محمد الأطرش: تعالوا نكمل جهادنا الأكبر…قبل فوات الأوان
نشرت
قبل 4 سنوات
في
خفّضت يوم الثلاثاء الماضي وكالة ” موديز ” التصنيف الائتماني لتونس من ب2 إلى ب3 مع مع الإبقاء على آفاق سلبية … ورغم هذا الوضع الذي يؤكّد أننا في طريق الإفلاس المعلن في قادم الأشهر، فإن البلاد لا تزال تعيش على صفيح ساخن … فالهوة بين الأحزاب ومكونات المشهد السياسي والسلطة التنفيذية تتوسع يوما بعد يوم ولا أحد من سكان القصور أطلق صيحة فزع لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه…
والأغرب من كل هذا أن بعض حمقى المشهد من الذين لم يساهموا ولو بحجر واحد في بناء البلاد وتحديثها يواصلون شيطنتهم لمن سبقهم بتحميلهم تبعات هذا الوضع الذي وصلت إليه البلاد واتهام الجميع بالفساد والإفساد…هؤلاء لا يريدون الاعتراف بأن وضع البلاد ساء بعد 14 جانفي ولا دخل لمنظومة ما قبل ذلك التاريخ في ما نحن فيه اليوم…ولهؤلاء أقول…ألستم أنتم من كان رافضا ومشيطنا وناقدا سيء الأخلاق والخلق لكل ما أتت به منظومة البناء من بورقيبة إلى بن علي رحمهما الله…ألم تقولوا فيهما ما لم يقله اليهود في هتلر وما لم يقله مالك في الخمر…ألستم أنتم من يقارن أرقام حاضرنا بما حققناه سنة 2010…ألم تصبح تلك السنة هي السنة المقياس لكل ما تحققونه اليوم…ألم تفشلوا في العودة بالبلاد إلى تلك الأرقام …
ما ذكرته ألسنتكم أيها الحمقى…وأقصدكم أنتم يا بعض نواب مجلس باردو …أقول ما ذكرته ألسنتكم هو الاعتراف بأن قبل 2011 كانت لنا دولة ….وكان لنا رجال صنعوا التاريخ وحافظوا على البلاد وخدموا العباد…ماذا لو لم يكن لنا أولئك الرجال…ماذا لو كان كل رجال تلك الحقبة فعلا كما تزعمون من الفاسدين…لو كانوا فعلا كما تروجون وكما صرختم وإلى يومنا هذا تروجون، لما صمدت البلاد عشر سنوات من التخريب والهدم، فالفضل في بقاء البلاد إلى يومنا هذا على قيد الحياة يعود لمن كنتم ولا تزالون تحتقرونهم وتروجون عنهم الأكاذيب…. يا أغبياء مجلسنا الموقّر…أنتم ودون وعي منكم تعترفون بوطنية من سبقوكم في الحكم لأنكم كنتم أحسن حالا أيام كانوا يحكمون مما أنتم اليوم فيه وأنتم تحكمون…
قد لا تسنح لنا فرص أخرى لإنقاذ البلاد مما هي فيه قبل السقوط الكبير الذي بدأ يلوح في الأفق…لنكن معا…لننس خلافات الماضي…وعناوين الماضي وتحديات الماضي…تحديات اليوم أصعب يعد أن أسقطنا جزءا من سقف البيت على رؤوسنا بحقدنا وتعنتنا…لننس كل أحقادنا…ونصنع المستقبل بعزيمة وتحديات ووحدة الماضي الذي نجحنا خلاله في تخليص تونس من الاستعمار وكان الجهاد الأصغر كما يقول الزعيم بورقيبة…واليوم ونحن لم نكمل الجهاد الأكبر علينا أن نلتفت إلى المستقبل بعقلية أخرى ورؤية أخرى أساسها التسامح والعقلانية والمنطق لننجح في المعركة الأهمّ “الجهاد الأكبر”…معركتنا أو لنقل حربنا لا يجب أن تكون ضدّ بعضنا البعض بل ضدّ الفساد والفقر والتهميش والبطالة وغلاء الأسعار والتمييز و”الحڨرة”….
لنبْنِ الغد بما تركه لنا رجالات الماضي من تركة أساسها البناء وحبّ الوطن…لنتصالح مع ماضينا …و ننسى خيبات حاضرنا… ونعلن القطيعة مع أنانيتنا لنصنع مستقبلا أفضل لأجيالنا القادمة بسواعد هذه الأجيال…ولن ننجح في ذلك دون أن تكون هذه الأجيال دعامة البناء المستقبلي…فدون تشريك أغلبي للشباب لن نصنع مناخا سليما لمستقبل أجيالنا القادمة…بورقيبة راهن على الشباب وكان أكبرهم سنّا حين بدأ معركة البناء والتحديث وحربه على الجهل …فلا موجب اليوم لأغلبية هرمت ولم تعد صالحة لكل الأزمنة، فتونس لا يجب أن تكون مأوى للعجز من الساسة في زمن أصبح شبابها الذي يتقّد حماسا يمثّل الأغلبية…
علينا أن نعي جيدا طبيعة المرحلة التي تمرّ بها البلاد…فبفكر ونصح خيرة رجال الماضي وبعض رجالات الحاضر مع أغلبية من الشباب المتحمّس سنضمن مرورا سلسا ومريحا نحو المستقبل الذي نريد لأجيالنا التي أصبحت ترى في القادم سوادا….فاختاروا الأقدر والأعمق رؤية من جيل البناء والتحديث ليكون الأخ الأكبر…الناصح النصوح.. القاطرة التي بقراءتها للواقع واستشرافها للقادم توفّر لجيل جديد من الساسة كل مسببات النجاح…من أجل تأطير سياسي عقلاني ومتوازن لضمان أوفر الفرص لمشروع سياسي وطني شامل مستقبلي، يهدف للنهوض بالبلاد وإخراجها مما هي فيه منذ عشر سنوات وبعض الأشهر….فهلاّ فعلتم…