جور نار
ورقات يتيم … الورقة 58
نشرت
قبل 8 أشهرفي

عبد الكريم قطاطة:
وحان وقت العودة ….كان ذلك في شهر افريل 1979 … انتهت حقبة من اهمّ حقب حياتي …اتممت دراستي بالمعهد الوطني للعلوم السمعية البصرية بباريس، متحصّلا على ديبلوم درجة ثالثة في الميدان اختصاص اخراج …

كنت صدقا مزهوا فخورا سعيدا سعادة طفل يُقدّم دفتر امتحانه لوالديه وهو متحصّل على المرتبة الاولى في دفعته مع شهادة امتياز …كنت جذلان خاصّة والجميع، اساتذة وزملاء تونسيين في اختصاص تقني بحت (مهندسين) يطوّقونني بتهانيهم الصادقة …كيف لا وابن بلدهم يسجّل افضل النتائج من حيث المجموع ويرفع رؤوسهم عاليا ..وللامانة ايضا كان الزملاء الافارقة في دفعتي مقتنعين جدا بنجاحي على راس الدفعة ..ربّما لانّهم اكتشفوا فيّ ميزتين اولاهما انّني كنت اتجاوزهم خبرة وكفاءة وثانيهما انني كنت صديقا حميما لهم حقا لا مجاملة …بل كان البعض منهم اقرب اليّ من بعض التونسيين …
فيليب ندوغوي ذاك السينغالي الاصل كنت بالنسبة له الملجأ ..كان قويّ البنية شهم الاخلاق وعذب الابتسامة الدائمة …وللجميع ومع الجميع …ولكنّه كان كثيرا ما يأتيني الى بيتي في مبيت فيلييه وهو منهار تماما …كان يبكي كالاطفال بل ويصبح طفلا بين احضاني ..هو متزوج واب ولكنّ اقداره ابت الا ان تضعه في فرن الهيام ….وللهيام افران نقرأ عنها ونشتهيها ولكن عندما نقع فيها نعيش الثلج والنار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج … فيليب تعرّف في المعهد على طالبة جزائرية ووقع كلاهما في شباك الآخر … ولا اتصوّر انّكم لا تعرفون ما معنى الوقوع في الشباك … الانسان في مثل هذه الحالات هو تماما كذلك العصفور الذي يثب على تلك القمحة المعلّقة في صنّارة الفخّ … دون وعي دون قراءة حساب لـ(اش بعدو) … ثمّ يجد نفسه حصل في المنداف…
ودعوني اسأل: هل هناك معنى للهيام اذا تعاملنا معه بمنطق زعمة نوخّر والا نقدّم ؟؟؟ زعمة نوحل ..؟؟ زعمة اشنيّة العاقبة …؟؟ الستم معي في انّ مثل هذه الحالات اذا وضعناها في خانة المنطق الحسابي او لنقل العقلاني تصبح خالية من المنطق الهيامي ..هل تساءل يوما مجنون ليلى عن اش بعدو ..؟؟ هل تساءل روميو عن غده مع جولييت ..؟؟؟ هل تساءل شمشون عن هيامه بدليلة الذي اوصله لهدم ما حوله من بنيان وهو يقول (عليّ وعلى اعدائي )؟؟؟ الهيام هو منطق لا منطق فيه …وهكذا كان فيليب مع زميلته الجزائرية …حبّ جنوني غامر من جهة وابواب موصدة تماما أمام مصير ذلك الحب ….يوم حصولي على الديبلوم قال لي فيليب: وانا لمن ستتركني …؟؟؟ وذاك كان درسا عميقا من الدروس التي تعلمتها في حياتي وصاحبتني في جلّ علاقاتي مع الاخر …اذ انّي حاولت جاهدا الا اخذل جلّ من عرفت حتى لا اتركهم …
في النصف الاخير قبل عودتي النهائية لتونس زارني احد الاصدقاء من مدينتي … هو اتى خصيصا لقضاء شؤون كثيرة من باريس ومن ميلانو بايطاليا… عرض عليّ مصاحبته لميلانو وقبلت ذلك عن طواعية لانّه من الاصدقاء المقرّبين لي … كانت زيارته اثناء المعرض الدولي لميلانو
(وهاكي المعارض والا بلاش _ فقط اكتفي بالقول انّه يعرض كلّ شيء بما في ذلك الطائرات ..ليست تلك التي كنّا نركبها ونحن اطفال في معرض صفاقس لصاحبها صالح الجربي رحمه الله… ولاصلاح اسناد الضمائر اعتذر واقول كان الاخرون يركبونها لأني كنت “طلطول” ولم اتجرّأ يوما على ركوبها خوفا وجبنا … في المقابل كنت اكتفي بل واستمتع بركوب تلك السيارات الصغيرة التي تشتغل بالكهرباء والتي كنت وامثالي نجد متعة فيها… فقط لأن الفرصة مواتية باش نتسلّطو على البنات اللواتي تركبن البعض منها فنصطدم بهنّ عنوة وزيد بكلّ قلّة حياء نقوللهم خاطيني، ثمة شكون دزّ كرهبتي يخخي اتضربت في كرهبتك … رغم انو الاصحّ ولو كان الدنيا دنيا كنت نحب نقوللها اتضربت فيك ….شفتو ما اشطنّي مللّي انا صغير ..؟؟ اش نعمل ..هاكة حدّ الجهيّد) …
