جور نار

ورقات يتيم… الورقة 104

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

ليس من عاداتي الخنوع والصمت امام ايّ ظلم او ظالم .. لذلك لم اكتف يومها بالتنديد امام مكتبي وبصوت عال وغضب شديد بذلك الاستجواب الذي طالبني فيه مديري بتفسير عدم امتثالي للتوقيت الاداري دخولا وخروجا للاذاعة… بل ولتوّه دخلت مكتبي لاردّ عليه كتابيا وبخطّ يدي وباسلوب لم اكتف فيه بالشراسة بل كنت وقحا للغاية…

نعم وتعمدت تلك الوقاحة لاثير غضبه وبكل استفزاز… واحتراما لروحه رحمه الله لن انشر تلك الكلمات الوقحة وهاكم ردّي عليه:

(الى السيد عبدالقادر عقير مدير اذاعة صفاقس، وصلني مكتوبكم حول مواظبتي في الحضور بمقرّ عملي في التوقيت الاداري … وانني حيث اشكر سعيكم لتنبيهي لمثل هذه المخالفات فانني اودّ ان اشير الى الآتي: اوّلا من المفروض ان يقع لفت نظري لهذا الامر منذ اواخر 1998 تاريخ تسميتي على رأس مصلحة البرمجة بعد ثلاث سنوات ونيف … ثانيا ارجو ان يشمل هذا الاجراء عديد المسؤولين والاعوان وخاصة عديد (تيلت) اللواتي يُسمح لهنّ لا فقط بالتاخير بل بالتغيّب والاذاعة بكلّها تعرف ..على حدّ تعبير ولد الجزيري بعد سنوات يرحم والديه … ثالثا ..ارجو ان يقع حذف الـ 254 دقيقة مجموع تاخيري في 5 ايام، من الـ432 ساعة التي حوصلت انتاج برنامج اذاعة بالالوان دون ايّ مقابل مادّي ودون عطلة اسبوعية على امتداد 5 سنوات منذ توليك ادارة اذاعة صفاقس … رابعا شكرا يا صديقي على هداياك التي ما انفكت تتهاطل عليّ في عيد ميلاد اذاعة صفاقس الاربعين)…

وطبيعي جدا ان يردّ الفعل امام مكتوبي الساخر والشرس فكان اوّل ردّ فعل ان ارسل لي استجوابا عبّر لي فيه عن غضب رئيس المؤسسة لمكتوبي الذي ارسلته له… وجاءت بعد ذلك الاحداث لتؤكّد عكس ما قاله .. ثمّ ارسل لي وبتاريخ 29 ديسمبر استجوابا كتابيا اخر يؤاخذني فيه على بث نفس الاغاني في يوم واحد… ومن المبكيات المضحكات انني انا من اصدرت مذكرة في هذا الغرض منذ توليت رئاسة المصلحة، وكلّفت بها الزميل المسؤول عن الدليل اليومي لبرامج الاذعة حتى يقوم بالتثبت وفعل ما يجب فعله… لكن وهذا ما اشعرت به مديري في ردي على استجوابه الكتابي الاخير …بالقول: (كيف اراقب دليل البرنامج وهو لم يعد يصلني؟ ..وكيف اراقب البرامج المسجلة والمسؤول عنها لم يعد يرسل اليّ تقريره الاسبوعي؟ ..وكيف اتابع تقارير قسم المتابعة وهي لم تعد تصلني ايضا؟ …

يعني ادفع فاتورة التلفون وانا ما عنديش تلفون ..اي نعم منذ 6 اشهر اصبحت رئيس مصلحة كذّابي …والاغرب انه يعرف ذلك ..واغرب الاغرب انه يردّ عليّ بالقول هذه امور تهمك وحدك ..لانك في الاخير انت المسؤول الاول عن المصلحة وعن كل الاخطاء التي تقع فيها ..اعيد القول دخلنا مرحلة (قاتلك قاتلك)… لكن ردّ الفعل الذي كان الاشرس والمفاجئ انه يقوم باعداد الشبكة الجديدة التي على الابواب دون حضوري او استشارتي كرئيس مصلحة اولا وكمنتج ثانيا .. وتصلني الشبكة الجديدة بكل عناوينها الجديدة وباسماء منشطين لا اعرف عنهم شيئا ولم يخضعوا لكاستينغ ولا لفترة تكوين… بل وفي مرحلة متقدمة نسبيا كلّف احد الزملاء بتكوينهم وهو الذي لم يكن يوما منشطا بل هو اصلا في حاجة الى تكوين وشامل ايضا …

