مسؤولو الفقر و الفرعنة … وجوه شاحبة… عيون زائغة و قفاف فارغة…
نشرت
قبل 4 سنوات
في
هذه هي الصورة التي ترتسم في أذهاننا بمجرد جولة بسيطة في أية سوق من الأسواق الشعبية… و تقابلها من الجهة الأخرى لافتات بأسعار ملتهبة لمواد استهلاكية أساسية تراها و هي تخرج لك لسانها في شماتة و تحدّ…
في الضفة المقابلة من أسواقنا الملتهبة و جيوبنا الخاوية “رجال” يتناطحون في القصور و لا يهمهم لا سعر الفلفل و لا سعر الطماطم و قد يقترحون علينا أن نعوض الخبز بالبيسكوت مثلما اقترحت على شعبها ذات ثورة ماري انطوانيت… إنهم في قصورهم لا يأبهون لنا و لمعاناتنا .. لا يقفون معنا في محطات الحافلات المزدحمة و لا القطارات و الميتروات المكتظة… لا تتهرّأ أحذيتهم البالية و هم يجوبون الأسواق بحثا عن أرخص السلع و أبخسها.. لا تنكسر نظراتهم أمام أبنائهم و هم يعودون إليهم دون حليب و دون لحم و دون غلال .. لا يقفون وقفة ذل و بؤس و مالك البيت يطالبهم بالخلاص أو الخروج..
إنهم في قصورهم يفكرون و يخططون و ” يكمبصون” لا لا أرجوكم لا تذهبوا بظنونكم بعيدا… لا يفكرون في مستقبل البلاد و العباد أبدا.. بل في كراسيهم و سبل إطالة مدة جلوسهم عليها، فيما المواطن يواجه وحده ويلات الكورونا و الإفلاس و الجوع إن اهتماماتهم غير اهتماماتنا و مشاغلهم غير مشاغلنا و أولوياتهم غير أولوياتنا ففي حين يبحث البعض عن آلة أوكسيجين لقريب مريض أو سرير إنعاش لأب أو أم نال منهما الوباء و يجاهد الآخر من أجل إنقاذ مؤسسته الصغرى من الإفلاس بخلاص فاتورة متأخرة أو صك مستوجب، يُعقِّد سياسيونا الأمور و يُعمِّقون أزماتنا و يزيدون من منسوب التوتر في حياتنا فهؤلاء جماعة من النواب يتراشقون بأقذع الشتائم و السباب و يتبادلون بذيء الكلمات و الحركات و لا يتحالفون إلا لتحقيق مصالح ذاتية أو حزبيّة و لا تبلغنا غير أخبار مؤامراتهم و ابتزازهم و دسائسهم و مفاوضاتهم السرية.
و هذا رئيس مجلس نواب لا شيء يشغله اليوم غير التعجيل بإحداث صندوق التعويضات _ و ما أكثر صناديقنا في هذه البلاد حتى أننا صرنا لا ننتظر غير صندوق واحد يريحنا و يريحهم منا _ و يرسل في ذلك مراسلة لرئيس الحكومة من أجل توفير المقر و كل الإمكانيات البشرية و المادية و اللوجستية في أقرب الآجال. و هذا رئيس الدولة يغرقنا في تأويلات و تخريجات و مفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان و يخاطبنا بلغة مؤدب الصبيان و هو يشهر في وجههم عصاه و يبشرنا بأنّ بلدنا بخير لكننا لا نرى هذا الخير. و قد طلع علينا منذ يومين عند لقائه مع محافظ البنك المركزي بأنّ خزائن الدولة مليئة عامرة و أن لا خوف من الفقر.
فإذا كانت خزائن الدولة مليئة كما تقول يا ساكن قرطاج و إذا كانت الحكومة قادرة على دفع التعويضات كما تدّعي يا ساكن باردو و إذا كانت المسائل الاقتصادية ليست بذات شأن في مفاوضاتكم و مداولاتكم أيها النوّاب ، فلِمَ يتفاقم الفقر في بلادنا و تتضاعف أعداد الفقراء حتى أن أكثر من خُمس سكان البلاد هم تحت عتبة الفقر؟ لم يكثر المتسولون في شوارعنا و مفترقات طرقاتنا؟ لم تموت العاملات الفلاحيات على قارعة الطريق؟ لم تغرق المؤسسات في الديون و تعجز عن الحفاظ على عمّالها؟ لم ينهار الدينار و تتهاوى قيمته أمام العملات الأجنبية ؟ لم تعجز الحكومة عن تشغيل العاطلين الذين يقفون طوابير في انتظار فرصة عمل؟ لم تتضاعف أعداد الحارقين و الهاربين و الياسين و المنتحرين ؟ لم تعجز الدولة عن التعويض للمتضررين من جائحة الكورونا؟ لم لا تنعقد جلسات مجلس النواب إلا للمصادقة على قروض نُكبّل بها أنفسنا و أجيالنا القادمة ؟ لم تضطر الدولة إلى تسوّل الغذاء و الدواء ؟ و لم… و لم… و لم.. ؟
لا شيء غير مستقبل بلادنا يحتاج مفاوضاتكم و نقاشاتكم و ضجيجكم أيها النوائب الذين ابتلينا بهم، فمتى تعقلون و فهل تعقلون ؟ لا أحد غيرنا ضحية قدومكم يا غنوشي و لا أحد غيرنا يحتاج التعويض عن دماركم فوجّه صناديقك إلينا و قد أثبت السنوات العشر الماضية أن لا استبداد غير استبدادكم …. كفاك لوكا للهواء و توجيها للّكمات الصوتية و دروسا و خطبا لا تسمن و لا تغني من جوع و افتح خزائنك يا عمر و أغدق على شعبك مادام المال متوفرا كما تقول.. و إلا فسيطلع عليكم الجميع عرايا _ مثلما خرج أحدهم _ ليفتكوا حقهم المسلوب.