في معرض ميلانو شفت العجب ..قضينا يوما كاملا فيه ولم نزر منه الا عُشُره مساحة … في الغد كان في برنامج صديقي ان ننتقل الى احدى ضواحي ميلانو لاتمام صفقة تجارية هامة بالنسبة له ..لم اكن اعرف ماهي بالضبط ولم اسال عنها فتلك شؤونه ..قبل مغادرة النزل مدّني بكمّية هامة من العملة الصعبة (الفرنك الفرنسي) ورجاني ان اضعها تحت ثيابي تماما كما وضعها هو (اي نعم عبدالكريم اشتغل مهرّبا!)… ركبنا حافلة النقل العمومي التي ستّقلّنا الى محطة قطارات ضواحي ميلانو …كانت الامور هادئة جدا ..وكنت كمهرّب اُجيد دور ذلك اللامبالي ..لكأني اشتغل في عالم التهريب منذ سنوات ….رغم انّ ما احمله من ملابس كانت كافية للشكّ فيّ (سروال دجين، مريول بحارة ابيض مخطّط بالازرق “ماران”، لحية سائبة وكثيفة وكأني سبقت جماعة داعش العلنيين وأيضا المتخفّين وراء شعارات “الاسلاميين المعتدلين” وهم اشدّ بلاء…
توقفت الحافلة عند وصولنا وكنّا نهمّ بالنزول حين صاح احد الركّاب العرب (وهو عُماني): سرقولي فلوسي… سرقولي فلوسي اولاد الحرام … ولا طاح لادزّوه كبّش السيّد في كرومتي ..انت …هكذا وبكلّ وثوق قالها وهو يشير الى عبدالكريم …. تمالكت وقلت له: يخخي تفدلك …؟؟؟ ثارت ثائرته وازبد وارعد: انت ومانيش مسيّبك كان في الشرطة .. الف فرنك فرنسي هزيتهملي من مكتوبي …فرنك فرنسي ؟؟؟ مشيت فيها يا عبدالكريم … اشنيّة حجّتك والبوليس الايطالي يفتّش في ثيابك ويجد الفرنك الفرنسي بين ملابسك ..؟؟؟ اش ماشي يكون موقفك امام الامم المتّحدة .. واعني بها عائلتي …زملائي في المهنة …زملائي في الحومة …خطيبتي ..عيادة ….اش هالفضيحة … على وجه شكون صبّحت ؟؟؟ الله يهديك يا محمد (اسم صديقي) توّة انا متاع هالاشياء ..؟؟؟ انا وجهو ؟؟؟ وانا الذي لم اسرق ابدا في حياتي الا وانا طفل ذلك التفاح من جنان الجيران واللي كليت عليه طريحة نباش القبور …او ذلك العصبان من زير المسلّي بمؤامرة ابن عمّي ودهانو كان كافيا لكي لا افلت من عينيْ عيادة ….
دعوني اقل لكم انّ اجمل الدعوات التي كانت تغدق بها عليّ عيادة كانت (برّة يسترك ويستر ذراريك دنيا وآخرة)… نعم كانت تلك الدعوة حاضرة وبشكل خرافي في كلّ مراحل حياتي …التفتّ بابتسامة صفراء ولكنّها ماكرة وقلت لذلك العماني: اعرفني انا شكون وبعد نمشي معاك وين ما تحبّ… ودلفت يدي في جيبي لاقدّم له بطاقتي المهنية حيث فيها انتمائي الى مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية …. بحلق العُماني فيها ثم وبـ180 درجة خجل من نفسه واصبح يترجّاني ان اقبل اعتذاره …خويا تونسي وفي ميدان الاعلام ..بجاه ربّي سامحني الله غالب خوك من عُمان محروق على فلوسي واللي ما يعرفكش يجهلك ….وتنفست الصّعداء … ياااااااااااااااااااااااه في مثل تلك الحالات نعرف قيمة الاوكسيجين الحقيقي …ولكن وبعد مرور العاصفة نعرف الاهمّ … قيمة التونسي لدى الاشقّاء …زيدو قولو بورقيبة بيه وعليه …انا مرة اخرى اقول أن الزعيم بورقيبة اقترف عديد الاخطاء في مسيرته والبعض منها فادح وجدا ..ولكن ايضا هو زعيم اعترف له بالفضل الكبير في الوجه المشرّف جدا الذي كان يحظى به التونسي في المشرق والمغرب… وهو ما عشته ولمسته في كل البلدان التي زرتها عربيا واوروبيا هذا اولا … ثمّ اخطاء كارهيه وحتّى جرائمهم لا تقلّ فظاعة عن اخطائه …وفي هذه النقطة هم في جلّهم جزّار يعظّم على مراڨزي…