راجعت الشبكة فاسترعي انتباهي تقليص برنامج اذاعة بالالوان من 3 ساعات الى ساعتين ..هكة معناها دون احترامي كمنتج ودون احترامي كرئيس مصلحة البرمجة …لم انتظر طويلا وحملت الشبكة الجديدة وتوجهت الى مكتبه ليس فقط للاستفسار بل للتعبير عن رفضي شكلا ومضمونا لمثل هذه الممارسات الرخيصة .. طلبت من سكريتيرته الاذن بالدخول اليه فاجابتني بالرفض ..نعم رفض مقابلتي … توجهت مباشرة الى زميلي زهير بن حمد المدير الفرعي للبرامج وقلت له بالحرف الواحد: بلّغ مديرك اني مانيش خضّار نبيع في البصل اليوم بـ500 فرنك وغدوة بـ 550 فرنك (نحكي على البصل متاع 2001 موش بصل 2024 اعزّ الله قدره) … واضفت: قول لمديرك اللي رفض يقابلني ما يقلقش معادش لا نمشيلو ولا نقابلو وانا منسحب من البرنامج …

كنت اعرف في قرارة نفسي انّ مديري كان ينتظر وبسعادة مثل موقفي هذا ..لذلك وجدته مستعدا للبديل الذي حضر في نفس اليوم وهو احد المنشطين الشبان انذاك (نزار الشعري) هاكة اللي ترشّح للانتخابات الرئاسية ..اي نعم وروسكم هاكة هو … وكلفه بتعويضي في برنامج جديد وبمحتويات جديدة …هنا لابدّ من القول انّ مثل هذا الاجراء هو منطقي للغاية ..اذ انّ الاذاعة لا تقف على عبدالكريم او غيره ..بل يجب سد ايّ فراغ … لكن ما اعيبه على مديري انّ الامر كان مدبّرا بليل ..ثم إن نزار ولاسباب أجهلها تماما لم يعمّر كثيرا كبديل لعبدالكريم… اذ انّي فوجئت بشاب اخر يعوّض نزار وهو قيس الحرقافي، احد الذين تتلمذوا على يديّ ..وهنا لم اعب عليه صنيعه ..كانت فرصة بالنسبة له واذا موش هو غيرو، ويدفع على تلك البقعة الهبوط كان لزم …بل وشجعته على المضي في تجربته ..

وانتهت علاقتي تماما باذاعة صفاقس كمنشط ولم اعد الى برنامج اذاعة بالالوان الا في 6 ماي 2011 اي بعد هول ما وقع في تونس في جانفي 2011 …وذاك الامر الجلل ساعود اليه في قادم الورقات… اعود لما ذكرته لكم حول موقف الرئيس المدير العام والذي قال عنه مديري انه غاضب من ردّي على استجوابه الكتابي حول التوقيت الاداري ..كنت ذكرت لكم انّ الاحداث اكّدت عكس ذلك تماما ..الرئيس المدير العام انذاك كان السيد عبد الرؤوف الباسطي ..وكان يكنّ لي كثيرا من الودّ والتقدير ..وعندما ساءت الاحوال عند توقفي عن تنشيط برنامج اذاعة بالالوان وغضب المستمعين من ادارة اذاعة صفاقس… كلّف الباسطي مدير القنوات الاذاعية انذاك السيد كمال عمران رحمه الله، بزيارة تفقدية لاذاعة صفاقس واستطلاع الاجواء خاصة والادارة العامة وفي كل الاذاعات مقبلة على ترسيم عديد العرضيين… وكلّفه خاصة بجلسة مصالحة بيني وبين مديري….

وحضر المرحوم كمال عمران وكانت الجلسة الاولى مع موظفي اذاعة صفاقس ومع العرضيين… وكانت الاجواء صاخبة وتناهى الى مسامعي انّ المدير قدّم قائمة تضمّ مجموعة من الاسماء المقترحة منه لترسيمهم… ولم تحتو هذه القائمة اسماء كل العرضيين الذين تربطهم علاقة جيّدة بعبدالكريم قطاطة… وجنّ جنوني وعند انتهاء الاجتماع الصاخب توجهت بالحديث مباشرة للسيد كمال عمران وبالقول انّ ما سيحدث في الترسيم يُعدّ جريمة وظلما تجاه اناس لا ذنب لهم سوى انهم يكنون الاحترام والتقدير لشخصي… بتسم السيد كمال عمران وقال لي وهل تظنني غافلا عن ذلك ؟ هات لي قائمة في الاسماء التي تعتبرها ضحية وأعدك باني سآخذ الامور بكلّ جدّية وعدل ..وللامانة وللتاريخ وفى بعهده ..

قبل ان اشكره واغادر جذبني اليه بعيدا عن الاسماع وقال لي: سي عبدالرؤوف مسلّم عليك ويحبني نعمل قعدة معاك انت وسي عبدالقادر للمصالحة .. قلت له شكرا لسي رؤوف وشكرا ليك انت اما باش نكون واضح معاك، انا كلّي استعداد لكن راني اللي نؤمن بيه نقولو ولو يتغشش مني سي عبدالقادر ..ابتسم وقال لي: قول وين المشكل وراهو سي عبدالرؤوف يحبك برشة وانا والله نحبك …كان ردّه رسالة طمأنة بالنسبة لي واتجهنا معا لمكتب السيد المدير لتلك الجلسة المشهودة ..

ـ يتبع ـ

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version