يواصل بعض المصفّقين لساكن قرطاج ايهامنا أن مولاهم أقرب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و أن أعماله تشبه كثيرا ما أتاه عمر …فهل حقّا مولانا ساكن قرطاج يشبه عمرا؟ و هل حقّا يمكن مقارنة أفعاله بما فعله مولانا عمر رضي الله عنه؟؟ تعالوا لنتحدث بأكثر صراحة و دون خطوط حمراء في عهد تُصرُّون أنتم على أنه ديمقراطي و أن الرأي لا يُعاقَبُ صاحبه حتى وإن خالف رأي مولاكم…
فماذا فعل مولاكم مقارنة بما أتاه مولانا؟؟…هل أوفى بعهد واحد مما وعدكم؟؟… هل وحّد الأمة؟؟…هل قضى على الأحقاد؟؟…هل صالح بين الناس؟؟…هل قضى على الفقر و الجوع؟؟… هل عدل بين الناس؟؟…هل خاطب الناس بما يفقهون؟؟…أتدرون أن مولانا رضي الله عنه لم يكن له الوقت لينام فيه فكان ينعس و هو جالس و قد سألوه مرّة: يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ فقال: كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضيّعت حقوق الناس و إن نمت بالليل ضيّعت حظي من الله…فهل يفعل مولاكم ما فعله مولانا؟؟…لا أظنّ أنه سيفعل ذلك فهو ينام ليلا….و ينام نهارا…و كل يوم …
و هل تعلمون أنه حين مرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً وصفوا له العسل كدواء، و كان بيت المال به عسل جاء من البلاد المفتوحة، فلم يتداو عمر بالعسل كما وصف الأطباء بل جمع الناس و صعد المنبر و استأذنهم و قال لهم: “لن أستخدمه إلا إذا أذنتم لي و إلا فهو علي حرام” …فبكى الناس إشفاقاً عليه و أذنوا له جميعاً و مضى بعضهم يقول لبعض : لله درك يا عمر لقد أتعبت الخلفاء بعدك رحمك الله يا خليفة المسلمين حقا لقد أتعبت الخلفاء بعدك…
فهل يفعل مولاكم ما أتاه مولانا لو وقع له ما وقع لعمر؟؟…لا أظنّ فقد يوصي بما يشفيه من أبعد بلاد في الدنيا و لن يهتم للشعب و ما يعانيه الشعب…أعلمتم بقصّة مولانا عمر حين دخلت عليه زوجته فوجدته يبكي مباشرة بعد توليه الخلافة…فسألته : ألِشيءٍ حدث يا عمر؟؟ فأجابها: لقد توليت أمر أمة محمد عليه الصلاة و السلام ففكرت في الفقير الجائع، و المريض الضائع، و العاري المجهول، و المقهور و المظلوم، و الغريب و الأسير، و الشيخ الكبير، و عرفت أن ربي سائلي عنهم جميعاً فخشيت فبكيت …أيفعل مولاكم ذلك؟ أيبكي و هو يفكّر في الفقير الجائع، و المريض الضائع، و العاري المجهول، و المقهور و المظلوم، و الغريب و الأسير، و الشيخ الكبير؟؟ لا أظنّ ذلك أبدا…
ألم تسمعوا خطبه و كيف يتحدّث عن الأشباح و الغرف المظلمة و يقصي هذا …و يتهم هذا دون إثبات و دون حكم قضائي…أسمعتموه حين قبل الحوار الوطني أو ما يسمونه بالوطني شريطة أن يختار هو من يشاركونه الحوار…مولاكم لا يهتم بأمر الشعب بل يهتم لما يجعله يهزم خصومه و يبعدهم عن طريقه لا أكثر…أتعلمون ما وقع لعمر في عام الرمادة (العام الذي أصيبت فيه الأمّة بالقحط و الجوع) كان رضي الله عنه يكتفي بأكل الخبز و الزيت حتى أسودّ جلده و كان دائم القول ” بئس الوالي إن شبعتُ و الناس جياع” …أيكتفي مولاكم بالخبز و الزيت إن جاعت الأمة و سكن القحط أرضها؟؟ لا أظنّ أن مولاكم يقبل بأن يجوع تضامنا مع جوع الأمة…
أتدرون أنه في نفس العام و أقصد عام الرمادة طلب مولانا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أهل حمص أن يكتبوا له أسماء الفقراء و المساكين ليعطيهم نصيبهم من بيت مال المسلمين … و عندما وردت الأسماء للخليفة فوجئ بوجود اسم حاكم حمص (سعيد بن عامر) بين أسماء الفقراء. فتعجب مولانا من أن يكون والياً لحمص ومن فقرائها فسأل أهل حمص عن سبب فقره… فأجابوه أنه ينفق جميع راتبه على الفقراء و المساكين و يقول (ماذا أفعل و قد أصبحت مسؤولا عنهم أمام الله تعالى) و عندما سألهم الخليفة هل تعيبون شيئاً عليه؟ أجابوا نعيب عليه ثلاثا: فهو لا يخرج إلينا إلا وقت الضحى … و لا نراه ليلا أبداً و يحتجب علينا يوما في الأسبوع.
و عندما سأل الخليفة سعيدا عن هذه العيوب أجابه هذا حق يا أمير المؤمنين … أما “الأسباب” فـهي: أما أني لا أخرج إلا وقت الضحى؟ لأني لا أخرج إلا بعد أن أفرغ من حاجة أهلي و خدمتهم فأنا لا خادم لي و امرأتي مريضة. ..و أما احتجابي عنهم ليلا لأني جعلت النهار لقضاء حوائجهم و الليل جعلته لعبادة ربي ..و أما احتجابي يوما في الاسبوع لأني أغسل فيه ثوبي و أنتظره ليجف لأني لا أملك ثوبا غيره فبكى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه…هل مولاكم يشبه مولانا يا ترى؟؟ هل يأتي ما أتاه مولانا؟؟ أو هل يأتي ما أتاه سعيد بن عامر؟
هذا بعض مما كان يأتيه مولانا عمر بن الخطاب…فالرجل وَحَّد الأمة و لم يُقَسِمْها… مولاكم لم يفعل و لن يفعل لأنه لا يفكّر أبدا في توحيدها…بل يفكّر كيف يُقصي البعض منها…فهاتوا لي خطابا واحد من خُطب مولاكم يوحّد الأمّة و ينزع الأحقاد…هاتوا لي خطابا واحدا لم يتهم فيه مولاكم بعضا من خصومه دون ذكرهم …هاتوا لي خطابا واحدا من خُطب مولاكم لا تهديد فيه و لا وعيد…هل بهذا سيقود الأمّة و سيبقى في ذاكرة الأمّة…؟؟ لا أظنّ…أتدرون أن مولاكم يشبه الحجاج في بعض ما يأتيه…
وبربكم لا تقولوا لي بعد اليوم عُمر سكن قرطاج…بل قولوا …الحجاج سكن قرطاج…