وتكملة للامثال الشعبية التي كم هي معبّرة دعوني اذكّركم بمثل شعبي آخر ليكون منطلقا لآخر ما قمت به قبل عودتي النهائية الى تونس …الفلّوس ما ينقر كان عين خوه …هذا مثل ينطبق تماما على السيارة التي اشتريتها بيجو 204 حمراء مازوت عمرها شهران …كيف لا وانا عائد من فرنسا بعد ثلاث سنوات …؟؟؟ معقولة ما نبرّدش حق كرهبة ؟؟؟ صحّيتك يا سي المدكّ ترجع بخُفّي حنين …للامانة كنت ادرس واشتغل احيانا مع شركة سينمائية خاصّة كمركّب افلام ..تتذكّرون جيّدا تلك الاستاذة المركّبة الرئيسية التي كانت سببا في انتقالي من دراسة مستوى ثان الى مستوى ثالث ..انّها هي ذاتها التي عرضت عليّ فكرة العمل نهاية الاسبوع مع شركة خاصّة… كنت اتقاضى الخير والبركة 30 الف اجرة نصف يوم من العمل بينما كانت منحتي الشهرية 130 الف ..ولمعلوماتكم القطاع السمعي البصري في التلفزيون والسينما هو من ارفع القطاعات اجورا في العالم ….قلتلكم الخير والبركة… الشيء الذي مكّنني من ادّخار الكثير.. انفقت البعض منه في شراء لوازم جهاز خطيبتي و جهاز خطيبة صديقي واخي رضا لانّه لا يُعقل عندي ان اشتري لخطيبتي ولا اشتري لخطيبة صديق عمري… وادّخرت البعض الاخر من المال لشراء السيارة .وللاشارة ليس معنى هذا اني كنت(قرنيطة)… ابدا وحده الله يعلم قداش فلّقت وترتقت فلوس ولحدّ يوم الناس هذا مازلت كذلك ..وهو عيب آخر من عيوبي لم ولا اظن استطيع يوما ان احسن التصرّف في كل ماهو فلوس ..
عرض عليّ احد الاصدقاء (وهو صفاقسي ابا عن جدا) ان يبيعني سيارته الجديدة بيجو 204 وبثمن معقول جدا ان لم يكن زهيدا …ايه مازال الخير في الدنيا زايد ما يحن عليك كان ولد بلادك … وزيد ديازال …هذي جنّة بالبقلاوة… طرت فرحا لا بمعرفة معنى كلمة البقلاوة (بالمغربي وهي غير محبذة هناك) بل بسيارة جديدة بالكاد عمرها شهران … ودون اطالة اكتشفت بعد سنوات قليلة انّي حصلت كي الضبع لانّها من اسوأ الماركات في تعقيدات ميكانيكها …وحتى لا اكون جاحدا يكفي ان اقول انّي هتّكت بيها تونس من بنزرت لبن قردان …وعملت بيها البطيط … الا ان متاعبها ونكساتها كانت تذكّرني بالمدّب التريكي والد صديق عمري الذي عرض عليه ابناؤه فكرة شراء سيارة… وكان له صديق اسمه رمضان كثيرا ما يجده منهمكا في اصلاح عربته الحطام… اجاب المدّب ابناءه بقوله (علاه تحبوني ضحكة كيف رمضان اللي يقعد تحت منها اكثر مللي يقعد فوق منها؟؟؟)… حتى لا اطيل عليكم سيارتي كان آخر عهدي بها عندما تعنّتت ذات يوم امام ملعب الطيب المهيري واقسمت باغلظ الايمان انّها ماعادش تزيد خطوة معايا ..فما كان منّي بعد ان رجوتها عديد المرات …(يا 204 يهديك .. يا بنتي يكون العقل منّك .. يا طفلة على الاقلّ وصّلني للدار وبعد يعمل الله) …كانت في قمّة عنادها … وقتها عاد طلعت الكلبة بنت الكلب وحبّيت نعمل فيها راجل ..غزرتلها وقلتلها ..طالق بالثلاثة والثلاثين … هاتفت الميكانيكي الذي تعوّد على نزواتها وقلت له السيارة موجودة بجانب ملعب الطيب المهيري وانت بيع ..احرق .. لوّح ..اعمل اللي يظهرلك …
كان ذلك بعد خمس سنوات من شرائها ..ذات يوم اقبل عليّ مع مُشتر ..قلت له راك ماشي تدفع فلوسك حرام ..ما تقولش غشّني والله في بلاصتك لا نشريها بدينار ..ضحك وقال: باهي اما انا شاريها… واشتراها منّي بـ 300 دينار… كان فرحا مسرورا وكنت اشد غبطة منه ….ذات يوم قابلت ذلك الصفاقسي الذي باعني اياها في فرنسا ..سلّم عليّ بحرارة وصدقا لم استطع مبادلته تلك الحرارة …لم احدّثه في امرها وابتلعت ريقي … الدڨان في الجيفة حرام …في نفس ذلك الاسبوع الاخير قبل عودتي اي في نهاية شهر افريل ..اتصلت بي تلك الاستاذة التي درّستني في المستوى الثاني المونتاج… اتصلت بي هاتفيا بالمعهد ورجتني انتظارها للقائها لامر هام ومستعجل جدا … ان شا الله خير … وما هي الاّ ساعة حتّى قدمت مرفوقة بسيّد تبدو عليه علامات الوقار والشياكة …تصافحنا ودعتني على قهوة بمشرب المعهد …لم تطُل حيرتي خاصة وهي تقدم لي مرافقها ..هذا هو صاحب الشركة الخاصة الذي كنت تتعامل معه احيانا في تركيب الافلام ..جاءك اليوم يريد ان يقدّم لك عرضا بعد انتهاء دراستك بتفوّق وتميّز …السيّد كان عمليّا جدا… شوف سي كريم ..انا حريص على خدماتك وساعرض عليك عقدا تفاصيله كالآتي: هو عقد لمدة 5 سنوات امكّنك فيه عند الامضاء من 50 مليون منحة امضاء مع الترفيع للضعف في اجرك اليومي الى 120 د … (طلعت نيمار وانا ما في باليش !)… ابتسمت له وقلت …
