قد يكون العنوان صادما للعديد من اصدقائي … لانّهم يعرفون مواقفي من كلّ من مرّ على كرسيّ قرطاج ..وبآخرهم قيس سعيّد ….يعرفون مثلا انّي اعتبرت ومازلت اعتبر انّه وحده الزعيم بورقيبة هو من كان الاجدر بكرسيّ قرطاج …رغم كلّ اخطائه ورغم انّي دفعت ثمن معارضتي له كاعلامي لا يتردّد في الافصاح عن مواقفه مع ساكنيّ قرطاج ..
ولكن وبعد ان عاصرت كلّ من جاء بعده تيقّنت انّ المقارنة بينه وبين من خلفه على ذلك الكرسيّ هي تماما كالمقارنة بين التبر والتبن .. آش جاب لجاب ..بن علي الذي جاء بعده بقدر تحقيقه لنموّ اقتصادي معتبر في عهده الا انه يعتبر “تليمذا” امام بورقيبة في نظرة هذا الاخير الاستشرافية السياسية والحنكة وخاصّة الزاد المعرفي ..رغم انّ بن علي تفطّن لهذا النقص فاحاط نفسه بمجموعة من الطاقات الهائلة كمستشارين ووزراء وكان لهم دور فاعل في تثبيت ونجاح حكمه ..
وجاء من جاء بعد 14 جانفي ..فكانت الصدمات المريرة تتسنّمها صدمة وصول ذلك المرزوقي لكرسيّ الرئاسة وبمعدّل لا يكفي حتّى ليكون تلميذا متوسّطا ( 7 آلاف صوت في الانتخابات ) بوّاته من خلال رؤية ترويكيّة ليكون ساكن قرطاج بعد تقاسم قاتو السّلط ..ولانّ السحر ينقلب حتما على الساحر ..كانت تلك “العَملة التاريخية” سببا في بداية انهيار الترويكا .. اذ انّ الشعب الكريم تيقّن والمرزوقي على كرسيّ قرطاج انّ ما قيل عن الثورة مجرّد لغو ..وانّه لم يتصوّر لحظة واحدة انّ تونس “كبّ ربّي سعدها” حتى يكون المرزوقي رئيسا لجمهوريتها …
وجاء بعده قائد السبسي ..المرحوم الباجي كان اراديّا او لا اراديّا مهووسا بشخصيّة بورقيبة وخاصّة بسياسة المراحل التي اعتمدها …من تلك الزاوية يمكن فهم تحالفاته مع الخصوم والاصدقاء .. لا احد ينكر على قائد السبسي ذكاءه السياسي منذ وصوله الى دفّة قرطاج ولكن وفي تقديري هو تعامل كرئيس للجمهورية بالفكر البورقيبي في الخمسينات والستينات ..والحال انّ متغيرات الزمن تقتضي التعامل بفكر جديد يتلاءم مع مستجدّات ما حدث انذاك داخليا واقليميا ودوليا ..لذلك فشل وانقلب عليه الاصدقاء قبل الخصوم ..
آتي الان الى مرحلة قيس سعيّد ..ودعوني اذكّر بموقفي منه كمتابع للشأن السياسي والشأن العام .. وهنا اعبّر عن موقف متواضع جدا لا يرتقي الى مواقف المحتصّين في العلوم السياسية ..انا اعتبرت ومازلت اعتبر منذ ترشّح قيس سعيّد للانتخابات الرئاسية وبعد نجاحه وفي فترة حكمه، انّ تونس تستحقّ رئيسا اكثر حنكة واكثر تجربة واكثر وضوحا في اعماله تجاه البلاد ..وبعبارة مباشرة وواضحة : تونس تستحقّ ما خير باااااااارشة من قيس سعيّد …واؤكّد ياااااااااارشة …
ولعلّكم جميعا تطرحون الان السؤال ..اذن ماذا اعني بعنوان المقالة (نعم كلّنا قيس سعيّد) ؟؟ هل لاحظتم انّي لم استعمل حرف الجرّ (مع) قيس سعيّد ؟؟ وهذا هو بيت القصيد ..جلّ لوائح اللوم التي تُوجّه لقيس سعيّد يمكن حوصلتها في الاستبداد بالرأي وبـ “لا اُريكم الّا ما ارى” .. اليس كذلك ؟؟ وهذه اللوائح وباستثناء انصار سعيّد من هم اصحابها ؟؟ هم الخصوم السياسيّون ..هم المحللون والنقاد ..هم كلّ من هبّ ودبّ الذين يكتبون في الشأن السياسي..
هؤلاء في جلّهم لا يختلفون في شيء عن قيس سعيّد ..هؤلاء هم ايضا عندما تسمعهم او تقرأ لهم تجدهم من نفس الفصيلة …يتوهمون انفسهم ليسوا فقط حملة افكار بل حملة حقائق لا تُجادل .. اذن السنا كلّنا قيس سعيّد ؟؟ لنا نفس العيوب ونفس السلوكيات ؟؟ … قليل منّا وهو يستمع او يقرا الرأي الاخر من يتعامل معه بمنطق (رأيك فيه كثير من الصواب وقد يحتمل بعض الخطأ ورأيي فيه كثير من الخطأ قد يحتمل بعض الصواب) … نحن في جلّنا نتعامل مع الرأي بمنطق (رأيك فيه كثير من الخطأ ولا بارقة صواب فيه ورأيي هو عين الصواب) ! .
السنا اذن من نفس شريحة قيسون ؟؟ السنا كلّنا قيس سعيّد ؟؟