جور نار
ورقات يتيم … الورقة 64
نشرت
قبل 8 أشهرفي

عبد الكريم قطاطة:
الخيبة التي لا تُولّد شرارة الانتفاضة تعني الموت … والحلم الذي لا تحدّي فيه هو كحلم مهزوم نخرته النكبات واستسلم للخرف ..

هكذا كنت اردّد مع عبدالكريم الآخر وانا اغادر حوشنا لأعانق اوّل مرّة مصدح من البريد الى الاثير، خيبة فشل النواة التلفزية وقبرها، وتحدّي الواقع الاعلامي الباهت انذاك… اذن لابدّ من رؤية اخرى ومستمع آخر ورسالة… في تلك الفترة كان هناك اسمان فقط شغلا الناس اذاعيا… المرحومان صالح جغام ونجيب الخطاب وقبل دخولي دنيا التنشيط كنت من ضمن مستمعيهما وباعجاب… كانا مختلفين جدا وكانا دوما متنافسين جدا في الخفاء والعلن… عندما عدت من باريس بعد اتمام دراستي في العلوم السمعية البصرية اصبحت استمع اليهما باذن ناقدة وفهمت من خلال دراستي معنى الاختلاف لديهما… كان نجيب ممتعا جدا وكان صالح مقنعا جدا… والتنشيط علميا هو الذي يحقّق المعادلة بين الامتاع والاقناع… وكانت الثغرة التي عملت من خلالها على تحقيق تلك المعادلة…
هذه كانت النقطة الاولى في استراتيجيّة عملي… الثانية تتعلّق بالمستمع التونسي في تلك الفترة… هو امّا سلبيّ للغاية بطبعه او مفقود تماما لأنه مغيّب اراديّا من لدن السياسة الاعلامية حتى تتجنّب اخطار وجوده كفاعل وشريك في المشهد… اي (فكّنا من بلاه)… وهذا كان بالنسبة لي تحدّيا كبيرا حتّى اجر السلبي جرّا الى ساحة اعمال الفكر اوّلا، والى تحطيم جدران الكهف ليخرج الى النور… هذا من جهة، ثمّ اجبار اباطرة الاعلام على حلحلة مواقفهم وبتدرّج قد يصل بهم يوما الى الخضوع لواقع اعلامي آخر…
المفصل الاخير الذي خطّطت له هو الرسالة… انا ترسخت لديّ قناعات من خلال تكويني المعرفي من ناحية وحسّي الوطني من ناحية اخرى، انّ السلطة الرابعة هي ديكور باهت اذا لم يكن المنضوون تحت لوائها اصحاب موقف واصحاب رسالة … ومن ثمة كنت ومازلت اعتبر الحياد كذبة كبرى والاعلامي الذي لا موقف له هو اشبه بـ”روبو” يعبث به من يشاء عندما يضغط على زرّ من ازراره كي ينفّذ فقط ما يريد الضاغطون عليه من مواقف… وهو ما نسميه الان اعلام الاجندات… كنت ومازلت اومن بأن لا اجندة الا للوطن وللانسان.. وفي هذه النقطة بالتحديد لا فُضّ فوه الكاتب المغربي المزلزل محمد شكري وهو يتحدث عن مهمة الكتابة والكاتب فيقول: {انّ مهمة الادب الاساسية كما اعتقد هي الاستنكار والاحتجاج والتمرّد على كلّ واقع مسكون بالبؤس والعفونة والاستغلال البشع}…
اليست هي ايضا مهنة ورسالة الاعلامي ..؟؟؟
عندما اقترح عليّ المرحوم قاسم المسدّي المساهمة في برنامج من البريد الاثير سعدت جدا بتلك المساحة اليومية من العاشرة صباحا الى منتصف النهار… سعدت لا لتوقيتها او مدّتها او معدّل بثها اسبوعيّا… بل لانّها مساحة اذاعية متخلّفة جدا في مضمونها… اذ ماذا يعني ان نبقى ساعتين يوميّا فلان يُهدي اغنية لفلانة و فتاة تُهدي اغنية لأمها وهي تقطن معها تحت سقف واحد .. ايّة جدوى في ذلك ..؟؟ ايّة رسالة .؟؟؟ والغريب ان تلك الاهداءات في الاذاعات الثلاث وفي نفس التوقيت … الان ستفهمون اكثر معنى سعادتي .. كنت كذلك الفلاح الذي يجد نفسه امام ارض خصبة ولكنّها جدباء لا تنتج شيئا ..اليس عليه ان يشمّر على ساعديه للحرث والزراعة …؟؟؟ في انتظار مطر اوّلا وحصاد ثانيا … وعلى هذا الفلاح ايضا ان يعرف ماذا وكيف ومتى يزرع .. حتى تتحقق معادلة الامتاع والاقناع …
في من البريد الى الاثير بدأت خطوتي الاولى ولمدّة شهر كامل اقدّم تحيّتي ومعها قصيدة شعر لنزار قباني فقط واترك الاستوديو لمنجي وحسناء لتقديم اغاني الاهداء ..كنت اجسّ النبض …ومنذ الاسبوع الاوّل بدأ الغيث النافع يهلّ على زرعي ..شعر القباني والقاء عبدالكريم (ضرب) وبريد المستمع بدأ يتكاثر … بعد ذلك الشهر ادمجت اوّل ركن لصحافة الموقف في البرنامج وكان (قرأت سمعت شاهدت)… ضرب هو ايضا رغم الليونة والهدوء في تعاليقي حتى لا اثير قلق المراقبين واولاد الحلال… من داخل الدار ومن خارجها وتكاثر تكاثُر البريد . ثمّ جاءت دعوتي للمستمع للفعل التشاركي ..لاخراجه من قمقم المستهلك واخترت له ابسط السبل: انتقاء حِكم او مقولات واسميت الركن (كلمات من ذهب)… ثم تلته اركان اخرى لمزيد تفعيل دور المستمع في انتاج البرنامج…
