كنت في مقهى الحي حين فاجأني أحد الأصدقاء بالارتماء في حضني يقبّلني يمنة ويحاول يسرة…استغربت الأمر وسألته ما بك يا عمّار؟ قال ضاحكا: لا تريد أن تقول وتكشف ما ازدان به فراشك يا “مهف” أربعة فرد ضربة…أربعة يا فريد شوقي…أربعة يا شورّب…أنت حطّمت الرقم القياسي لهذه الأجيال؟
استغربت حديثه وضحكاته وسألته: “اش تحكي يا همّ اش تحكي؟” قال ضاحكا دائما: “باقي مطفي الضوء ما تحبّش تخلّص المبروك”…قلت مستغربا: ما الأمر وعن أي مبروك وأمر تتحدّث؟ قال: ألم تعلم …؟ “كلّم الدار تو يحكولك” كنت مارا من أمام بيتك حين رأيت الحشود تدخل للتهنئة فسألت فقيل لي ما تنكره أنت وتخفيه؟ تهنئة…؟؟… عن أية تهان يتحدّث هذا المعتوه قلت في خاطري…ما الحكاية؟ مسكت هاتفي وهاتفت زوجتي …لم تردّ…غيرت وجهتي إلى ابنتي فردّت صارخة دون أن تسمع السؤال: “بابا…بابا …أمي جابت أربعة…” شعرت بدوار وارتفاع في الضغط لم أعهده سابقا، انا الرياضي الذي لا شيء يؤلمه ولا شيء يهزّه…وشعرت بمغص لا أعرف أين…وانتفاخ في بعض الأعضاء والأطراف…أجبت: أربعة…”فرد مرّة…شنوة تحكي… وينهم توّة؟” أجابت” هنا في المنزل كل نساء الحي حولهم يغنون ويضحكون ويهتفون باسمك واسم أمي…واسم عمّ الكوني !
كدت أسقط أرضا مما ترويه ابنتي…تماسكت وقلت في خاطري أيمكن أن يكون هذا الأمر حقيقة…ومن يكون عمّ الكوني هل هو طبيب توليد؟ هل يعيد التاريخ نفسه فتلد زوجتي كما ولدت سارة زوجة سيدنا إبراهيم اسحاق وهي في سنّ لا تسمح لها بذلك؟ تمتمت ولعل الأمر وكل ما يقال حقيقة وواقعا…فالله قادر على كل شيء…فهو يقول للشيء “كن فيكون” لكن أربعة “كمكوش واحد”…”يا دين الزكش” وضحكت غصبا عنّي …وتمتمت “يا فحل انت” طبعا أخاطب نفسي… ونظرت إلى من حولي رافعا رأسي مفاخرا بالإنجاز التاريخي الذي حققته اليوم … فأنا حققت معجزة لم ينجح في تحقيقها الملايين من البشر قل المليارات من البشر…”أربعة فرد ضربة يا دين الربّ”… ونظرت إلى أسفل بطني ضاحكا متمتما متوعدا ومهدّدا بالويل والثبور وعظائم الأمور …فأنا أنجزت ما لم يقدر عليه 25 جويلية فجماعته فشلوا في كل مساعيهم، وأنا ودون أن أخطّط للأمر حققت رقما في نسبة النمو قد يصعب على أجيال وأجيال تحقيقه…
التفّ حولي الجماعة…وهم الفحّام…والجزار…والحلاق…وبائع السمك…والسمسار…والغبار…والطبال…و”الطهّار” و”مولى الباش” وهو الذي يوفّر لنا خيمة كبيرة للمناسبات بمعلوم يثير الدوار في جيوبنا… أخرج الفحّام ورقة بخمسين دينارا وقال “خوي العزيز ألف مبروك يتربّوا في عزّك…وهذي نحيلتهم”…والتفت لي الجزار واحتضنني وقال: سألغي كل ديونك (وكأني به انتحل صفة صندوق النقد الدولي) وهذه مائة دينار على الحساب عن كل ما ستعانيه من مصاريف…ولك منّي كيلو من الكبدة يوميا لمدّة أسبوع…ارتمى الحلاّق يقبّلني ويقول ضاحكا:” اعطيني الوصفة كيفاش عملت وكيفاش درت أربعة شنوة تاكل يا سخطة…يا همّ؟؟ ووعد نحجملك بلاش عامين كاملين…كالرضاع حولين كاملين”…