انتظروا موقف نيمار كيف كان وخاصة لماذا كان كذلك، في الورقة القادمة …يخخي انتقال نيمار من البارصا القارصة (هاذي قرصة من مدريدي) لباريس سان جرمان وذلك التشويق الذي سبقه، خير منّي زعمة ..؟؟؟ انا على الاقلّ عندي اسبقية تاريخيّة عليه …. انا نحكي على نيمار 1979 ونزيدكم زيادة اللي حبّ يشريني موش قطري … خاصة انا نحبّهم برشة هاكة الرهوط …
ـ يتبع ـ

تصفح أيضا
جور نار
لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
نشرت
قبل يوم واحدفي
15 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
كنتُ بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مقالي الأسبوعي في جلنار، حين بلغ مسامعي صراخ وألم ووجع عائلات من قضَوْا تحت أكوام حجارة سور معهد المزونة، رحمهم الله.

تمرّد القلم بين أصابعي، ورفض إتمام ما بدأه والانصياع لأوامري، وما أكتب، معلنًا الحداد على من ماتوا، ووُئدت أحلامهم تحت حجارة سور جريح ينزف دم سنوات الإهمال والتخلي.
سور أصابته لعنة “باركينسون” تشريعاتنا المهترئة، فارتعش وجعًا. سور لم يرأف بحاله أحد من القائمين على شؤون ترميمه، وترميم ما يحيط به. سور سال دم جراحه، وأسال دم من مرّوا بجانبه وأمّنوه على أرواحهم. سور توجّع وتألم طويلًا، وبكى… ولم يسمع بكاءه أحد، حتى أبكى أمهات بعض من اعتادوا المرور بجانبه… سور تآكل، وبانت عورته، فغضب وانهار على من كانوا يمرّون بجانبه، يتكئون عليه، ويستظلون به من غضب الشمس وثورة الأحوال الجوية، وهم في طريقهم لطلب العلم.
الغريب ما قرأته بعد الفاجعة، وما سمعته من صراخ من خرجوا يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور. أغلب من خرجوا علينا يولولون، يطالبون بمحاسبة من تسبب في الفاجعة، ويطالبون بتحميل المسؤولية لكل من قصّر في أداء واجبه أو غفل عنه.
هكذا نقفز على كل وجع ومأساة، لنواصل الدعوة إلى الانتقام من كل ما سبق، ومن كل من سبقونا في تحمّل مسؤولية خدمة هذا الشعب… هل يجب أن ننتقم ونثأر بعد كل فاجعة أو فشل ممن سبقونا في تسيير شؤون مؤسسات البلاد؟ هل يجب أن نشيْطن كل من سبقونا في خدمة الوطن بعد كل وجع يشعر به جسد هذه الأمة؟ ألا يجدر بنا أن نعتبر مما حدث، ونبدأ بإصلاح حالنا وأحوالنا؟
أتساءل: ألا يتساءل أحدكم لماذا كل هذا العزوف عن تحمّل المسؤولية؟ أليس للفصل السادس والتسعين من المجلة الجزائية دور كبير في هذا العزوف، الذي أفرغ مؤسساتنا من كفاءات كنّا نفاخر بها، ونطمئن بوجودها على حالنا وحال مؤسساتنا وحال البلاد؟ ثم، أليس للفصل الرابع والعشرين من المرسوم عدد 54 نصيب مما نحن فيه، ومما عشناه ونعيشه؟ فمن كان يرى في السور عيبًا وخطرًا، لن يكتب عن الأمر، ولن يُنبّه لخطورته، خوفًا من أن يُتهم بنشر أخبار زائفة وإشاعات كاذبة…
ألم نغرق اليوم في وحل الفصل السادس والتسعين، ورعب المرسوم الرابع والخمسين؟ لماذا تنشر تشريعاتنا وبعض قوانيننا الخوف والرعب في نفوس كفاءاتنا، ومن يملكون القدرة على تحسين أوضاعنا؟ أيمكن للأمم أن ترتقي وهي تعيش تحت وطأة الخوف والرعب من قوانينها؟ كيف نطلب من بعضنا خدمة الوطن وهم يعيشون رعب القانون، ورعب الحقد، ودعوات الإقصاء والثأر والانتقام من كل قديم، وكل مخالف في الرأي، وكل من لا يعلن لنا البيعة، ولا يقف صارخًا “مزغردًا”، مصفقًا لأخطائنا، ملمّعًا لفشلنا، داعيًا لنا بطول العمر وجزيل الثواب؟
يا من تستمتعون بوجع خصومكم، ومن لا تتفقون معهم، ومن تركوا أثرًا طيبًا وانتصروا عليكم بما حققوه وأنجزوه…الوطن أمانة بين أيادينا جميعًا، فجنّبوه الفتنة، وجنّبوه الأحقاد، وحافظوا على سور الوطن…ولا تخربوا سقفه، فإن انهار سقف الوطن، فنحن، نحن الشعب، من سيدفع الثمن… نعم… نحن الشعب من سيدفع الثمن.