ثم جاء دوري لاكون بجانب هذا المستمع في محيطه في بيئته في بيته وانا اتنقل اسبوعيا كل احد لزيارته على عين المكان ولتسجيله كعضو فاعل بصوته ..بكيانه ..بمشاعره ..بآماله وما اجمل الآمال ..وبآلامه وما اجمله وهو يئن امام المصدح انينه الصادق …. الركن انذاك (مع احباء البرنامج على عين المكان) ..وهو ركن اتاح لي زيارة معظم مناطق تونس التي لم اكن اعرفها من قبل واتاح للمستمع ان يوصل صوته … اليس ذلك حقّه المشروع ..؟؟ ما قيمة الاذاعة دون حضور فعلي لمستمعيها …قلت فعلي واضيف فاعل ..لان المستمع الذي يكتفي بالحضور الباهت الماسط موجود وسيبقى موجودا اذا لم يأخذ المنشط بيده كي يرتفع به الى الاجمل والارقى… ولكن انّى لمنشّط ماسط وباهت وفارغ ان يرتفع بالمستمع ..وتلك هي معظم حالات منشّطي هذا الزمن الاحرف …. ضحك وتهنهين واستعراض عضلات ببعض الكلمات الفرنسية في حين ان جُلّهم لا يفرّقون بين les héros et les zéros الابطال والاصفار ، وهم ينطقونها في صيغة الجمع باللغة الفرنسية …
لنعد الى خرفاننا كما يقول المثل الفرنسي …كاينّي صعّبتها شويّة بهذا المثل الفرنسي على هاضوكا المنشطين اللي عمرهم ما كانوا منشطين …واللي البعض منهم دخلو بقفة زيتون او بالرمّان لبعضهن … هذي هاكة العام عملت زلزال كيف حكيت عليها ..ونساو اولاد الحلال اني استثنيت الزميلات الشريفات … ولي عودة لها عند اوانها لأني تعودت كذلك ان اقولها واُمضي ولا امضي…راجعين يا هوى ملوّث راجعين…هوى اعنيها وليست هواء …
تلك كانت استراتيجيتي في العمل ضمن برنامج من البريد الى الاثير .. تحسيس المستمع بعدم جدوى اغنية للاهداء والتقليص من وجودها مرحليا والقيام بعدعام واحد باستفتاء مع مستمعي البرنامج حول ضرورة بقاء ركن الاهداءات من عدمه ..وكان اوّل رهان اربحه .. المستمع ينادي بنسبة 90 في المائة بالغاء الاهداءات تماما وفسح المجال لاركان ومحتويات اخرى اكثر جدوى …وتضاعف بريدهم عشرات المرات… وكان بريدهم كما اسميته انذاك امانة حقا … اذ والله شاهد على ما اقول لم يطّلع ايّ كان على محتوى رسائل مستمعيّ ..ايّ كان ..علاقتي بالمستمع على مستوى الثقة تجذرت بشكل غريب … المستمع اصبح يعتبر المنشّط جزءا من حياته فيسقط عليه كلّ ما ينقصه في محيطه ..هو الاستاذ …هو الاب هو الاخ … هو الصديق …هو الحبيب ..هو الزوج … اي هو المفقود في الواقع المعيشي ..نعم …وهذا طبيعي جدا في غياب اي فرد من هؤلاء الذين ذكرتهم …انذاك سيُسقط على منشطه المفضل ذلك الدور بل ويتجاوز ذلك (وهي حالة لم يفهمها العديدون) المستمع وخاصة المرأة بفعل ظروفها الاجتماعية والبيئية التي حرمتها من عدّة اشياء… سيصبح المنشط بالنسبة اليها يقول الشعر فيها ولها وحدها ..كل الاغاني في الحصّة هي مهداة لها وحدها .. اي سيصبح المنشط عالمها الجميل في عالم لم تعش فيه يوما الجمال ..
ومن هنا جاءت غيرة العديدين من بعضهن البعض ..المرأة في مثل هذه الحالات تصبح لبؤة تغار بشدة على قرينها … لكن ما لا يعرفه الكثيرون من مستمعيّ ان بعض الرجال هم ايضا يغارون ..اما من المنشط على زوجاتهن ..وهذا اراه معقولا .. حتى ان بعضهم، وهذه حالات علمت بها منهم، كاد يُنهي حياته الزوجيّة نظرا إلى تعلّق زوجته المفرط بمنشطها …وذات يوم جلسا لمناقشة امر الطلاق فطلبت الزوجة من زوجها بكل رجاء ان يستمع مرة واحدة الى ذلك المنشط… فاذا به يُصاب هو ايضا بادمان العشق … وانتهى الخلاف… والقصص لا تعدُّ ولا تُحصى في هذا الامر ..
