تابعنا على

ومْض نار

نجاة ملايكي: المقاطعة مبالغ فيها

نشرت

في

تواجه عبير موسي حملة كبيرة تستهدف أساسا نوعية نشاطها وطريقته داخل البرلمان والتي ارتكزت بالخصوص على وسيلة  مستحدثة في تبليغ المعلومة ونقل الواقع، خرجت عن جلباب الإعلام الكلاسيكي  (التلفزة والراديو والصحافة المكتوبة) لتعتمد البث المباشر عبر الهاتف الجوّال والبث عبر الويب الذي بات يستقطب ملايين المتابعين لما وجدوه فيه من آنيّة وسهولة في الاستخدام. لكن أين أخطأت عبير وأين أخطأ منتقدوها؟

نجاة ملايكي Najet Mlaiki
<strong>نجاة ملايكي<strong>

لأول مرة في تاريخ البرلمان التونسي، أمكن للشعب الاطلاع على أنشطة نوابه خارج الجلسات العامة، ومتابعة كواليسه ومواكبة بعض أنشطة لجانه ومكتبه مباشرة، مثلما أمكن متابعة ما يدور في بعض أروقة وكواليس هذا الفضاء التشريعي  من مستجدات على عكس ما كان معمولا به في السابق، إذ أتذكر أن الحضور في إحدى لجان البرلمان كان يتم بترخيص مسبق  وبنوع من المحاباة لهذه الوسيلة الإعلامية أو لتلك، حتى أن أحد المسؤولين البرلمانيين السابقين صرّح ذات مرة  في رياء أنه قد مكنني من حضور أشغال لجنة الإعلام وكأنه قد أدخلني التاريخ. و أتذكر كيف تهامس الحاضرون فيما بينهم صلب هذه اللجنة عندما ذكرت إحدى الوزيرات السابقات بأن سياسة بن علي مصيبة وهي تقصد صائبة – رغم سلامة الكلمة في القاموس العربي- لكن الهمس كان أيضا بسبب وجود صحفي في اللجنة المغلقة سمع ما قيل بصفة غير مقصودة عن سياسة بن علي.

لقد نجحت عبير موسي في نقل هذه الكواليس التي كانت مغلقة وكشفت عديد الحقائق، وأحبطت التصويت لمشاريع قوانين كانت ستكون سيفا مسلطا على رقاب المجتمع التونسي واحتجت بصرامة ضدّ سياسة المكيالين الممارسة من رئاسة المجلس لفائدة ائتلاف العنف، وأبرزت عديد التجاوزات، ونقلت بأمانة  ضمنها البث المباشر، الذي يحظى بمتابعة ملايين التونسيين، كيف جعل رئيس البرلمان المجلس امتدادا لحزبه، وأنارت الرأي العام حول عديد الخروق والتجاوزات الحاصلة داخل البرلمان وكانت عينا مراقبة وصوتا عاليا ومنبّها ومعارضا لكل ما من شأنه أن يضرّ بمصير المواطن التونسي ومستقبله، وكانت كل تدخّلاتها مدعّمة بالوثائق والمؤشرات والأدلة ولم تتكلم من عبث بل عن دراية وإلمام كبيرين.

وفي ذات السياق كشفت عبير النقاب عن وجود قائمة لمساعدين برلمانيين يتقاضون أجورا من منظمة أمريكية (المعهد الديمقراطي الوطني) وطالبت بحق النفاذ للمعلومة لمعرفة أسماء المنتفعين بتمويلات هذه المنظمة، خصوصا بصفتها مكلفة بشؤون النواب لكن تم مدها بقائمة لا تحتوي إلا على الأحزاب المنتفعة مع الإبقاء على أسماء المستفيدين سرية.

وبمشاهدة الفيديوهات التي بثها الحزب الدستوري الحر مباشرة بدت عبير وهي تلاحق رئيس الديوان الذي تملّص من ذكر الأسماء، وأثناء ملاحقتها له في أروقة المجلس بلغت دهليزا يؤدي إلى المشرب واعترضت صحفيا ثم عاملة نظافة وتساءلت عن سبب وجود الصحفي هناك … وقد تكون تسرعت  في استنكار وجوده هناك باعتبار أن عامل المشرب أكد فيما بعد أن الصحفي اضطر للمرور من ذلك المنفذ بعد أن أغلقت أبواب المشرب أثناء وجوده في بيت الراحة. وحقيقة لم نشاهد في الفيديو ما ينتهك شرف الأشخاص أو أعراضهم.

