…على عتبة هذا الممر الذليل وعتمته أقف منكسرا مثل شجرة سرو عتيقة…
على باب هذا الليل الطويل أطرق أضلاع نفسي الضيّقة بأناة شديدة…
أقف أمامها مستنفرا كالبلاد أقف مثل وطن مخنوق برماد عثراته المتواترة كدوائر رياح الجنوب الرملية…
متعثرا كالقدر الثقيل الجاثم على صدر هذا البلد المكابد..
أمشي إليك…
مسرعا بين أقصى محطات هذا العمر الذاهب..
أذهب فيك شاردا مثل مسافر يجلس قرب نافذة القطار تضيع منه الأماكن كل ثانية..
تذهب في غياهب الخسارات…
مسرعا مثل قلبي أحصي أرصفة الشارع الوحيد الذي يقودني إليك…
أيها الوطن الهارب توقف…
أيها الوطن المتهاوي توقف…
توقف كي أراك …
أنا مثلك أيها الوطن حزين…
مثقل بسنين العمر الباردة..
نحنُ هُنا …
في غيهب الصمت الآثم..
جئنَا من سلالة المنفى العظيم !
ستخرُج من موتكَ إلى زَوابع الحياة وفوضى الانعتاق…
ستخرج من عجزك كمَا تخرجُ الجُثةُ الطازجة من غد بظهر الغيب..
ستَضيقُ بك الرُّوح…
ستضيق بأصابعك المنطفئة !
سَتنتهي بك إلى لحظَة الخوف المريب..
دعها تغفو…
ستمشي عارياً وَجلاً من فخ وطن ظالم…
ستمشي من منفاك …
إلى المنفى العظيم !