جور نار

هل يمكن أن نثق في مسار انتخــابي … لا نثق في هيئته وقراراتها ؟

نشرت

في

تساءل ملك البكبك لطفي بن ساسي بطريقته الساخرة في كاريكاتور معبّر عن فتح باب تحيين القائمات الانتخابية قائلا ” قدّاش من تمديدة ماازالت تفصلنا عن الانتخابات ؟ ” و نحن معه نسأل إن كانت الهيئة ستتوقّف بعد هذا الإجراء عن التلاعب بالآجال و بالروزنامة الانتخابيّة، أم أنّ الظروف ستضطرها من جديد إلى اتخاذ قرارات مضحكة لم يجرؤ حتى وزراء داخلية بن علي على اتخاذها زمن إشرافهم على الانتخابات في عهده في محافظة – وإن كانت صوريّة – على الشكليات …أمّا هذه الهيئة فما انفكّت تتحفنا كلّ مرة بتغيير و تنقيح و تمديد و تأجيل، متناسية ما في ذلك من خرق للقانون و ما تتسبب فيه قراراتها  من مسّ بالمساواة و من فقدان للثقة في العملية الانتخابية برمّتها و هي ثقة مهتزّة من الأساس  ..

<strong>عبير عميش<strong>

إنّ فتح الباب أمام تحيين مراكز الاقتراع حتى يوم 20 نوفمبر القادم بعد تقديم المترشحين لترشحاتهم و معرفة دوائرهم هو فرصة جديدة للبيع والشراء و تحويل  ناخبين نحو جهة بذاتها، لضمان فوز مترشّح يرغب بعضهم في تأمين دخوله للمجلس خدمة لمشروع بعينه … و بذلك تؤكّد الهيئة أنها ليست تقنيّة بل بخلفيات سياسية خاصّة  بعد القرار الذي سبقه بالتمديد في فترة تجميع الترشّحات بـ 3 أيام و الذي يبدو أنّه وُضع هو الآخر على قياس  مجموعة من المترشحين المفترضين الذين لم ينجحوا في تجميع العدد اللازم من التزكيات،  أو كذلك بسبب بقاء بعض الدّوائر دون مترشحين أو بمترشّح وحيد .. ورغم ذلك فإنّ هذا الإشكال لم يُحَلَّ بالكامل فبقيت دائرة افريقيا دون مرشّح وبقيت دائرتان داخليتان بمترشّح وحيد و لا نعلم إلى الآن كيف ستتخلّص الهيئة من هذه الورطة

هذه الهيئة المُنَصَّبة التي تنعدم فيها صفة الاستقلاليّة فكلّ قراراتها و تبريراتها جاءت لخدمة من عيّنها في تجاوز صارخ للقوانين و الأعراف الدّولية و في استفادة من قانون الطوارئ و حالة الاستثناء التي تعيشها البلاد منذ خمسة عشر شهرا و من غياب المحكمة الدّستورية التي تضمن الفصل في النزاعات …  فبدل أن يلجأ الرئيس إلى إدخال تعديل على قانونه الانتخابي الذي صدر بالرائد الرّسمي – مثلما فعل مع نصّ الدستور الذي نقحه بعد نشره في الرّائد الرّسمي بأسبوع – تطوّعت هيئة الانتخاب إلى تحمّل هذه المسؤولية السياسية بدلا عنه  ..

و قد ارتفع عدد المطالب بعد التمديد في أجل تقديم الترشّحات إلى  1213 مطلبا بعد أن كان في حدود 891 قبلها بثلاثة أيام ، أمّا نسبة النّساء المترشّحات  ( 214 مترشّحة ) فلم تتجاوز 15 % من مجموع المترشّحين وهي نسبة ضعيفة جدّا لن تسمح في أحسن الحالات إلا بوصول 5 أو حتى 8 % منهنّ إلى المجلس و نبتعد بذلك عن أرقام انتخابات المجلس التأسيسي و برلمان 2014 و تخسر المرأة التونسيّة مكسبا آخر من مكتسباتها، بسبب دستور يضعها في مرتبة دونيّة و قانون انتخابي يقصيها و هيئة انتخابيّة تعكس فكرا ذكوريا بامتياز ..

و في الأثناء  يعيش الشعب على وقع أزمة اقتصاديّة خانقة فُقدت فيها أغلب المواد الأساسية و اشتعلت الأسعار في البقيّة  و على وقع فقدان حوالي 200 دواء أساسي من البلاد بما فيها أدوية مرضى السّرطان الذين تُركوا لمواجهة مصيرهم بمفردهم ممّا جعل الأطبّاء المباشرين يطلقون صيحة فزع و هم يرون تدهور أحوال مرضاهم ..

ويعيش الشعب كذلك على وقع تناقضات غريبة في التصريحات الرسمية بين رئيسة الحكومة التي أكّدت في بداية الأسبوع بأنّ الاقتصاد التونسي في طريقه نحو التعافي، و محافظ البنك المركزي الذي أعلن بالأمس أنّه سيتمّ اتخاذ جملة من الإجراءات الصّعبة خلال هذه الفترة لم تُتّخذ منذ 10 سنوات و كأنّه يبشّر المواطنين بعمليّة سلخ جديدة ستسلّط على جلودهم … المواطنون من العاطلين و العمّال البسطاء و الموظّفين المفقّرين الذين فقدوا قدرتهم الشرائية و تراجعت مكانتهم في المجتمع،  في وقت يحقق فيه أصحاب البنوك أرباحا خياليّة من ظهر الدّولة التي يقرضونها بفوائض مرتفعة و من ظهر الأداءات المفروضة على الأجراء المكبّلين بالقروض و الذين تتفنّن الدّولة في تأخير صرف جراياتهم  …

فهل نصدّق كلام رئيسة الحكومة أم نصدّق كلام محافظ البنك المركزي ؟

هل نصدّق كلام السلّطة و وعودها أم نصدّق جيوبنا و أسواقنا و رفوف مغازاتنا ؟

 و ما دمنا نتحدّث عن الوعود فهل نصدّق كلام الرئيس الذي كرّر في عديد المرّات بأنه سيسترجع الأموال المنهوبة و أنّه شكّل لجنة للغرض و أنّ تونس بعد ذلك ستحقق الرّخاء المطلوب، أم نصدّق قرار الاتحاد الأوروبي برفع التجميد عن أرصدة  و ممتلكات 7 من أفراد عائلة بن علي ؟

هل تعمل هذه السّلطة فعلا على حماية حقوق التونسيين و مصالحهم و على تحقيق الرّفاه المطلوب،  أم أن الشّعب ليس في سلّم أولوياتها و أنّ إجراءات 25 جويلية 2021 و ما تبعها لم تكن لفائدة الشعب التونسي بل لفائدة تحقيق فكرة شخصيّة للرئيس و مشروع يريد تطبيقه بالقوّة على تونس حتّى و لو كان ثمن ذلك التضحية بالبلاد برمّتها و مواصلة السير بها نحو هاوية دخلتها منذ 14 جانفي 2011 ؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version