يبدو ان فيروسات البذاءة والمقذوفات اللفظية المنطوقة وجدت منذ مدة طويلة في مجتمعنا المغلوب على أمره مرتعا خصبا للتكاثر والتوالد والتفريخ فمرت العملية من مستوى الكلمة المفردة إلى الجملة البسيطة …
أتت بعدها الجملة المركبة ليقع الالتجاء إلى محسنات بديعية من نوع خاص و لتكون النتيجة ما نحن عليه من نجاسة ولغة شارعية تقطر تعاسة وتخلفا وهو ما يجعلنا ننعت ونوصف بأننا شعب بذيء و ان شارعنا من نواقض الوضوء ومن المفطرات في الشهر الكريم حيث لا حديث لبعضهم إلا وهم يقحمون الجهاز التناسلي وما حوله في مجرى حديثهم بعلو الصوت وبلا ادنى احترام لمن رمت به الأقدار في طريقهم,
وأما عن عبارات التغزل وإبداء الإعجاب فهي لا تحيد عن هذا الإطار وإذا أضفنا عبارات التعجب والاستغراب فإننا ندخل في أتون تعد على الأخلاق العامة التي يفترض أن تكون حميدة, وهنا استحضر تعليقا ساخرا ومرّا في ذات الحين لأحد الأشقاء يصفنا فيه بأننا” شعب يأكل المرأة وينام مع الدجاجة” ! وفي تصوري أتى هذا التعليق بكل تأكيد بعد واقعة أو وقائع ومشاهدات عينية سمع فيها صاحبها ما يمكن إن تتفتق عنه قرائح أولاد الشارع من افرازات …
ويتواصل إسهال البذاءة مع أعمال نعتت بالأعمال الفنية, وعن أغاني الراب فحدث ولا حرج, ويضاف للطين بلة ما تأتيه شركات الإنتاج وما “تقترفه” من أعمال درامية وفكهة تلصق ظلما وعدوانا بالشهر الكريم لتدخل بيوتنا وتعبث بأسماعنا وأذواقنا و تشتت لمتنا العائلية وتفسد سهراتنا ,وعلى فكرة لن امنح هذه الأعمال شرف ذكرها بالاسم فيكفيها أنها دفعتني إلى إزالة الصدا عن قلمي الذي سيتصدى بما أوتي من حبر لعل وعسى…
على أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد, فأمام عجزنا عن القضاء على فيروسات البذاءة تتوالد فيروسات أخرى وتتحول شكلا ومضمونا لتهبنا سلالات احتلت المشهد وغمرت المجتمع التونسي في السنوات الأخيرة رافعة لواء “الركاكة اللفظية التعيسة” وأطلت علينا مصطلحات “مريقل”التي اعتمدها شق كبير منا للتعبير على أن الأمور منظمة وبرزت كلمات “الشاف” و “باشا” و”معلم” و”شباب” و “بوها” لتصل بعد ماراتون الاختراعات والاكتشافات الى “الجو الفسفس” و”الامور في الجبن او في العنبر” …
لا يا سادتي ان الامور ليست في العنبر بل هي في غاية الإسفاف وسكوتنا اليوم عما يقترف هو شارة عبور خضراء كبيرة أمام مزيد من الإسهال اللفظي والدليل “عكعك” و “حالة معاك” التي تحاصرنا في الشوارع وتقتحم علينا بيوتنا في ما سمي بالومضات الاشهارية الإعلانية وانا اسميها ومضات إجرامية في حقنا وفي حق أجيالنا القادمة ,
فهل يحق لنا أن نطلق صرخة الم وفزع لعلها تصل أذانهم أم هي أذان صماء لا تسمع ولا تريد أن تسمع وعن الهايكا أتحدث وأضيف إليها مراصد الشباب والطفولة ومنظمات الدفاع عن المستهلك ومن همه الامر… وقديما قالت المسرحية المصرية “الملافظ سعد يا عبعال”