ومن جهة اخرى هنالك من المستمعين من يغار من المستمعات في حبّهن الغامر للمنشّط ويعتبرون انفسهم مهضومي الجانب عندما يقرؤون او يسمعون اشياء من النساء من نوع (هاكة متاعي وحدي) .. يوما ما، دخل واحد منهم على الخاص ليُعبّر لي عن غضبه من مثل هذه الظواهر بالقول (حتى احنا عندنا باي فيك ومتاعنا زادة)… تحدثت عن هذه الامور من اجل التوثيق… اولا لاني لست دون جوان ولا كازانوفا ولا جيجي لاموروزو . ولم ارد البتة التباهي بهذه الاشياء . ولكن ما اردت ان اوصله لكم هو الآتي: ليس هناك ايّ سرّ في تعلّق المستمع بمنشّطه… هذا لن يحدث الا اذا تحققت معادلة الامتاع والاقناع واذا كان المستمع شريكا في البرنامج واذا كان للبرنامج رسالة سامية… رسالة في سطورها حب الوطن ..حب الانسان ..الدفاع عن المظلومين والتحالف وبصفة لا تجادل مع الجمال ضد القبح ومع الحب ضد الكراهية ..انذاك فقط يتعانق الانسان مع الانسان حتى وان لم يره يوما في حياته ..وهل هنالك اجمل من عناق الانسان للانسان … اعانقكم ودون عقد …
ـ يتبع ـ

تصفح أيضا

عبد الكريم قطاطة:
في جويلية 2004 انتهت حقبة اذاعة صفاقس مع السيّد عبالقادر عقير رحمه الله وغفر له وعُيّن السيد رمضان العليمي كبديل له وتحديدا يوم 12 جويلية…

والسيّد رمضان العليمي شغل قبل تعيينه على رأس اذاعة صفاقس منصي كاتب عام للجنة تنسيق “التجمع الدستوري الديمقراطي” (الحزب الحاكم وقتها) بقفصة ثمّ مديرا لاذاعة تطاوين… وكعادة ايّ مدير عند تسميته اجتمع بالمسؤولين في الادارة بقاعة الاجتماعات المحاذية لمكتبه… ليعبّر وكأيّ مسؤول عن امتنانه لرئيس الدولة صانع التغيير لتشريفه بتلك المهمة… وعبّر وكسائر المديرين عن سعادته بوجوده في صرح اذاعتنا ونوّه بتاريخها وبالسواعد التي عملت فيها… ودون الدخول في تفاصيل اخرى تعرفون جيّدا تلك الخطابات الممجوجة التي يلقيها المسؤولون في مثل تلك التعيينات…
بعد ذلك تعرّف على المسؤولين فردا فردا… ولمّا حان دوري نظر اليّ السيّد رمضان العليمي وقال: (سي عبدالكريم اشكون ما يعرفوش انه اشهر من نار على علم، وهو بالذات عندي حديث خاص معاه)… وانتهى الاجتماع… وبقيت انتظر ذلك الحديث معه… وطال الانتظار… وكتبت له رسالة مطوّلة لم استجدِه فيها العودة الى المصدح فالحرة تجوع ولا تاكل بثدييها… لكن كان من واجبي ان اعطيه فكرة شاملة لا فقط عن وحدة الانتاج التلفزي حيث اُشرف فيها على مصلحة الانتاج، بل عن اذاعة صفاقس بشكل شمولي… وذلك من خلال ما عشته وعايشت فيها مع زملائي من احداث ناصعة البياض واخرى رماديّة حتى لا اقول سوداء…
هذه المراسلة كانت بتاريح 17 سبتمبر 2004 اي بعد شهرين و5 ايام من تعيينه… وها انا اختار الفقرة الاخيرة من مراسلتي الطويلة علّها تًعطي فكرة واضحة عن هدف تلك المراسلة حيث خاطبته بالآتي: (اخي الفاضل… انّ غيرتي على هذه الاذاعة هي وحدها التي جعلتني اكتب اليك فانا لا اطلب برنامجا او فضاء او ما شابه ذلك… ولكنّ الخطر الكبير يتمثّل في عديد الاسماء التي لا يمكن ان تكون امام المصدح وفي عديد البرامج التافهة تصوّرا وانجازا… وفي بعض الاشخاص الذين لا يملكون الحسّ الاذاعي ولا الكفاءة ومع ذلك يديرون امور هذه الدار على هواهم… اخي الفاضل احببت ام كرهت… الآن انت مدير هذه الدار وقدرك ان تعيد لها هيبتها وجمهورها واشعاعها… وهيبتها لن تعود الا من خلال تطبيق القانون ورفع المظالم … وفقكم الله لتسلّق هذه الجبال من المصاعب واعانكم على ان تكونوا كالميزان في عدالته، الذي لا يهمه ان ارتفع بالفحم او باللحم، بالتبر او بالتين… اليست العدالة هي اساس العمران ؟؟)…
