جور نار

محمد الأطرش: قتلتنا الأحقاد…في ديمقراطية الأوغاد…

نشرت

في

هل ما زال يطيب العيش في تونس اليوم؟ هل مازالت تونس تؤنس كما نعرفها مُذ ولدنا؟ تونس اليوم أصبحت وطنا مشتّتا…ضائعا…فقيرا…موجوعا…تونس اليوم وطن مهزوم هزمته الأحقاد والانقسامات…وطن أرهقته الصراعات السياسية السخيفة…وفوبيا الجميع من الجميع…وطن أتعبه التقصير…وأوجعه الإهمال…وذبحه جشع الساسة…

<strong>محمد الأطرش<strong>

تونس اليوم تئن من وجع أصابها في مقتل…تونس اليوم أرهقتها منظومة خدعت كل من آمن بها ومن ساندها…منظومة أفقرت البلاد والعباد…منظومة أغلقت أبواب الرزق في وجه كل من انتظروه…منظومة أذلّت الشعب…كل الشعب…منظومة أجهضت كل أحلام شباب البلاد وأزهقت روح مستقبله…منظومة خرّبت الاقتصاد منذ مسكها حكم البلاد…منظومة أوهمت الأغبياء والسذج…وخدعت الحمقى والمساكين…منظومة عبثت بالقضاء…وخربت كل مؤسسات الدولة….

منظومة أحيت الأحقاد وزرعتها…منظومة استباحت الدولة واعتدت على شرفها…منظومة انقلبت على الثوابت التاريخية للبلاد…منظومة اقترفت في عشر سنوات ما لم تقترفه منظومة الاستقلال والبناء خلال أكثر من نصف قرن…فالدولة لم تعد دولة…فتونس اليوم بلاد مفخّخة … زرعوها أحقادا ناسفة…ولا نعرف متى ساعة انفجارها…تونس اليوم وطن شظايا… وشظايا وطن…تونس اليوم تحكمها منظومة أكثر ظلما…منظومة لا تأخذ الحقّ للمظلوم…ولا تضرب على يد الظالم…منظومة ينام حكامها وشعبها جائع….منظومة تدلّت بطون حكامها، وشعبها فقير محتاج…منظومة لا مكان فيها للعقلاء والحكماء…منظومة لا تعترف بالمخلصين والشرفاء…منظومة يسوس فيها المغفّل العاقل …منظومة تنتصر فيها العصا على القلم …

هكذا هي اليوم تونس…تونس التي ولدنا فيها…وكبرنا فيها…ودرسنا فيها…ونجحنا فيها…وها هي اليوم تنهزم أمام منظومة صنعها بعضنا… وصفق لها بعضنا…واستبشر بها بعضنا…منظومة لا تزال تصرّ أنها الأفضل …أنها الأحسن…وأنها الأكثر عدلا…وأنها الأقدر والأصلح للحكم من كل من سبقها…منظومة تصرّ أنها الأمثل وأن رجالها هم الاستثناء…منظومة تؤمن وتصرّ على أنها خليفة الله في الأرض…وعلى الجميع أن يحمد الربّ على وجودها…منظومة حكمت ولم تعدل…فرّقت ولم تجمع…شتّتت ولم توحّد…هل هذه تونس التي ولدنا بها…كبرنا بها…لم تعد هذه تونس التي نعرف…لم تعد هذه الأرض أرضنا…لم يعد الوطن لنا…نحن اليوم وطن قابل للانفجار في كل لحظة…

نحن اليوم أمام ديمقراطية مهزومة… فاشلة… ديمقراطية جاءتنا محمّلة بالأحقاد…فاغتالتها أحقادها…ديمقراطية كشفت لنا حقيقة جديدة حاول بعضنا طمسها…فالديمقراطية لا يمكن أن تكون حلاّ لكل المشكلات…ولا يمكن أن تتأقلم مع كل المجتمعات…كما أن الديمقراطية لا يمكن أن تنبت وتنمو في مجتمع بعضه يحقد على بعضه…وبعضه يطلب ثأرا من بعضه…فالديمقراطي الحاقد أخطر على الشعب من نظام مستبد…وديمقراطيتنا الوافدة كشفت عجزها في الدفاع عن المنظومة السياسية الحالية، ولم تنجح حتى في الدفاع عن نفسها فأغرقت البلاد في الفوضى…

لذلك أقول أنه حان الوقت اليوم لنميّز بين الديمقراطية التي تجمع وتوحّد بين أفراد الشعب الواحد، وبين الديمقراطية الملوّثة بالأحقاد، والتي أصبحت اليوم خطرا فعليا على البلاد والعباد…فرئيسنا يحقد على أحزابنا…وأحزابنا تحقد على رئيسنا….وتحقد على بعضها البعض…ورئيس حكومتنا يحقد على رئيس جمهوريتنا…ورئيس مجلسنا يحقد على رئيس جمهوريتنا …ورئيس جمهوريتنا يحقد على رئيس حكومتنا…ويريد الثأر من رئيس مجلسنا…وحاضرنا يحقد على ماضينا …وماضينا يحقد على حاضرنا…وقطّة جارنا تحقد على قطّ جارنا الآخر وتنعته بالــ”زلم”…

الديمقراطية الحقّ هي تلك التي تكون خالية من الأحقاد وتكون على مقاس جميع مكوّنات الشعب وليس فقط على مقاس من يحكم….فمن ينقذ تونس من ديمقراطيتها الحاقدة…ومن يعيد تونس تؤنس كما كانت  ذات يوم كيومنا هذا من أيام مارس 1956…؟؟؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version