جور نار

نحن شعب لا يخجلُ مِن نفْسه… يَسعَد لمأساة بعضِهِ…

نشرت

في

Les Verts veulent encadrer strictement l'usage de menottes pour des mineurs  - L'Avenir

تدخل بعض مواقع الحقد الاجتماعي عفوا التواصل الاجتماعي التي تقطر حقدا فتستغرب ما يكتبون…أول أمس بلغ إلى مسامعنا جميعا إيقاف الصادق شورو القيادي السابق بحركة النهضة ثم إطلاق سراحه…قلت في خاطري ماذا لو قمت بجولة بين مواقع الحقد الدفين لأرى ما يكتبون…أقول دخلت أحد هذه المواقع وهو لــ”سيدة” تجيد الصراخ والعويل واللطم و”النخّان” إن لزم الأمر، و”النخّان” هو رقصة هزّ ولطخ الشعر تقوم بها نسوة بعض جهاتنا…

<strong>محمد الأطرش<strong>

يا جماعة إن قرأتم ما كتبته وتكتبه هذه “السيّدة” ستخجلون من أنفسكم وستلعنون العالم أو ربما ستقسمون انكم ستغادرون هذه البلاد في اول فرصة تسنح لكم…هذه “السيّدة” يرتفع منسوب سعادتها مع كل خبر يصلها عن إيقاف او دعوة للتحقيق او اصدار بطاقة إيداع في أحد من تكرههم ومن تحقد عليهم ومن تتمنى لهم السوء ليلا نهارا ويوم الأحد…فأنت حين تدخل صفحتها تشتمّ رائحة الدم والهمّ والغمّ وبيع الذمم…لكن من هم هؤلاء الذين تكرههم سعادتها؟ هم كل من لا تتفق معهم… ولا يصفقون لمن تصفق…ولا يساندون من تساند…ولا يلعقون حذاء من تلعق علما وأن هذه “السيدة” أطال الله حقدها ولسانها وأظافرها تعشق سماع أغنية الشاذلي الحاجي “ميحي مع الأرياح” وتجيد العمل بما جاء في نصف البيت الاول من الاغنية التي كتبها عبد الصمد كورشيد.، كيف لا وهي التي لعقت كل الأحذية…و”الشلايك” أحيانا، نسيت ان أقول لكم ان شعار هذه السيّدة “من ليس معي فهو ضدّي”…أي نعم كل من ليس معها ولا يتفق معها في ما تأتيه وتحقد عليه هو خصمها وعدوها ووجب التنكيل به حيّا وميّتا…هكذا تفكّر هذه “السيّدة” وأظنّ أن المئات مثلها وأكثر…هم اليوم من يشعلون نار الفتنة وهم وقودها…وهم أيضا من يخدعون حكام البلاد ويزيّنون لهم مما يأتونه ما قد يسيء لهم ويوسع الهوّة بينهم وبين الشعب…

أسأل وأنا الفقير إلى ربّه، وأنا من لا يطمح لمنصب ولا جاه، ولا يريد شيئا من مولاه…أسأل وأنا الذي كنت رفقة بعض الأصدقاء وعددهم لا يتجاوز الألف ربما أكثر من عارضوا النهضة وشاكسوها واذاقوها طعم مرارة ما يكتبون وهي تحكم وتجلس على كراسي الحكم، حين كانت هذه السيّدة تكتفي بسماع أغنية “حليلي وي …حليلي وي” وهي تطبخ فطور زوجها وتتمايل على انغام قاسم كافي رحمه الله، وكانت حين تشاهد حمادي الجبالي وهو يفسر للشعب قانون المالية في نشرة اخبار الثامنة تصرخ في سرّها وعلنها “محلى زينو..مشبّو” ثم تجهش بالبكاء والعويل وتقفز إلى فراشها حافية القدمين لتنام والسلام، لتقوم صباح الغد على صوت زوجها وهو يصرخ “قوم طيب الفطور يا سخطة”…

