…وأولئك الذين خرجوا علينا رافعين لواء الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويرفضون ما كانوا عليه… ويأتون اليوم مثله ويمنعونك من رفض ما كانوا هم يرفضونه…
هؤلاء ومن معهم وزبانيتهم وبعض من يحسبون على الإعلام والبعض من فصيل “الخرونيكارات” والبعض من رجال الإعلام وغيرهم من الذين يسبحون في فضاءات التواصل، أقول ظلال هؤلاء جميعا أصبحت ظلاًلا طويلة الأذنين… هؤلاء “المستحمرون” في الأرض… “الملهمون” في هتك أعراض الناس حسب الطلب وبعد دراسة الجدوى… سيخلدون في ذاكرة التاريخ “بغالا وحميرا”…فلكل تاريخ بهائمه ولكل مرحلة بغالها… وفي تونسنا العزيزة سجّل لنا التاريخ الكثير منهم…منهم من قضى نحبه ومنهم من لا يزال ينهق…هؤلاء هم رموز الجهل والنهيق النشاز…هؤلاء هم رموز الكذب والخداع…هؤلاء لا ينطقون صدقا…بل ينهقون كذبا…
لأمثال هؤلاء أقول… إن البدلة “المشحوطة” لن تظهر أناقتك بل ستظهر تلك التي يقال عنها “وحدة توزن ووحدة تقرطس” وأقصد المصون “المؤخرة”…وربطة العنق لا تصنع من كل من يلبسها رجلاً …بل قد تصنع حمارا بربطة عنق وسروال يثقبه ذيل يتدلى…وأضيف أنا لست من جيل الأغبياء والمغفلين…أولئك الذين باعوا ملابسهم الداخلية…مقابل كأس نبيذ في خمارة شارع الحريّة او شارع قرطاج…أنا ممن يحبون البلاد كل أيام الأسبوع…وحتى يوم الاحد كما قال شاعرنا رحمه الله “أولاد أحمد”…أنا ممن يحبونها اليوم…وغدا وبعد غد…أنا لست من الذين يتسلقون السلم …نحو الأسفل…أنا من الذين يؤمنون ان تونس قادرة أن تعود تؤنس كما كانت لو فقط نزعنا من صدورنا ما علق بها من أدران الحقد والكراهية…نحن شعب واحد وسنبقى…وإن حاول بعض “الذرّي” الإيقاع بيننا وبين بعضنا…بنشرهم لثقافة الحقد والفتنة…تعالوا نعِشْ معا…ونختلف معا…في وطن واحد يجمعنا في الخير وللخير معا… تعالوا ففي اختلافنا حاضر أجمل…ومستقبل لأحفادنا أفضل…
فلم كنتم تصرّون على النهي عن شيء…وتأتون اليوم مثله؟؟ أتأتون اليوم ما كنتم تنهون بالأمس عنه؟؟
وهْجُ نار
بلقاسم بوطحش… والديمقراطية… والقضية الفلسطينية…
نشرت
قبل 12 شهرفي
12 ديسمبر 2023من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashاستضافني أحد الأصدقاء إلى سهرة كروية في أحد مقاهي المدينة لمشاهدة دربي برشلونة وجيرونا، وافقت وأنا المتيّم بالبارسا والعاشق لطريقة لعبها منذ أيام كرويف رحمه الله ورزق أهله وذويه وابنه جوردي وزوجته جميل الصبر والسلوان…والمال الوفير…وكما يعلم الجميع خسرت البارسا وخسرت انا رهاني مع صديقي العاشق للريال…غادرت المقهى في وضع نفسي غير مريح، كيف لا وأنا الذي كان يتمنى اقتراب البارسا من الريال وجيرونا في انتظار الانقضاض على صدارة الترتيب…