السيّد رمضان العليمي كما ذكر في اجتماعه الاول بالمسؤولين وعد بحديث خاصّ معي… وانتظرت ولم يأت ذلك الحديث الخاصّ… وارسلت له المكتوب الذي حدثتكم عنه ولم يأت ذلك الحديث الخاص وها انا انتظر لحدّ اليوم وعده ولم يات ولن يأتي ولا حاجة لي بأن يأتي… لا لانه غادر الاذاعة ولست ادري ماذا اصبح اليوم وكلّ الرجاء ان يكون في صحة جيّدة مع طول العمر… ولكن لانّ الاجابة عن ذلك الوعد الذي لن يأتي جاءتني من احدى الزميلات في اذاعة تطاوين وهي بالاساس مستمعة لي منذ من البريد الى الاثير … وذلك بعد ستّة اشهر من تعيينه على رأس اذاعة صفاقس… حيث خاطبتني عبر مرسال فيسبوكي خاص بالقول: (لا تنتظر مؤازرة من السيّد رمضان العليمي… انه لا يكنّ لك الودّ وهذا عرفته عندما وددت تكريمك في اذاعة تطاوين ولكنّه عبّر بشكل مباشر انّه لا يطيب بذكرك… لكنّي كنت مصممة على تكريمك واذعن لي لكن لبس عن طيب خاطر)…
انذاك فهمت انّ الحديث الخاصّ معي لن يكون وحتى طيلة عهدته باذاعة صفاقس تحادثنا مرّتين فقط… يوم جاءني لمكتبي بوحدة الانتاج التلفزي ليسأل عن مشاكل الوحدة وندرة انتاجها… اي نعم قلبو وجعو على وحدة الانتاج… وتقولوشي عمل حاجة ؟؟ اقسم بالله وكانّه لم يسمع شيئا مما سردته له… المرة الثانية التي قابلته فيها يوم أقام حفلا خاصا لتكريمي سنة 2006 بعد احرازي على وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الدولة… وهو يصير منو ما يحتفلش بما قرره صانع التغيير؟…
ساعود لموضوع الوسام في ورقات قادمة… سنة 2004 ايضا وبالتحديد في 30 مارس شاء قدر الله ان يحرمني وللأبد من الوجود المادّي لوالدتي عيّادة… كان ذلك يوم اثنين… ولكن في الويكاند الذي سبق يوم الاثنين 30 مارس وتحديدا يوم الاحد 29 مارس كنت والعائلة وبعض من اهلي عائدين من الساحل بعد قضاء نهاية اسبوع باحد النزل… عندما وصلنا الى ساقية الزيت طلبت من سائق السيارة ان يتوقف.. اندهش الجميع لذلك… تصوروا انّ غايتي كان اقتناء قهوة او بعض المكسّرات للسهرة… توقف اذن ونزلت من السيارة وقلت لهم (كمّلوا ثنيتكم انا ماشي لعيّادة نحبّ نطلّ عليها ونبوسها وبعد نجيكم)… اندهش الجميع… يا ولدي اش قام عليك .؟ يا ولدي غدوة امشيلها … يا ولدي الدنيا مغربت .. تي راهي امّك في ساقية الدائر وانت في ساقية الزيت… تي راهو زوز كيلومتر موش شوية… تي هات على الاقلّ نوصلوك…
تعرفوه هاكة البهيم حاشاكم اللي يحرن ؟ اللي يعرفني يعرف انو من طباعي السيّئة وقت نحرن نحرن… وفعلا حرنت وزيد قلت لهم (انا طيلة دراستي الابتدائية كنت نجي من ساقية الدائر لساقية الزيت على ساقيّ… نحبّ نمشي على ساقيّ ونعيش شوية نوستالجيا ذلك الزمن… ايّا امشيو على ارواحكم)… وتوكّلت على الله وخليتهم داهشين في ها المخلوق وفي راسو الكبير وعنادو في احدى تلك اللوحات… صدقا كان هنالك احساس رهيب بداخلي وانا اقطع تلك المسافة… ذكريات… نوستالجيا… سعادة… وحزن لم افهم مأتاه…
وصلت الى مسكن الوالد والوالدة ومعهما اختي نبيهة التي تكبرني بسنة والتي لم تتزوج لإعاقة وُلدت بها ولم تقع معالجتها في زمن كان العلاج الطبّي نادرا جدّا… والتي لازمت الوالد والوالدة طيلة حياتهما، رحم الله الثلاثة… عندما دخلت للمنزل سلّمت على سي محمد… والدي هكذا كنت اناديه لا يا بابا ولا يا بويا ولا يابّا متع جيل توّة… ووجدت اخواتي الثلاث متحلقات حول عيادة… فرحت بي عيادة وباستغراب وقلق عن هذه الزيارة في وقت بدأ الليل يسدل ستائره ونظرت لولدها وسألتني: (يا وليدي لاباس عليكم ؟)… مسكت يدها وقبلتها وقلت لها وراسك الغالي لاباس توحشتك جيت نطلّ عليك اكاهو… تهللت اساريرها ونظرت الى اخواتي وقالت: (ما يعزش بيكم انتوما الكلّ في كفّة وعبدالكريم في كفّة راهو كفّتو تغلب)… وضحك البنات وأجبن (يخخي حتى تقوللنا؟..نعرفوا نعرفوا)… اعدت تقبيل يديها وبشكل جارف، لكأنّ القدر كان يهمس لي… اشبع بيها اليوم لانّها غدا ترحل…