عبد الكريم قطاطة:
في جويلية 2004 انتهت حقبة اذاعة صفاقس مع السيّد عبالقادر عقير رحمه الله وغفر له وعُيّن السيد رمضان العليمي كبديل له وتحديدا يوم 12 جويلية…

والسيّد رمضان العليمي شغل قبل تعيينه على رأس اذاعة صفاقس منصي كاتب عام للجنة تنسيق “التجمع الدستوري الديمقراطي” (الحزب الحاكم وقتها) بقفصة ثمّ مديرا لاذاعة تطاوين… وكعادة ايّ مدير عند تسميته اجتمع بالمسؤولين في الادارة بقاعة الاجتماعات المحاذية لمكتبه… ليعبّر وكأيّ مسؤول عن امتنانه لرئيس الدولة صانع التغيير لتشريفه بتلك المهمة… وعبّر وكسائر المديرين عن سعادته بوجوده في صرح اذاعتنا ونوّه بتاريخها وبالسواعد التي عملت فيها… ودون الدخول في تفاصيل اخرى تعرفون جيّدا تلك الخطابات الممجوجة التي يلقيها المسؤولون في مثل تلك التعيينات…
بعد ذلك تعرّف على المسؤولين فردا فردا… ولمّا حان دوري نظر اليّ السيّد رمضان العليمي وقال: (سي عبدالكريم اشكون ما يعرفوش انه اشهر من نار على علم، وهو بالذات عندي حديث خاص معاه)… وانتهى الاجتماع… وبقيت انتظر ذلك الحديث معه… وطال الانتظار… وكتبت له رسالة مطوّلة لم استجدِه فيها العودة الى المصدح فالحرة تجوع ولا تاكل بثدييها… لكن كان من واجبي ان اعطيه فكرة شاملة لا فقط عن وحدة الانتاج التلفزي حيث اُشرف فيها على مصلحة الانتاج، بل عن اذاعة صفاقس بشكل شمولي… وذلك من خلال ما عشته وعايشت فيها مع زملائي من احداث ناصعة البياض واخرى رماديّة حتى لا اقول سوداء…
هذه المراسلة كانت بتاريح 17 سبتمبر 2004 اي بعد شهرين و5 ايام من تعيينه… وها انا اختار الفقرة الاخيرة من مراسلتي الطويلة علّها تًعطي فكرة واضحة عن هدف تلك المراسلة حيث خاطبته بالآتي: (اخي الفاضل… انّ غيرتي على هذه الاذاعة هي وحدها التي جعلتني اكتب اليك فانا لا اطلب برنامجا او فضاء او ما شابه ذلك… ولكنّ الخطر الكبير يتمثّل في عديد الاسماء التي لا يمكن ان تكون امام المصدح وفي عديد البرامج التافهة تصوّرا وانجازا… وفي بعض الاشخاص الذين لا يملكون الحسّ الاذاعي ولا الكفاءة ومع ذلك يديرون امور هذه الدار على هواهم… اخي الفاضل احببت ام كرهت… الآن انت مدير هذه الدار وقدرك ان تعيد لها هيبتها وجمهورها واشعاعها… وهيبتها لن تعود الا من خلال تطبيق القانون ورفع المظالم … وفقكم الله لتسلّق هذه الجبال من المصاعب واعانكم على ان تكونوا كالميزان في عدالته، الذي لا يهمه ان ارتفع بالفحم او باللحم، بالتبر او بالتين… اليست العدالة هي اساس العمران ؟؟)…
السيّد رمضان العليمي كما ذكر في اجتماعه الاول بالمسؤولين وعد بحديث خاصّ معي… وانتظرت ولم يأت ذلك الحديث الخاصّ… وارسلت له المكتوب الذي حدثتكم عنه ولم يأت ذلك الحديث الخاص وها انا انتظر لحدّ اليوم وعده ولم يات ولن يأتي ولا حاجة لي بأن يأتي… لا لانه غادر الاذاعة ولست ادري ماذا اصبح اليوم وكلّ الرجاء ان يكون في صحة جيّدة مع طول العمر… ولكن لانّ الاجابة عن ذلك الوعد الذي لن يأتي جاءتني من احدى الزميلات في اذاعة تطاوين وهي بالاساس مستمعة لي منذ من البريد الى الاثير … وذلك بعد ستّة اشهر من تعيينه على رأس اذاعة صفاقس… حيث خاطبتني عبر مرسال فيسبوكي خاص بالقول: (لا تنتظر مؤازرة من السيّد رمضان العليمي… انه لا يكنّ لك الودّ وهذا عرفته عندما وددت تكريمك في اذاعة تطاوين ولكنّه عبّر بشكل مباشر انّه لا يطيب بذكرك… لكنّي كنت مصممة على تكريمك واذعن لي لكن لبس عن طيب خاطر)…
انذاك فهمت انّ الحديث الخاصّ معي لن يكون وحتى طيلة عهدته باذاعة صفاقس تحادثنا مرّتين فقط… يوم جاءني لمكتبي بوحدة الانتاج التلفزي ليسأل عن مشاكل الوحدة وندرة انتاجها… اي نعم قلبو وجعو على وحدة الانتاج… وتقولوشي عمل حاجة ؟؟ اقسم بالله وكانّه لم يسمع شيئا مما سردته له… المرة الثانية التي قابلته فيها يوم أقام حفلا خاصا لتكريمي سنة 2006 بعد احرازي على وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الدولة… وهو يصير منو ما يحتفلش بما قرره صانع التغيير؟…
