الملل والنِحل والاحزاب والاقوام تكاثرت و تتكاثر يوما بعد يوم في دنيا السياسة …حكّ راسك واخرج لنا في اذاعة او تلفزة واخطب علينا وحلّلنا في الجنّة ذراع …
هم رهوط دأبوا على ذلك الفعل منذ جانفي 2011 ..وتعدّ تغلط …جلّ هؤلاء اعتبرونا بُلهاء وللامانة كان العديد منّا بلهاء، كنّا في جلّنا وعندما يظهر الواحد منهم اعلاميا نسقط عليه صفة المنقذ فاذا هو احيانا مانديلا واذا بآخر غاندي واذا بثالث الخليفة السادس واذا برابع عمر بن خطاب (نيولوك) واذا واذا واذا ومرة اخرى “عدّ تغلط ” … ويمشي زمان ويأتي زمان فنكتشف انّ تلك الرهوط هي كاذبة وسافلة وساقطة ..وطبيعي للساقط ان يسقط سريعا من الغربال بعد اكتشاف حقيقته …
هم يشتركون في خاصية جماعية ..اللعب على اوتار عواطف الشعب بـ “ايشي كلمات” ..وإيشي نرفزات ..وإيشي مقولات وكذا وكذا …غادر بعضهم الساحة …طوعا او افتضاحا وبقيت زمرة لم تعرف لحدّ اليوم انّها اصبحت امّا كوارط محروقة مفضوحة او كما يُعبّر عنها في لعبة الرامي “شينكة ترافل” تعبيرا عن قدرها الحقير وهي بالفلسين مردود ..هذه الفئة التي ظهرت بعد 2011 ومازالت تمارس العهر السياسي لم تكتشف انها من فئة من قال فيهم المتنبّي “انجاس مناكيد” .. هي فئة نجّست ودنّست السياسة بمفهومها الاصلاحي الراقي ونكّدت علينا حياتنا بولوجها الى مضاجعنا طمعا في مضاجعة ما تبقّى من وعينا …
والادهى انّ العصر الذي نعيشه بعد 2011 هو عصر الطحالب بامتياز فكلّما يختفي طحلب يظهر طحلب اخر اشدّ نجاسة وتنكيدا ..هل سمعتم مرّة واحدة بواحد من هذه الطحالب يتقدم بخطاب وطني شامل وعميق وصادق ويختم بـ “هذه رؤيتي لخلاص تونس وألتزم بعد ما قلته بأنّي ساكون جنديّا في الصفوف رافضا لأيّ منصب وايّ اغراء مهما كان نوعه ..ما قمت به هو من اجل تونس لا غير” …نحلم هواشي ؟ … نعم اعلم ذلك ولكنّ حلمي لم يكن يوما طوباويا …
ماذا فعل الرئيس السينغالي سنغور عندما انتهت مدّة رئاسته ؟ اعلن المغادرة وانتحى بيته للكتابة ..ماذا فعل مانديلا ذلك العظيم الافريقي حقق لشعبه طيلة عقود من الزمن ارقى رسالة انسانية: القضاء على التمييز العنصري … حكم لفترة رئاسية واحدة (1994 ـ 1999) وغادر ؟؟ هل ثار خالد بن الوليد على عمر بن الخطاب عندما خلعه من قيادة الجيش ؟ رضي بالقرار وواصل كجندي يحمي حمى الديار ..ومن هو خالد بن الوليد ؟ هو ذلك القائد الذي منذ اعتناقه الاسلام وتقلّد صفة سيف الله المسلول خاض زهاء المائة معركة ولم ينهزم وهو القائل على فراش الموت “لقد خضت مائة معركة او زهاءها وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف او رمية بسهم او طعنة برمح وها انذا اموت على فراشي كما يموت البعير افلا نامت اعين الجبناء” …
ذاك هو الفارق بين الشجعان الذين يضحّون من اجل قضيّة والجبناء الانجاس المناكيد الذين يسوّقون لنا الف خطاب وخطاب فاذا هم في المحصّلة متوافقون فقط على تقاسم القصعة . بما فيها من لحم وشحم تاركين لزعانفهم مشمشة العظام ولبقية الشعب الجوع والعطش والفقر والدمار والميزيريا الحرثة ..
لكلّ هؤلاء فليخرج عشرة منكم خمسة اثنان واحد على الاقلّ ممن اشبعونا خطابات عن الحرية و”الديموخراطية” والثورة والتغيير والكذب على الذقون ليلتزم بانه هو وفيلقه هو وجماعته هو وحزبه هو وعائلته سيغادر دفّة الحكم سيغادر الساحة دون طمع في ايّ منصب …
هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين …وها انا اجيب .. لن يكون ذلك ولن تكونوا كذلك لانكم الزفّ وخوه الطمّاع وخوه ..الانتهازي وخوه .. اللاوطني وخوه ..اي لا يمكن لاناس من معدنكم ان يكونوا صادقين …ولذلك ستتبعكم اللعنة الى يوم الدين …