وأنا أقترب من منزلي في ليلة باردة كبرد صحراء سيبيريا فاجأني بلقاسم بوطحش أحد أصدقاء السوء من الذين يمارسون يوميا لعبة الغياب عن الوعي مع سابقية الاضمار والترصّد، واقسم كعادته حين يحاصرني ان أقبل منه سيجارة ناسفة وأقاسمه الغياب عن الوعي…رفضت…وتمنعت…لكنه وقف منتصبا وهو الذي لا يقوى على الوقوف واقسم برأس غالية بنت أحمد …قلت “ومن تكون غالية هذه يا ابن الحرام؟” قال: “صديقتي في غيبتي عن الوعي البارحة…” ضحكت وقلت صديقة في الحلم يا لغرابتك يا ابن الحرام…لا أستغرب إن قلت لي يوما أنك وغالية تزوجتما وأنجبتما أبناء افتراضيين في الحلال …تنازلت عن رفضي أخذا بخاطر غالية بنت أحمد واحتضنت شفتاي سيجارته الملغومة المحشوة سُمّا لا أعرف اين سيأخذني هذه المرّة…ونطقت بالشهادتين فقد أتجاوز مجرّد الغياب عن الوعي إلى حيث لا يمكن العودة قبل يوم الحشر…
لم تدم فترة الانتظار طويلا حتى غبت عن الوعي ودخلت عالما آخر…وفجأة ودون تخطيط مسبق أجد نفسي مع حشد بعشرات الآلاف في ساحة القصبة نصفّق ونصرخ بأعلى اصواتنا “الله واحد الله واحد حكومتنا ما كيفها حدّ”… نظرت يمنة ويسرة وأسفل واعلى والتفتّ خلفي…حشد رهيب لم أر مثله في حياتي قط… سألت أحدهم وكان مرفوعا على الأعناق من قبل شابين يصرخان عاليا كالجميع…ويرددان في تناسق كبير وتام وبنغمة جميلة ورائعة “الله واحد الله واحد…” أقول سألت أحدهم وكان مرفوعا على الأعناق “ما الذي يحدث …أش ثمّة صاحبي”…التفت إلي ضاحكا وقال: “ألم تسمع بما قاله رئيس الحكومة؟ ألم تبلغك قرارات الدولة؟؟” قلت “لا، وماذا قررت الحكومة ونحن في ساحتها؟؟”
نظر في اتجاهي نظرة استغراب وقال: ” وين عايش انت…قررت الحكومة تشغيل 666 ألف عاطل عن العمل… والتعويض لعائلات كل من ماتوا دون أن يشتغلوا يوما واحدا وهم من أصحاب الشهائد” وماذا أيضا؟ قال: ” تمتيع كل سكان البلاد بالتغطية الاجتماعية وتمكين أصحاب الأمراض المزمنة من العلاج مجانا في كل المؤسسات الصحية حتى الخاصة منها…” لم أتمالك نفسي وانطلقت في نوبة تصفيق وصراخ بأعلى صوتي في تناسق تام مع من هم حولي “الله واحد الله واحد…اش اسمه ما كيفو حدّ…الخ…الخ…” ثم نظرت إلى صديقي سائلا:” هو اش اسمه سيدنا رئيس الحكومة…” أجابني “تي بره هكاكه بره هكاكه…من غير ذكر الأسماء…”
ثم واصلت وقلت: “وماذا آخر يا صديقي؟؟؟” قال: “الزيادة في الأجور بنسبة أكثر من 66 في المائة من قيمة الأجور الحالية…ورفع قيمة منحة الإنتاج إلى أكثر من ستة آلاف دينار لكل الشغالين في جميع القطاعات…” نظرت إليه مستغربا…وقلت: “هاهي جنّة …يا دين الزكش…” فقال ” لا لا انتظر البقية…قرض لكل عائلة دون فوائض لشراء سيارة بـــ 9 خيول ونصف يقع تسديده على عشرات السنين…” كاد الخبر يغيبني عن الوعي وقلت “تسعة خيول ونصف يا دين الزكش…معناها تسعة خيول وبهيّم صغير…وزززززز في ساعة نكون في العاصمة…
وماذا آخر يا صاحبي؟؟؟” فنظر إلي صديقه الذي يحمله على الأعناق وقال: “تمكين كل من لا يملك مسكنا من منزل بثلاث غرف وقاعة جلوس يدفع ثمنه على 66 سنة وإن مات يدفع ورثته ما تبقى من المبلغ …” قلت: “رائع وجميل وهل تقع مساعدة من يريدون اكمال نصف دينهم؟؟” قال: “نعم طبعا ستتكفل الدولة بكل مصاريف الزواج…وتتكفل في ما بعد بمصاريف ولادة الأبناء وختان الذكور منهم ودراستهم حتى تخرجهم من الجامعة مع إمكانية ارسالهم إلى دولة أوروبية لمواصلة الدراسة لمن يتفوقون في الامتحانات النهائية…”