ساعود لموضوع الوسام في ورقات قادمة… سنة 2004 ايضا وبالتحديد في 30 مارس شاء قدر الله ان يحرمني وللأبد من الوجود المادّي لوالدتي عيّادة… كان ذلك يوم اثنين… ولكن في الويكاند الذي سبق يوم الاثنين 30 مارس وتحديدا يوم الاحد 29 مارس كنت والعائلة وبعض من اهلي عائدين من الساحل بعد قضاء نهاية اسبوع باحد النزل… عندما وصلنا الى ساقية الزيت طلبت من سائق السيارة ان يتوقف.. اندهش الجميع لذلك… تصوروا انّ غايتي كان اقتناء قهوة او بعض المكسّرات للسهرة… توقف اذن ونزلت من السيارة وقلت لهم (كمّلوا ثنيتكم انا ماشي لعيّادة نحبّ نطلّ عليها ونبوسها وبعد نجيكم)… اندهش الجميع… يا ولدي اش قام عليك .؟ يا ولدي غدوة امشيلها … يا ولدي الدنيا مغربت .. تي راهي امّك في ساقية الدائر وانت في ساقية الزيت… تي راهو زوز كيلومتر موش شوية… تي هات على الاقلّ نوصلوك…
تعرفوه هاكة البهيم حاشاكم اللي يحرن ؟ اللي يعرفني يعرف انو من طباعي السيّئة وقت نحرن نحرن… وفعلا حرنت وزيد قلت لهم (انا طيلة دراستي الابتدائية كنت نجي من ساقية الدائر لساقية الزيت على ساقيّ… نحبّ نمشي على ساقيّ ونعيش شوية نوستالجيا ذلك الزمن… ايّا امشيو على ارواحكم)… وتوكّلت على الله وخليتهم داهشين في ها المخلوق وفي راسو الكبير وعنادو في احدى تلك اللوحات… صدقا كان هنالك احساس رهيب بداخلي وانا اقطع تلك المسافة… ذكريات… نوستالجيا… سعادة… وحزن لم افهم مأتاه…
وصلت الى مسكن الوالد والوالدة ومعهما اختي نبيهة التي تكبرني بسنة والتي لم تتزوج لإعاقة وُلدت بها ولم تقع معالجتها في زمن كان العلاج الطبّي نادرا جدّا… والتي لازمت الوالد والوالدة طيلة حياتهما، رحم الله الثلاثة… عندما دخلت للمنزل سلّمت على سي محمد… والدي هكذا كنت اناديه لا يا بابا ولا يا بويا ولا يابّا متع جيل توّة… ووجدت اخواتي الثلاث متحلقات حول عيادة… فرحت بي عيادة وباستغراب وقلق عن هذه الزيارة في وقت بدأ الليل يسدل ستائره ونظرت لولدها وسألتني: (يا وليدي لاباس عليكم ؟)… مسكت يدها وقبلتها وقلت لها وراسك الغالي لاباس توحشتك جيت نطلّ عليك اكاهو… تهللت اساريرها ونظرت الى اخواتي وقالت: (ما يعزش بيكم انتوما الكلّ في كفّة وعبدالكريم في كفّة راهو كفّتو تغلب)… وضحك البنات وأجبن (يخخي حتى تقوللنا؟..نعرفوا نعرفوا)… اعدت تقبيل يديها وبشكل جارف، لكأنّ القدر كان يهمس لي… اشبع بيها اليوم لانّها غدا ترحل…
في الغد وانا في مكتبي وكانت الساعة تشير الى الثالثة ظهرا هاتفني احدهم (لم اعد اذكر من هو) وقال لي: امّك مريضة وتحبّ تشوفك… ووجدتني بالنهج الذي تقطن فيه عيّادتي وسي محمد… وتسمّرت ساقاي عن المشي… سيارات رابضة امام المنزل… هذا يعني انّ عياّدة …. نعم دخلت وسالت اخوتي متى ؟ كيف ؟ بالامس كانت في صحة جيدة .. ماذا حدث ؟ لماذا لم تخبروني بما حلّ بها ؟… اجابتني إحداهنّ وقالت… كنا معها نتجاذب اطراف الحديث كما تعرفنا وفجأة قامت وقالت: (صلاتي ابجل من حديثكم سيّبوني نعطي فرض ربّي)… اقامت الصلاة ركعت ثمّ سجدت ثمّ هزّ ربّي حاجتو… وهي ساجدة…