في الغد وانا في مكتبي وكانت الساعة تشير الى الثالثة ظهرا هاتفني احدهم (لم اعد اذكر من هو) وقال لي: امّك مريضة وتحبّ تشوفك… ووجدتني بالنهج الذي تقطن فيه عيّادتي وسي محمد… وتسمّرت ساقاي عن المشي… سيارات رابضة امام المنزل… هذا يعني انّ عياّدة …. نعم دخلت وسالت اخوتي متى ؟ كيف ؟ بالامس كانت في صحة جيدة .. ماذا حدث ؟ لماذا لم تخبروني بما حلّ بها ؟… اجابتني إحداهنّ وقالت… كنا معها نتجاذب اطراف الحديث كما تعرفنا وفجأة قامت وقالت: (صلاتي ابجل من حديثكم سيّبوني نعطي فرض ربّي)… اقامت الصلاة ركعت ثمّ سجدت ثمّ هزّ ربّي حاجتو… وهي ساجدة…
دخلت فوجدتها مسجّاة في لحافها… دلفت اليها بهدوء لم ادر مصدره… رفعت الغطاء عن راسها… قبلت جبينها و قرات عليها نزرا قليلا من سورة البقرة (وبشّر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة) الى اخر الاية واعدت تقبيل جبينها و تقبيل يدها الباردة … والتي هي في برودتها وقتها كانت اشدّ حرارة من وهج الصيف في صحرائنا الكبرى… ورفعت يديّ الى خالقي وقلت (يا ربّي يجعلني كيفها)… لقد اكرمها الله بتلك الموتة الرائعة واستجاب لدعوتها الدائمة… يا ربّي يجعلني نهيّر في الفرش ونهيّر في النعش… ولأنّ الله قال في كتابه العظيم، سورة غافر آية 60: (ادعوني استجب لكم) واعاد نفس المعنى في سورة البقرة الآية 186، فالله اكرمها بان لا تقضّي حتّى يوما واحدا مريضة في فراشها…
الحمد لله اوّلا على قضاء الله… الحمد لله ثانيا على انّي نفذت وصيّتها لي بتلحيدها يوم دفنها… كان ذلك بعد اذان صلاة المغرب في المقبرة التي كنت اخاف من المرور بجانبها طيلة حياتي ليلا او نهارا… ولكن واقسم لكم بالله عندما ذهبت لتلحيدها في تلك الساعة، تحوّلت المقبرة امامي الى نور على نور… والحمد لله ثالثا انها رجتني في حياتها الاّ انقطع عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وان احكي لها واطمئنها عن كل ما يجري في عائلتي…. وعائلات اخوتي… ووعدتها ولا زلت عند وعدي…
رحم الله عيّادة وابي واخوتي واهلي واصدقائي وزملائي… ورحم الله كلّ امواتكم واطال الله عمركم ومتعكم بالصحة والسلام الروحي …
ـ يتبع ـ

جور نار
حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!
نشرت
قبل 5 أيامفي
8 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
يتساءل الجميع اليوم عن حجم ردود الفعل العالمية المنتظرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هيكل تعريفي جديد للولايات المتحدة في “يوم التحرير الثاني”… وهي التسمية التي أطلقها ترامب على يوم الثاني من أفريل من هذه السنة، ترامب يعتبر ذلك اليوم ثاني أهمّ يوم في تاريخ الماما بعد اعلان استقلالها يوم 4 جويلية من سنة 1776 …

يرى ساكن البيت الأبيض أن الإجراءات التي أعلن عنها يومها ستعيد الحياة للعصر الذهبي لأمريكا، وستجدد من استقلالها حسب رأيه… ولسان حاله يقول انه لم يجد حلاّ لمشاكل الماما الاقتصادية غير فرض ضرائب على دول الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند والصين واليابان وكندا والمكسيك والعديد من الدول الأخرى، رغم أنه يدرك جيّدا ان أغلب هذه الدول ستعامله بالمثل وقد لا تخرج الماما من الازمة الاقتصادية بالسهولة التي يتصورها… فدول الاتحاد الأوروبي تسعى لتكوين جبهة موحدة في الأيام المقبلة لتقف في وجه ما قرره ترامب… ومن المحتمل أن يتم الاتفاق حول مجموعة أولى من الإجراءات المضادة تستهدف واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار…
هذا التحرك المنتظر يعني بالتأكيد انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض تعريفات ردعية انتقامية على الولايات المتحدة في تصعيد مبكّر لما يخشى البعض أن يتحول إلى حرب تجارية اقتصادية عالمية… والخوف كل الخوف أن ترتفع تكلفة الآلاف من السلع لأغلب سكان المعمورة مما قد يدفع أغلب الاقتصادات حول العالم إلى الركود.
