. لأوّل مرّة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تشهدُ مؤسسة سياديّة حدثا جَللاً لم يكن يخطر على بال أيّ امريكي ولا حتى في أحلامه، فقد شهدت أعرق الديمقراطيات في العالم منذ ساعات قليلة أحداثا سرياليّة تعوّدنا حدوثها في عالمنا الثالث وضواحيه.
عدد كبير من أنصار الرئيس الامريكي دونالد ترامب، اقتحموا الحواجز التي وضعتها الشرطة الأمريكية حول مبنى الكونغرس، و تمكن المئات منهم في دخول الساحة الرئيسية للمبنى الذي كانت تنعقد فيه جلسة علنية لإعلان فوز جو بايدن برئاسة البيت الأبيض. وقد اقتحم مناصرو ترامب الحواجز وصعدوا إلى الساحة الرئيسية للكونغرس ورفعوا أعلاما مناصرة للرئيس المنتهية ولايته ورددوا هتافات رافضة لنتائج انتخابات نوفمبر الرئاسية. و ذكرت تقارير إعلامية محلية أن شرطة الكونغرس حاولت إغلاق كامل المبنى لمنع المتظاهرين من دخول مبنى “الكابيتول” دون جدوى، حيث اقتحم عدد من المتظاهرين قاعات الكونغرس، مما دفع أعوان الأمن لإجلاء النوّاب واصطحابهم لجناح آمن من المبنى،
حصلت تلك الأحداث الغريبة على بلد العمّ سام بعد نحو ساعة من دعوة ترامب أنصاره إلى “عدم الاستسلام ورفض الاعتراف بالهزيمة” والسير باتجاه الكونغرس. وأضاف (فخامته) في تغريدة على تويتر: “سأسير معكم وسنذهب معا إلى الكونغرس لتحية السيدات والسادة هناك.. نحن نطلب منهم أن يفعلوا الشيء الصحيح، أي أن يصوتوا فقط على الأصوات القانونية، أعرف أنكم ستسيرون سلميا وبروح المواطنة لتسمعوا صوتكم”.
ما حدث أمس في العاصمة واشنطن يُعدّ أمرا غير مسبوق بالنظر لعراقة الديمقراطية الأمريكية التي تُعتبر الأنموذج الديمقراطي الأبرز في العالم، وقد عبّر كل المحلّلين والمتابعين للشأن الأمريكي عن صدمتهم ممّا حدث، ولم يجدوا له أيّ تفسير. فالمواطن الأمريكي يتظاهر غالبا بسبب حادثة عنصريّة، ولكنّه لم يتجرّأ مطلقا على مؤسسة دستوريّة في أي مكان من التراب الأمريكي الشاسع، ناهيك عن مبنى “الكابيتول” ذي القيمة الإعتباريّة الرفيعة.
ولكن هذا التصرّف الغريب يجد تفسيرا له في حدَثٍ وقع منذ أيّأم فقط، حيث تولّت تونس بداية من شهر جانفي الجاري الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، بصفتها عضوا غير دائم بهذا الجهاز الأممي الهام للفترة 2020-2021، وهذا يعني أنّ اوّل إنجاز قد تكون قامت به بلادنا بهذه المناسبة هو إحداث “تنسيقية” في واشنطن لرفض نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة ، والضغط على نوّاب الكنغرس لإجراء “حوار وطني” ربّما قد يُفضي لإعادة الانتخابات أو تثبيت رونالد ترامب في البيت الأبيض لفترة ثانية وإلغاء فوز جو بايدن.
و قد جاء في بلاغ وزارة الخارجية التونسية منذ أيام، ان رئاسة بلادنا لمجلس الأمن الدولي يُمثل: “الموعد الأبرز في عضوية تونس بالمجلس وحدثا دبلوماسيا بالغ الأهميّة” (هههههه) وهذا ما وقع بالتحديد. فقد فهم أنصار ترامب “الدرس التونسي” وإقتحموا البرلمان الأمريكي لإجبار النواب على تغيير نتائج الانتخابات، مع قائمة أخرى من مطالب “التنمية” منها على سبيل الذكر: تهيئة القباضة المالية في تكساس، وترميم المدرسة الابتدائية في نيفادا، وبناء جسر على وادي مِجرادا في كاليفورنيا، وتوفير نقل مُريح للعاملات الفلاحيات في نيو مكسيكو، وتشغيل المُعطّلين الذين طالت بطالتهم في نيويورك، إضافة طبعا لإنتداب الشباب في المجمع الكيميائي في واشنطن وشركة الفوسفات بأريزونا. و قد وجدت هذه “المطالب المشروعة” مساندة كبيرة من عديد الأحزاب الامريكية التي انضمّ قادتها “للمسيرات السلميّة” رافعين شعار: “همبورغر وماء…. وبايدن لا”.
خلاصة الموضوع، وكما كتبت لي إحدى الزميلات الإعلاميات: بداية قوية لتونس على رأس مجلس الأمن الدولي، ( مالنهار الاول امريكا كلات بعضها, شهرين من زمان و تبدا الحرب العالمية الثالثة).