وهنا سألته: ” هل وفرت الحكومة الزيت…والحليب والفارينة والسكر والخبز…وهل جمدّت الأسعار ؟؟” أجاب: ” اللي فاتك اغرب…عملت برنامج القفّة العائلية توزعها شركة حكومية على كل سكان البلاد مرتين في الأسبوع…وتكون مليئة بالخضر والغلال وكل ما تحتاجه العائلة لثلاثة أيام ومجانا…” نظرت إليه وأنا أكاد أفقد عقلي مما اسمعه عن قرارات الحكومة أطال الله عمرها وملأ خزائنها تفاحا ومالا وخضروات وفارينة…أقول نظرت إليه وقلت: “وتوكّل فينا زادة…ملاّ حكومة وملاّ هي… هل أنا أحلم أم هي الحقيقة يا صديقي؟؟؟ بالله عليك أجبني واصدقني القول؟؟؟” قال: “أتكذبني يا هذا؟؟” قلت: “حاشى أن افعل ذلك…فقط أنا مستغرب من كل هذا الذي يقع في البلاد؟؟؟” قال لي وهو يبتسم: “انتظر لتسمع بقية القرارات والإجراءات…” قلت: “وماذا أيضا؟؟؟” قال:” إطلاق سراح كل المساجين دون استثناء وإفراغ كل السجون في كامل أنحاء الجمهورية باستثناء المحكومين في جرائم قتل…”
جلست أرضا من هول حجم ما سمعت وقلت: “ماذا…حتى الكوني ولد الحولاء مرت خليفة الاعوج اللي عطى طريحة لعمّ الرتيمي بياع اللاڨمي وغشّه في بيدون قيشم في رمضان اللي فات؟؟؟” قال: “الجميع ما لم يقتلوا أحدا…” قاطعته لأقول” الكوني ڨتل نخلة راهو والنخلة متاع عمّي الصحبي شراها من عمّي الصادق من 66 عام التالي…” وهنا أضاف:” وقد أعلنت الدولة المصالحة الشاملة بين جميع فئات ومكونات المشهد السياسي والاجتماعي وبدء مرحلة جديدة من الديمقراطية الشاملة وإعادة هيكلة المشهد السياسي وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها يشارك فيها الجميع دون استثناء…” نظرت إليه وقلت “احلف…براس أمك…”
نظر إلي ورفع يده ليضربني…صارخا تكذّب فيّا يا اش اسمك…” فأسرعت بالاعتذار وقلت: “والله لا يا صاحبي…أما شيء كبير تحكي فيه…تي انا عندي سنين نطالب بالمصالحة الشاملة لأنها المخرج الوحيد والاسلم لما وصلنا اليه من 14 جانفي…وراس أمي وأمك وامهات المسلمين والمسلمات…والمؤمنين والمؤمنات لا نكذّب فيك يا صلاح…” ضحك وقال: ” ما اسميش صلاح يعطك ضربة بمفتاح…ولا تنس قرار الحجّ لكل كبير في العائلة والذي تجاوز عقده السابع على كاهل الدولة والحكومة…”
هنا وقفت وقفزت عاليا…وأنا اصرخ “جو …صبيّح باش يحجّ بعد سنوات الخمر والسلتيا…وعمّ الهادي الراجل الطيب كيف كيف…جو …نكلمهم توّه نبشرهم زعمة والا من بعد …” أضفت وسألته: ” هل تدفن الدولة من يموت من شعبها…؟؟ أجاب: “نعم وتعمل دعوة للجميع لحضور الجنازة حسب قيمة الميت…وتتكفل بمن يقول آمين عند الدعاء” قلت: ” هاهي دولة حلال هذه يا دين الزكش…خليني نكلّم عمّ الهادي وصبيّح على الحجّ مجانا ودون عناء…” نظر إلى صديقي وقال: “خلي من بعد كمّل مسيرة التوحيد…والله واحد الله واحد…حكومتنا ما كيفها حدّ…” نظرت اليه مبتسما ضاحكا في حالة ازبهلال قصوى وقلت: “حكومة ترسلنا إلى مناسك الحج على كاهلها هذه حكومة مسلمة حكومة يجب أن تبقى مدى الحياة…وصرخت … الله واحد عليك يا سيدنا…ويا تاج راسنا…يا زميمنا…الله يطول في عمرك وعمر العائلة…والصغار…وبقية أفراد العائلة …وأنسابك زادة كان لزم طبعا يا سيدنا…”…