وتهدف الجبهة التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتكوينها إلى الخروج برسالة موحدة تعبر عن النيّة والرغبة في التفاوض جدّيا مع ساكن واشنطن لإزالة التعريفات… مع التلويح بالاستعداد الدائم للمعاملة بالمثل والرد بإجراءات جمركية ثأرية مضادة، إن فشلت هذه المفاوضات في إزالة التعريفات الجديدة التي يريد ترامب فرضها على الجميع أو في التخفيض منها… ومن بين المنتجات التي حظيت باهتمام الجبهة الأوروبية الموحدة وأثارت قلق الرئيس ترامب، فرض رسوم جمركية جديدة على “البوربون” الأمريكي (الويسكي) بنسبة قد تصل إلى 50%… وهو الأمر الذي جعل ترامب يهدّد برسوم نسبتها 200% على النبيذ والشمبانيا وغيرهما من المنتجات الكحولية من فرنسا وإيطاليا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي.
تغطي التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الاتحاد الأوروبي حوالي 70% من صادراته نحو الولايات المتحدة… وقد بلغت قيمتها الإجمالية 532 مليار يورو (585 مليار دولار) العام الماضي، مع احتمال فرض رسوم أخرى على العديد من الصادرات الاخرى في المستقبل إن تعنتت الجبهة الأوروبية وردّت بالمثل… وتفيد بعض المصادر ان المفوضية التي تنسق السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي قد تكون اقترحت على أعضائها قائمة بالمنتجات الأمريكية التي يجب ان تخضع لرسوم جمركية إضافية، ردّا على ما فرضه ترامب من تعريفات جديدة على الصلب والألومنيوم بدلاً من الرسوم المتبادلة… ومن المتوقع أن تشمل هذه المنتجات اللحوم الأمريكية، والحبوب، وغيرها من المنتجات التي قد تثير قلق ترامب…
وبالعودة إلى تاريخ الصراعات التجارية التي شهدها العالم، يذكر جميعنا انهيار سوق الأسهم سنة 1929 والإجراءات الحمائية التي تبعته وما وقع في السنوات التي تلته… فقد تمّ القضاء على ثلثي التجارة العالمية إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفلت عن تخفيض الولايات المتحدة لجميع التعريفات الجمركية على أي شريك تجاري سيقوم بالمثل… لذلك لا يمكن تجاهل حدوث انخفاض حاد في التجارة العالمية لو تعنّتت جميع الأطراف وواصلت سياسات الردّ بالمثل وعدم العودة إلى رسومات جمركية يقبل بها الجميع …
لكن في هذه الحرب التجارية الطاحنة، لكن هل فكّر ترامب وخصومه في “كيف سيكون حال الدول الفقيرة وشعوبها؟؟” فأغلب الشعوب التي قد تتضرر مما اقدم عليه الرئيس ترامب عانت من أزمة 2008 ولم تخرج من اسقاطاتها وتبعاتها إلى يومنا هذا… وبعضها انهارت اقتصاديا بعد سنوات الكوفيد ولم تخرج إلى يومنا هذا من وجعها ومعاناتها… لذلك علينا ان لا ننسى أن أكبر الخاسرين هم أغلب دول إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وبعض دول الشرق الأوسط التي لا تعيش على ما يجود لهم به باطن الأرض… فما يفعله اليوم ترامب وخصومه بالشعوب الفقيرة يعتبر جريمة وطوفانا مدمرا لاقتصاداتها فأغلب هذه الدول تعيش على التسوّل وقروض صندوق النقد الدولي ومساعدات البنك الدولي…
ترامب لم يفكّر في مصير شعوب الدول الفقيرة بل فكّر فقط في إصلاح اختلال ميزان الماما التجاري… ونسي اختلال الميزان التجاري لدول لا يفوق اقتصادها اقتصاد مدينة من مدن أفقر ولاية من ولايات الماما… فهل يزحف الركود التجاري والاقتصادي إلى اغلب دول العالم بما اتاه ترامب بشطحاته الغريبة؟؟ وهل يعود الجميع إلى العقل، أم أن حلقة تصعيد إضافية ستفتح؟؟… ويصل بنا الأمر إلى حرب عالمية تجارية قد تكون …تبعاتها أخطر من كل الحروب التي عرفها العالم؟؟


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الكريم قطاطة:
من طباعي منذ كنت شابا انّ الله وهبني نعمة الصبر على كل شيء… وكان العديد من اصدقائي يغبطونني على (دمي البارد)… وعندما هرعت الى الله تعمّقت في داخلي القدرة على تحمّل كلّ المشاكل ومخلّفاتها… قد اكون واحدا من سلالة ايّوب، ولكن… واذا فاض كأس الصبر كما غنّى شكري بوزيان… واذا علا صوت ام كلثوم بـ (ما تصبرنيش ما خلاص انا فاض بيّ وملّيت)… وتختمها بـ(للصبر حدود يا حبيبي)… اردّ كأيّ بشر الفعل، لكنني كنت آخذ قراراتي ودائما باعصاب هادئة في ردّ الفعل…

عندما اسرّت لي زميلتاي باذاعة الشباب بالحوار الذي دار بينهما وبين مديري سي عبدالقادر الله يرحمو… وفهمت انّ حدسي كان في محلّه بالشكّ في نواياه بعد الجلسة الصلحية مع زميلي الصادق بوعبان… تكسّر كأس الصبر… والكأس اذا تكسّر يستحيل لمّ شتاته…. ايقنت ان لا فائدة تُرجى من ايّ صلح بل وقررت ان تكون الحرب معه… اكاهو… وعليّ ان استعدّ لاوزارها… وليضحك كثيرا من يضحك اخيرا… انتهت السهرة الخاصة بتكريمي مع زميلتيّ وكانتا سعيدتين بها شكلا ومضمونا وعدت الى بيتي لاخطّط لحرب فعلية مع مديري…
وفي الصباح الباكر ذهبت لمكتبه… سلّمت عليه وسألته هل استمع الى حصّة التكريم البارحة… اجابني بالايجاب بل وشكرني على كلّ ما قلته في تلك السهرة… سالته باستعباط هل صدر منّي كلام او تعليق في غير محلّه لايّ كان؟.. اجابني: (ابدا ابدا، يخخي انت جديد عليّ نعرفك معلّم) … كنت جالسا فنهضت واقفا امامه واضعا كفّي يديّ على طاولة مكتبه وكأنّي تحوّلت من لاعب وسط ميدان الى مهاجم صريح وقلت له: (انا طول عمري كنت راجل معاك رغم كل الاختلافات والخلافات… ولم اقل في ظهرك كلمة سوء لكن وللاسف الذي حدث امس بينك وبين زميلتيّ في اذاعة الشباب ونُصحك اياهما بتغييري كضيف لهما اكّد بالدليل القاطع انّو بقدر ما انا كنت راجل معاك انت ما كنتش…..)
