جور نار
هل يصبح رأسي مطلوبا … من حلف الناتو؟!
نشرت
قبل سنتينفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashكنت في مقهى الحي حين فاجأني أحد الأصدقاء بالارتماء في حضني يقبّلني يمنة ويحاول يسرة…استغربت الأمر وسألته ما بك يا عمّار؟ قال ضاحكا: لا تريد أن تقول وتكشف ما ازدان به فراشك يا “مهف” أربعة فرد ضربة…أربعة يا فريد شوقي…أربعة يا شورّب…أنت حطّمت الرقم القياسي لهذه الأجيال؟
استغربت حديثه وضحكاته وسألته: “اش تحكي يا همّ اش تحكي؟” قال ضاحكا دائما: “باقي مطفي الضوء ما تحبّش تخلّص المبروك”…قلت مستغربا: ما الأمر وعن أي مبروك وأمر تتحدّث؟ قال: ألم تعلم …؟ “كلّم الدار تو يحكولك” كنت مارا من أمام بيتك حين رأيت الحشود تدخل للتهنئة فسألت فقيل لي ما تنكره أنت وتخفيه؟ تهنئة…؟؟… عن أية تهان يتحدّث هذا المعتوه قلت في خاطري…ما الحكاية؟ مسكت هاتفي وهاتفت زوجتي …لم تردّ…غيرت وجهتي إلى ابنتي فردّت صارخة دون أن تسمع السؤال: “بابا…بابا …أمي جابت أربعة…” شعرت بدوار وارتفاع في الضغط لم أعهده سابقا، انا الرياضي الذي لا شيء يؤلمه ولا شيء يهزّه…وشعرت بمغص لا أعرف أين…وانتفاخ في بعض الأعضاء والأطراف…أجبت: أربعة…”فرد مرّة…شنوة تحكي… وينهم توّة؟” أجابت” هنا في المنزل كل نساء الحي حولهم يغنون ويضحكون ويهتفون باسمك واسم أمي…واسم عمّ الكوني !
كدت أسقط أرضا مما ترويه ابنتي…تماسكت وقلت في خاطري أيمكن أن يكون هذا الأمر حقيقة…ومن يكون عمّ الكوني هل هو طبيب توليد؟ هل يعيد التاريخ نفسه فتلد زوجتي كما ولدت سارة زوجة سيدنا إبراهيم اسحاق وهي في سنّ لا تسمح لها بذلك؟ تمتمت ولعل الأمر وكل ما يقال حقيقة وواقعا…فالله قادر على كل شيء…فهو يقول للشيء “كن فيكون” لكن أربعة “كمكوش واحد”…”يا دين الزكش” وضحكت غصبا عنّي …وتمتمت “يا فحل انت” طبعا أخاطب نفسي… ونظرت إلى من حولي رافعا رأسي مفاخرا بالإنجاز التاريخي الذي حققته اليوم … فأنا حققت معجزة لم ينجح في تحقيقها الملايين من البشر قل المليارات من البشر…”أربعة فرد ضربة يا دين الربّ”… ونظرت إلى أسفل بطني ضاحكا متمتما متوعدا ومهدّدا بالويل والثبور وعظائم الأمور …فأنا أنجزت ما لم يقدر عليه 25 جويلية فجماعته فشلوا في كل مساعيهم، وأنا ودون أن أخطّط للأمر حققت رقما في نسبة النمو قد يصعب على أجيال وأجيال تحقيقه…
التفّ حولي الجماعة…وهم الفحّام…والجزار…والحلاق…وبائع السمك…والسمسار…والغبار…والطبال…و”الطهّار” و”مولى الباش” وهو الذي يوفّر لنا خيمة كبيرة للمناسبات بمعلوم يثير الدوار في جيوبنا… أخرج الفحّام ورقة بخمسين دينارا وقال “خوي العزيز ألف مبروك يتربّوا في عزّك…وهذي نحيلتهم”…والتفت لي الجزار واحتضنني وقال: سألغي كل ديونك (وكأني به انتحل صفة صندوق النقد الدولي) وهذه مائة دينار على الحساب عن كل ما ستعانيه من مصاريف…ولك منّي كيلو من الكبدة يوميا لمدّة أسبوع…ارتمى الحلاّق يقبّلني ويقول ضاحكا:” اعطيني الوصفة كيفاش عملت وكيفاش درت أربعة شنوة تاكل يا سخطة…يا همّ؟؟ ووعد نحجملك بلاش عامين كاملين…كالرضاع حولين كاملين”…