استرجعت بعض الأنفاس بعد ساعة كاملة من الصراخ والتوحيد…ونظرت إلى صاحبي وقلت: “تنجمش تقلي منين جابت حكومتنا ودولتنا الفلوس هذه الكلّ يا خوي الغالي…؟؟” وضع يده اليمنى على كتفي وقال:” اسمعني مليح يا صاحبي…بعد اللي صار في غزّة فيبالك بالقمّة العربية…أكيد…العرب ومن تحالف معهم قرروا قرارات ثورية وقرروا مهاجمة إسرائيل …الأردن من الجهة الشرقية بمساعدة العراق وايران ودعم جوي من الباكستان…وسوريا مدعومة بحزب الله والجيش اللبناني من الشمال…والسعودية ومصر وبقية الدول العربية من الجنوب والبحر غربا…ايران استهدفت المستوطنات بصواريخ بعيدة المدى…مع دخول الاستشهاديين من جنوب لبنان ومن هضبة الجولان…المغرب أغلقت مضيق جبل طارق بــ”الياجور” واليمن أغلقت كل مداخل خليج عدن بالالغام بمساعدة دجيبوتي والاسطول السادس السوداني…ثم اخترقت الجيوش العربية كل الخنادق وحقول الألغام التي زرعتها إسرائيل وحاصروا كل المدن الكبرى وصولا إلى العاصمة تل ابيب…
طالبت الولايات المتحدة بوقف اطلاق النار ودعت إلى التهدئة وعقد جلسة في مجلس الأمن لدراسة تدهور الوضع في الشرق الأوسط…وطالبت بعدم قصف المدنيين والالتزام بمعاهدات جينيف وحقوق الانسان…وطالبت بفتح المعابر لإدخال المساعدات الغذائية والأدوية للـ “شعب” الإسرائيلي…كما طالبت بإطلاق سراح طاقم السفينة الإيريترية التي احتجزته قوات اليمن الحوثي الموحّد وجيش الصومال الشعبي بعد اكتشاف شحنة من الذخيرة موجهة إلى القوات الاسرائيلية…رفضت الدول العربية التهدئة وقالت لا للتسوية…وتقدمت نحو القدس مع دعم جوي من القوات المصرية والسعودية والاماراتية وقصف مدفعي وصاروخي متواصل لكل مطارات إسرائيل من الجانب الإيراني على مدى شهر ونصف الشهر…تمّ على إثره القبض على أغلب القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية… وتمّ اعلان وقف الحرب بعد استعادة كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة…”
استمعت الى صاحبي وأنا مشدوه وفي حالة غريبة لم أحرك جفنا…ولم أغيّر نسق تنفسي مرّة واحدة، هي فقط دقات قلبي التي أصبحت اسرع كثيرا مما كانت عليه وأسرع من سيارة التسعة خيول التي ستوفرها الحكومة للشعب ونظرت إلى صاحبي وقلت: وأنا أتمتم “بالياجور؟ أبَيْ…احلف…” كنت على يقين ان “الكفّ” سيأتيني وسيحيلني إلى حالة أخرى من اللاوعي…وكان الامر كذلك، قصفني صديقي الذي لا أعرفه بــ”شلبوق” عنقودي قاصم فجّر خدّي الأيمن واسقطني أرضا… استفقت من الغيبوبة والسقطة واعتذرت من صديقي الذي لا اعرفه…نظرت إلى صاحبي وسألته: لم تقل لي من اين جاءت الحكومة بكل هذا المال الذي تغدقه علينا…؟؟ ضحك وقال: “هو كغنيمة حرب حكومتنا أطال الله مقامها هناك حيث هي كان دورها سياسيا في هذه الحرب فكان التخطيط الديبلوماسي من حكومتنا ومفاوضات مجلس الأمن أيضا…بفضل ذكاء كفاءاتنا وخبرتهم في معالجة القضايا والنزاعات الإقليمية” واضفت: “وليبيا والجزائر وبقية الدول ماذا كان دورهم في هذه الحرب؟؟؟” قال: “ليبيا والجزائر كانتا هما جيش الاحتياط والإمدادات بالمحروقات…أما الكويت وعمان والبحرين فكان دورهما لوجستيا (كسكروتات) و(كراب) و(بيتزا) للجنود العرب”…وهنا سألته: “ويعملوا مقلوب وملاوي زعمة…؟؟؟” ضحك وواصل حديثه: “وقطر كان دورها إعلاميا وكلفت (الجزيرة) بإيهام العالم بما ليس موجودا…”..