نعم هي كلمة وقحة ولكنّي قلتها لانّو فاض كاس الصبر… اندهش مديري منّي وانا اتلفّظ لاوّل مرّة بكلمة لا تليق به وقال لي: انت غلطت في حقّي راك.. قلت له: اعرف ذلك وانا جئت اليوم لاثبت لك اني ساعلن الحرب عليك ..ودون هوادة .. وصحّة ليك كان ربحتها وخرجتني قبل التقاعد مثلما قلت ذلك مرات عديدة، اما صحّة ليّ انا زادة كان خرجتك قبل التقاعد… وباش تعرف رجوليتي معاك ثمشي واحد يعلن الحرب على الاخر ويجي ويعلمو بيها ..؟؟ اذن اعتبرني من اليوم عدوّا لك ولكن ثق انّ الحرب بقدر ما ستكون شرسة بقدر ما ستكون من جانبي شريفة بمعنى ـ وربّي شاهد عليّ ـ لن الفّق لك ايّة تهمة لكن سافضح كلّ اعمالك)…
ولم انتظر اجابة منه… غادرت مكتبه وعزمت على التنفيذ… اتّصلت بالعديد من الزملاء الذين تضرروا من تصرفات مديري وسالتهم هل هم مستعدون للادلاء بشهادتهم كتابيا؟؟.. ولبّى العديد منهم طلبي… دون نسياني كتابة تقرير ل بكلّ ما حدث منذ قدومه على رأس اذاعة صفاقس… وللشفافية، كان هنالك ايضا تقرير على غاية من الاهمية وفي ثلاث ورقات كتبته احدى سكريتيراته وبتفاصيل مرعبة بعد ان ذاقت منه الويل… واعتقد انّ ذلك التقرير لعب دورا هاما في قرار اصحاب القرار…
اذن اصبح عندي ملفّ جاهز يحتوي على 30 ورقة ولم افكّر بتاتا في ارساله لا الى رئيس المؤسسة ولا الى ايّ كان… كان هدفي ان ارسله رأسا الى رئيس الدولة دون المرور عبر الرجل النافذ في الاعلام انذاك السيّد عبدالوهاب عبدالله الذي اعلم انه يكنّ لمديري ودّا خاصّا… وهذا يعني اذا يطيح بيه يبعثو لمؤانسة اهل الكهف (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)… وكم هو عدد الكلاب في حاشية الحكّام… لكن كيف يمكن لي ارسال الملفّ على الفاكس الشخصي للرئيس بن علي؟ ووجدت الحلّ (عليّ وعلى هاكة الناقوبة)… الناقوبة هي كنية لزميل يعمل في الصحافة المكتوبة وماشاء الله عليه في اجندا العلاقات… نعم مع الولاة مع الوزراء مع عدد لا يُحصى… تذكّرت وانا ابحث عمن يوصلني الى الفاكس الشخصي لرئيس الدولة…
تذكرت ذلك الناقوبة وتذكرت خاصة يوم زفافه… كنت يومها ممن حضروا حفل زفافه، خاصة انّ علاقتي به كانت من نوع علاقة الاستاذ بتلميذه… اذ هو ومنذ كان طالبا كان من مستمعيّ وعندما بدأ يخربش اولى محاولاته في الكتابة الصحفية مددت له يدي وشجعته … ولكن في اجندا العلاقات تفوّق الناقوبة التلميذ على استاذه… وللامانة حمدت الله على انّ اجندة العلاقات في حياتي سواء العامة او المهنية خلت من مثل اولئك الكبارات، هكذا يسمّونهم… ولكن وحسب ما عشته، قليل منهم من يستحق لقب الكبير…
يوم زفاف ذلك الناقوبة اشار اليّ من بعيد وهو بجانب عروسه كي اتوجّه اليه… توجهت لمنصة العروسين واقتربت منه فهمس في اذني (ماشي نوريك ورقة اقراها ورجعهالي) .. ومدّ اليّ تلغراف تهنئة لزفافه وبامضاء من؟… بامضاء زين العابدين بن علي… رئيس الجمهورية… الم اقل لكم انه باش ناقوبة ..؟؟ اذن عليّ به ليصل الملفّ الى الفاكس الشخصي للرئيس بن علي… بسطت له الفكرة وبكلّ برودة دم ووثوق اجابني: هات الملفّ وغدوة يوصل للرئيس وفي فاكسه الشخصي…
