السياسة عموما هي كلعبة الشطرنج …و في لعبة الشطرنج يعرف روادها انّها تتطلب رقعة مكونة من ثمانية أجزاء عمودية و ثمانية أجزاء أفقية مشكلة بذلك 64 مربعا نصفها أبيض و نصفها أسود أمّا القطع فهي 16 قطعة سوداء و 16 قطعة بيضاء تتصدّرها قيمة الملك و الملكة و حاشية تتكون من قلعتين و حصانين و فيلين و 8 بيادق و هي أرخص القطع قيمة و تتمثل اللعبة في حرب بين اللونين الأبيض و الأسود و كل لاعب يعتمد على استراتيجية معينة في حربه …
إلا انّ العارف بهذه اللعبة يدرك جيّدا أنّ البيادق و هي التي تحتلّ الصفوف الأولى في قطعة الشطرنج أي في ساحة القتال هي المعرّضة للموت بل و للتضحية بها من أجل الحفاظ على القطع الثمينة _ الكولونيلات و الجنرالات _ و ضمان كفاءة هؤلاء في التحرّك و كسب الميدان هجوما و بالتالي كسب المعركة التي لا تنتهي إلا بقتل الملك …إلاّ أنّ دهاء بعض الاستراتيجيات قد تصل بالبيدق إلى محاصرة الملك و القضاء عليه بـ “كش مات” أي بحصره في مربّع ما يستحيل معه أن ينجو بنفسه رغم وجود جنرالاته و ملكته …
هذه اللعبة تحوصل لنا ما وقع في جمهورية كامورستان الشقيقة …اللعبة الشطرنجية هنالك حاصرت الملك و الجنرالات في تونستان فأذعن هؤلاء للامر و رفعوا الراية البيضاء و سلّموا بأحقّية أشقائنا في كامورستان بتقرير المصير بل و بدفع الجزية و المقدّرة بآلاف المليارات …أي كش مات .. إنّ حقوق كل جهة في نيل نصيبها من التنمية و انعتاقها من أغلال التهميش أمور لا فقط شرعية بل تتطلّب منّا المساندة و بشدة لنشدّ على أيدي أصحابها ..أمّا أن تكون بذلك الشكل أي باسقاط هيبة الدولة فهذا أمر مرفوض مرفوض مرفوض …و السبب بسيط جدا …ماذا لو طالبت صفاقستان و سوستان و قفصستان و بنزرتستان و غيرها و بنفس الأسلوب _ ليّ أيادي الدولة _ اقتطاعها لمواردها لفائدة متساكنيها …؟؟؟
لعبة الشطرنج من قواعدها الاساسية الدفاع عن الملك حتى يبقى رمزا لدولته ….فمن ربح ومن خسر في قضية الكامور ؟ لا الملك و لا جماعة الكامور …تونس هي التي خسرت المعركة … تونس التي مرمدوها و شلّكوها بمثل ذلك الاتفاق التاريخي المُذلّ …..و متى كان ذلك ؟ في 7 نوفمبر آخر …هذه المرّة 2020 …