أعود لأقول، ماذا سيستفيد الشعب من كل هذا الذي يحدث في البلاد؟ لماذا هتكنا عرض الدولة إلى هذا الحدّ؟ لماذا نسمح بنشر غسيل مؤسساتنا “المقدّسة معنويا واستراتيجيا” التي لا يجب المساس بها ولا نشر غسيلها ولا نشر حتى ما تفعله على قارعة شبكات التواصل الاجتماعي؟ لماذا نكشف “عوراتنا” لمن هبّ ودبّ، ألا تعتبر بعض مؤسساتنا بمثابة “ملابسنا الداخلية” التي وجب الحفاظ عليها… أليست شرفنا الذي وجب حمايته وعدم المساس به في كل الحالات وفي كل الظروف والأزمات؟ لماذا نصرّ على أن تكون عناوين صفحات صحفنا الأولى “بطاقة إيداع لفلان…” أو “الكشف عن مؤامرة…” أو “إيقاف الغنوشي وآل بيت الغنوشي ومن صاهر الغنوشي ومن جالسه…” أو “الكشف عن مجموعة من العملاء والخونة…”…والأغرب لماذا أصبح بعضنا يسعد ويفاخر بمثل هذه الأخبار؟ أهذا كان مطلبنا حين انتخبنا من يحكمنا بالأمس واليوم؟ لا أظنّ…فما نعيشه اليوم يذكرني ببرنامج إذاعي قديم “أغنية لكل مستمع”…فنحن اليوم نلبي رغبات كل مزاج شعبي …لنغطّي عن فشلنا وتأخرنا في إصلاح أوضاع البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا…

لماذا لا نرافق كل هذه الأمور العسكرية والأمنية والقضائية بالسرّية التامة ونكتفي فقط بكشف نجاحاتنا في حربنا على الإرهاب علنا تحفيزا وتشجيعا لقواتنا العسكرية والأمنية حفاظا على هيبتها وقداسة عملها ومهامها… وعلينا أن لا ننسى ان مزاج الشعوب لا يؤتمن فهو متحوّل وغير ثابت…كما علينا أن لا ننسى ان هذا الشعب حين يجوع غدا وحين يكتشف ان أوضاعه لم تتحسن…وأنه لا يزال يراوح مكانه في نفس الوضع الذي عاشه سابقا يكرر ما كان يطالب به لسنوات…فالبطالة تقتل أبناءه بالتقسيط…والاحباط يقضي على أحلامهم كل يوم …سيخرج ليطالب بالتشغيل …والخبز…والكرامة…والعدل والإنصاف وكل العناوين الثورية التي توشّح الشوارع والأنهج عند خروج الشعوب على حكامها…وسينسى كل ما كان يطرب لسماعه…وسيغني نفس الموال والأغنية التي كان يُسْمِعها لحكام الامس ولمن كان يصفّق لهم…ويفاخر بهم…ويلعق أحذيتهم “ارحلوا…” وسيعيد التاريخ المأساة في شكل آخر…أحقّا نحن في حاجة إلى إعادة فصول المأساة مرّة أخرى؟ لا أظنّ أننا في حاجة إلى إعادة كتابة بعض فصول التاريخ…فالوجع أصاب هذا الشعب ولن يقوى على تحمّله مرّة أخرى…

اتقوا الله في الناس…وأعراض الناس…وأسرار بيوت الناس…واتقوا الله في أبناء من تهتكون عرضهم…وفي عائلات من تشوهونهم بنشر أسرارهم…فربما غدا يهتكون أعراضكم…وينشرون أسرار بيوتكم…ألم تفكّروا في أن للناس أبناء…وللناس أمهات…وآباء…ليس هكذا تكسبون قلوب الناس…وليس هكذا تكسبون معارككم…وليس هكذا تحكمون البلاد غدا…وليس هكذا تكسبون معارككم السياسية…فإن اليوم “خصومكم تفضحون”…غدا لأسراركم وما تفعلون قد يفضحون…و”المسلفة مردودة…” كما يقولون… ألا تفقهون…

ألا يجب أن نعترف جميعا ان الحقد أصبح خبزنا اليومي… ألا نخجل مما نحن فيه يا سادة…ألم أقل سابقا حين طالبت بالمصالحة الشاملة أن الحقد سيقتلنا الواحد تلو الآخر دون أن نسمع كلمة حب واحدة… في عالم أصبح فيه الحقد عقيدة… والعنف ممارسة يومية… في عالم تضاءلت فيه مساحات الحب والتسامح… واستوطنت الأحقاد مساحاته الشاسعة…ألا يمكن أن ننسى بعض الوقت أحقادنا…ونفكّر للحظة واحدة في مستقبل أحفادنا…فلنعترف فقط، ولو مرّة أننا أخطأنا في حقّ البعض وهم أحياء…وأخطأنا في حقّهم وهم أموات…ففي الموت لا اختلاف…ولا تعددية…ولا محسوبية…جميعنا سنموت يوما…دون أن نعرف كيف …ومتى…ودون أن نعرف من سيبكينا …ومن سيفرح لموتنا…فصمتا يا جماعة فبعضكم قد يقتلنا بنفاقه…بعد موتنا…وكفانا طربا لوجع بعضنا…تعالوا معا نغلق قوس “الحقد”…فأرض الله واسعة …ومساحات الحبّ شاسعة…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version