دخلت فوجدتها مسجّاة في لحافها… دلفت اليها بهدوء لم ادر مصدره… رفعت الغطاء عن راسها… قبلت جبينها و قرات عليها نزرا قليلا من سورة البقرة (وبشّر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة) الى اخر الاية واعدت تقبيل جبينها و تقبيل يدها الباردة … والتي هي في برودتها وقتها كانت اشدّ حرارة من وهج الصيف في صحرائنا الكبرى… ورفعت يديّ الى خالقي وقلت (يا ربّي يجعلني كيفها)… لقد اكرمها الله بتلك الموتة الرائعة واستجاب لدعوتها الدائمة… يا ربّي يجعلني نهيّر في الفرش ونهيّر في النعش… ولأنّ الله قال في كتابه العظيم، سورة غافر آية 60: (ادعوني استجب لكم) واعاد نفس المعنى في سورة البقرة الآية 186، فالله اكرمها بان لا تقضّي حتّى يوما واحدا مريضة في فراشها…
الحمد لله اوّلا على قضاء الله… الحمد لله ثانيا على انّي نفذت وصيّتها لي بتلحيدها يوم دفنها… كان ذلك بعد اذان صلاة المغرب في المقبرة التي كنت اخاف من المرور بجانبها طيلة حياتي ليلا او نهارا… ولكن واقسم لكم بالله عندما ذهبت لتلحيدها في تلك الساعة، تحوّلت المقبرة امامي الى نور على نور… والحمد لله ثالثا انها رجتني في حياتها الاّ انقطع عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وان احكي لها واطمئنها عن كل ما يجري في عائلتي…. وعائلات اخوتي… ووعدتها ولا زلت عند وعدي…
رحم الله عيّادة وابي واخوتي واهلي واصدقائي وزملائي… ورحم الله كلّ امواتكم واطال الله عمركم ومتعكم بالصحة والسلام الروحي …
ـ يتبع ـ

جور نار
حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!
نشرت
قبل أسبوع واحدفي
8 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
يتساءل الجميع اليوم عن حجم ردود الفعل العالمية المنتظرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هيكل تعريفي جديد للولايات المتحدة في “يوم التحرير الثاني”… وهي التسمية التي أطلقها ترامب على يوم الثاني من أفريل من هذه السنة، ترامب يعتبر ذلك اليوم ثاني أهمّ يوم في تاريخ الماما بعد اعلان استقلالها يوم 4 جويلية من سنة 1776 …

يرى ساكن البيت الأبيض أن الإجراءات التي أعلن عنها يومها ستعيد الحياة للعصر الذهبي لأمريكا، وستجدد من استقلالها حسب رأيه… ولسان حاله يقول انه لم يجد حلاّ لمشاكل الماما الاقتصادية غير فرض ضرائب على دول الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند والصين واليابان وكندا والمكسيك والعديد من الدول الأخرى، رغم أنه يدرك جيّدا ان أغلب هذه الدول ستعامله بالمثل وقد لا تخرج الماما من الازمة الاقتصادية بالسهولة التي يتصورها… فدول الاتحاد الأوروبي تسعى لتكوين جبهة موحدة في الأيام المقبلة لتقف في وجه ما قرره ترامب… ومن المحتمل أن يتم الاتفاق حول مجموعة أولى من الإجراءات المضادة تستهدف واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار…
هذا التحرك المنتظر يعني بالتأكيد انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض تعريفات ردعية انتقامية على الولايات المتحدة في تصعيد مبكّر لما يخشى البعض أن يتحول إلى حرب تجارية اقتصادية عالمية… والخوف كل الخوف أن ترتفع تكلفة الآلاف من السلع لأغلب سكان المعمورة مما قد يدفع أغلب الاقتصادات حول العالم إلى الركود.
وتهدف الجبهة التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتكوينها إلى الخروج برسالة موحدة تعبر عن النيّة والرغبة في التفاوض جدّيا مع ساكن واشنطن لإزالة التعريفات… مع التلويح بالاستعداد الدائم للمعاملة بالمثل والرد بإجراءات جمركية ثأرية مضادة، إن فشلت هذه المفاوضات في إزالة التعريفات الجديدة التي يريد ترامب فرضها على الجميع أو في التخفيض منها… ومن بين المنتجات التي حظيت باهتمام الجبهة الأوروبية الموحدة وأثارت قلق الرئيس ترامب، فرض رسوم جمركية جديدة على “البوربون” الأمريكي (الويسكي) بنسبة قد تصل إلى 50%… وهو الأمر الذي جعل ترامب يهدّد برسوم نسبتها 200% على النبيذ والشمبانيا وغيرهما من المنتجات الكحولية من فرنسا وإيطاليا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي.
