مثلما ذكرنا بجريدة جلنار منذ عدة أشهر ان العقيدة الحربية الروسية تعتمد تكتيكات دقيقة تتمثل اساسا في الدفاع قبل الهجوم كما تتميز عسكريا بإرسال إشارة لجيش العدو توهمه بالنصر عبر تراجع تكتيكي قبل شن هجمات بأكثر قوة وضراوة.
وقد حصلت فعليا بعض الارباكات في بداية الحرب تعود أسبابها إلى سوء تقييم الروس المتجه إنذاك إلى أن اوكرانيا لن تتلقى كل هذا الدعم اللوجستي و السلاح و الأموال الطائلة من حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة تماما مثلما اساءت دول الناتو تقييم القوة العسكرية لروسيا طمعا في استنزافهما و إجبارهاعلى رفع العلم الأبيض أمام أكوام العقوبات التي تجاوزت ـ كعادة المعسكر الرأسمالي ـ كل الحدود والقوانين والأخلاق …
كان للناتو تحليل سطحي لمدى صمود الروس أمام حرب عسكرية بالوكالة بالتواريخ مع ضرب اقتصادها عبر ما يسمونه” بويكوتاج” انخرطت في تنفيذه ضد روسيا جل البلدان الاوروبية و العديد من البلدان الخاضعة للضغط الأمريكي…لكن ما حصل هو صمود قوي للاقتصاد الروسي وان تضرر بصورة نسبية، مقابل تأثّر الاقتصاد الأوروبي الذي أوقعه الأمريكان في هذه الورطة مما أدى بعد إلى تصاعد غضب الشارع في بعض من تلك الدول (فرنسا، انكلترا، المانيا) ..
والبوم وإثر تعيين قائد جديد للجيش الروسي فانه ينتظر ان تقوم قوات موسكو بمزيد الضغط على كل المدن الاوكرانية و الإجهاز على جل مؤسساتها الحساسة بعد ان ضربت خلال الليلة قبل الماضية القصر الرئاسي ومباني المخابرات و النزل التي اوت ضباطا اوروبيين و أمريكان و مستشارين.
لقد طرح القائد الروسي الجديد لون برنامجه الحربي منذ اول يوم ويدرك الروس مثل بلدان الناتو عزم القيادة الجديدة على ضرب جل مؤسسات الاوكران الحربية منها و المدنية مع قطع الإمدادات و قصف الناقلات و كافة المساعدات العسكرية القادمة من الناتو …و يظهر جليا ان ساعات الحسم العسكري قد قربت وان ما تمت ملاحظته خلال الفترة الأخيرة هو مزيد من تحديد “المكامن” التي تخفيها اوكرانيا وتعريتها بفضل تمشيط المخابرات العسكرية و المدنية الروسية …
لم يكتف الروس بساحة حرب اوكرانيا بل سجلو ا نجاحات متعددة سياسية و استراتيجية و عسكرية وذلك عبر أحداث ثورة حقيقية ضد الغرب بافريقيا ووضع قدم هناك وحرمان فرنسا من سرقة يورانيوم النيجر وبذلك ستصبح الدولة الفرنسية تحت رحمة الروس الذين يمدونها لحدود اليوم بما نسبته 40 بالمائة من حاجياتها ..هذا بالإضافة إلى الغاز الذي قد يقرر الروس في اي وقت قطعه.عن فرنسا و ألمانيا…
لقد بدأت بوادر التضارب بين مصالح البلدان الغربية كما بدأت بعد موجات معارضة الحرب بين بعض أعضاء البرلمانات كما راحت الولايات المتحدة تتذبذب بين مناداتها بضرورة ايقاف الحرب وبين موافقتها على إرسال طائرات أف 16 إلى كييف من قبل البلدان الاوروبية التي قد تخسرها هباء … و ينتظر الامريكان ما ستؤول إليه هذه الطائرات و ما هي الأسلحة الروسية التي واجهتها وكيف يمكن إصلاح اية ثغرات مفترضة …
على المستوى الافريقي فإن هزيمة فرنسا تعد مضاعفة إثر خسارة موطىء قدمها واستغلالها لحقول اليورانيوم وكذلك خيانة الولايات المتحدة التي ارسلت سفيرها للسلطة الجديدة و لم تحرك جنودها او تخرج جاليتها من النيجر .. ومن المرجح أنساحة الحسم ستتم (وان ابطات) قبل حلول الخريف الذي سيزيد في تعقيد الساحة العسكرية الاوكرانية واكتساح روسي مفترض لكل اوكرانيا … وذلك لقطع الطريق على أي بلد اخر يفكر في جلب الناتو إلى الحدود الروسية.