البيان الشديد اللهجة الذي أصدرته نقابة الصحفيين التونسيين داعية من خلاله إلى مقاطعة إعلامية للحزب الدستوري الحر، يعدّ مبالغ فيه لأنه ارتكز على تهم أثبتت الفيديوهات المباشرة الموجودة على صفحة الدستوري الحر عدم وجودها وأبرزت أن التهم الموجهة لعبير موسي، من قبيل قيامها بممارسات فاشية وهتك الأعراض وتدجين الصحفيين والتي تضع الدستوري الحر في نفس خانة ممارسي العنف والإرهاب ، ليست في محلّها  ولا تخدم سوى النهضة وأتباعها في الوقت الذي تمثل فيه عبير موسي من أهم الأصوات المعارضة والمقنِعة في مواجهة التهديد الذي تعيشه البلاد والذي عاينا نماذج كثيرة وخطيرة ومتعددة منه لعل أحدثها غزوة المطار وإهانة الأمنيين في محاولة لتمكين مشتبه فيها بالإرهاب من تجاوز الحدود بالقوة لولا تصدّي الأمنيين.

كان من المفروض التريث قبل إصدار مثل هذا البيان في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به القوى المدنية في مواجهة الرجعية والتطرّف، رغم أن الصحفيين يتعرّضون أثناء أدائهم لمهامهم، للهرسلة والإساءة والعنف و مصادرة المعلومة ومحاولات الإسكات لكن من الخطأ  وضع الجميع في سلّة واحدة إذ يجب أن يكون التعقّل سيّد الموقف خاصة في هذا الظرف بالذات، كما كان من الممكن الاكتفاء بالتنديد إن لزم الأمر.

لكن يجب التذكير بأنه كان على الأمينة العامة للحزب الدستوري الحر أن تكون مثل الجندي الذي يدافع بشراسة لكن يقبل بالتراجع تكتيكيا عن خط الهجوم ليصيب هدفه لا أن يفتح على نفسه كل الجبهات ليستغلها خصمه، مثلما كان عليها أن لا تستهين بدعم أي طرف لها وأن لا تبالغ في تصوير الحاضرين واستفزازهم وأن تكون قوة جمع خاصة مع من يشتركون معها في السعي للإطاحة برئيس المجلس وهذا يمكن أن يتم لو تخلت عن فكرة أن كل من ليس معها فهو ضدها.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ومْض نار

تنظيم أيام “تراثنا بعيون أطفالنا” بواحة المنصورة

نشرت

في

محمد الزمزاري:

بالتعاون بين الدكتورة والفنان التشكيلية امل الهاني تم تنظيم ايام تنشيطية ثقافية تحت عنوان “تراثنا بعيون أطفالنا” لمدة عشرة أيام من يوم 12 فيفري إلى 22 من نفس الشهر.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

التظاهرة احتضنتها كل من مدرسة الجديدة المنصورة ومدرسة فج الريح ومدرسة القطعاية بالتعاون الوثيق مع مديري المدارس المذكورة ورجال ونساء التعليم وبعض الأولياء الذين تفاعلوا ايجابيا مع هذه المبادرة الهامة التي تتمثل في صقل مواهب التلاميذ الصغار من اجيالنا القادمة والتعريف بقيمة تراث الجهة الذي بقي مغمورا لعقود. من ذلك تاريخ منطقة المنصورة الضارب في التاريخ والمحتك فعليا و جغرافيا بالحضارة القفصية زيادة على انتشار الكهوف البدائية التي لعبت بها الأيدي و آثار “عين بريمبا” التي تثبت اول انسان ماقبل التاريخ في شمال إفريقيا بالإضافة إلى بقايا حيوانات مندثرة.

ولعل الذاكرة الشعبية تحتفظ بعدد من القصص البطولية عن سبب إطلاق اسم المنصورة على قرية “طرة” الرومانية الأصل (توريس تلميني) المدرج اسمها ضمن خارطة تونس في العهد الروماني. وربما المثير المتداول ان في نفس العهد كان عمال “توريس” يقومون بصناعة البلور والكؤوس والأواني البلورية يساعدهم في تلك الصناعة وجود الرمال الصافية الجميلة التي تنتشر بعض هضابها حتى لسنوات السبعينات (بوكيل). ولا يقتصر التراث على الآثار التي تضاف إلى معالم تونس، بل هناك الازياء التي تتغلب عليها الصبغة الامازيغية و كذلك المباني الامازيغية ذات الغرف المشابهة لقرية الدويرات.

