جور نار

“وبنحبك يا دنيا بجدّ … مهما تعملي فينا”

نشرت

في

هل نعيش اليوم عصر الكذابين والجبناء والمتحيلين والمتزلفين والمنافقين والحاقدين؟ هل اكتشفنا بعد 2011 حقيقتنا المؤسفة والموجعة؟ وهل ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في اسقاط القناع عن هذا الشعب ولعبت دور جهاز كشف الكذب؟ فنحن لم ننضج كما جاء في بيان السابع من نوفمبر رحم الله صانعه… ولم نقترب حتى من النضج الذي خلنا أننا وصلناه…هل فضحتنا الحرية والديمقراطية المزعومة، وكشفت حقيقتنا الأخلاقية، وقالت لنا إننا شعب لا يصلح للحرية ولا للديمقراطية ولا يعرف قيمة الاختلاف وحرية التعبير…؟؟

<strong>محمد الأطرش<strong>

سابقا كنّا نهتم فقط بالرياضة والفنّ وخصر نجوى فؤاد وأرداف فيفي عبده…ونطرب لــ”دورتني في صباعك…” ونتابع مسلسلات الاشقّاء ونحفظ مقدماتها الموسيقية عن ظهر قلب وحفظنا ما كتبه سيد حجاب وطربنا لألحان عمار الشريعي وصوت علي الحجار … ووصل ببعضنا الأمر إلى أن يلبس كما يلبس أبطال المسلسلات…من منّا لم يذهب الى المرقص لنرقص كما يفعل جون ترافولتا؟؟ من منّا لم ينتظر الدربي ليشمت في الخاسر ويتهكّم عليه صباحا مساء من الاثنين إلى يوم الأحد… أما اليوم فقد انقلبت حياتنا رأسا على عقب وأصبحت السياسة شغلنا الشاغل فجميعنا أصبح يقرأ المشهد ويستشرف المستقبل، وجميعنا يفاخر بأنه سبق الجميع بتكهنه بما نعيشه اليوم فتراهم يعيدون نشر ما كتبوه ويفاخرون وكأنهم “نوستراداميس” …هكذا اليوم نحن…

لكن هل تعلمون أن الكذب والنفاق والتزلف والجبن كلها أوجاع مجتمعية تكثر في الدول التي لا علاقة لها بالديمقراطية، فهل نحن حقّا بلد ديمقراطي يعيش فيه الانسان حرّا…وينطق برأيه متى شاء… وكيف شاء …وفي العلن…لا يخاف السلطان ولا عسس السلطان؟ وهل نحن أيضا في دولة استبدادية أم نحن نعيش في بلاد بين بين…لا ديمقراطية ولا استبدادية…”نتدمقرط” متى نريد ونستبد متى نريد حسب حاجتنا إلى ذلك …خلاصة الأمر نحن شعب فضح نفسه بنفسه…وأسقط القناع عن وجهه الحقيقي فسقط إلى أسفل…إلى القاع…ولم يناد القعقاع… لذلك علينا أن نشكر 14 جانفي ليس لأنه غيّر النظام الحاكم وأتى بغيره لكن لأنه كشف لنا حقيقتنا التي لم نكن نعلمها ولا نريد حتى الاعتراف بها…فنحن شعب يحقد على بعضه البعض…ويتمنى الموت لبعضه البعض….

نحن شعب يسعد لسجن بعضه البعض ويخرج للاحتفال إن ساء حال بعضه البعض… نحن شعب بعضه يسرق امجاد بعضه الآخر…وبعضه يحقد على بعضه الآخر…وبعضه يكذب على بعضه الآخر…وبعضه يسرق بعضه الآخر…وبعضه ينافق بعضه الآخر…وبعضه يتزلّف لبعضه الآخر…وبعضه يلوّث سمعة بعضه الآخر…وبعضه يلفّق الأكاذيب والتهم لبعضه الآخر…شكرا 14 جانفي لأنك كشفت حقيقتنا…فبعضنا ينحني لراس الحاكم علنا ويلعنه سرّا…وبعضنا الآخر يلعنه علنا ويلعق حذاءه سرّا…وبعضنا يكذب ليعيش…وبعضنا ينافق ليعيش…وبعضنا يخادع ليعيش…ونصفنا يسرق ليعيش…ونصفنا الآخر يلعق احذية البعض الآخر ليعيش…جميعنا صدّقنا أننا سنغرق في نعيم الديمقراطية والعدالة… وسنحتضن الكرامة…لا شيء مما وعدونا به رأيناه ولا شيء يوحي باننا سنراه قبل عقود من الزمن… شبابنا لا يزال بلا عمل… ولا سكن… ولا مستقبل… شبابنا بلا طموح بلا أمل…والفقراء يتألمون…يتوجعون…يصرخون ويكتوون بنيران الغلاء والإحباط والياس…وانعدام الخدمات…وروتين الإدارات… جميعنا نجري وراء رغيف هارب لا أثر له…

شكرا 14 جانفي لأنك أنت الوحيد الذي كشف لنا وبالحجة والدليل كيف اننا شعب يبدع في صناعة الأعداء…وفي فبركة المؤامرات…وفي اختلاق الأزمات والخصوم والأخطار التي تحدق بالبلاد…نحن شعب يبدع في صنع المعارك والمؤامرات الوهمية والمفتعلة …نعم…نحن الشعب المخدوع…ألم نصدّق أن مهمّة القائمين على شؤون الحكم والدولة توفير الراحة والسعادة والعيش الكريم للشعب…كل الشعب…ولم نكن نعلم أبدا أنها ستشقيه وتعذبه وتنغّص عليه حياته…خلاصة ما نعيشه وسنعيشه…سنغنّي دائما…كما كنّا أيام زمان…الزمن الأجمل وإن كثرت أوجاعه ..”وبنحبك يا دنيا بجدّ … ومهما تعملي فينا…”

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version