ضحكت ملء شدقي وقلت رافعا راسي ماسكا بشنبي أفتله يمنة ويسرة رغم قصره: إنه القدر يا جماعة…إنه القدر…وقوّة الايمان…(خلت نفسي للحظات شيخا من شيوخ علوم الفقه والإنجاب والمعاشرة)… أنتم تعلمون أني أمارس رياضة المشي كثيرا …وفنون القتال منذ الصغر…وعليكم بـــ”الحلبة” يوميا صباحا مساء وقبل العشاء (قلتها نافخا صدري وانا ارمق كل من حولي بعين فوقية)…وستنجبون قطيعا كالقطط والأرانب…فضحكوا جميعا…وجاء دور بائع السمك ليحتضنني مهنئا وهو يقول: “حوتك على خوك شهر كامل يا ترميناتور” …نظر إلى “مولى الباش” وقال بعد أن هنأني بالولدان ” تحبّش نجيبلك “باش” للناس اللي باش تجيك تهنّي، الدنيا باردة البرّة وصرد؟” قلت: لا داعي فالأمر لا يستحق كل هذا الهرج؟؟ فمدّ يده إلى جيبه وأخرج ثلاث ورقات من فئة العشرين دينارا وقال هذا لأم الأربعة…ضحكت وقلت: “نرجعهملك في الأفراح”…وأنا أستعد للمغادرة التفت إلي “الطهّار” قائلا: ” ما تنسانيش راني طهّار محترف وعندك طهور بلاش اذا كانوا أربعة…”….وأخرج من جيبه قطعة حلوى قائلا “خلّي حتى يكبروا…” …
خرجت من المقهى قاصدا المنزل وأنا في حالة “ازبهلال” قصوى لا أعرف ماذا أقول ولا ماذا سأفعل…اعترضني العديد من الأصدقاء وجميعهم علموا بالخبر …فامتلأ جيبي بما جاد به كل من اعترضتهم وهم يتهامسون ويتساءلون كيف فعل ذلك في هذه السنّ …أحدهم قال “ترميناتور” والآخر قال ” سبارتاكوس” والآخر قال “يا فحل الفحولة”…هكذا غزت قصّتي مع الأربعة كل أرجاء المدينة…والأغرب من كل ذلك هو أني لم أترك الهاتف ولو لدقيقة واحدة…فهذا وزير سابق سعيد بما وقع معي…والآخر صديق مشاكس اسمعني ما لم اسمعه منذ عقود…والآخر شاب مخمور سمع بالخبر فاسمعني كل ألقاب الدنيا…وقال أنا أفاخر بأني عرفت “النمرود” بشحمه ولحمه وانجازاته…وأحد المشاكسين هاتفني من الرباط وقال “مبروك ياجوج وماجوج كنت متأكدا أنك “أنت اللي باش تجيبهم”…هكذا انقلبت حياتي في ظرف ساعة من الزمن…”الله يهلكك يا عمّار يا من جاب الخبر”…