على المستوى الثقافي كان لقرية المنصورة حضور كبير انطلق منذ أواخر الخمسينات على يدي فريق من الشباب الذين نشروا المسرح في الحهة وهم على التوالي : الميداني الزمزاري والمهدي الساسي والوسيم مصطفى بن سعد والطاهر الزمزاري الذين كانوا يقومون بجولات عبر قرى الرابطة و طنبار وتلمين على متن عربة مجرورة لتقديم عروض مجانية.

ويستوجب منا الإضافة لما يقام أواخر كل خريف من مهرجان بساحة “قدام الباب” لتقديم فصول ممتعة ذات أصول إفريقية (الاسد و الشابية) وكانت هذه العروض و الرقصات تعد من أجمل المناسبات ولكن الاجيال التي تلت سنوات الستينات لم تعاصر هذه العروض التي اندثرت قبل مجيئهم.

مبادرة ممتازة تقوم بها الدكتورة امل الهاني الفنانة التشكيلية المعروفة والتي أقامت عددا من المعارض للوحاتها بدور الثقافة ولقيت اقبالا واستحسانا كبيرين، فهل سنرى يوما تعميما لهذه المبادرة الايجابية التوعوية لتعريف أطفالنا و تلاميذنا بمجمل التراث القيّم الذي تزخر به بلادنا سواء عبر الآثار او اللباس او العادات او الأكلات، لكي تغرس في الاجيال الجديدة زادا وطنيا قد يتلاشى بسبب الإهمال ومتغيرات هذا العالم.

أكمل القراءة

ومْض نار

وطن اسمه فيروز

نشرت

في

سوسن الأبطح*:

لعلها المرة الأولى، التي يجتمع فيها أكثر من خمسة وثلاثين كاتباً عربياً، على صفحات مجلّد واحد، ليكتب كل منهم عن فيروز من زاوية اختصاصه، ومن مكانه الجغرافي، ووفقاً لرؤيته الذاتية أو الأكاديمية. “وطن اسمه فيروز” إصدار خاص من “أفق”، هو إنجاز جديد لـ”مؤسسة الفكر العربي” بحلة تليق بصاحبة الموضوع ومقامها، التي بإجماع المشاركين في الكتاب، تجاوزت رسالتها وطنها لبنان، لتحمل همّ القضية الفلسطينية، وتصبح جزءاً من الضمير العربي الجامع.

تحت إشراف الدكتور هنري العويط، مدير المؤسسة، وبجهد هيئة التحرير المكونة من الزميلين أحمد فرحات والدكتورة رفيف رضا صيداوي، ومزداناً برسومات للسيدة فيروز أنجزتها سامية الحمصي داغر خصيصاً لترافق الكتابات، مستوحاة من صور متداولة، يمتاز الكتاب بطابعه الجاد والأنيق. وهو يكرم فيروز بمناسبة عيدها الثامن والثمانين، ويتوفر على موقع المؤسسة.

“هي ظاهرة خرجت عن المألوف والدارج والشائع في الموسيقى والغناء والتعبير الشعري، ومثلت المنعطف الأضخم في تاريخ الموسيقى والغناء العربيين الحديثين”، يصفها عبد الإله بلقزيز في المقال الافتتاحي. ومن خلال الأعمال الرحبانية الفيروزية “طرق الغناء العربي أبواب العالمية”. تميزت “جارة القمر”، بحسب الباحث المغربي بتنوع القوالب الموسيقية التي غنت بها، فقد تنقلّت بمهارة بين الملحمي والأوبرالي والكلاسيكي والابتهالي والنشيدي والجواري والفولكلوري والتواشيح والموال وغيرها.

اللافت أنك على مدى 350 صفحة من الحجم الكبير، ستقرأ تحليلات ومعلومات تصب في اتجاه التأكيد على أن فيروز ظاهرة استثنائية، وجلّ ما نستطيعه تجاهها هو أن نفهم قدرتها على عبور الزمن واختراق قلوب الناس، لتبلغ هذا الإجماع النادر. إذ لا تعثر على نقد فعلي، أو مآخذ يمكن تسجيلها. كأنما فيروز أصبحت في مكان أعلى من أن تمسّ أو تمتد إليها مشارط التشريح. وقد يكون صمت السيدة المزمن، واكتفاؤها بالغناء طوال ستين سنة ونيف وتعففها عن اتخاذ المواقف، مع أدائها الساحر، من العوامل التي شكلت حاجزاً منيعاً أمام محبي البحث عن الثغرات.

