مولاي…اِخترْ بين: “لقد وُلّيتُ عليكم ولست بخيركم” … أو “أنا الحجّاج إن أنزعْ قناعي تعرفوني”!
نشرت
قبل سنتين
في
الآن وقد أصبحت السلطان بعد أن وافقت قلّة منا على ما جاء في دستور السلطان، هل سيتغيّر حالنا وحال البلد؟ فمنذ سنة بالضبط وعدتنا بالأمن والأمان بعد أن جمعت بين يديك كل سلطات السلطان…
لسنة كاملة حكمت وحدك… فعلت ما تريد…وتصرفت كما تريد…وحاكمت من تريد… ووضعت تحت الإقامة الجبرية من تريد… ومنعت من السفر من تريد…وأعفيت من المسؤولين من تريد…وعيّنت في مناصب الدولة من تريد…وسجنت من تريد…واتهمت بالفساد من تريد…وشيطنت من تريد…وصرخت على من تريد…وازدريت من تريد…وتهكمت على من تريد…وقررت ما تريد…لكنك لم تحقّق شيئا …ولا جزءا بسيطا ولا ذرّة واحدة مما نحن نريد…ألسنا الشعب الذي قلت في دستورك إننا صاحب السيادة؟ فلِم حققت كل ما تريد…ولم تحقّق شيئا مما نحن نريد؟
واليوم بعد أن أتممنا لك دينك…عفوا بعد أن “أركبناك” حصان السلطان هل حقّا ستسعدنا بما نريد؟ أم ستكتفي بالقلّة التي بايعتك وهتفت باسمك كما تريد؟ اليوم لا حجة لك إن أخفقت في ما نريد…فكل السلطات بين يديك…وخزائن الدولة بين يديك…وأعوان الدولة بين يديك…والقضاء بين يديك…وثروات البلاد بين يديك…واقتصاد البلاد بين يديك…وتجارة البلاد بين يديك…ومصير البلاد بين يديك…ورقابنا بين يديك…والسيف بين يديك…فاقطع رقابنا إن أردت…
أنت اليوم وغدا وبعد غد من سيتحمّل وحده…أي نعم وحده… تبعات كل فشل معلن وغير معلن من سياساتك، وسياسات من ستختارهم ليجلسوا على كراسي الدولة يخدمونك…ويخدمون الشعب إن سمحت لهم…فلن يقبل الشعب مستقبلا اتهامك لمن سبقوك بالخراب فأنت اليوم من يحكم…ولن يقبل الشعب بعد اليوم تحميل كل ما أنت فيه لمن سبقوك في الحكم وانقلبت عليهم…فأنت من انقلب…أنت إذن من سيتحمّل تبعات ما أتاه…دستورك منحك الحصانة وأنت في قرطاج…ومنحك أو منحت نفسك الحصانة وأنت خارج قصر قرطاج…فقط نسيت أمرا واحدا هو أن الحصانة الأهمّ لن يمنحها لك دستورك…فدستور الخالق هو الأهمّ وحصانته هي الأعظم…فلا تنس هذا… ولا تنس أيضا أن حصانة الشعب لن يوفرها لك دستورك بل ما ستفعله من أجل هذا الشعب…فالشعب هو من يسحب الحصانة عنك يوم يدرك أنك لم تأت شيئا لهذا الشعب…فاحذر غضب الشعب…يوم يخيب ظنّه…
خرج أتباعك ومن هرولوا لصناديق الاقتراع ينعمونك بــ”نعم” إلى شارع الزعيم يحتفلون بوصول دستورك سالما غانما كامل الأوصاف…هتفوا…زغردوا…رقصوا…رفعوا صورك…اين؟ في شارع الزعيم…الزعيم الذي صنع رمزية اليوم الذي انقلبت فيه على شركائك…ووضعت فيه دستورك…واصبحت فيه سلطانا حاكما بأمره…”محصّن مضمّن” كما تقول والدتي رحمها الله… الزعيم الذي تريد اليوم ان تُنسي الشعب فيه وفي ما أتاه لهذا الشعب…إن أردت حقّا أن تنسينا في من سبقوك …عليك ألاّ تفشل في ما فشلت فيه في سنتك الأولى سلطانا…فشعبك اليوم يأكل من وراء البحار…ويستعمل ما يصنع وراء البحار…ويلبس اغلب ما يجلب من وراء البحار…ويركب سيارات من وراء البحار…ويتناول أدوية من وراء البحار…ويموت وراء البحار…ويسعد بما تبثه قنوات وراء البحار…
حكومتك فشلت في كل شيء…فشلت في الاستيراد…وفي ضمان الاستيراد…فشلت في الدفاع عن القدرة الشرائية للمواطن فأفقرته وعذّبته وأوجعته…فشلت في رفع القمامة حتى تكدّست فأفسدت…فشلت في إيصال الماء وتوزيعه …فشلت في الحدّ من ارتفاع الأسعار…فشلت في خلق مواطن شغل للعاطلين…فشلت في ضمان صحة للجميع…فشلت في توفير الأدوية، المئات من الأدوية…فشلت في الحدّ من الاحتقان…فشلت في الدفاع عن السيادة الوطنية…فشلت في ضمان استمرار النشاط الرياضي…فشلت في تنشيط أعيادنا الوطنية، فاصبحنا دون تاريخ ودون هويّة…فشلت …وفشلت…وفشلت حتى فشلت…وفشلت وأفشلت…حتى أفشلتنا…وفشل الوطن في إقناعنا بالبقاء في وطن يئن…من وجعنا…
خلاصة قولي…الأكيد انك قرأت بعض الاسطر من قصيدة نزار قباني “السيرة الذاتية لسياف عربي ..!”…والأكيد أنك قرأت “خطبة أبي بكر الصديق عند توليه الخلافة”…هذه بعض الاسطر من هذه ومن الأخرى فاختر ما تليق بمقامنا وما أقرب لحالنا…وأنت اليوم الرئيس السلطان…يقول نزار في بعض من قصيدته:
أيها الناس:
أنا الحجاج إن أنزع قناعي تعرفونى وأنا جنكيز خان جئتكم… بحرابى … وكلابى… وسجونى لا تضيقوا – أيها الناس – ببطشى فأنا أقتل كى لا تقتلونى…. وأنا أشنق كى لا تشنقونى.. وأنا أدفنكم فى ذلك القبر الجماعىّ لكيلا تدفنونى..
ويقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه في خطبة توليه الخلافة: “يا أيُّها الناس، قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدِّدوني. أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإذا عصيتُه فلا طاعة لي عليكم. ألا إنَّ أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحقَّ له، وأضعفكم عندي القويُّ حتى آخذ الحقَّ منه. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم”…
فاختر ما يليق بمقام شعبك وما تريد…فأنت اليوم سعيد بما اردت وتريد…فهل سيصبح الشعب سعيدا بسعيد أم سينعت بالشعب “الشريد” في ظلّ حكم السلطان سعيد…السعيد…