هل تتخلّى النهضة عن المشيشي…وهل يقبل ساكن قرطاج بعودة ابنه الضال؟
نشرت
قبل 4 سنوات
في
هل بدأت حركة النهضة تستعد جدّيا لما بعد المشيشي؟ سؤال يحاول بعض المصفقين لساكن القصبة تكذيبه والتعتيم عنه بطريقة أو بأخرى…ويحاول بعض المصفقين لساكن قرطاج ومن معه الترويج له رغم عدم درايتهم بحقيقة ما يدور في أروقة بناية مونبليزير…
النهضة تعيش أسوأ مراحل حياتها منذ عشر سنوات فبعد أن تقلّص حجم مناصريها وقواعدها إلى حوالي ثلث من صوّتوا لها أكتوبر 2011 بدأ بعض قيادات النهضة في التفكير جدّيا في انقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الاوان…فهل يعيدون خلط الأوراق من جديد ويتركون المشيشي لمصيره قبل أن تحسب تبعات ما يخطط له ساكن القصبة عليها ويتآكل ما تبقى لها من أنصار وأتباع؟
سذاجة المشيشي وجهله التام بتسيير الشأن العام…
تأكدت النهضة بعد مرور ثمانية أشهر من جلوس المشيشي على كرسي القصبة أن هذا الرجل لا يصلح للمكان ولا لهذا الزمان…ورغم تصريحات بعض قياداتها ومحاولة ايهام الجميع أنها تبحث عن الاستقرار الحكومي لتمكين المشيشي من تنفيذ برنامجه الإصلاحي، فإنها اقتنعت أخيرا أن الرجل سيكون سببا في ابعادها تماما عن المشهد السياسي لو واصلت الوقوف معه ودعمه، فهي تعلم جيدا أنها تورّطت في من اختاره ساكن قرطاج خادما له، وقد تتحمّل تبعات ذلك لو واصلت الوقوف خلفه، فحكومة المشيشي الحالية لن تكون قادرة على تحمّل تبعات برنامجها الإصلاحي، لو اضطرّت فعلا لتنفيذه حسب شروط صندوق النقد الدولي والمنظمات المانحة…ومن مآخذ حركة النهضة على المشيشي سوء اختياره لمن هم حوله فالرجل أحاط نفسه ببعض أصدقاء الدراسة ممن لا كفاءة لهم…كما أن ساكن القصبة نفسه لم ينجز شيئا من كل ما أعلنه أمام مجلس النواب واكتفى بالظهور إعلاميا في مواقف سخيفة وساذجة أثارت سخرية كل المتابعين للشأن السياسي بالبلاد…كما انخرط بطريقة غبية في حرب الردّ على القصف العشوائي اليومي لساكن قرطاج…
وتعيب النهضة على ساكن القصبة سوء إدارته لأزمة الكوفيد اجتماعيا وصحيا فالرجل فشل فشلا ذريعا في الحدّ من انتشار الوباء رغم اللجان التي كلفها بالأمر…ورغم الحالة الوبائية الجيدة التي وجدها عند جلوسه على كرسي القصبة، فإن عدد من ماتوا منذ حلوله بالقصبة يفوق بأكثر من 120 مرّة عدد من ماتوا بسبب الوباء خلال عهدة من سبقه على كرسي القصبة…وتفيد بعض المصادر من داخل الحركة أن النهضة قرأت فعلا حسابا للأمر، ولم تتورط في فرض بعض الحقائب الوزارية على المشيشي تحسبا لما قد يحدث في قادم الأشهر…فالغنوشي ترك الأمر مفتوحا على كل الفرضيات فالتورّط في بعض الحقائب الوزارية (وهو ما كان سيحدث لو مرّ التحوير الوزاري المعطّل من ساكن قرطاج) قد يلزم النهضة بتحمّل تبعات كل فشل حكومي وما ينتج عن ذلك، خاصة وأن شروط صندوق النقد الدولي (إن قرر فعلا المشيشي تنفيذها كما ورد في الوثيقة التي أرسلت إلى واشنطن) قد تكون سببا مباشرا في ما قد تشهده بعض الجهات من حراك شعبي رافض قد يصل إلى عصيان مدني شامل، رافضا لكل فصول الوثيقة…علما وأن برنامج المشيشي كان ينصّ على تغيير شكل حكومته تدريجيا لتصبح حكومة سياسية في قادم الأشهر، والبحث عن توريط الجميع في تبعات ما سيحدث عند البدء في تنفيذ الإصلاحات المفروضة من خارج الحدود…