قبل وصولي إلى المنزل قلت في خاطري وجب ألا أدخل المنزل دون بعض المشتريات التي قد نحتاجها لمن سيزوروننا هذا الاسبوع للتهنئة…أخرجت ما جاد به الأصدقاء فوجدت رقما يضاهي كل الديون المتخلّدة بذمتي من تجار الحي والاحياء المجاورة…صرفت كل ما جاد به الأصدقاء وعدت فرحا مسرورا و”مصرورا” إلى المنزل وأنا أتمتم “اشنوة باش نسميهم الفزاغل أنا توّه…يسموهم خوتهم…واحد ميسي والأخر رونالدو…والآخر قيس…لا لا قيس مستحيل…وزعمة أولاد الكلهم وإلا بنات…ومنين باش نجيبلهم الحليب وهو حتى نلقى الحليب لروحي…نوحي نوحي ما لقيتاش لروحي؟؟” امتطيت سيارة اجرة “تاكسي” فالحمل ثقيل لا أقوى على ايصاله إلى المنزل على القدمين…نظر إلي السائق “أيه مبروك عمّ النمرود أما انت هرقل… أربعة يا عمّ بربي كيفاش عملت…؟؟؟”…
قلت: ماذا؟ علمت أنت أيضا بالخبر…؟ قال نعم: حدثني العمدة قبل قليل عن الأمر وجميعهم يتساءلون “كيف فعلت ذلك وبأية طريقة؟؟” قلت في خاطري: العمدة أكيد اخبر المعتمد…والمعتمد أكيد أخبر المعتمد الأول…والمعتمد الأول أكيد اخبر الوالي والكاتب العام ورئيس البلدية للإعلام فقط…والوالي أكيد أخبر السيد الوزير هنا وجب إضافة “السيد” لأن الوزير أقرب إلى الربّ من الشعب…والأكيد أن الوزير أخبر نجلاء بودن …والأكيد أن هذه الأخيرة اخبرت الرئيس أمير المؤمنين…والأكيد أن أمير المؤمنين اخبر الاتحاد الأوروبي …والأكيد ان الاتحاد الأوروبي اخبر الناتو…والأكيد أن الناتو اخبر البنتاغون…والاكيد أن البنتاغون اخبر ساكن البيت الأبيض…والأكيد أن ساكن البيت الأبيض سيسألني “ماذا تأكل وكيف فعلت ذلك وهات الوصفة..” أنا في ورطة…”ياجوج وماجوج” سيكلفانني غاليا…
وصلت مشارف مضاربي ومضارب القبيلة والعشيرة…فاعترضني حشد كبير من النسوة وهنّ يضحكن ويتمتمن …قلت في خاطري “أكاهو وليت حديث الحومة ونساء الحومة…وسيتندّر الجميع بقدراتي الخارقة…وقد أصبح معبود نساء الحي…وستتغنى النسوة بأغنية “ولد الحي يا أوخياني يكوي كي…يا أوخياني يكوي كي”…قلت في خاطري برّوا يعطيكم كوْية”…
ركلت باب المنزل بقدمي اليمنى كما يفعل رونالدينهو فأنا أحمل أثقالا من المشروبات والبسكويت والمرطبات لمن سيزوروننا للتهنئة اعترضتني ابنتي سألتها اين هم الأربعة؟؟ أجابت: “في الكوجينة …” قلت في خاطري “في الكوجينة اش يعملوا غادي؟؟” فتحت باب “الكوجينة” لاجد قبالتي طاولة صغيرة وفوقها أربع علب حليب …نظرت حولي…وقلت ما الحكاية…؟ أجابت ابنتي: “ما هو أمي كلمت عمّ الكوني ولدو يعرف واحد في معمل الحليب كلمه لقاه في فرانسا يحوس قاله باهي كلم من فرانسا المدير متاع المعمل لقاه في هولاندة يشري في البقر…كلمه قاله توه نبعث فاكس للمعمل تو يبعثولكم ستيكة حليب مع كميون أحمد ولد على الحلايبي…عمّ الكوني تقابل هو وأمي في المرشي عطاها أربعة باكوات…جابتهم الأربعة وروحت…”…وإلى يومنا هذا وأنا في حالة إغماء…فأنا لست النمرود…ولا صلة لي بياجوج وماجوج …وقد يصبح رأسي مطلوبا من حلف الناتو…ولم لا بوتين…أو راسبوتين…لك الله يا وطني…