“صوتها هو الاحتياطي الاستراتيجي للبنان. أهم بكثير من احتياطي الذهب في أقبية البنك المركزي”، يعتبر نبيه البرجي. صمودها وتوهجها ليس بسبب الصوت، بحسب الشاعر هنري زغيب، وإنما بفضل عناصر أخرى، منها الإحساس العالي، واللفظ السليم، وإتقان مخارج الحروف والأداء، والحضور المسرحي التمثيلي المدهش والمحترف، يضاف إلى هذا كله اجتماعها بعبقرية الرحبانيين. إذ يرى زغيب أن فيروز بعدهما ليست كما معهما، ومسرحيات منصور من دونها لم تكن كما لو من بطولتها، وبالتالي فإن هذا “الثالوث الرحباني ظاهرة فريدة في الشرق لا تتكرر… حتى أنه ما عاد ممكناً تأريخ مرحلة 1947 – 1977 في لبنان من دون الحضور الرحباني المضيء”.

وتتبع الدكتورة رفيف صيداوي في دراستها الشيقة ما يسمى سوسيولوجيا الأغنية الفيروزية، من خلال الأغنيات والمسرحيات مقتفية أدوارها. فهي “غربة المؤتمنة على الأرض”، الزّارعة بذور الثورة ضد الظلم، الطامحة إلى الحرية في “جبل الصوان” عام 1969 وهي «زاد الخير» الفقيرة البسيطة التي تواجه بعنفوان التمادي في استعباد الناس وتتصدى للشر وتنتصر لقيم العدالة والمواطنة في “ناطورة المفاتيح” وهي “زيّون” ذات النوايا الطيبة، التي تسعى إلى المصالحة وتترفع عن الانقسامات في “ميس الريم” 1975 وهي وردة التي لا تترك أرضها في “المحطة” 1973 و”لولو” التي تفضح فساد الحكم والنفاق والجبن. وهي الملكة “شكيلا”، التي تضحي بابنتها للحيلولة دون انكسار شعبها وهزيمته في مسرحية “بترا” 1977. وبالتالي فيروز هي “ناطورة القيم” في استعارة من خالدة السعيد.

قراءة دكتور سعد البازعي لشعرية الأغاني الفيروزية تفتح للقارئ نافذة على مكامن جمالية جديدة. يذهب الباحث السعودي ليستكشف ما وراء الأسماء والأبواب والشبابيك والجسور والطيور، في مجموعة أغنيات تتمحور حول هذه النواظم، وغيرها. وإذ يتوقف عند فرادة بعض الاستخدامات والصور تلفته قصيدة أسامينا، وغناء فيروز لقصيدة جميل بثينة “أحب من الأسماء ما شابه اسمها ووافقه أو كان منه دانياً”. وكذلك القصائد التي غنت الليل والنوم. ليقف متأملاً أمام أغنية “حبيتك تنسيت النوم يا خوفي تنساني حابسني برّاة النوم وتاركني سهرانة”. يقول: “تأمل فقط (حابسني براة النوم)، لكم عبر الشعراء عن السهر وتباروا في تصويره، لكن الحبس خارج النوم لم يرد بحسب علمي لدى أحد من قبل لا شاعر فصحى ولا عامية». الصورة الثانية المدهشة هنا هي “(خلف الطرقات وخلف الشبابيك). كم من فتاة نادت حبيبها من خلف الشبابيك، لكن خلف الطرقات؟ هنا تنفتح الدلالة ويصعب إغلاقها”.

المفردات الفيروزية ودلالاتها شغلت حيزاً من الكتاب، من بينها “القمر” الذي يقول عصام الجودر من البحرين أنه حمّال أوجه، سواء فيما يخص المعنى أو تنوع المقامات الموسيقية، حتى على مستوى الصوت، فمرة يذكر بغلظة، وأخرى برقة، أو بنغمة متوسطة. وعند دكتور حسن مدن من البحرين أيضاً قراءة لتأثيرات الأغنية الرحبانية على المستمع والموسيقى في الخليج.

للمصريين عدة مشاركات في الكتاب، وثمة كلام على المفاضلة بين فيروز وأم كلثوم. الباحث المصري كريم جمال يتحدث عنهما باعتبارهما “أكبر مشروعين نسائيين ولهما أكبر الأثر في رفع مستوى الأغنية العربية”، ولا مجال للمفاضلة “لأن طبيعة اللغة الشعرية والمضامين الموسيقية بين المشروعين تكاد تكون متنافرة، بالإضافة إلى أن هوية كل منهما تحمل دلالات مجتمعية وتاريخية وسياسية مختلفة”.

