لدي انطباع أن الكوفيد 19 كائن حي و قاتل و اسم علم لأن الجميع يبدأ كتابة اسمه بالحرف اللاتيني الكبير، مع إضافة رقم شفرة مثله مثل جيمس بوند 007 .
هو معادٍ للرأسمالية، يعترض على المبادلات الدولية و علاقات الهيمنة القائمة حاليا، لذلك دمّر أكبر البورصات المالية في العالم.
هو إيكولوجي منحاز للطبيعة و يشعر بغبطة لا محدودة إزاء توقف حركة الطيران و السير على الطرقات و مبتهج لكل هذا الهواء النقي الذي نستنشقه في مدننا اليوم و له أنصار ثابتين من جهة الدّببة البيضاء و عدبد الحيوانات المهددة بالانقراض.
هو كاره للبشرية بأسرها نساء و رجالا وكاره لإدمان هؤلاء على الغناء الجماعي و التجوال الجماعي و جميع أشكال الاحتفال والتجمهر بين البشر.
هو منخرط في سلك الرهبان، لا يحب الهمس و اللمس والتقبيل والمداعبة والاحتضان وممارسة الجنس.
هو قاتل متخصص في استهداف كبار السنّ بصفة خاصة وهو أمر مُريع. لذلك أمتنع شخصيا هذه الأيام عن الحديث بشأن برنامج “أبوستروف” لأنه قديم و قد يُذكّر الكوفيد بأنني هرمتُ أنا أيضا.
عندما تنهار منظومة الصحة العمومية أو تتردّى خدماتها، تُطلّ المصحّات الخاصة برفاهها وسرعة تعهّد إطاراتها وأعوانها بالمرضى ورعايتهم ولكن بكُلفة لا يقدر عليها سوى الأثرياء و متوسّطو الدخل الى حدّ ما.
ولمّا تعجز المدرسة العمومية عن الاحتفاظ بأبنائها ولا تُمكّنهم من أي مهارة أو اقتدار يقيهم حرّ التشرّد وبرد البطالة وقرّ الأجور المُهينة…تُطل المدارس والمؤسسات التربوية الخاصة بجودة التعلّمات داخل أسوارها وأمن ساحاتها وارتفاع نسب النجاح في نهاية مساراتها…ولكن بكُلفة تُقصي بصفة آلية فقراء البلد ومُعدميه.
أتمنّى أن لا ينهار الأمن العمومي يوما فتلجأ الطبقات والفئات المُترفة إلى شراء أمنها وطمأنينتها تاركة الشعب الكريم أعزلا في مواجهة الجريمة والإرهاب والعنف بأنواعه.
في فرنسا على سبيل المثال التي يعرفها أغلبنا مؤشرات الجودة في الخدمات الصحية توجد في مستشفى سالبتريار أو المستشفى الأوروبي جورج بومبيدو وليس في المصحات الخاصة وجودة التكوين في التعليم توجد في سانت جونوفياف أو هنري4 وليس في المدارس الخاصة.
إضاءة 2
“تتبغدد علينا وإحنا من بغداد”
سمعت كاظم الساهر يغنّي هكذا، فرُحت أبحث في معاني “البَغْددة” فوجدت أن هذا الاشتقاق الصّرفي كان يُطلق مجازا خلال خمسينات وستينات القرن الماضي في المشرق العربي والجزيرة العربية على كل واحد أدركته النّعمة وعمّ خيره واتّسعت دائرة ثرائه وترفه ورخائه… لأن بغداد كان يضرب بها المثل في ثقافة الكتاب والموسيقى والثراء وبهاء الشوارع وألق السّاحات… وغيرها من علامات الرّغد والرفاهية.
أما اليوم وقد “تأيرنت” بغداد و”تأمركت” بتواطؤ من البغداديين أنفسهم وإخوانهم العرب، أصبح القتل والاقتتال والجوع والفقر والتشرد الخبز اليومي للعراقيين لا تُسعفهم حُرقتهم على زمن كانوا يتبغددون فيه على العالم بأسره.