تغطي التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الاتحاد الأوروبي حوالي 70% من صادراته نحو الولايات المتحدة… وقد بلغت قيمتها الإجمالية 532 مليار يورو (585 مليار دولار) العام الماضي، مع احتمال فرض رسوم أخرى على العديد من الصادرات الاخرى في المستقبل إن تعنتت الجبهة الأوروبية وردّت بالمثل… وتفيد بعض المصادر ان المفوضية التي تنسق السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي قد تكون اقترحت على أعضائها قائمة بالمنتجات الأمريكية التي يجب ان تخضع لرسوم جمركية إضافية، ردّا على ما فرضه ترامب من تعريفات جديدة على الصلب والألومنيوم بدلاً من الرسوم المتبادلة… ومن المتوقع أن تشمل هذه المنتجات اللحوم الأمريكية، والحبوب، وغيرها من المنتجات التي قد تثير قلق ترامب…
وبالعودة إلى تاريخ الصراعات التجارية التي شهدها العالم، يذكر جميعنا انهيار سوق الأسهم سنة 1929 والإجراءات الحمائية التي تبعته وما وقع في السنوات التي تلته… فقد تمّ القضاء على ثلثي التجارة العالمية إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفلت عن تخفيض الولايات المتحدة لجميع التعريفات الجمركية على أي شريك تجاري سيقوم بالمثل… لذلك لا يمكن تجاهل حدوث انخفاض حاد في التجارة العالمية لو تعنّتت جميع الأطراف وواصلت سياسات الردّ بالمثل وعدم العودة إلى رسومات جمركية يقبل بها الجميع …
لكن في هذه الحرب التجارية الطاحنة، لكن هل فكّر ترامب وخصومه في “كيف سيكون حال الدول الفقيرة وشعوبها؟؟” فأغلب الشعوب التي قد تتضرر مما اقدم عليه الرئيس ترامب عانت من أزمة 2008 ولم تخرج من اسقاطاتها وتبعاتها إلى يومنا هذا… وبعضها انهارت اقتصاديا بعد سنوات الكوفيد ولم تخرج إلى يومنا هذا من وجعها ومعاناتها… لذلك علينا ان لا ننسى أن أكبر الخاسرين هم أغلب دول إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وبعض دول الشرق الأوسط التي لا تعيش على ما يجود لهم به باطن الأرض… فما يفعله اليوم ترامب وخصومه بالشعوب الفقيرة يعتبر جريمة وطوفانا مدمرا لاقتصاداتها فأغلب هذه الدول تعيش على التسوّل وقروض صندوق النقد الدولي ومساعدات البنك الدولي…
ترامب لم يفكّر في مصير شعوب الدول الفقيرة بل فكّر فقط في إصلاح اختلال ميزان الماما التجاري… ونسي اختلال الميزان التجاري لدول لا يفوق اقتصادها اقتصاد مدينة من مدن أفقر ولاية من ولايات الماما… فهل يزحف الركود التجاري والاقتصادي إلى اغلب دول العالم بما اتاه ترامب بشطحاته الغريبة؟؟ وهل يعود الجميع إلى العقل، أم أن حلقة تصعيد إضافية ستفتح؟؟… ويصل بنا الأمر إلى حرب عالمية تجارية قد تكون …تبعاتها أخطر من كل الحروب التي عرفها العالم؟؟


تحديد القطاعات الواعدة وإنجاز المشاريع الخاصة في ندوة

وزير التجارة… تونس تتجه نحو الاندماج في القارة الإفريقية

أصوات من الكيان تطالب بوقف الحرب… ونتنياهو يتجاهل ذلك

حالة قلق لدى الكيان… بعد شراء مصر صواريخ صينية بعيدة المدى

بايدن في أول خطاب له منذ مغادرته الأبيض: الخراب الذي أحدثه ترامب في 3 أشهر فقط… شيء مذهل!
استطلاع
صن نار
- اقتصادياقبل 8 ساعات
تحديد القطاعات الواعدة وإنجاز المشاريع الخاصة في ندوة
- اقتصادياقبل 20 ساعة
وزير التجارة… تونس تتجه نحو الاندماج في القارة الإفريقية
- صن نارقبل 21 ساعة
أصوات من الكيان تطالب بوقف الحرب… ونتنياهو يتجاهل ذلك
- صن نارقبل 21 ساعة
حالة قلق لدى الكيان… بعد شراء مصر صواريخ صينية بعيدة المدى
- صن نارقبل 21 ساعة
بايدن في أول خطاب له منذ مغادرته الأبيض: الخراب الذي أحدثه ترامب في 3 أشهر فقط… شيء مذهل!
- جور نارقبل يوم واحد
لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
- اجتماعياقبل يومين
أكودة: بعد إحداث مركز امتحان لأول مرة… “الباك سبور” محور جلسة عمل
- صن نارقبل يومين
المغرب: احتجاجات شعبية على فتح موانئ البلاد… لنقل الأسلحة لجيش إسرائيل