ضحكت ملء شدقي وقلت رافعا راسي ماسكا بشنبي أفتله يمنة ويسرة رغم قصره: إنه القدر يا جماعة…إنه القدر…وقوّة الايمان…(خلت نفسي للحظات شيخا من شيوخ علوم الفقه والإنجاب والمعاشرة)… أنتم تعلمون أني أمارس رياضة المشي كثيرا …وفنون القتال منذ الصغر…وعليكم بـــ”الحلبة” يوميا صباحا مساء وقبل العشاء (قلتها نافخا صدري وانا ارمق كل من حولي بعين فوقية)…وستنجبون قطيعا كالقطط والأرانب…فضحكوا جميعا…وجاء دور بائع السمك ليحتضنني مهنئا وهو يقول: “حوتك على خوك شهر كامل يا ترميناتور” …نظر إلى “مولى الباش” وقال بعد أن هنأني بالولدان ” تحبّش نجيبلك “باش” للناس اللي باش تجيك تهنّي، الدنيا باردة البرّة وصرد؟” قلت: لا داعي فالأمر لا يستحق كل هذا الهرج؟؟ فمدّ يده إلى جيبه وأخرج ثلاث ورقات من فئة العشرين دينارا وقال هذا لأم الأربعة…ضحكت وقلت: “نرجعهملك في الأفراح”…وأنا أستعد للمغادرة التفت إلي “الطهّار” قائلا: ” ما تنسانيش راني طهّار محترف وعندك طهور بلاش اذا كانوا أربعة…”….وأخرج من جيبه قطعة حلوى قائلا “خلّي حتى يكبروا…” …
خرجت من المقهى قاصدا المنزل وأنا في حالة “ازبهلال” قصوى لا أعرف ماذا أقول ولا ماذا سأفعل…اعترضني العديد من الأصدقاء وجميعهم علموا بالخبر …فامتلأ جيبي بما جاد به كل من اعترضتهم وهم يتهامسون ويتساءلون كيف فعل ذلك في هذه السنّ …أحدهم قال “ترميناتور” والآخر قال ” سبارتاكوس” والآخر قال “يا فحل الفحولة”…هكذا غزت قصّتي مع الأربعة كل أرجاء المدينة…والأغرب من كل ذلك هو أني لم أترك الهاتف ولو لدقيقة واحدة…فهذا وزير سابق سعيد بما وقع معي…والآخر صديق مشاكس اسمعني ما لم اسمعه منذ عقود…والآخر شاب مخمور سمع بالخبر فاسمعني كل ألقاب الدنيا…وقال أنا أفاخر بأني عرفت “النمرود” بشحمه ولحمه وانجازاته…وأحد المشاكسين هاتفني من الرباط وقال “مبروك ياجوج وماجوج كنت متأكدا أنك “أنت اللي باش تجيبهم”…هكذا انقلبت حياتي في ظرف ساعة من الزمن…”الله يهلكك يا عمّار يا من جاب الخبر”…
قبل وصولي إلى المنزل قلت في خاطري وجب ألا أدخل المنزل دون بعض المشتريات التي قد نحتاجها لمن سيزوروننا هذا الاسبوع للتهنئة…أخرجت ما جاد به الأصدقاء فوجدت رقما يضاهي كل الديون المتخلّدة بذمتي من تجار الحي والاحياء المجاورة…صرفت كل ما جاد به الأصدقاء وعدت فرحا مسرورا و”مصرورا” إلى المنزل وأنا أتمتم “اشنوة باش نسميهم الفزاغل أنا توّه…يسموهم خوتهم…واحد ميسي والأخر رونالدو…والآخر قيس…لا لا قيس مستحيل…وزعمة أولاد الكلهم وإلا بنات…ومنين باش نجيبلهم الحليب وهو حتى نلقى الحليب لروحي…نوحي نوحي ما لقيتاش لروحي؟؟” امتطيت سيارة اجرة “تاكسي” فالحمل ثقيل لا أقوى على ايصاله إلى المنزل على القدمين…نظر إلي السائق “أيه مبروك عمّ النمرود أما انت هرقل… أربعة يا عمّ بربي كيفاش عملت…؟؟؟”…