مخاوف النهضة من تبعات وقوفها خلف المشيشي يبررها أيضا خوفها الكبير من موقف الاتحاد من الوثيقة التي أرسلت إلى واشنطن، فالنهضة تدرك جيّدا أن الاتحاد سيتراجع عن دعم الإصلاحات مع أول شرارة عصيان أو حراك شعبي اجتماعي …فالاتحاد يعيش بدوره مخاضا مؤلما فالعديد من الأصوات خارجه وداخله ارتفعت أخيرا تتهمه بأنه يمثّل الجزء الأكبر من المشكل الذي تعانيه البلاد فهو وحسب نظر البعض من المتابعين لم يهادن يوما أي حكومة من حكومات ما بعد 14 جانفي وهو من وراء انتفاخ كتلة الأجور إلى ذلك الحدّ، فهو من كان وراء الاعتصامات القطاعية التي تطالب بالزيادة في الأجور منذ اليوم الأول بعد خروج بن علي رحمه الله في اتجاه البقاع المقدّسة، وهو من كان أيضا وراء كل مطالب تسوية الوضعيات التي مسّت أغلب القطاعات، وهو أيضا من كان وراء هروب الآلاف من المستثمرين إلى بعض البلدان الشقيقة بحثا عن الاستقرار بعد الفوضى التي يقال أن الاتحاد هو من كان خلفها وداعما لها…وهو أيضا من كان وراء أزمة الحوض المنجمي فخسائر الفسفاط منذ عشر سنوات تكفي لخلاص نصف ديوننا الخارجية…وهو أيضا من كان وراء أكثر من مليون إضراب في جميع القطاعات المنتجة…
النهضة تدرك أن الاتحاد وبالذات قياداته تبحث عن خروج وردي معطّر بالياسمين كما كان الحال بالنسبة لمن سبقها بعد نيله جائزة نوبل للسلام، فقيادة الاتحاد الحالية تبحث جديا وبكل الطرق، ديمقراطية كانت، أو غيرها في إطالة عمر بقائها على كراسي حكم ساحة محمد علي، وجعلت من تحوير الفصل 20 من نظامها الداخلي هدفها الأول والأهمّ…وتراجعها عن دعم الحكومة لو شهدت بعض الجهات حراكا شعبيا اجتماعيا سيحسب لها، وقد تستفيد منه جماهيريا وقاعديا للضغط على مؤتمرها من أجل إطالة عمرها في ساحة محمد علي، خاصة وأن الاتحاد فشل في جمع الجميع حول طاولة حوار وطني كان أمينه العام يبحث من خلاله كسب شرعية وطنية للبقاء عهدة أخرى في موقعه…
كيف ستتخلّص النهضة من المشيشي؟
لسائل أن يسأل وكيف ستفعل النهضة من أجل التخلّص من تبعات جلوس المشيشي في القصبة وفشله المعلن مسبقا…النهضة لن تغامر بسحب الثقة من المشيشي برلمانيا فذلك سيورّطها في تشكيل الحكومة الجديدة وتحمّل تبعات ما أقدم عليه المشيشي قبل مغادرته القصبة، لكنها ستفكّ الارتباط مع المشيشي بشكل أو بآخر يضطرّه إلى البحث عن دعم غيرها من مكونات المجلس النيابي، وقد تكتفي بعرقلة كل محاولة لسحب الثقة منه وإجباره على العودة إلى حضن من اختاره، أو الاستقالة وإعادة الأمانة إلى صاحبها من خلال توسيع الهوّة بينها وبينه…فساكن قرطاج لم يع إلى حدّ الساعة أن وقوف النهضة ومن معها خلف ابنه الضال يخدمه مباشرة فهو لن يكون قادرا على تحمّل تبعات فشل المشيشي واسقاطات قراراته اجتماعيا فالوضع قد يكون أخطر بكثير مما وقع سنة 2011 وقد يأتي على الأخضر واليابس ويفرغ كل القصور من سكانها…
ستبحث النهضة في قادم الأيام عن الابتعاد تدريجيا عن المشيشي، وقد يخرج بعض قياداتها بخطاب رافض لما قد تُقدم عليه حكومة المشيشي لتجد مبررا في قادم الاشهر للتنصّل من مسؤولية كل إجراء قد يتسبب في حراك شعبي رافض للإصلاحات “المشيشية” المنتظرة…وقد يبحث المشيشي عمن يقف خلفه لتعويض لملء الفراغ الذي ستتركه النهضة واسناده في ما تبقى من العهدة، خوفا من تحمّل تبعات ما سيقع بمفرده وقد يصل به الأمر إلى تشكيل حكومة سياسية يشرّك فيها كل من هم ضدّ النهضة ومن معها (التيار، حركة الشعب)في محاولة لإرضاء ساكن قرطاج… وإن فشل في تجديد حزامه السياسي فقد يضطرّ إلى البحث من جديد عن حضن ساكن قرطاج بطريقة مباشرة ليكون عنوان المرحلة القادمة “عودة الابن الضال”…