… و ما زالوا يصرّون على علكة “التخفيض في كتلة الأجور”!
نشرت
قبل 3 سنوات
في
زفّت لنا الزفّة البارحة، قرارا ـ آخر ـ بزيادة في أسعار المحروقات بداية من منقلب جانفي على الساعة صفر … أي يدخل علينا شهر فيفري البارد بضربة برد ثانية في العظام، و نحن ما زلنا لم نبرأ بعد هزيمتنا أمام بوركينا فاسو … و لم تتوقف عندنا سلسلة الأخبار المشؤومة التي تتالت منذ إحدى عشرة سنة، كحساب القيامة لشعب من الآثمين …
يعني لا يكفي أن معظم المواد صارت مفقودة، و صرت شخصيا أذهب إلى عطّار حومتنا الطيب و أمام سحنته المستسلمة المعتذرة من قبل أن أنبس، أبادره بسؤال من نوع: ما هي مفقودات اليوم؟ أو ما هي المواد التي رجعت للظهور؟ … أما الأسعار “الجديدة” فما عدت أسأل عنها، إذ أصبحت أعدّ مبلغا إضافيا في كل يوم، و نادرا ما يخطئ التوقّع … لا يكفي هذا، و لا يكفي معه الوقوف في طوابير طويلة أمام كوشة الحامدي و في صقيع سيبيريا … و على كل أشكر القائمين عليها (أي المخبزة) لأنهم في النهاية يكافئون صبر الواقفين بما يحتاجونه و لا أدري كيف يتدبرون ذلك … عكس مخابز أخرى تقفل منذ الرابعة أو الخامسة … و فيهم من يقف أياما، و فيهم من شمّعها منذ جمعتين أو أكثر …
لا يكفي هذا و غيره و غيره … فهاهم يعودون معنا إلى مساومة النفط مقابل الزيادات، و إلى الترفيع في البنزين و هم يعلمون مسبقا أن هذا الترفيع سيكون أفقيّا … أي ستنجرّ عنه ترفيعات لا متناهية في كل المواد تقريبا، و سيتعلّل أصحابها (حقا أو باطلا) بزيادة تكاليف الطاقة و الصناعة و النقل إلخ … لا توجد زيادة ذات مفعول “دومينو” مثل زيادة أسعار المحروقات … حتى الدخان المهرّب يمكن أن يزيد رغم أنه يأتي في وسائل نقل تشتغل بدورها بمحروقات مهرّبة غير معنية بزياداتنا … و لكن تعلّة أصحابه أنهم مضطرون لدفع فارق (غلاء المعيشة) لمصالح المراقبة حتى تواصل “سهوها” عنهم !
إضافة طبعا إلى هذا “التنبري” العجيب ذي المائة المليم الذي ألصقوه بفواتير الشراء من المغازات … و إضافة إلى معلوم الجولان … و فاتورة الكهرباء التي قد نصل يوما (و قريبا) إلى طلب قرض لخلاصها … و غير ذلك كثير من الحيل الصغيرة التي يلجأ إليها وزراء المال في بلاد الأغوال … و من عشرات الحيل الكبيرة التي تستعملها الحيتان الكبيرة … جهارا نهارا …
في هذه الأوقات، تختفي رؤوس “خبراء” آخر الزمن … أي أولئك المتداولين نفس الحلول لمشاكلنا مهما تقلّب الدهر، و مهما اشتكى الناس، و مهما توجّعت أفئدة و أنّت صدور … يستنسخون وصفات صندوق النقد الدولي و يطالبون بـ “إصلاحات” لا تصلح إلا لمزيد تعميق الجرح … بل أحيانا تجد أن صندوق النقد أرحم منهم و أكرم … و غالبا ما تشكّ في أن لوبيات الفساد الملتهمة اقتصادنا و سوقنا و جيوبنا، لها خبراؤها المبثوثون في الأقنية و الإذاعات و الصحف …
نبقى في معاناتنا مع الحياة التي تصعب يوما بعد يوم، نبقى وحيدين في المعركة … أما أنبياء السوء هؤلاء فنقول لهم ما قاله “ديك الجنّ” العباسيّ ذات مرة: