دُمّـنار

من مهرجان الإشعاع إلى مهرجان الشعشعاني

نشرت

في

زارتنا أيام قرطاج السينمائية و أمضت بيننا أياما ثم غادرت على أطراف الأصابع و كأنها قد شعرت أنها أخطأت الزمان و المكان. سافرت دون أن تترك ما يمكن أن نوثقه عن الزيارة و الحال أن لهذه التظاهرة تاريخا عظيما و آثارا لا تمحى من دفاتر الثقافة التونسية و تألقها الدولي.

<strong>محمد الواد<strong>

فمن منا يعرف ما جرى طيلة الأيام و بماذا استمتع الجمهور؟ من فينا يستحضر ما يمكن أن نتذكر به الأيام السينمائية عدا صور الافتتاح و الاختتام و بينهما العرض التنكري الذي أهاج الفضول و أسال لعاب الباحثين عن لقائط الأحداث؟ نحن نتحدث أيها الأعزاء عن تظاهرة أيام قرطاج السينمائية و ما ادراك….التظاهرة المنارة التي أشرت لكبار السينمائيين العرب و الأفارقة و بقية دول العالم الثالث لكي يصبحوا رموزا يشار إليهم بالبنان فما بالك بمن نال منها جائزة أو حظي بمباركة النقاد و الجمهور !

مرت أيام قرطاج السينمائية الأخيرة مرور الأذلاء و كأنها تنعى الدورات التي كانت تتوقف فيها أنفاس العاصمة و تحول شوارعها و مقاهيها و مطاعمها و نزلها إلى معابد للصورة و الموقف ….تظاهرة تستنفر الطلبة و التلاميد و عشاق الفن السابع من كل الأعمار و المستويات و الأذواق لتتحول إلى طوابير لا تنتهي أمام شبابيك القاعات ….تظاهرة تزهر فيها الندوات في كل زاوية و تطرح فيها القضايا السياسية و يفسح فيها المجال للمناضلين من كل أصقاع العالم للتعبير عن آرائهم و مواقفهم .

أيام قرطاج السينمائية كانت شبه فسحة حرية و إبداع حيث تنسحب السلطة من الساحة ليبقى وزير الثقافة وحده في قلب المعمعة خادما سعيدا يلاحق الملاحظات و يسأل عن الضيوف و حسن التنظيم لأنه أول من يعرف أن التظاهرة حولت تونس إلى قبلة ثقافية عالمية .و كنت ترى المثقفين من شعراء و أدباء و مسرحيين و رجال قانون و أساتذة و معلمين وسط الطوابير للظفر بتذكرة الدخول لمشاهدة فيلم ليس كالأفلام الأخرى …فيلم قد يكون من المحظورات التي لا يسمح برؤيتها إلا خلال أيام قرطاج السينمائية. فماذا عسانا أن نقول عن الدورة الأخيرة بعد أن ضربها كل هذا الهزال و كل هذا الابتذال ؟ و ماذا تبقى منها لكي نقنع عشاق الأيام بالعودة إلينا في الدورات اللاحقة ؟؟

هل نعرض عليهم صور الهوانم المتأنقات الباحثات عن صور تبرز مفاتنهن للمتلهفين على سكب لعابهم كيفما اتفق و كأننا في وليمة ضباع؟؟ و لعل ما يثير شفقتي أن أغلب ما يسمى بتغطية الحدث الثقافي دار في كنف البحث عن البوز السخيف حيث ترى حامل الميكرو و خلفه كاميرامان يلاحق ربع فخذ أو صدر بارز زيادة عن اللزوم حتى لا يعود إلى قواعده الإعلامية بخفي حنين و حتى لا يلومه أعرافه عن تقصيره المهني الموصوف….. أما المتحذلقون و المتحذلقات فعادوا إلى صورهم الشعشعانية ليضعوها في صدر البروفايل…و لسان حالهم يردد….اعرف مع اشكون تحكي !!!!

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version