أما عمرو ماهر، المتخصص بفن الأخوين رحباني وفيروز فيرسم مساراً لعلاقة الرحابنة بمصر فيه الكثير من المدّ والجزر. عندما دعت إذاعة “صوت العرب” الثلاثي لتسجيل أعمال في القاهرة، اضطر عاصي إلى تقديم موعد زواجه من فيروز 25 يناير (كانون الثاني) 1955 كي يتمكن من اصطحابها معه، وأقاما ستة أشهر. على إثرها غنت فيروز أغنيات لسيد درويش مثل “الحلوة دي”، “زوروني كل سنة مرة” و”طلعت يا محلا نورها”. مع إعلان الوحدة بين مصر وسوريا بدا أن المصريين تحسسوا من نشر قصيدة لفيروز عن دمشق على صفحات جريدة لبنانية للاحتفال بالوحدة، ثم كانت حادثة زيارة صلاح جاهين وصلاح عبد الصبور للرحابنة وفيروز، وما كتبه عبد الصبور على صفحات “روز اليوسف” من أن فيروز لم تشارك في الحديث ولعبت دور ربة المنزل. وردت صحيفة لبنانية عليه، بأن “مباحثي يعضّ فيروز”، والقصد أن عبد الصبور مخابراتي لعبد الناصر، ليأتي الرد المصري بحجب أغنيات فيروز حتى عام 1966. حين ضجت الصحف المصرية بتصريح لعاصي الرحباني “أن أغاني فيروز ممنوعة في الجمهورية العربية المتحدة” عادت تتصدر أغنياتها وأخبارها عناوين الصحف والمجلات. ويبدو أن تمنّع الرحابنة عن الغناء للمناسبات المصرية كان أحد أسباب الحساسية والمنع في بعض الفترات، كما يذكر عمرو ماهر.

الكتّاب الفلسطينيون لا ينظرون إلى فيروز فقط من باب شاعريتها، فقد ارتبط اسمها بأمهات فلسطين الثكالى والقدس والنكبة وجسر العودة، وهي عند المؤرخ جوني منصور غنت ما عاينته بعينيها عندما زارت القدس قبل 1967 ورأت الحال المريرة التي عاشها المشردون والنازحون.

غنّت فيروز للقدس وبيسان ويافا وعواصم عربية عديدة، منها “عمّان في القلب أنت الجمر والجاه”، غير أن ما يلفت الباحث السوري نبيل سليمان، “أنه أياً يكن أمر البعد القومي للأغنية الفيروزية، فلبنان هو (سرّة) هذا البعد”، نلمس هذا في الأغنيات المخصصة للجنوب أو “سألوني شو صار ببلد العيد” وأغنية مثل “لبيروت” التي كتبها لها جوزيف حرب.

ومن العراق يتحدث الشاعر مؤيد الشيباني، عن الأسماء الكبيرة التي رافقت فيروز ورفدت تجربتها، هي هامات في الشعر والأداء والتمثيل، من جوزيف حرب إلى زياد الرحباني وفيلمون وهبي ونصري شمس الدين ووديع الصافي وآخرين. ويروي الشيباني حكاية مؤثرة من طفولته، مطلع السبعينات حيث كانت تنبجس أسماء مغنين من مصر والعراق والخليج ولبنان، تطفو وتخفت، وفي البيت ممنوع التلفزيون والراديو، لكن الراديو الذي تمكن من الاحتفاظ به كان طريقه لمعرفة الأخبار والبرامج الثقافية والاستماع لأغاني فيروز.

ولدور جوزيف حرب في رفد فيروز بأجمل أغنياتها ما لفت العديد من الكتّاب بينهم الأردني دكتور زياد جمال حدّاد، الذي يخصص صفحات لإلقاء الضوء على إضافات هذا الشاعر المتميز على مسار فيروز في “إسوارة العروس”، “خليك بالبيت”، “قدرت نسيت”، “لبيروت”، “رح نبقى سوى” وغيرها، متوقفاً عند المقطع البديع الذي يقول “تاجك من القمح مملكتك السلام، شعبك بيحبك لتبرد الشمس وتوقف الإيام، توقف الإيام”

دراسات عدة عنيت بمسرحيات فيروز الغنائية، دكتور سعد الله آغا القلعة من سوريا، وكذلك دكتورة حنان قصاب حسن، التي درست حضور فيروز على خشبة المسرح، وغسان الشهابي “بناء الأيقونة… فيروز في شخصياتها المسرحية”.

