من اجمل الذكريات التي حملتها سنوات دراستي في باريس بالمعهد الوطني للعلوم السمعية البصرية من 1976 حتى 1979، اختلاطي بعديد الاجناس كانت باريس محطّة هامة في تكوين شخصيتها وصقلها … نعم هي عاصمة النور التي نوّرتني وبكلّ اختصار لولاها لما كنت ما عليه انا الآن …
اتذكّر جيّدا انّه يوم وصولي وبعد اتمام اوراقي اللازمة لتصبح اقامتي بباريس شرعية لا غبار عليها . بالمركز التابع للمعهد .حملتني الحافلة الخاصة بنا نحن كطلبة جدد لمقرّ سكنانا المقترح ..وكان ذلك بمجمع سكني (باحدى ضواحي باريس الشرقية “روني سو بوا” باعتبار قربه من المعهد بـ”بري سير مارن”) وحتى وصولي لذلك المجمع السكني، كنت متوتّرا جدّا بفعل الرهبة والانبهار ..انّه اوّل يوم بل اولى ساعاتي بباريس ..وماكدت انهي مراسم الترسيم وآخذ مفتاح غرفتي حتى بادرني احدهم بالسؤال عنّي كوافد جديد وبكلّ ترحاب وبسمة صادقة ..
كان اسمه فيليب ندوغوي وكان سينيغالي الجنسية .. وجدته ودودا جدا لكأنّه احد اصدقاء حومتي في ساقية الدائر .. ويوم ذهبت لاوّل مرّة للمعهد فوجئت بانّ معظم الطلبة هم افارقة جنوبي الصحراء …ومع مرور الايام اكتشفت اننا (احنا الخايبين)، كنّا نتوهم عنهم اشياء واشياء ولكن وفي جلّهم كانوا يعاشرون بكلّ حماسة ودون نفاق ..نعم وجدت في جلّهم الكرم الحاتمي وهم يمثّلون فعلا الصديق وقت الضّيق …وخاصة وبدرجة اولى السينيغاليون والماليون ..
هذه الخواطر لازمتني وانا اطالع كلّ يوم ما وقع ويقع في صفاقس وما كُتب ويُكتب وما صُرّح ويُصرّح به امام هذه الهجرة المكثّفة من اخوتنا افارقة جنوبي الصحراء، بين مندّد ومؤيّد … وللامانة ما اردت الكتابة في هذا الموضوع حتى تكتمل الصورة عندي .. وحتّى تكتمل الصورة ساطرح مجموعة من الاسئلة التي لم اجد لها اجابات مُريحة …
السؤال الاوّل لماذا هذه الظاهرة موجودة بهذا الكمّ في تونس ؟؟.. حتّى جغرافيا ليبيا والمغرب والجزائر هي اقرب لهؤلاء المهاجرين ..وحتى عمليات الحرقة لاوروبا ممكنة من هذه البلدان التي ذكرتها …وعمليا هؤلاء الافارقة وصولهم لتونس لا يتمّ الا عن طريق اما الجزائر او ليبيا ..يخخي احنا حدودنا موش جنوبا مع ليبيا وغربا مع الجزائر ؟؟… كونشي اذا جابتهم طائرات ورماتهم في الهواء متاع تونس …
السؤال الثاني لماذا هذا الكمّ الهائل في صفاقس بالذات ؟؟ خاصة انّ عديد المدن في تونسنا من جنوبها الى شمالها هي على ضفاف البحر الابيض المتوسط ؟؟…
يوم اجد اجابات مقنعة لهذين السؤالين ساقول امّا مرحبا باخوتنا الافارقة ..او ساقول وحفاظا على مصالح بلدي ومدينتي العليا اعيدوهم الى بلدانهم … وهنا اعني الوافدين غير الشرعيين طبعا .. مع مصلحة تونس كبلد او صفاقس كموطن .. انا ما نلعبش ..وطززززززز فلّلي يقللّي عنصري ..