في تلك اللحظة مرّ بجانبي تاجر متجوّل يجرّ عربته ويبيع موزا سألته “بكم الصبع يا حاج؟؟” قال الموزة بــ100 مليم يا كبدي…” صعقت من إجابته وقلت: “بمائة مليم …يا دين …درا شنوة…هات عشرة يا بوقلب…وبربي منين الموز هذا؟؟ ” أجاب “هذا من الشيلي …تشري والا لا خوي؟؟” قلت: “طبعا هات خلي نتذكروا بينوشيه صديقنا الله يرحمه وينعمه ويبارك فيه…حتى الموز عندهم بلاش غادي…” حين عرفت ثمن الموزة تأكدت من صدق كل ما قاله لي الصديق الغريب الذي “شلبقني” بضربة لن أنساها…وعرفت أن حكومتنا حكومة حلال أطال الله عمرها…”
التفتّ إلى حيث محطة الحافلات وبدأت أدندن أغنية “حكومتنا تشبه القمر..انشاء الله بطول العمر…حكومتننننننننا…” وفي تلك اللحظة شعرت وكأن راسي ينفجر من شدّة ارتطام جسم صلب بمؤخرته…وسمعت صوت زوجتي وهي تسألني “حكومتنا تشبه القمر…علاه عندك حكومة أخرى غيري…يا اش اسمك..؟؟؟” رفعت رأسي نحوها وقلت “أين أنا؟؟؟ شبيك يا حكومة يا قمقومة ودمدومة”…( زوجتي اسميها كأغلب أبناء هذا الشعب “الحكومة”…وذلك بسبب استحالة تغييرها مهما أخطأت وتقاعست في خدمة الشعب والشعب هو أنا وبقية العائلة)…قالت:” اشبيك راقد في العتبة وتغني حكومتنا….موش وصيتك البارح تعمل دورة كبيرة تلقاش سكر والا فارينة والا زيت والا قهوة توه عندي جمعة ما دخلوش الدار…يخي وين مشيت تتطلفح حتى الصبح؟؟؟”
نظرت إليها ورأسي يكاد ينفجر من الارتطام…ورويت لها كل الحكاية…فأطلقت عقيرتها بالدعاء “برّه الله يهلكك يا بلقاسم يا بوطحش…حررت فلسطين…وعملت مصالحة شاملة…وأوهمتنا بالديمقراطية…الله يهلكك…” نظرت إليها وانا أتوجع من الارتطام…وقلت “آمين…آمين…يا حكومتي …”…فأضافت “ادخل نصبلك شوية سبيريتو على هاك الكردوغة خلي تتفشّ…” حينها عرفت حجم الكارثة …واثار العدوان…يا حليلي نا…كردوغة…
استطلاع
صن نار
- جور نارقبل 18 ساعة
ورقات يتيم… الورقة 92
- اقتصادياقبل يومين
النكهة التونسية في الصالون الدولي للشكلاطة والمرطبات
- اجتماعياقبل يومين
غدا الاثنين… انطلاق امتحانات الثلاثي الأوّل
- ثقافياقبل يومين
اختتام أيام قرطاج المسرحية
- ثقافياقبل يومين
قريبا… “أيام سينما الجبل” بعين دراهم، والسينما التونسية إلى أين؟
- صن نارقبل يومين
الذكاء الاصطناعي و إدارة المشاريع بتونس
- صن نارقبل يومين
مستبقا صراعه مع الصين… “بايدن” يمهّد لخلفه “ترامب”، الطريق نحو إفريقيا
- صن نارقبل يومين
“الأونروا”: أكثر من 415 ألف نازح بغزة يحتمون في مدارسنا