(1) السنة السابعة للحرب في اليمن تتأهب مودعة والشواهد تؤكد أن العام الثامن لن يكون عام حسم لهذه الحرب التي حوُلت اليمن إلى ركام على كل المستويات الإنسانية والاقتصادية والسياسية، والتي خالفت كل التقديرات العسكرية التي قامت على أساس أن المعركة لن تتجاوز الأشهر الثلاثة لحسمها .
(2) تغادرنا السنة السابعة للحرب وكل المعطيات تؤكد أن الحرب في اليمن باتت بامتياز حربا “إقليمية الأهداف يمنية الأدوات” … فالانسحاب العسكري للقوات المشتركة من تخوم محافظة الحديدة بقرار إماراتي و بغضّ طرف سعودي ، ودخول الحوثيين بأريحية إلى مديريات بيحان ، واخيرا توجه القوات المشتركة لتحرير هذه المناطق المُهداة للحوثي، تؤكد هذه الحقيقة !!
(3) انسحبت القوات المشتركة من الحديدة التزاما بحسابات معركة الإمارات ضد حزب الإصلاح ، ودخلت مليشيات الحوثي إلى مديريات شبوة تأديبا لحزب الإصلاح ولتمثل رسالة لمن يفكر من اليمنيين أن يتحدث عن الوطنية أو يمارس طقوسها ، وكان لا بد بعد ذلك أن تتوجه القوات إلى شبوة استكمالا لفصول مسرحية الخلاص من المحافظ بن عديو الذي ارتكب خطيئة حين جاهر بالوطنية ولم يتّبع التقيّة أسوة بالمباركين اليوم للمهازل والجرائم الحاصلة من المنتمين لمكونات الشرعية !!
(4) لم تُراع الإمارات و السعودية في كل هذا المخاض العبثي الدامي أي حسابات للمعركة اليمنية، وتركز كل اهتمامهما على حسابات معاركهما الخاصة ، وتحت المبرر أن حزب الإصلاح هو من يتصدر المعركة، كان من الضروري إتخاذ قرارات فوضى الإنسحابات ومسرحيات الاحتلال والتحرير وذبح الانتصارات اليمنية، وكان لابد من شطب كل التضحيات والدوس على كل الدماء والدمار التي سفكتها وتسببت فيها معارك الوصول إلى تخوم الحديدة !!
(5) في جبهة أخرى تستمر حسابات معركة الإقليم متقدمة على حسابات معركة اليمن، فتسعى الإمارات إلى فتح جبهة ماسمي (باتفاق الرياض) بعد أن ادركت أن وجود أدواتها خارج إطار الشرعية سيجعل منها مليشيات ويهدد مسار معاركها القائمة على استراتيجية إطالة أمد الحرب، لإنهاك اليمن سياسيا واجتماعيا وعسكريا من ناحية، ولترتيب اوضاع ملفات صراعها على الوكالة على مستوى الإقليم والذي تدور رحُاه بين إيران والإمارات والسعودية !
(6) لم تقف حسابات المعركة الإماراتية السعودية عند هذا الحد، بل ذهبت لاستكمال جولاتها في عدن فاخرجت ماسمتها بقوات (احتياط العمالقة) وهو مسمى مُبتكر لم يلبث أن تحوّل لاحقا إلى مسمى(قوات العمالقة الجنوبية)، في خطوة جديدة لمسيرة الاستخفاف بالعقل الجنوبي والسخرية منه وللتغطية على البدء الفعلي لتطبيق الشق العسكري والأمني(الخادم لمصالح أدوات الإمارات وأدوات السعودية والحاملة لمشاريعها ). في ماسمي باتفاق الرياض المشبوه والذي اشترطت الإمارات أن يطبق بهدوء بعيدا عن الضجيج لكي لايقلق منام الاتباع!!
(7) مارست السعودية والإمارات الضغوط على شرعية هادي حتى سلبتها القرار كليا وارغمتها على القبول بالشرعنة للمليشيات التي صنعتاها خارج إطار تلك الشرعية، لخدمة أهداف معاركهما الخاصة … وأصبح على الشعب في اليمن بدلا من مواجهة مليشيا الحوثي، أن يواجه عدة مليشيات تمارس ضده شتى صنوف القهر والاذلال والتنكيل، وتمارس معه كل مخالفات القانون الدولي وتضع الوطن على الطاولة لمن بدفع اكثر.
(8) تدرك السعودية ومعها الإمارات عمق الخلافات الجنوبية الجنوبية ومع ذلك تصر الدولتان على صب الزيت على نيران تلك الخلافات، من خلال دعم طرف وتسليحه والتغطية على جرائمه وانتهاكاته في مواجهة الأطراف المعارضة له، في خطوة خبيثة تستغل بها تعطش ذلك الطرف للسلطة … لتضمن للسعودية والإمارات استمرار الصراعات في الجنوب، بما يمزق النسيج الاجتماعي والسياسي الجنوبي لخدمة أهدافهما وتحقيق اطماعهما .
(9) تستمر السعودية والإمارات بمحاربة واضعاف الجيش الوطني التابع للشرعية والتي يفترض أنها هي من شرعنت للتدخّل في اليمن ، وتستمر الدولتان في صناعة وتشكيل مليشيات محلية وفرق مرتزقة موالية لها وتوظيفها أمام صمت مخجل يرتقي إلى مستوى الخيانة الوطنية، وفي مؤشر يؤكد حقيقة أن المعركة ليست يمنية الأهداف وأنها تحمل اهدافا لتلك الدول على الساحة اليمنية.
(10) في نهاية سبع سنوات حرب ودمار وانتهاك لحقوق الإنسان يبتعد النصر على جماعة الحوثي كثيرا ويقترب ميلاد معارك داخلية جديدة برعاية ومباركة سعودية إماراتية ، وتستمر معارك المشاريع الإيرانية السعودية الإماراتية على الأرض اليمنية بأدوات محلية أثرَْت على حساب أوجاع وطنها وملأت خزائنها بأموال ملوثة بالدم والعار لمعالجة أمراض الحكم التي تنهش دواخلها ولتؤكد أن الحرب لم تعُد يمنية !