وهْجُ نار

هل ينجح المشيشي في الحفاظ على كرسي القصبة ؟؟ ساكن القصبة أمام أربعة تحديات…

نشرت

في

<strong>محمد الأطرش<strong>

بات من الواضح اليوم أن البلاد لم ولن تخرج من النفق الذي أدخلوها فيه منذ عشر سنوات بالسهولة التي يتصورها البعض، فواقعنا السياسي بتونس يمتاز اليوم بما كان يمتاز به قبل الانتخابات الأخيرة من تخبطات تصبّ جميعها في استمرار التردي بشكل مرعب ومخيف…فحكومة المشيشي تواجه أربعة تحديات كبيرة أهمها وأخطرها النجاح في إدارة أزمة وباء الكوفيد19…والخروج منها بأخف الأضرار…وثانيها كسب الحرب غير المعلنة بينالمشيشي وساكن قرطاج برعاية خاصة من ساكن قصر باردو..وثالثها معركة إصلاح الوضع الاقتصادي و الاجتماعي والتخلّص من المشاكل العالقة التي كانت سببا أساسيا في تردي الوضع الاقتصادي فأي تأجيل للحسم في هذه الملفات ستكون عواقبه خطيرة وقد ينذر بشتاء ساخن جدا…ورابعها هو كسب معركة البقاء والاستقرار الحكومي في ظلّ مشهد سياسي قابل للانهيار في كل لحظة…

الحكومة وأزمة الكوفيد 19:

يعتبر الخروج بأخفّ الأضرار من الموجة الثانية وربما الثالثة من وباء كورونا أهمّ التحديات التي تعترض حكومة المشيشي، فحكومة الفخفاخ المغفور لها نجحت بشكل لافت في الخطة الحكومية المتعلقة بالتصدي لوباء «كورونا» خلال الأشهر الأولى وتفادت الكارثة لكنها وتحت ضغط تأزم الوضع الاقتصادي ودرءا لتعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية اضطرت إلى فتح الحدود انطلاقا من تاريخ 27 جوان الماضي مع إقرار إجراءات مرنة أسهمت في عودة انتشار الوباء بأكثر حدّة وتركت بدلك إرثا ثقيلا لحكومة المشيشي…وتفيد بعض المصادر أن حكومة المشيشي لن تعود الى الحجر الشامل مهما كلفها الأمر، فهل ينجح المشيشي في إدارة أزمة الكوفيد والحدّ من سرعة انتشار الوباء وارتفاع عدد الوفيات دون إعلان الحجر الصحي الشامل أم يضطره ارتفاع عدد الوفيات إلى الرضوخ لمطلب ترفعه عديد المنظمات والشخصيات الوطنية…وهل يكون وزير الصحة الحالي ثاني الوزراء الذين يغادرون حكومة المشيشي في قادم الأيام؟؟

الحرب بين القصريْن برعاية ساكن باردو:

ولدت حكومة المشيشي من رحم قصر قرطاج، فساكن قرطاج هو من اختار المشيشي على أنه الأقدر بعد سقوط حكومة الفخفاخ في فخّ تضارب المصالح…لكن المشيشي قرأ حسابا لسكان باردو فهم من سيصادقون على تأشيرة عبوره إلى دار الباي بالقصبة، ودون تلك التأشيرة سيعود من حيث أتى، ما وقع للفخفاخ كان بمثابة الإنذار والمنبّه للمشيشي، وهو الأمر الذي أوعز له بفتح باب الحوار دون شروط مع كل الأحزاب دون استثناء عكس ما وقع لسلفه الذي اختار أن يكون أداة طيعة في يد ساكن قرطاج وتعامل فقط مع الأحزاب التي ساندت ساكن قرطاج في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، فحاشية القصر أرادت أن تأخذ نصيبها كاملا من “كعكة”المشيشي الحكومية ونجحت جزئيا في ذلك وهو الأمر الذي أثار حفيظة المشيشي وعبّر عنه علانية في لقاءاته مع بعض الأحزاب …فتح قنوات الحوار على مصراعيه مع الأحزاب، أغضب ساكن قرطاج وأشعل فتيل مواجهة قادمة، فهذا الأخير كان يريد أن تكون حكومة المشيشي حكومة تنفيذ وعوده وبرامجه لمن انتخبوه…كان يريد أن يكون المشيشي وزيره الأول ليس أكثر…لكنه أدرك أيضا أنه لن ينجح في تنفيذ وعوده دون أن يكون ماسكا بكل خيوط السلطة التنفيذية، ودون أن يكون المشيشي رهن اشارته لن ينجح في ذلك…لذلك أعلن الحرب على الأحزاب وساكن القصبة وساكن باردو بغاية إعادة خلط الأوراق وايهام ناخبيه وأتباعه أنه يحارب من أجل تنفيذ وعوده وأن الأحزاب هي من يقطع الطريق أمام تنفيذ كل وعوده، وقد نجح في ايهام ناخبيه جزئيا بالأمر فآخر سبر آراء يؤكّد أن 70 بالمائة من الناخبين غيّروا نظرتهم عن الأحزاب…فهدف ساكن قرطاج غير المعلن هو خلط الأوراق وحلّ مجلس النواب وإعادة الانتخابات قبل أن ينقلب عليه مخزونه الانتخابي وكل من هرولوا نحوه في الدور الثاني، فهؤلاء لن يطول صبرهم وانتظارهم وقد يخرج ساكن قرطاج من قصره دون أن يحقّق وعدا واحدا من وعوده ودون أن يكتب اسمه بحروف من ذهب كما فعل بورقيبة…فالحرب إذن أصبحت معلنة….والمشيشي تأكد من هشاشة التحالف مع ساكن قرطاج واختار أن يكون حليفا لساكن باردو وبقية الأحزاب التي فوّضته للجلوس على كرسي القصبة، فهل يحافظ على كرسيه حتى نهاية العهدة أم ينجح ساكن قرطاج في كسر أرجل الكرسي بحل مجلس النواب وانتخابات سابقة لأوانها؟؟

إصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي:

يعتبر الملف الاقتصادي والاجتماعي من أخطر الملفات التي وضعها المشيشي على طاولته فالبلاد تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة ساهمت في مزيد تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات البطالة وتوسيع دائرة الفقر، وتؤكد كل المؤشرات أن تونس تتجه نحو خريف وشتاء اقتصادي واجتماعي ساخن جدا قد يعيد إلى أذهاننا خريف وشتاء 78 و84 و86 ، فالتعامل السياسي مع هذه الأوضاع يتسم في غالبيته بالسلبية واللامبالاة فالتعامل مع الملف الاقتصادي والاجتماعي أصبح محل تجاذبات سياسية وحسابات “سياسوية” ضيقة رغم تقارير وتحذيرات المؤسسات المالية التي دقّت نواقيس الخطر أكثر من مرّة ونبّهت من خطورة الأوضاع التي قد تذهب بالبلاد إلى حالة الإفلاس في قادم الأشهر، والغريب في الأمر أن المشيشي ومن معه لم ينجحوا في التشخيص السليم والمنطقي للأزمة، فالأزمة التي تعيشها البلاد سببها الأول هو الإيقاف شبه الكامل لمواقع الإنتاج والشلل التام الذي ضرب قطاع الاستثمار ومعالجة كل هذه الأوضاع لن يكون دون مصالحة شاملة وهدنة اجتماعية يكون طرفها الرئيس اتحاد الشغل وتمتدّ على أكثر من ثلاث سنوات، واستقرار سياسي حتى نهاية العهدة الحالية، دون ذلك لن تنجح حكومة المشيشي في درء الأسوأ، وقد يترك هذا الأخير كرسي القصبة محطّما بذلك رقم الفخفاخ في أسرع خروج من باب القصبة الخلفي…

معركة البقاء والاستقرار الحكومي:

الواجهة الرابعة التي على المشيشي أن يخوضها هي معركة تحديد المصير، فالمشيشي يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه في حرب شبه كلية…وأن الجميع قد يطلب رأسه في قادم الأشهر وربما في قادم الأيام، فساكن قرطاج سيحاول مرّة أخرى خلط الأوراق وافراغ كرسي القصبة ليكون الحاكم بأمره، وساكن باردو لن يسمح للمشيشي بالخروج عن سلطة مجلس النواب والأحزاب والارتماء في حضن ساكن قرطاج، فالغنوشي يريد أن يفرغ المخزون الانتخابي لقيس سعيد من محتواه خوفا من استغلاله لمؤازرة مكوّن سياسي جديد يكون خصما كبيرا للنهضة في قادم المحطات الانتخابية، ويريد أن يضع يده على القصبة حتى يأتمن شر ساكنها. ولتحقيق كل ذلك سيعمل الغنوشي في قادم الأيام على استكمال انتخاب المحكمة الدستورية وبقية الهيئات حتى لا يسمح لساكن قرطاج بالتصرف دستوريا كما يحلو له في الشأن السياسي للبلاد، فالمشيشي إذن ولضمان الاستقرار لحكومته لن يحاول الابتعاد عن الأحزاب التي مكنته من القصبة ولن يُبقي على حكومته كما هي اليوم، فالأحزاب الداعمة تبحث عن تعديل حكومي يرضيها ويطمئن قواعدها في قادم الايام وهو ما سيفعله المشيشي تدريجيا ودون العودة إلى ساكن قرطاج. فهل ينجح المشيشي في كسب ودّ جميع الأحزاب وتوسيع حزام حكومته السياسي ليترك ساكن قرطاج وحيدا في قصره بعيدا عن مخزونه الانتخابي أم ينجح ساكن قرطاج في الإيقاع بينه وبين الأحزاب…ويفتح البلاد على كل الأبواب…؟؟

تعليق واحد

صن نار

Exit mobile version