قلت: ماذا؟ علمت أنت أيضا بالخبر…؟ قال نعم: حدثني العمدة قبل قليل عن الأمر وجميعهم يتساءلون “كيف فعلت ذلك وبأية طريقة؟؟” قلت في خاطري: العمدة أكيد اخبر المعتمد…والمعتمد أكيد أخبر المعتمد الأول…والمعتمد الأول أكيد اخبر الوالي والكاتب العام ورئيس البلدية للإعلام فقط…والوالي أكيد أخبر السيد الوزير هنا وجب إضافة “السيد” لأن الوزير أقرب إلى الربّ من الشعب…والأكيد أن الوزير أخبر نجلاء بودن …والأكيد أن هذه الأخيرة اخبرت الرئيس أمير المؤمنين…والأكيد أن أمير المؤمنين اخبر الاتحاد الأوروبي …والأكيد ان الاتحاد الأوروبي اخبر الناتو…والأكيد أن الناتو اخبر البنتاغون…والاكيد أن البنتاغون اخبر ساكن البيت الأبيض…والأكيد أن ساكن البيت الأبيض سيسألني “ماذا تأكل وكيف فعلت ذلك وهات الوصفة..” أنا في ورطة…”ياجوج وماجوج” سيكلفانني غاليا…
وصلت مشارف مضاربي ومضارب القبيلة والعشيرة…فاعترضني حشد كبير من النسوة وهنّ يضحكن ويتمتمن …قلت في خاطري “أكاهو وليت حديث الحومة ونساء الحومة…وسيتندّر الجميع بقدراتي الخارقة…وقد أصبح معبود نساء الحي…وستتغنى النسوة بأغنية “ولد الحي يا أوخياني يكوي كي…يا أوخياني يكوي كي”…قلت في خاطري برّوا يعطيكم كوْية”…
ركلت باب المنزل بقدمي اليمنى كما يفعل رونالدينهو فأنا أحمل أثقالا من المشروبات والبسكويت والمرطبات لمن سيزوروننا للتهنئة اعترضتني ابنتي سألتها اين هم الأربعة؟؟ أجابت: “في الكوجينة …” قلت في خاطري “في الكوجينة اش يعملوا غادي؟؟” فتحت باب “الكوجينة” لاجد قبالتي طاولة صغيرة وفوقها أربع علب حليب …نظرت حولي…وقلت ما الحكاية…؟ أجابت ابنتي: “ما هو أمي كلمت عمّ الكوني ولدو يعرف واحد في معمل الحليب كلمه لقاه في فرانسا يحوس قاله باهي كلم من فرانسا المدير متاع المعمل لقاه في هولاندة يشري في البقر…كلمه قاله توه نبعث فاكس للمعمل تو يبعثولكم ستيكة حليب مع كميون أحمد ولد على الحلايبي…عمّ الكوني تقابل هو وأمي في المرشي عطاها أربعة باكوات…جابتهم الأربعة وروحت…”…وإلى يومنا هذا وأنا في حالة إغماء…فأنا لست النمرود…ولا صلة لي بياجوج وماجوج …وقد يصبح رأسي مطلوبا من حلف الناتو…ولم لا بوتين…أو راسبوتين…لك الله يا وطني…
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
القدس… بلدية الاحتلال توزع قرارات هدم في سلوان
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل ساعة واحدة
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
- ثقافياقبل 3 ساعات
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
- فُرن نارقبل 11 ساعة
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
- منبـ ... نارقبل يومين
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
- ثقافياقبل يومين
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
- اقتصادياقبل يومين
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل يومين
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
- صن نارقبل يومين
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