كان ذلك وسط شهر جوان ..ولم يمض يومان حتى هاتفني المرحوم كمال عمران المدير العام للقنوات الاذاعية ليقول لي: (يا سي عبدالكريم الملفّ الذي ارسلته للرئيس بن علي احاله لي شخصيا وكلفني بالقيام بابحاث مدققة مع جميع الاطراف وانت واحد منهم… ما يعزش بيك هذا امر رئاسي وعليّ تنفيذه)… اجبت على الفور: (وعلاش يعزّ بيّ؟.. ونزيد نقلك اكثر ما نسامحكش قدام ربّي اذا تقول فيّ كلمة سمحة ما نستاهلهاش)… وانتهت المكالمة وقام السيد كمال عمران رحمه الله بدوره كما ينبغي مع الجميع وللامانة ليست لي ايّة فكرة عن تقرير السيّد كمال عمران الذي ارسله للرئيس بن علي…
وما ان حلّ الاسبوع الاوّل من شهر جويلية حتى صدر القرار…ق رار رئيس الدولة باقالة السيّد عبدالقادر عقير من مهامه على راس اذاعة صفاقس وتعيين السيد رمضان العليمي خلفا له… يوم صدور القرار ذهبت الى مكتب سي عبدالقادر واقسم بالله دون شعور واحد بالمائة من خبث الشماتة… استقبلتني سكرتيرته زميلتي فاطمة العلوي ورجوتها ان تعلن للسيد عبدالقادر عن قدومي لمقابلته… خرج اليّ مديري الى مكتب السكرتيرة… سلّم عليّ ولم اتركه للضياع وقلت له : (انا ما اتيتك شامتا ولكن اتيتك لاقول لك انّ قرار اقالتك انا عملت عليه وانا الذي ارسلت الى الرئيس ملفا كاملا حول تصرفاتك ويشهد الله اني لم افترِ عليك بتاتا… الآن جئت لاودّعك ولأتمنى لك الصحة ولاقول لك انا مسامحك دنيا وآخرة…
عانقني سي عبدالقادر والدموع في عينيه وقال لي: (انت هو الراجل وانا هو اللي ما كنتش راجل معاك وربي يهلك اصحاب الشرّ)… غادرت المكان وتلك كانت الحلقة الاخيرة مع السيد عبدالقادر عقير رحمه الله وغفر له… سامح الله ايضا الشلّة التي عبثت بالمدير وبمصلحة اذاعة صفاقس وبالعديد من الزملاء… وهذه الفئة ذكرها الله في القرآن بقوله عنها (الملأ) ووُجدت في كل الانظمة عبر التاريخ وستوجد حتى يوم البعث… انها شلّة الهمّازين واللمازين والحاقدين والاشرار وخاصة ذوي القدرات المحدودة فيعوّضون عن ضعفهم وسذاجة تفكيرهم بنصب الفخاخ للاخرين وبكلّ انواع الفخاخ…
انهم احفاد قابيل…
ـ يتبع ـ


استفتاء الجمهور لمهرجان “همسة”: مسلسل “نقابل حبيب” يكتسح التصويت

“ربيع الشعر” بحاجب العيون… مبدعون شبان وأساتذة كبار واحتفاء بالشعر والفن

“الجمعية الدولية للتربية”، تغيّر عنوانها

تثمين فواضل البناء… في مؤتمر علمي

تحضيرا لهجوم برّي أمريكي في اليمن؟… حاملة طائرات إضافية تصل إلى البحر الأحمر
استطلاع
صن نار
- ثقافياقبل 5 ساعات
استفتاء الجمهور لمهرجان “همسة”: مسلسل “نقابل حبيب” يكتسح التصويت
- ثقافياقبل 5 ساعات
“ربيع الشعر” بحاجب العيون… مبدعون شبان وأساتذة كبار واحتفاء بالشعر والفن
- اجتماعياقبل 19 ساعة
“الجمعية الدولية للتربية”، تغيّر عنوانها
- اقتصادياقبل 21 ساعة
تثمين فواضل البناء… في مؤتمر علمي
- صن نارقبل يوم واحد
تحضيرا لهجوم برّي أمريكي في اليمن؟… حاملة طائرات إضافية تصل إلى البحر الأحمر
- صن نارقبل يوم واحد
منها “ميكروسوفت” و”غوغل” و”أمازون”: غزة تحت النار والدمار… شركات تكنولوجية أمريكية في خدمة الإبادة
- صن نارقبل يوم واحد
تنفيذا لخطة ترامب: الولايات المتحدة تستعيد قناة باناما… والصين أكبر المتضررين
- صن نارقبل يوم واحد
سوريا تحت الإرهاب… أكثر من 1700 ضحية بمجزرة العلويين