إجماع على حب فيروز، ووجهات نظر تحددها الجغرافيا. القراءة الجزائرية للشاعر سعيد هادف، الذي قدم معلومات قليلاً ما نعرفها، منها أن فيروز غنت في الجزائر للمرة الأولى والوحيدة أغنية “سافرت القضية”، التي منعت بعد ذلك، والتسجيلات الموجودة اليوم على الإنترنت هي نتاج تلك الحفلة الجزائرية، بعد نكسة 67 بعام واحد، وهو ربما ما يفسر غير المعهود لدى الأخوين رحباني.

تقول الأغنية “سافرت القضية تعرض شكواها في ردهة المحاكم الدولية- وكانت الجمعية قد خصّصت الجلسة للبحث في قضية القضية- وجاء مندوبون عن سائر الأمم” إلى أن تقول “وحين جاء الليل كان القضاة قد تعبوا، أتعبهم طول النقاش- فأغلقوا الدفاتر وذهبوا للنوم- وكان في الخارج صوت شتاء وظلام- وبائسون يبحثون عن سلام، والجوع في ملاجئ المشردين ينام، وكانت الرياح ما تزال تقتلع الخيام”.

الكتاب يظهر بوضوح صدقية عبارة للكاتب اللبناني محمد علي فرحات: “فيروز قوة لبنان الناعمة، لكنها أيضاً قوة الفن حين يجهد ليصبح قابلاً للاستمرار وديمومة الحضور”.

ـ عن “الشرق الأوسط” ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*صحفية لبنانية

أكمل القراءة

ومْض نار

برج السدرية … لتكن تونس خضراء بحق !

نشرت

في

تواصل جمعية السدرية للبيئة والتنمية المستدامة للأسبوع الثاني على التوالي جهودها الكبيرة لتشجير الحدائق المعدة لذلك وما يتطلبه بعث مساحات خضراء بالضاحية الجنوبية …

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari
<strong>محمد الزمزاري<strong>

وقد شملت الحملة شارع المغرب الممتد من المركب الجامعي إلى حدود شارع الجزائر الموصل إلى محطة الرياض للقطارات. و تم ذلك بفضل تدخل المصالح البلدية التي تفاعلت ايجابيا مع رجاءات المواطنين بغراسة الأشجار بالمساحات المعدة لذلك والتي كانت لسنوات ونظريا في حكم المناطق الخضراء غير أنها بقيت دون انجاز عديد السنوات كما ذكرنا سابقا، وظلت طويلا مناطق سوداء تغمرها المزابل و بؤر الناموس و ترتع فيها شتى الحشرات وحتى الزواحف احيانا.

كما تولت هذه الجمعية النشيطة التي تراسها السيدة فاطمة الزموري إنقاذ جزء من الأشجار ووضع التربة الصالحة وتم خلال يوم أمس غرس مساحة المفترق بين شارع المغرب و شارع تونس بالاشجار المتنوعة. كما كان للمؤسسات الخاصة حضورها مثلما حصل مع مسؤول إحدى المساحات التجارية القريبة الذي التزم برعاية الغراسات والعمل على سقيها دوريا …

وخلال نفس هذا اللقاء مع رئيسة الجمعية واعضاء مكتبها مع هذا المسؤول تم التطرق إلى مقترح متعلق بامكانية استغلال قطعة أرض تابعة لمحيط المساحة التجارية المذكورة لتركيز ملاعب للأطفال على حساب تلك الشركة واستعمالها مجانيا من قبل الأطفال الصغار المصحوبين باسرهم.

كما لا يفوتنا بأن هذه المبادرة الجمعياتية لم يخل طريقها من بعض الصعوبات البسيطة لكن المعطلة مثل أكداس الخردوات التي أعاقت المواصلة في غرس الأشجار كما شكلت تلوثا عاما سواء على حافة الشارع ككل او فوق أرضية المساحة المعدة للغراسة وترسيخ بيئة سليمة. ويقيننا أن المصالح البلدية النشيطة بسليمان ستسارع بإزالة هذه العقبة تشجيعا على جودة حياة المتساكنين واحتراما لجمالية المحيط

أكمل القراءة

صن نار